كنا نقول ونحن صغار ندرس في الكتاب وفي المدرسة وفي المعهد اذا راينا ان مؤدبنا او معلمنا او استاذنا اكثر وافرط في معاقبة احد او بعض التلاميذ لاقل واتفه الأسباب حتى عندما ينظر اويلتفت عفويا ولا اراديا الى الحائط اوالى النافذة اوالى الباب ان ذاك المؤدب او ذاك المعلم او ذلك الاستاذ (مڤرد على زميلنا فلان بن فلتان) وعليه فاننا كنا نقول له قبل ان يدخل الكتاب او قاعة الدرس احذر وانته حتى لا تعرض نفسك لعقوبة ذلك المؤدب او ذلك المعلم او ذلك الأستاذ... ولقد تذكرت هذه الذكريات او هذا (التقريد) لما رايت ان عبير موسى منذ ان دخلت الى مجلس النواب من اوسع الابواب وهي لا تفتا ولا تنفك من مناصبة رئيسه الغنوشي كما يقول العرب العداء فهي تسعى الى مخالفته ومناوءته ومعارضته في كل ما يفعل وفي كل ما يقول فلقد عارضته وخالفته حتى في دعوته الى قراءة الفاتحة في اول يوم وابانت انها تريد ان تكون كما يقول التونسيون بمثابة الشوكة في حلقه لعله وعسىاه يقلق ويفد ويتعب ويطيح( يتصكك) ويعلن انسحابه واستقالته من رئاسة المجلس ويقول ذلك المثل الذي يردده العرب(اعطوني قرطلتي وما حاجتي بعنب) واظن ان امر عبير واحساسها ومشاعرها وهواجسها ضد الغنوشي قد فاحت وانتشرت رائحتها الكريهة بين التونسيين الذين اصبحوا متعودين على تصريحاتها وعلى طلعاتها وعلى فنياتها التي تفاجئنا بل وتتحفنا بها من حين الى اخر وكما اصبحوا عارفين وفاهمين لمحاصرتها اللصيقة التي فرضتها على هذا الرجل في كل حركة وفي كل قول وفي كل جدل ولا شك ايضا ان نتيجة هذه المحاصرة ستظهر عاجلا وليس اجلا وليس قولي هذا من باب التنجيم ولا من باب الكهانة لبل لان اجدادنا واباءنا الأولين رحمهم الله رب العالمين قد علمونا ان الحر اللبيب يفهم من غمزة وان الغبي الأبله لا يفهم ولا يتطعم حتى ولو همزوه همزا وركزوه ركزا وهزوه هزا كما زادوا فقالوا(ان كنت خياطا ماهرا فاتبع الغرزة).