موجة من الاحتقان والغضب أثارها الوزير محمد عبو بسبب قراره عدم تسليم "وصولات الأكل" لموظفي رئاسة الحكومة وعدد من الوزارات الأخرى بذريعة أن الموظفين في الحجر الصحي وأن الموظف يستعمل هذه الوصولات لأغراض أخرى غير الأكل. والسيّد محمد عبّو يتخطى بخطابه وقراره في الغرض المواثيق الشغلية والاتفاقيات التي بموجبها تعطى هذه الوصولات لمستحقيها من العملة والاعوان والاطارات البسطاء كتكملة للراتب الشهري وحيث لا تعطى هذه الوصولات بالمجان وانما يدفع الموظف ما قيمته 30 دينار شهريا ليتسلّم وصولات بقيمة 80 دينار تسحب منها 10 بالمائة كأداء مفروض حيث لا ينتفع الموظف واقعيا الا ب 42 دينار. والوزير محمد عبو بهذا التصرّف غير المحسوب يعيد نفس سيناريو سنة 2012 (زمن الترويكا) عندما كان يشرف على نفس الوزارة وبنفس العنوان تقريبا وهي اجمالا وزارة الوظيفة العمومية والحوكمة والاصلاح الاداري حيث اعفي أو استقال عبو بسبب استفزازه لعملة واعوان واطارات رئاسة الحكومة ومنذ ذلك الوقت لم تكن صورة ولا سياسة عبو في ما يتعلّق بالتسيير الاداري والاشراف على شؤون الموظفين لم تكن الصورة جيدة بل العكس أما سياسته فلاقت تنديدا ورفضا بما أنها جاءت للاضرار باضعف فئات الادارة التونسية وفئتها المهمشة إلى يوم الناس هذا. وتصريحات الوزير عبو مجانبة للواقع لأن فئة كبيرة من عملة وأعوان واطارات رئاسة الحكومة منذ بداية الحجر الصحي وإلى حدّ اللحظة يؤمنّون له عمله وعمل الطاقم الحكومي بالقصبة وتقريبا كل الوزارات والهياكل، يؤمّنون مكتبيا وميدانيا أعمال الحكومة ومسؤوليها علاوة على أن فئة واسعة من الموظفين يعملون في هذا الظرف الحساس والخطير والمهدد للأرواح بما يمليه عليهم الواجب الوطني وضمان استمرارية المرفق العام من أجل تونس وشعبها. اليوم مطلوب من رئيس الحكومة إلياس الفخفاخ التعجيل باتخاذ تدابير حاسمة في هذا الشأن حتى لا تسوء الأمور بسبب سوء سياسة أو تقدير من جانب السيّد عبو الذي يعيد نفس خطأ ذاك العام، خطأ أتذكر أنه كبّد حكومة الترويكا وقتها أزمات ومشاكل مع الموظفين والنقابات وحتى مع الرأي العام التونسي، ويعرف أبناء وبنات رئاسة الحكومة أن سياسة محمد عبو وقتها ضد موظفي رئاسة الحكومة تسببت في احتقان كبير داخل المؤسسة وللحكومة القائمة في تلك الفترة. وإذا كان الوزير عبو يريد أكثر مداخيل لخزينة الدولة سواء في هذه الظرفية أو غير من الفترات وبصفة دائمة فعليه بغلق حنفية الامتيازات من "منازل وظيفية" و"خدم وحشم خالص مالدولة" و"سيارات" (مضاعفة العدد) و"وصولات بنزين" (آلاف الليترات في الشهر للفرد الواحد) زيادة على الرحلات للخارج وسفرات التكوين وغيرها مما اندسّ في التفاصيل. وإذا كان الوزير عبو يريد الإصلاح ومقاومة الفساد فعليه بمراجعة تقارير وملفات دائرة المحاسبات المركزية والتدقيق في مضامينها وأرقامها وعليه أيضا التدقيق في الصفقات العمومية وفي النفاقات الجارية والسابقة، وإذا كان الوزير يريد وأد الفساد وقصم ظهور الفاسدين فعليه بتطبيق "قانون: من أين لك هذا؟"، وعليه وعليه وعليه؟! ولنقل الحقيقة ما دام الوزير عبو ليس من أبناء الإدارة أي لم يشتغل بها في حياته ولو يوما كموظف فهو لن يعرف مداخلها ومخارجها ولن يفكّ شيفرتها، وهو سبب عدم قدرة عبو على النجاح في ما يستشرفه من تنظيم أو إصلاح أو حوكمة، وأهل مكة أدرى بشعابها. أتصور أن يبلغ الأمر السلط الأعلى المسؤولة لتجنب مثل هذه التصرفات التي نحن في غنى عنها باعتبارها تجلب الاحتقان والهدم بدل البناء.