الزكاة هي أوّل حقّ من حقوق الإنسان :حقّه في أن لا يجوع الصلاة والزكاة هما تقريبا زوجان في القرآن لذلك نسميهما الأختين فالصلاة هي أوّل حقّ من حقوق الله علينا والزكاة هي أوّل حقّ من حقوق الإنسان علينا في ارتباط وثيق بحقّ الله وإذا كانت الصلاة هي خدمة لله فإنّ الزكاة هي خدمة للإنسان.وبين الخدمتين علاقة متينة فلا تستقيم إحداهما بدون الآخر.فالزكاة هي من عناصر العبادة وهذا غير موجود في أي ديانة أخرى غير الإسلام الزكاة مشتقّة من الفعل زكّى ومعناه طهّر فالصلاة هي تطهير روحي بالمعراج يوميّا نحو الله و الزكاة هي تطهير مادي للممتلكات وذلك بالتقاسم اليومي لما نملك مع الآخر الذي لا يملك.وَلْيَكُنْ واضحا في أذهاننا أن ليس هنالك خدمة لله بدون خدمة الإنسان فالخدمتان متلازمتان ومرتبطتان فهما زوج لا ينفصلان. فالمؤمنون الحقيقيون ليسوا الذين يُوجّهون آليّا وجوههم نحو "المشرق والمغرب" بل هم الذين يعطون و يأخذون أي الذين يَتَلقُون من الله كلّ الخيرات ويَقْتَسمون هذه الخيرات -مع الإنسان كلّ إنسان مهما كانت عقيدته أو لونه فالمسجد ليس إذن مكان للعبادة بل هو مكان لفعل الخير في معناه النبيل للكلمة بمعنى تقاسم وتعاون إنساني بدون حدود من أي نوع كانت. فمسجد المدينة المنوّر الذي ساهم الرسول صلّى الله عليه وسلّم في بنائه بيديه الكريمتين أدى وظيفته الكاملة فقد كان مستشفى أين نداوي الجرحى حيث يقوم النساء بدور الأطبّاء والممرضات كما كانت المساجد مراكز استقبال و فعل الخير لكلّ من تُرِكوا بدون سند.فقد قال لنا محمّد بن عمر الأسلمي أنّ وقيد بن يسير التميمي قال له نقلا عن يزيد بن عبد الله بن قسي نقل له كان أهل الصُفَّة وهم أشخاص من أصحاب الرّسول صلّى الله عليه وسلّم بدون مأوى يبيتون في المسجد ويبقون هنالك إذ ليس لهم ملجأ غير المسجد وكان الرسول يدعوهم إليه في الليل عند وقت العشاء ويوزّعهم على أصحابه ويحتفظ بمجموعة منهم لتناول العشاء على مائدته. وكان صلّى الله عليه وسلّم يفعل ذلك إلى أن بعث الله الخير. فالزكاة ليست أداء أو ضرائب مدنيّة تُطالِب بها الدولة ومتروكة لتقديرات الدولة .كما أنّها ليست جزء من ميزانيّة الدولة إذ الزكاة تنسب للعبادة .كما أنّها ليست صدقة وبذلك نسيء للمعنى القرآني.فهي ليست تفضّل ولا صدقة تلقائيّة تمسّ من كرامة الذي يتلقّاها بل هي مساهمة واجبة تقتطع على الثروات ولا تمسّ المداخيل وقيمتها تتغيّر حسب الثروة فهي ضمان يفرضه ضمير للمسلم لفائدة كلّ أعضاء المجموعة الإنسانيّة ضدّ الجوع. فهي واجب عقائدي و فرض عين مثلها مثل الصلاة على كلّ قادر على القيام بها. الزكاة هي حقّ , حقّ الإنسان فرضه الله وبما أنّه مفروض من الله فهو لا يمحى ولا يزول فالزكاة حقّ من ليس له على الذين عندهم. والزكاة مثل كلّ الواجبات العقائديّة لا يمكن أخذها بالقوّة فلا بدّ من توفّر شرط النيّة في المزكِي وأن يقوم بها بكلّ حريّة لأداء فرض عين.فهي بدون ضغوطات إلّا من ضمير كلّ مسلم مؤمن وحريص على أن يحافظ على عقيدته بكلّ حريّة. يقول تعالى مخاطبا رسوله صلّى الله عليه وسلّم في سورة التوبة الآية 103 :" خذ من أموالهم صدقة تطهرهم وتزكيهم بها وصلّي عليهم إنّ صلواتك سكن لهم والله سميع عليم" إذن وبنصّ القرآن لا يسمح باستعمال أي قوّة لاستخلاصها بل تؤدى بتكوين مؤسّسات اجتماعيّة لجمعها أو جبايتها وللتصرّف فيها وتوزيعها بعدالة على مستحقيها .فالرسول لم يجمع أبدا الزكاة بالقوّة لتوزيعها على مستحقّيها والتي ترجع لهم كحقّ مكتسب لا تصدّق وتفضّل بل الرسول قد ذهب إلى أكثر من هذا فقد رفض قبول الزكاة إذا لم تعطى عن طيب خاطر فهي مثل كلّ الأعمال التعبّديّة لتكون صحيحة ويتخلّص القائم بها من الفرض الذي يفرضه الله علينا يجب أن نقوم بالزكاة بحريّة مطلقة فالزكاة إذا أخذتْ بالقوّة ليست زكاة ولا تبرّئ الإنسان أمام الله من الفرض الواجب عليه أداءه فحقّ الإنسان(الزكاة) هذا الذي شرّعه الله وقع تجاهله في حقوق الإنسان التي وضعتْ في المنتظم الأممي من طرف الدول الغنيّة التي تصرف بدون حساب لقتل- أينما كان- الإنسان الضعيف وتلتهم ممتلكاته.وعند وضع هذه الحقوق أخذوا كلّ الإحتياطات لكي لا يجعلوا الحقّ في الغداء من حقوق الإنسان .فحقوق الإنسان الأمميّة موسومة بالحذر والسخريّة من مجلس عدم الأمن للضعفاء. فهذا المجلس يسمح للأقوياء والأغنياء بسلب الضعفاء والفقراء فهو مؤسّسة غربيّة للظلم المقنّن " ومن فرط السخريّة أنّ هذه المؤسّسة الأمميّة جعلتْ من العمل الإنساني "سينما" لكي يتمكّن الأقوياء والأغنياء الذين يجتاحون ويسلبون في راحة من ضمائرهم وبكلفة بسيطة فهم يسطون على مليارات الدولارات ثمّ يستدعون كلّ وسائل الإعلام العالميّة ليظهروا لنا مثلا المسمّى "برنار كوشنار" الذي صار وزير خارجيّة فرنسا- وهو ذاهب للحرب ضدّ العراق وإيران - وهو محمّل بكيس من الدقيق المهين الموجّه لإطعام "كمشة" من -عديمي الكرامة- وقع جمعهم وتصويرهم وهو يَتلقُون الإعانة لحاجة دعائيّة. يتبع...