إسماعيل الحطّاب إسم بارز في عوالم الفنّ الشّعبي التّونسي الأصيل و شخصية محورية في مجال الغناء البدَويّ العتيق... لإسماعيل ، رحمه الله و طيّب ثراه ، صوت نقيّ جهوريّ مخمليّ طروب يطوّعه كما يشاء بسهولة فائقة و براعة خارقة و تقنيّة رائدة لافتة خالية من الزّوائد و التّكلّف و العيوب... هو كذلك شاعر نحرير و ملحّن كبير و عازف رائع على آلة "الزُّكْرَة" التي تبدو ،كلّما داعبها ، وكأنّها قطعة من كيانه أو عشيقته المبجّلة المدلّلة المطيعة الماهرة في ترجمة أعمق أحاسيسه و تحلِيَة أحلى و أعذب و أجمل أنغامه... هو أيضا إنسان تلقائيّ لطيف بشوش دعوب ... جالسته عدّة مرّات وإكتشفت فيه خصال الرّجل الملتزم المتأدّب الخلوق والفنّان المتكامل المُلِمّ بأدقّ ضوابط و تقنيات الحِرْفة والمتشبّث بنواميس وحرمات المهنة.... أغانيه من النّوع المعتّق الأصيل والمتمنّع الصّعب "الثّقيل" الذي لا يجرأ على محاكاته و إتقان ترديد حركات نغماته إلّا من حباه الله بحنجرة و رِأتين و خيال من طينة ميزات مكتسبات إسماعيل الرّبّانية ، وهذا ، بحقّ ، أمر نادر و صعب المنال خاصّة في هذا العصر الملوّث بالأنشاز و الطّفيليات و الأصوات المعلّبة الصّحلة الضّعيفة الجافّة السّوقية.... رحمك الله يا صديقي و أستاذي إسماعيل يا صاحب الحنجرة الذّهبية و الأنامل و النّفخة و الكلمات و الألحان الفريدة غير العادية و الطّلعة الرّشيقة البهية بوجهك المبتسم وبجُبّتك الأنيقة الخمرية و تلك "الشّاشية" الحمراء الأصيلة التّونسية... مثلك لا يُنْسى يا سيّد الغناء يا إسماعيل يا غالي....