ألم يشعر القذافي بعدُ بالطوفان؟ الطوفان الذي لم يصنع له القذافي سفينة ليحمل على متنها أكباده.. كيف لا يعجز عن ذلك وهو ليس نبيا ولا حتى إماما للمسلمين كما يدعي.. إنه الطاغية، وها هو اليوم يقف في بيته أمام قبوره. القبور خارج بيته ليست عادية بل هي جماعية تضم إلى حد الآن ثلاثين ألف شهيد يلعنون الطاغية إلى يوم القيامة. أما القبور داخل بيته، والمرشحة لأن تتلاصق، فهي لأبرياء آخرين يلعنون الطاغية هم أيضا لأنه هو الذي يحفر هذه القبور للجميع.. من هو هذا الطاغية؟ ليسأل القذافي نفسه وهو يقف أمام قبور أكباده! أيّ كمال إنساني ينشره الطاغية في بلاده وهو يذبح أبناءه من لحمه ودمه، وقد سمّاهم "سيوفا" تشدقاً وهراءً ونرجسيةً ونفاقًا، ذلك أنه هو الذي يكسّر اليوم "السيوف" أولاده! ألا يشعر وهو يقف أمام قبوره في بيته أن القبر اللاحق هو قبر نظامه الذي يهتز ويترنّح كل يوم أكثر ليسقط، ويسقط عرش "ملك ملوك إفريقيا"، وهو اسم كما ذكرنا في مقال سابق على وزن "قرد قرود إفريقيا". لا فارق في الفجيعة أن يموت أبناء القذافي تحت القنابل في بيته، أو أن يستشهد عشرات الآلاف من الليبيين الطيبين من مختلف الأعمار تحت راجمات صواريخ القذافي يتفنّن في إهدائها لهم كل يوم فجراً وصباحاً ومساءً وليلَ نهارَ، إكراما لمطالبهم في الحرية ولرفضهم للحياة الميّتة. شعبك يا غبيّ لا يريد الحياة الميتة، ولا حتى أبناؤك، كلهم تلهج قلوبهم وهم يُسْلمون الروح: يسقط الصنم. رحم الله الشاعر عمر أبو ريشة القائل: أمتي كم صنم مجّدتهِ لم يكن يحمل طُهرَ الصنمِ