تاريخ الخيانات السياسية (42) .. ظهور القرامطة    استراحة صيفية    في الصّميم : ملعب قابس واحترافنا المزيّف    من نحاسب؟ مهرجاناتنا... تجاوزات، فوضى وحوادث    حزب التّيار الشعبي يعلن عن تنظيم إضراب جوع تضامني مع أهالي قطاع غزّة يوم الأربعاء 13 أوت الحالي    كرة السلة: سفيان الجريبي رئيسا جديدا للجامعة    يحدث في منظومة الربيع الصهيو أمريكي (2 / 2)    بعد المهاجرين.. ترامب يشُنّ حربا على المشردين    كسرى.. وفاة رجل واصابة زوجته وابنته اثر اصطدام سيارة بجرار فلاحي    قبلي: حملة ميدانية لإزالة الانتصاب الفوضوي واحتلال الأرصفة    للطلبة الراغبين في تعديل اختياراتهم الجامعية: دورة إعادة التوجيه تبدأ غدًا    سابقة خطيرة في قطر على مستوى الأمن الداخلي للدولة    الالعاب العالمية (كرة اليد الشاطئية) : المنتخب التونسي ينهزم في الدور ربع النهائي امام نظيره البرتغالي 2-1    منوبة: اليوم انطلاق الدورة 35 من المهرجان الصيفي ببرج العامري    ذهاب الدور التمهيدي الاول لكأس الاتحاد الافريقي: النجم الساحلي يلاقي الاهلي مدني السوداني بملعب شهداء بنينة ببنغازي بليبيا    المزيو: لم أخذل المحاماة وقدنا السفينة لبر الأمان    انتخاب رؤوف الصيود رئيسا للجامعة التونسية للريشة بالطائرة    ودّع القهوة... وجرّب هذه المشروبات التي تعزز صحتك وتمنحك طاقة طبيعية    قريبا في البرلمان: مشروع قانون لتشديد الرقابة على السائقين تحت تأثير الكحول    عاجل: زلزال بقوة 6.1 درجة يهز تركيا    بين المتلوي وتوزر..اصابة 4 اشخاص في حادث مرور    وادي مليز: بين عرض للفروسية لفرسان خمير وسهرة الفن الشعبي.. تواصل فعاليات مهرجان شمتو    السيطرة على حريق جبل الفراشيش بسليانة دون خسائر بشرية    الإدارة العامة للأداءات تعلن عن آخر أجل لإيداع التصريح الشهري بالنسبة لهؤلاء..    عاجل: وكالة حماية وتهيئة الشريط الساحلي تفتح باب الترشح ل 9 خطط ...آخر أجل وكيفية التسجيل    موجة حر قاسية تضرب هذه البلاد العربية بسبب ''القبة الحرارية''    دراسة ليبية تُحذّر: بكتيريا في المنتجات البحرية تنجم تقتل في 48 ساعة    المنظمة التونسية لإرشاد المستهلك توجه رسالة هامة لوزارة التربية..#خبر_عاجل    غرفة التجارة والصناعة لصفاقس تنظم بعثة أعمال متعددة القطاعات إلى السعودية    مهرجان مدنين الثقافي الدولي: الدورة 45 تحت شعار "مدنين، حكاية أخرى"    توزر: الأيام الثقافية بحزوة تختتم الليلة بعرض عرفاويات    انتهاء موسم الحصاد بهذه الولاية بتجميع أكثر من 267 ألف قنطار من الحبوب..    قافلة صحية متعددة الاختصاصات بمعهد عبد العزيز بلخوجة بقليبية    التوقعات الجوية لهذا اليوم..    عاجل/ بعد الاعتداء عليه بالة حادة: وفاة الكلب "روكي"..    عاجل: إجراءات جديدة لحماية صحة اللاعبين بسبب ارتفاع الحرارة    تونس: حجز 172 طناً من المواد وحملات رقابية مكثفة تُسفر عن 9 قرارات غلق في النصف الأول من 2025    ولاية كاليفورنيا ترفض طلب ترامب من جامعتها دفع مليار دولار وتعتبره ابتزازا سياسيا    عاجل: التسجيل الإلكتروني لأداء فريضة الحج يبدأ قريبًا    إطلاق الدورة الأولى لمسابقة "Cactus INNOV " لاختيار أفضل الابتكارات في تثمين التين الشوكي    اختناق 621 شخصا في العراق إثر تسرب غاز الكلور من محطة لتصفية المياه    بطولة أمم إفريقيا للمحليين: تنزانيا تهزم مدغشقر وتتأهل إلى ربع النهائي بالعلامة الكاملة    عاجل: النصر السعودي يتعاقد مع نجم برشلونة...التفاصيل    اليوم: غلق وقتي للطريق نحو باجة بسبب تقدم أشغال توسعة المدخل الجنوبي للعاصمة    اليوم.. 4 لقاءات تتصدرها قمة الاتحاد المنستيري والملعب التونسي    تقصّ شعرك مبلول ولا شايح: شنوّة الأفضل ليك؟    رفع 8000 متر مكعب من الفضلات ب133 شاطئا    شنوّة أعراض فيروس ''تشيكونغونيا'' الخطيرة؟    نجوى كرم تُشعل قرطاج بعد غياب تسع سنوات: ليلة حنين وأغانٍ خالدة أمام جمهور غصّت به المدارج    قتلت 10% من سكان غزة".. تقرير عالمي عن تفوق إسرائيل على النازيين في قتل المدنيين    غدا.. غلق الطريق في اتجاه باجة أمام القادمين من باب عليوة ولاكانيا    اكتشاف جديد    تونس الكبرى تسيطر على سوق التخفيضات.. تفاصيل الأرقام والمخالفات    الليلة: سماء قليلة السحب على كامل البلاد مع ظهور ضباب محلي    مهنة وصيف: بشير برهومي: »مشوي» على ضفاف شط الجريد    القمر يضيء سماء السعودية والوطن العربي ببدر مكتمل في هذا اليوم    كيفاش الذكاء الاصطناعي يدخل في عالم الفتوى؟ مفتى مصري يفسر    في سهرة فنية رائقة ضمن فعاليات الدورة 45 لمهرجان صفاقس الدولي .. الفنان لطفي بوشناق يعانق الإبداع    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



أليس من العار أن يتصرف أولادنا اليوم تصرف أولاد الشوارع؟
نشر في الصريح يوم 11 - 05 - 2011

بعد الحرب العالمية الثانية وصل إلى قاعات السينما بتونس شريط سينمائي مصري بطله الممثل الكبير المرحوم يوسف وهبي، وعنوانه (أولاد الشوارع) فوجد هذا الشريط إقبالا وكان حديث العائلات في البيوت وحديث الرجال في النوادي وحديث المربين في المدارس. لقد قدم مؤلف الشريط صورة عن عدد من الأطفال والمراهقين يقضون يومهم في الشوارع يسرقون ويعتدون ويحرمون السكان في الأحياء من الراحة والأمن والاطمئنان. والمؤلف يضع أمام المتفرجين سؤالا يقول: لماذا انحرف هؤلاء في الشوارع؟ ويجيء الجواب ليقول: إنهم لم يتعلموا. ولذلك تدخل بطل الشريط ومد يده إليهم يعلمهم ويربيهم ويعلم أولياءهم ويربيهم ويوجههم لأن الآباء لم يتعلموا. كان صاحب القصة ينشر في العالم العربي رسالة تقول: علموا الأولاد وعلموا الآباء وسوف تتطهر الشوارع من المنحرفين ويسود الأمن والراحة والاطمئنان.
لما استقلت تونس وتولى رئاسة الدولة الزعيم الحبيب بورڤيبة قرر أن يراهن على التعليم ونشر العلم فجعل ثلث ميزانية الدولة يصرف في التعليم وأنا عشت في التعليم ثماني وثلاثين سنة وشاهدت وواكبت نهر التعليم يسافر وينطلق في المدن والقرى والسهول والجبال ويروي الذكور والإناث بلبان العلم والمعرفة. من ينكر هذا؟
ولذلك يمكن لنا أن ندعي أن كل أب وأم في تونس وعمرهما دون الخمسين أخذا نصيبا من العلم والمعرفة والتربية الدينية والمدنية وأن كل طفلا ذكرا أو أنثى وكل مراهق أو مراهقة في تونس اليوم أخذ نصيبا من العلم والمعرفة والتربية الدينية والأخلاقية المدنية وأن كثيرا من الآباء والأمهات نهلوا من نهر التعليم العالي حتى ارتووا. أليس ذلك كذلك؟
وبناء على ما قدمت لكم أيها القراء في سطوري ألا يكون من حق الشعب التونسي الذي يفاخر شعوبا عربية وإفريقية بالمدارس والمعاهد والكليات التي نشرت وتنشر مصابيح العلم والتربية أن يسأل ويتساءل: هل تطهرت شوارعنا وساحاتنا وأسواقنا من أولاد الشوارع؟ هل حصدنا من بذور العلم والمعرفة التي بذرناها خلال عشرات السنين أمنا وأمانا وطهارة ونظافة وأدبا في مدننا وقرانا؟ هل كان حصادنا (صابة)؟
أنا لا أنكر اننا بالعلم ومعاهد المعرفة والنور أثمر آلافا مؤلفة من الأطباء والمهندسين والقضاة والمحامين والإعلاميين والمؤلفين والفنانين والفنيين والرياضيين والاقتصاديين وغيرهم.
أنا لا أنكر ذلك ولا أحد ينكر ذلك ولكن ماذا نقول وماذا تقولون: في شكوى الجيران من أبناء وبنات المدارس والمعاهد المجاورة وهم ينشرون في الشوارع وعلى جدران المنازل الخبث والرذيلة وفحش القول؟ ماذا تقولون في التلاميذ والتلميذات يخرج بعضهم من معهد العلم والتربية ليدخلوا إلى حديقة الجار وليخلعوا بكل جرأة ووقاحة ملابسهم ثم يرتموا في حوض السباحة الخاص بالجار؟
ماذا تقولون في التلاميذ والتلميذات يلقون القاذورات في حدائق جيران المدرسة ويكسرون في سباق عبثي بالحجارة نوافذ جيران العلم والمعرفة والتربية؟ ماذا تقولون في أطفال مراهقين مازالوا ينهلون من العلم وتعلم آباؤهم وأمهاتهم ومع ذلك ينخرطون في قوافل التخريب والتدمير وسرقة المغازات والدكاكين ويأخذون على ذلك أجرا؟ أليس هذا عار؟
أليس من حق العقلاء من الرجال والنساء في الشعب التونسي أن يسأل: أين آباء وأمهات هؤلاء الأطفال والمراهقين؟ هل ولدوا ثم تخلوا عن مسؤولياتهم التربوية؟ أم أن الأطفال والمراهقين الذين لبسوا زي وبدلة أولاد الشوارع وعبثوا بما وبمن في شوارع الوطن ليس لآبائهم وأمهاتهم عليهم حق النظر والتوجيه باسم حرية التربية؟
من حقنا جميعا أن نسأل بألم: لماذا انفقنا الكثير من عرق العاملات والعاملين والكادحات والكادحين من أجل أن تخلو شوارعنا من أولاد الشوارع كما خلت منهم شوارع أمريكا وأوروبا ومع ذلك بقيت حفنات من أولاد الشوارع تزرع فينا الشوك وتدمر مكاسبنا؟
هل أخطأنا في برامج وطرق التربية؟ هل الخطأ في فهم الكبار والصغار للحرية؟ هل الخطأ في السياسة التي ساسنا بها الساسة فقضت على روح الاعتزاز بقيمنا الدينية وعادات السلوك والتقاليد المنادية بحرمة الجار وحرمة الكبار، وحرمة ملك الغير وملك المجموعة الوطنية؟ لا أدعي أن كل أولادنا وأطفالنا وتلاميذنا وتلميذاتنا أولاد شوارع ولكن فيهم أولاد شوارع لماذا؟ هل أخطأ إعلامنا فقدم لأطفالنا البطولة في العنف ولم يقدمها في الأخلاق والفضائل؟
هل أخطأ إعلامنا فعلم أولادنا كيف يزرعون الشوك ولم يعلمهم كيف يزرعون الورد؟
أليس من واجب العقلاء في وطننا أن يضعوا واقع أولادنا في الشوارع على مشرحة التجريح والفحص والتحليل وعلى ضوء النتائج ومعرفة الأسباب يراجعون برامجنا وطرقنا التعليمية التربوية وبرامج إعلام أطفالنا وأن يسألوا: لماذا سلم البعض وانحرف البعض؟
أليس من حقنا أن نتكاشف ونتصارح ونقول: أعطينا أولادنا الكمبيوتر وقربنا منهم الانترنات والفيسبوك وتركناهم يسبحون في بحورها بكل حرية؟ فماذا جنوا وماذا جنينا؟
أليس من حقنا كمواطنين في هذا الوطن أن نقول للمدونين في الفيسبوك: بارك الله في الرسالة الطيبة التي تقدمونها لكن: أليس من حق الوطن عليكم أن تصونوه مما يضر ويبعث الهيجان والفوضى في نفوس أطفالنا ومراهقينا؟
الأسئلة كثيرة ولا تنتهي وأرجو أن أكون قد أثرت ببعضها موضوعا تدعونا الأخلاق الوطنية أن نخوض فيه بالعقل ونتدبر ونصلح ونفهم وأنا أحب أن أفهم.
أحب أن أفهم : محمد الحبيب السلامي


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.