اقول في البدء وفي الاستهلال انني اعلم بلا شك ولا جدال ان الكثيرين من قارئي هذا المقال وخاصة من هواة السياسة الصغار سيتساءلون ماذا يقصد ومن يعني ابو ذاكر باصحاب الفيل واصحاب الحمار؟ وعليه فانني ساجيبهم بكل ايجاز وبكل اختصار فاقول بان الحزب الديمقراطي الأمريكي قد ارتبط اسمه تاريخيا برمز الحمار الذي ظهر للمرة الأولى خلال الحملة الانتخابية الرئاسية للديمقراطي(اندرو جاكسون) سنة1828 فبعد ان وصفه منافسه بالحمار قرر جاكسون استخدام صورة هذا الحيوان على ملصقات حملته الانتخابية... اما الحزب الجمهوري او الحزب القديم الكبير فهر مرتبط برمز الفيل ففي عام 1874 قدم (توماس ناست)الفيل في احدى رسوماته وبمرور الوقت اصبح الفيل رمزا للحزب الجمهوري الذي ظهر عام 1854اي بعد بضع سنوات من نظيره الديمقراطي لوقف العبودية التي اعتبرت غير دستورية... ولما كان ذلك كذلك فانه قد تبين المقصد ووضح الحال من عنوان هذا المقال فاصحاب الفيل هم الجمهوريون المساندون لمرشحهم ورئيسهم (ترمب) واصحاب الحمار هم الديقراطيون المساندون لمرشحهم ورئيسهم (بايدن) اما عن المسالة التي تعنيني وجعلتني اكتب هذا المقال فهي التعليق على ما رايته من حرص العرب الكبير الدقيق ولهفتهم القوية على متابعة اطوار ونتائج هذه الانتخابات الرئاسية الأمريكية وعليه فانه من حقي ان اسال منهم العقلاء وهل تتصورون حقا انكم ستستفيدون بشيء كثير او شيء قليل اذا انتصر مرشح اصحاب الحمار او مرشح اصحاب الفيل؟ وبعبارة اخرى هل سيفيدنا انتصار بايدن او انتصار ترمب في تخفيف ما يعانيه المسلمون اليوم من الجوع والخوف وغيرهما من الوان الضعف والغبن والتخلف والوهن والتعب؟ ولئن كانت الاجابة معلومة لدى العقلاء المتمرسين والخبراء في عالم السياسة ذات الزوابع والتوابع والعواصف القوية الهوجاء الا انني سازيد من التوضيح او التلميح فاقول كشاهد للتاريخ ان بورقيبة رحمه الله ذهب في اخريات ايام رئاسته الى زيارة امريكا في عهد الرئيس (ريغن) الذي كان في ذلك الوقت زعيم الجمهوريين بعد ان وعده هذا الرئيس باعانة مالية لانقاذ اقتصاد البلاد التونسية ولقد تعب بورقيبة في هذه الزيارة تعبا كبيرا نظرا لضعف قوته وتدهور حالته الصحية ولقد القى كعادته كلمته التقليدية في هذه المناسبات وهو جالس على كرسي لعجزه عن الوقوف الذي يقتضيه البروتوكول المالوف المعروف ولقد رد عليه ريغن بخطاب مثله لكنه لم يذكر فيه اي شيء عن المساعدة الاقتصادية التي وعد بها بورقيبة بصفة جية غير هزلية مما جعل بورقيبة رحمه الله يصرخ ويثور ويصيح غاضبا ومعاتبا الرئيس ريغن على مراى ومسمع من جميع الحاضرين وهو المعروف بالجراة واللسان الفصيح الصريح (انه لم يذكر شيئا عن المساعدة التي وعدني بها)... هذا هو ايها القراء داب الرؤساء الأمريكان الخمس والاربعين على امتداد طول كل هذه السنين سواء اكانوا جمهوريين ام كانوا ديمقراطين فهل نطمع اليوم ان يتغير الوضع او ان يتبدل الحال؟ سواء انتصر صاحب الفيل او صاحب الحمار؟ من اجل ذلك لست ارى ولن ارى انه من المجدي او المفيد ان اضيع وقتي الثمين في طول الحرص واللهفة على متابعة اطوار واخبار انتخاب رئيس امريكا الجديد عملا بذلك المثل التونسي الحكيم القديم الذي ارى انه افضل ما انهي به هذا المقال وهذا الكلام(الشهر الي ما عندكش فيه منفوع ما تعدلو ايام)