الراية تدثرني في كل زمان ومكان .. والنشيد الوطني عند سماعه يقشعر له الاحساس ويزول الوسواس وتنتعش الحواس ويهزني الشوق الوضاء الى حب تونس الخضراء ..وتراني أقف كالجندي شامخا فوق القمة الشماء واردد في نشوة:"اذا الشعب يوما اراد الحياة *فلا بد ان يستجيب القدر ولا بد لليل ان ينجلي * ولا بد للقيد ان ينكسر" وتجدني اسمع صوتي في صدى سنفونية الخلود..العصماء ويذوب احساسي مع اصواتهم في ملحمة الوطن :"حماة الحمى يا حماة الحمى هلموا هلموا لمجد الزمن.." وأعيد لذاكرتي عيش السالف عبر السنين ،سنين المقاومة والصمود والذود عن الامن الدفين.. وتراني اقاوم بصبري وجلدي في السهول والجبال لاحرر وطني من الغزاة والاحتلال ، وأنسج مع الابطال سنفونية النضال ..وأرتق تاريخ بلادي بعزيمة فلذات الاكباد وأوشح صدر عروس الخضراء بحرير التحرير الوقاد...وارتوي من ينابيع وطني ..واجري بين السهول والوهاد رافعا راية الحرية والاستبسال والذود عن بلادي ..واعانق التاريخ القديم والجديد ..واغرس بذور ورود الربيع العربي في ارض الفجر الجديد ..وانتشي بشذى الحرية والغد الوليد السعيد.. واخاف من نفسي وعلى نفسي ،واخاف على وطني من داء الارهاب والاحتلال والانقسام وعهد الحيف والظلام... ويهزني الحب الى الاستغراب من افكار الهدم والانقلاب واسائل نفسي كيف نغرس الديماغوجية في ارض الوطنية التونسية..الخصبة والمعطاء ؟..وكيف نخدم الوطن من وراء أكمة الحزازية وكيف نسعى الى بناء القوة الشمولية باسمنت من بقايا الدكتاتورية والتفرقة الاجتماعية والنعرات والعروشية والانانية والشخصانية .. وابوح لوطني ، فمن كان مناوئا او معارضا لا اظنه يدّخر لحظة جهد او حبة عطاء في سبيل بناء صرح الوطن والوطنية ،وقديما قال احد الشعراء: ولي وطن آليت الا ابيعه وألّا أرى غيري له الدّهر مالكا عهدت به شرخ الشّباب ونعمة كنعمة قوم أصبحوا في ظلالكا وحبَّبَ أوطان الرّجال إليهم مآرب قضاها الشّباب هنالكا إذا ذكروا أوطانهم ذكَّرتهم عهود الصّبا فيها فحنّوا لذالكا واصرخ من اعماقي ،خضرائي مهرك بؤبؤ عيني ،ومداركي العقلية وكنوزي الشرعية .. وطني يا دمي الاحمر القاني الذي يجري في شراييني ، يا اشعاع صباحي يا نبضة حنيني يا شمسي .. ويا فجري ويا سمر فكري ويا بارقة املي ويا حلمي الابدي .. كن لي دوما فرقدي ونجمتي القطبية التي ترشدني الى اشراقة غدي .. احبك ياوطني قبلة في الشمال والجنوب والشرق والغرب .. اتحسس ساكنيك كيف ما كانوا عن بعد وعن قرب ..وامشي كما هم على الاشواك ..واجري حاملا اوزارهم على ظهر صبري واعانق كل واحد منهم والثم الوجنة من الصبر الى الصبر..