الرقم قد يبهر إن قلنا و أنّ العدد الجملي للجمعيات تجاوز ال 19 ألف جمعية على المستوى الوطني و أكثر من نصفها تمّ تأسيسه في الفترة الممتدة بين 2011 و 2012. و ولاية بنزرت لم تشذ على هذه القاعدة حيث – و على مدى 14 المعتمدية التي ترجع لها بالنّظر - عرفت كغيرها من جهات الجمهورية ميلاد العديد من الجمعيات خاصة بعد الثورة و في شتّى المجالات كالبيئة و الفلاحة و الإعلام و المسرح و الموسيقى و السينما و الدّفاع عن المرأة فضلا عن الجمعيات العلمية أو التاريخية أو تلك المتعلقة بصيانة المدينة و المحافظة على التراث. وسنسلط الضوء – في انتظار الاهتمام لاحقا ببقية الجمعيات التي عرفت النّور بعد الثورة - على أغرق جمعية في بنزرت أ لا وهي جمعية صيانة مدينة بنزرت التّي تأسست منذ سنة 1987 التي يصل عمرها اليوم إلى 33 سنة و لكن على عكس الجمعيات التّي تمّ احداثها بعد الثورة، فهذه الأخيرة يبدو و أنّ توقف حراكها و نشاطه منذ حلول الثورة ؟ و السؤال كيف لجمعية أن تخبو نيرانها و هي التي لعبت الدور الهام في حماية التراث المادي و اللاّ مادي و أنجزت العديد من المشاريع في إطار صيانة المعالم الأثرية و المواقع التاريخية و ذلك منذ عقود من الزمن و دعنا نذكر بعض هذه الانجازات على سبيل الذكر لا الحصر، على غرار تهيئة معلم سيدي الحني و المتحف البحري ببنزرت و ترميم الواجهات المطلة على المرسى العتيق و ترميم جامع القصبة و الجامع الكبير و جامع القصيبة و مسجد سيدي العصافري فضلا عن الطلاء و الدهن الدوري لواجهات الحدادين و نهج الزنادية بل لعلّ أهم انجازات هذه الجمعية يتمثّل في بناء " دار سيدي جلّول " وهو المقر الحالي لها و الذي يستعمل أيضا كفضاء لاحتضان لبعض الأنشطة الثقافية على غرار المحاضرات والندوات مع الإشارة و أنّ كلفة انجاز " دار سيدي جلّول " كان بتمويل ذاتي من أعضاء الجمعية فاق ال 80 بالمائة من كلفة الإنجاز . كما تجدر الإشارة إلى أنّ جمعية صيانة المدينة أولت اهتماما خاصة بالجانب الثقافي و التوثيقي حيث على مدى كلّ العقود السابقة بل و منذ تأسيسها دأبت على الجمعية تنظيم سنويا ندوات تاريخية حول تاريخ مدينة بنزرت و بدون توقف بل الأهم من هذا و أنّها كانت تصدر محتويات هذه الندوات و من قدمها في شكل كتب و لعلّنا نستشهد ببعض هذه الندوات التي تمّ تنظيمها سنة 1995 على سبيل المثال حيث تمّ تقديم طيلة السنة المشار إليها 9 ندوات تعلّقت ، بمواضيع هامّة منها " المدن العتيقة، قيمة عاطفية أم قيمة ثقافية " و هي من تقديم الأستاذ توفيق البشروش و أيضا " بنزرت صورة الجمال و ملحمة النّضال " لعبد العزيز بن يوسف، كما نقرأ ندوة بعنوان " الصحافة في بنزرت إبّان عهد الحماية " قدمها مصطفى بوحجة و أيضا " بنزرت في كتب الرحالة " للأستاذ الهادي بوعيطة و غيرها من الندوات و عددها 52 ندوة وقد تمّ توثيقها كلّها و بالتالي هذه مناسبة لنحيّي أوّلا شيوخ هذه الجمعية على غرار المرحوم حافظ عيسى، وكان عضوا مؤسسا لهذه الجمعية و أيضا صاحب مشروع مسرح الهواء الطلق ببنزرت و أيضا الشيخ الجليل أحمد الكافي و هو أيضا من المؤسسين كما نذكر كلّ من ترأس هذه الجمعية عبر كلّ مراحلها على غرار السادة عمر البجاوي ( 1979/1990 ) و محمد الهادي الطبربي ( 1990/2002 ) و محمد علي بن قايد حسين ( 2002/2008 ) و شكري بن حمّاد ( 2008/2011 ) و محمد الحبيب مقداد ( 2011/2016 ). وفي الختام و بعد كلّ نقاط الضوء في حياة جمعية صيانة المدينةببنزرت نطرح سؤالا يتيما مفاده لماذا خبا وهج هذه الجمعية و تقلص اشعاعها؟ نحن نسأل و ننظر من الجهات المسؤولة الجواب..؟