نسبة امتلاء السدود بلغت حاليا 55 بالمائة    إيران تفكك شبكات جوسسة وتنفذ اعتقالات وتضبط ورشة سرية    حرب الابادة متواصلة.. 93 شهيدا بغارات صهيونية على نقاط توزيع المساعدات في غزة    الافراج عن جميع موقوفي قافلة الصمود    ماكرون يحذّر من أي محاولة لتغيير النظام في إيران    خلال 20 دقيقة..سقوط 30 صاروخا إيرانيا وسط إسرائيل    مع خطية مالية: 6 سنوات سجنا لوليد الجلاد    إختيار 24 عينة فائزة في الدورة الثامنة لجائزة أحسن زيت زيتون تونسي بكر ممتاز    قانون المالية 2026 على طاولة الحكومة .. التونسيون بالخارج .. دعم المؤسسات و التشغيل أبرز المحاور    مجموعة التعاون البرلماني مع بلدان افريقيا تعقد جلسة عمل مع ممثلي وزارة الخارجية    تدشين أقسام طبية جديدة بمستشفى شارل نيكول باستثمارات تفوق 18 مليون دينار    فلاحتنا... وزير الفلاحة في المؤتمر الإقليمي «صحة واحدة مستقبل واحد».. الأمراض الحيوانية تتسبب في 60 ٪ من الأمراض المعدية للبشر    صدور أمر بالرائد الرسمي يقضي بمنع المناولة في القطاع العام وبحل شركة الاتصالية للخدمات    مراد العقبي ل «الشروق»...فلامينغو «عالمي» وانتدابات الترجي «ضعيفة»    ملتقى تونس الدولي للبارا العاب القوى (اليوم الثاني) تونس تحرز خمس ميداليات جديدة من بينها ذهبيتان    طقس الليلة.. قليل السحب والحرارة تصل الى 33 درجة    مع تراجع المستوى التعليمي وضعف التقييم...آن الأوان لإجبارية «السيزيام»؟    تدشين قسم طب الولدان بمستشفى شارل نيكول بمواصفات متطورة    مونديال كرة اليد الشاطئية للاصاغر والصغريات - اليوم الاول - تونس تفوز على المكسيك في الذكور والاناث    ضاحية مونمارتر تحتضن معرض فني مشترك بين فنانة تونسية وفنانة مالية    وزارة التجارة تدعو تجار التسويق والترويج عبر قنوات التوزيع الالكترونية إلى اعلام المستهلك بتفاصيل العروض المقترحة    "عليسة تحتفي بالموسيقى " يومي 20 و 21 جوان بمدينة الحمامات    صفاقس: تنظيم يوم الأبواب المفتوحة بمركز التكوين والتدريب المهني بسيدي منصور للتعريف بالمركز والإختصاصات التي يوفرها    الدورة الأولى لتظاهرة "لقاءات توزر: الرواية والمسرح" يومي 27 و28    حياتي في الصحافة من الهواية الى الاحتراف    اصدارات جديدة لليافعين والاطفال بقلم محمود حرشاني    باجة: اعادة اكثار واحياء قرابة 5 الاف صنف من الحبوب بنجاح    شنيا الماكلة اللي تنفع أو تضرّ أهم أعضاء بدنك؟    الملعب التونسي يعزز صفوفه بالحارس نور الدين الفرحاتي    تحذير طبي: خطر الاستحمام بالماء الساخن قد يصل إلى الإغماء والموت!    بطولة برلين المفتوحة (منافسات الزوجي): التونسية أنس جابر وشريكتها الاسبانية باولا بادوسا في الدور ربع النهائي    منوبة: فتح الجزء الثاني من الطريق الحزامية " اكس 20 " بولاية منوبة    قفصة : حلول الرحلة الثانية لحجيج الولاية بمطار قفصة قصر الدولي وعلى متنها 256 حاجا وحاجة    المائدة التونسية في رأس السنة الهجرية: أطباق البركة والخير    عاجل/ الصين تدعو مواطنيها إلى مغادرة إيران في أسرع وقت..    بشرى للمسافرين: أجهزة ذكية لمكافحة تزوير''البطاقة البرتقالية'' في المعابر مع الجزائر وليبيا    بُشرى للفلاحين: انطلاق تزويد المناطق السقوية بمنوبة بمياه الري الصيفية    الحرس الثوري الإيراني يصدر بيانا حول ضرب مقر "الموساد"    تعرفش علاش الدلاع مهم بعد ''Sport''؟    الدورة 12 من الملتقى الوطني للأدب التجريبي يومي 21 و 22 جوان بالنفيضة    موعد إعلان نتائج البكالوريا 2025 تونس: كل ما تحتاج معرفته بسهولة    لا تفوتها : تعرف على مواعيد مباريات كأس العالم للأندية لليوم والقنوات الناقلة    تحويلات التونسيين والسياحة تغطي أكثر من 80٪ من الديون الخارجية    أبرز ما جاء في لقاء رئيس الدولة بوزيري الشؤون الاجتماعية والاتصال..    الجيش الإيراني يتوعد بتصعيد الهجوم على إسرائيل في الساعات المقبلة    مطار طبرقة عين دراهم الدولي يستأنف نشاطه الجوي..    عدد ساعات من النوم خطر على قلبك..دراسة تفجرها وتحذر..    رونالدو يهدي ترامب قميصا يحمل 'رسالة خاصة'عن الحرب    كيف سيكون طقس اليوم الثلاثاء ؟    كأس العالم للأندية: التشكيلة الأساسية للترجي الرياضي في مواجهة فلامينغو    الكوتش وليد زليلة يكتب .. طفلي لا يهدأ... هل هو مفرط الحركة أم عبقري صغير؟    يهم اختصاصات اللغات والرياضيات والكيمياء والفيزياء والفنون التشكيلية والتربية الموسيقية..لجنة من سلطنة عُمان في تونس لانتداب مُدرّسين    المندوبية الجهوية للتربية بمنوبةالمجلة الالكترونية «رواق»... تحتفي بالمتوّجين في الملتقيات الجهوية    عاجل : عطلة رأس السنة الهجرية 2025 رسميًا للتونسيين (الموعد والتفاصيل)    القيروان: 2619 مترشحا ومترشحة يشرعون في اجتياز مناظرة "السيزيام" ب 15 مركزا    قافلة الصمود فعل رمزي أربك الاحتلال وكشف هشاشة الأنظمة    ملف الأسبوع .. أحبُّ الناس إلى الله أنفعُهم للناس    طواف الوداع: وداعٌ مهيب للحجيج في ختام مناسك الحج    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



‫نوفل سلامة يكتب لكم: في تقرير البنك الدولي حول مؤشر الفقر في تونس هناك جهات لم يصلها الاستقلال بعد!!‬
نشر في الصريح يوم 26 - 11 - 2020

‫نشر منذ أيام قليلة البنك الدولي بالاشتراك مع المعهد الوطني للإحصاء دراسة علمية مفيدة للغاية تناولت بدقة كبيرة حالة الفقر في المجتمع التونسي والوضع الاجتماعي الذي عليه الشعب بالاعتماد على مؤشر الفقر للكشف على حقيقة الجهات المهمشة والتعرف على صورة تونس الاعماق والمناطق المنسية والمهمشة التي تعيش وضعا متخلفا جدا وقيمة هذه الدراسة وأهميتها في كونها قد تناولت نسب الفقر بصفة موسعة من خلال تحليل دقيق لحالة الولايات والمعتمديات والمناطق التابعة لها وتقديم تشخيص معمق لكامل المجال الترابي والمحلي من خلال نسبة الاستهلاك ونسبة المداخيل للفرد و مستوى كل عائلة ما يعطي توصيفا واضحا لحقيقة الحالة الاجتماعية التي عليها كل جهة ومنطقة ومدينة من التراب التونسي، وقد قسمت الدراسة المجال الترابي حسب مؤشر الفقر الى سبعة أقاليم وأربعة مناطق وهي على التوالي المنطقة الأولى تعكس مؤشر أو نسبة فقر أقل من 10% يحتلها إقليم تونس الكبرى ويضم ولايات تونس وأريانة ومنوبة وبن عروس. المنطقة الثانية تعكس نسبة فقر بين 10% و 20% و تضم أربعة أقاليم وهي حسب الترتيب إقليم الوسط الشرقي الذي يشمل كل من الساحل وصفاقس وإقليم الشمال الشرقي ويشمل كل من نابل وبنزرت وزغوان وإقليم الجنوب الغربي ويشمل كل من قفصة وتوزر وقبلي وأخيرا إقليم الجنوب الشرقي ويشمل كل من قابس ومدنين وتطاوين. المنطقة الثالثة تعكس نسبة فقر تتراوح بين 20% و 30% وتضم إقليم الشمال الغربي ويشمل كل من باجة وجندوبة والكاف وسليانة والمنطقة الرابعة والأخيرة بنسبة فقر تفوق 30% وتضم إقليم الوسط الغربي ويشمل كل من ولايات القيروان وسيدي بوزيد والقصرين.‬
‫من خلال هذا التقسيم خلصت الدراسة إلى جملة من الاستنتاجات والخلاصات الهامة منها أن المناطق التي تعرف أكثر مظاهر للاحتجاج الاجتماعي هي ولاية قفصة وتطاوين التي تقعان ضمن المنطقة المصنفة من ضمن المناطق الأقل فقرا حيث كشف التقرير أن نسبة الفقر في هذه المناطق تتراوح بين 10% و 20% أي أن الوضع العائلي والاجتماعي بهذه المناطق يعتبر مريحا نسبيا بما يجعل من عامل الفقر في هذه الجهات ليس هو المحرك الحقيقي لهذه التوترات وبالتالي فإنه من الضرورة البحث عن أسباب أخرى لتفسير الحراك الاجتماعي الذي تشهده بعض الجهات.‬
‫الاستنتاج الثاني يخص إقليم تونس الكبرى بولاياته الأربع الذي يعرف في مجمله وضعا اجتماعيا مريحا وحالة اجتماعية متقدمة بالنظر إلى نسبة الفقر الضعيفة التي لا تتجاوز 10% غير أن هذه الصورة للعائلات والأفراد التابعين له تتراجع في ولاية منوبة التي تعرف وضعا اجتماعيا مختلفا عن باقي ولايات الإقليم الأخرى يقترب من نسبة فقر في حدود 20% وهو معطى يعدل قليلا من الاعتقاد السائد بأن إقليم تونس هو بكامله يعرف وضعا اجتماعيا مريحا وحالة من الفقر ضعيفة جدا.‬
‫الاستنتاج الثالث يخص إقليم الوسط الشرقي الذي في عمومه يعرف وضعا اجتماعيا مقبولا وغير مخيف وهو إقليم يأتي في المرتبة الثانية من حيث مؤشر الفقر بعد إقليم تونس الكبرى بنسبة فقر لا تتجاوز 20% غير أن المفارقة في هذا الإقليم نجدها في ولاية المهدية التي تعرف نسبة للفقر تتراوح بين 20% و 30% وهذا يعني أن دراسة البنك الدولي قد كشفت عن غياب التجانس بين ولايات كل إقليم بالاعتماد على مؤشر الفقر حيث نجد داخل الاقليم الواحد نسبا للفقر مختلفة من جهة الى أخرى ومن معتمدية إلى أخرى وذلك حسب خصوصية كل جهة ومميزاتها التاريخية والجغرافية والاقتصادية .‬
‫الاستنتاج الرابع يتعلق بولاية مدنين التي تقع بإقليم الجنوب الشرقي والتي كشف التقرير أنها تعرف نسبة للفقر تصل إلى 30% وأن ولاتي القصرين والقيروان التين تنتميان إلى إقليم الوسط الغربي تعرفان أعلى نسبة للفقر في البلاد بنسبة تقارب 40% أي ما يمثل ضعف المعدل الوطني للفقر المقدر ب 15.2% حسب تقرير المعهد الوطني للإحصاء. ‬
‫الاستنتاج الخامس يخص إقليم الوسط الشرقي الذي يشمل كل من جهات الساحل وصفاقس وهو إقليم يختص بوضع إجتماعي خاص حيث أن ولاياته ومعتمدياته لا يحكمها مؤشر واحد ولا يمكن تطبيق معيار محدد عليها لمعرفة حقيقة الوضع بها حيث نسب الفقر مختلقة كثيرا في كامل الإقليم بما يجعل من الفوارق بين مركز الولاية وأطرافها باقية وواضحة .فولاية سوسة مثلا هي حسب الدراسة ولاية تعرف عدم التجانس المجالي بين معتمدياتها مع محدودية في قدرتها على استيعاب طالبي الشغل والإدماج الاجتماعي للمناطق المجاورة المباشرة لها على عكس ولاية صفاقس التي تتميز بحركية اقتصادية كبرى ما منحها القدرة على تحقيق الادماج الوظيفي المطلوب وهذا المعطى لا نجده في الكثير من الولايات الأخرى التي تعرف صعوبات كثيرة في تحقيق الاندماج الاقتصادي والاجتماعي لأفرادها لطبيعة معتمدياتها التي تتميز إما بمجال حضري أو ريفي أو بحري وهي مجالات ضعيفة من حيث القدرة التشغيلية.‬
‫الاستنتاج السادس يخص إقليم الجنوب الغربي الذي يشمل ولاية فقصة و توزر وقبلي ويتميز بخاصية صبغته الفلاحية القائمة على الواحات وإنتاج التمور مع نشاط آخر في مجال السياحة الصحراوية ولكن رغم هذه الخاصيات التي يمكن أن تتحول إلى عناصر قوة إلا أن الكثير من معتمديات الاقليم لا تعرف نسبا متجانسة للفقر حيث أن توزيع نسب الفقر يتراوح بين 10% و 30% هذا من دون أن يصل المؤشر إلى مستوى عال أي إلى أكثر من 30% . هذا المعطى يفرض تغيير المحدد العلمي للتعرف على الوضع الاجتماعي لسكان الإقليم ويفرض عدم الاعتماد على مؤشر الفقر لوحده لتحديد الحالة الاجتماعية لسكان الإقليم لذلك كان من الضروري إضافة مؤشر آخر هو مؤشر البطالة للوصول إلى تحديد دقيق للوضع الاجتماعي علما وأن إقليم الوسط الغربي يعرف أعلى نسبة في مؤشرات البطالة بنسبة تصل إلى حدود 24.8% حيث تحتل ولاية قفصة التابعة له المرتبة قبل الاخيرة وطنيا من حيث ارتفاع معدل البطالة التي تقدر ب 25.5% ‬
‫وإضافة مؤشر البطالة إلى مؤشر الفقر هو إجراء مهم حتى نقف أكثر على حقيقة الوضع الاجتماعي في مختلف الجهات والولايات حيث أن حالة الفقر ليست دوما هي المعطى المحدد لمعرفة حقيقة الوضع الاجتماعي للسكان ولا تكفي بمفردها لإعطاء صورة حقيقية عن الأوضاع الاجتماعية بما يعني أنه في الكثير من الحالات نجد جهات من حيث مؤشر الفقر وضعها عادي أو مريح ولكن إذا طبقنا عليها مؤشر البطالة فإن الوضع يتغير فتفاقم البطالة وانعدام الشغل في بعض الجهات يكون هو المحدد أكثر من مؤشر الفقر وهذا ما يفسر كيف أن حالات الاحتقان الاجتماعي يمكن أن تتولد عن وضع الفقر من دون أن تكون هناك حالات بطالة منتشرة أو متفاقمة كما يمكن أن يكون سبب الحراك الاجتماعي تمدد البطالة بالرغم من أن وضع العائلات مريح من حيث مؤشر الفقر وفي هذه الحالة فقد أوضحت الدراسة أن العائلة تلعب دورا محوريا في التغطية الاجتماعية غير المنظمة و التخفيف من وقع البطالة .‬
‫الاستنتاج السابع يخص إقليم الجنوب الشرقي الذي يشتمل على ولايتين هما من أفقر ولايات الجمهورية من حيث مؤشر الفقر حيث نجد ولاية مدنين بنسبة فقر عالية بين 20% و 30% و ولاية تطاوين بنسبة فقر تفوق 30% وبذلك تحتل المرتبة الأولى وطنيا من حيث مؤشر الفقر ومؤشر البطالة بنسبة تقدر ب 28.7% وهى الأعلى من بين كل الولايات وهذا المعطى الذي يميز هذا الاقليم يمكننا من معرفة من يقف وراء الاحتجاجات الاجتماعية وفهم محركات الاحتجاجات الاجتماعية في ولاية تطاوين لذلك من الضروري و المفيد الوقوف عند أهمية مؤشر الفقر الموجود في الجهة لفهم حقيقة ما يحصل من احتقان وتململ اجتماعي لذلك كان مؤشر البطالة المرتفع جدا مهم لفهم ما يحصل وهذا يعني أن الحل لهذه الولاية وهذه الجهة هو حل يتجه نحو تحسين وضع البطالة أكثر من معالجة حالة العائلات الفقيرة و يركز على إيجاد مواطن شغل بالاعتماد على بعض الأفكار مثل توفير خدمات عمومية وتجهيز البنية التحتية مع تدخل البنوك في تمويل مشاريع المبادرات الفردية ودفع شركات النفط الموجودة في الجهة للانخراط في عملية تمويل المشاريع الاقتصادية للعاطلين عن العمل من دون أن تكون ملزمة بتشغيلهم في شركاتها.‬
‫الاستنتاج الثامن يخص إقليم الشمال الغربي الذي تتميز أغلب ولاياته و معتمدياته بوضع اجتماعي قريب من السيئ جدا بنسبة للفقر تتراوح بين 20% و 30% بما يعني أن الشمال الغربي على عكس ما يروج له ليس هو الإقليم الأكثر فقرا ليتضح حسب هذه الدراسة أن إقليمي الوسط الغربي والجنوب الغربي هما الأكثر فقرا لكن من مفارقات هذا الاقليم أنه يتوفر على مجال ترابي ملتصق بالعاصمة مع امتلاكه ل مساحات هامة مخصصة للزراعات الكبرى وممارسة النشاط الفلاحي المختلف و هي أراضي من أحسن الأراضي جودة مع ما تتوفر عليه من إمكانيات كبيرة من المياه ما يجعله إقليما واعدا من حيث الانتاج الفلاحي والقدرة التشغيلية لكن عناصر القوة هذه غير بادية وغير مستغلة لنجد أنفسنا أمام إقليم مصنف ضمن المناطق الأكثر فقرا بتصدر ولايتي باجة والكاف مراتب متقدمة في نسبة الفقر ب مؤشر يفوق 30% إلى جانب ولاية جندوبة وسليانة بنسبة للفقر تتراوح بين 20% و 30 % مع وجود معتديات في ولاية الكاف تفوق نسبة الفقر فيها مستوى 40% كما هو حال معتمدية " نبر " ونفس الملاحظة نسوقها لمعتمدية " الروحية " من ولاية جندوبة التي تعرف هي الأخرى نفس نسبة الفقر علما وأن معظم الأوضاع في باقي معتمديات ومناطق هذا الإقليم هي سلبية من حيث مؤشر الفقر بنسبة تفوق 20% وهذا المعطى الذي يبرز حدة الفقر في هذا الإقليم يفرض على الدولة إعادة نظر كاملة في سياستها التنموية التي خلفت مثل هذه الكوارث ويفرض عليها حينما تشرع في وصغ منوال تنمية جديد يعالج مثل هذه الاخلالات الاجتماعية أن يأخذ في الاعتبار كل هذه الخاصيات.‬
‫الاستنتاج التاسع يتعلق بالوضع الاجتماعي في إقليم الوسط الغربي الذي كشفت الدراسة أنه الإقليم الأكثر فقرا من باقي الولايات والإقليم الأكثر تضررا من غياب الدولة وفقدان التنمية فيه فهو يحتل المرتبة الأولى من حيث عدد العائلات الفقيرة التي تفوق نسبتها 30% بما يجعل منه جهة منكوبة اجتماعيا بتخطيه المعدل الوطني للفقر ليصل إلى حدود الضعف حيث تعرف ولاية سيدي بوزيد نسبة للفقر تتراوح بين 20% و 30 % في حين يتجاوز مستوى الفقر في كل من ولاية القصرين والقيروان نسبة 35 % مع بلوغ مؤشر الفقر في معتمدية " والجديان وحسي الفريد " التابعة لولاية القيروان مستوى فقر أكثر من 50 %‬
‫وقد خلف هذا الوضع الاجتماعي المهترئ وهذا التهميش الناتج عن غياب الدولة وفقدان الحلول الجماعية التي توفرها الدولة لمواطنيها و وصم هذه الجهة بكونها منبع الانحرافات وانتشار الجريمة والسرقة والعنف وتعاطي المخدرات كما هو الحال في ريف ولاية القيروان التي انتشرت فيها هذه الأمراض الاجتماعية الخطرة حيث تعرف معتمدية " الشبيكة " ومعتمدية " الشرارة " و" الوسلاتية " مؤشرا للفقر يفوق 40 % .‬
‫الملاحظة العامة بخصوص هذا الإقليم أنه هو الآخر يعرف مفارقة في وضعه الاجتماعي الذي يتغير بحسب مؤشر الفقر ومؤشر البطالة فإذا اعتمدنا نسبة فقر العائلات نجد أنه من أكثر المناطق فقرا بنسبة تصل حدود 30.8% ولكن إذا طبقنا مؤشر البطالة لمعرفة حقيقة الوضع الاجتماعي لسكان الوسط الغربي نجد أنه يتحل المرتبة الرابعة وطنيا متقدما على الشمال الغربي والجنوب الغربي والجنوب الشرقي بما يعني أن هذا الإقليم رغم أنه مصنف ضمن المناطق الأكثر فقرا في البلاد إلا أن وضع البطالة فيه ليس بالسيئ مع وجود جملة من الأنشطة التي توفر للسكان دخلا ماليا ويمكن تفسير هذه الحالة بعدة أسباب منها أن هذه الجهات التي تعرف بارتفاع مؤشر الفقر يضطر أفرادها إلى النزوح بحثا عن وضع أفضل وفي محاولة لتحسين حالها وعملية الهجرة الداخلية هذه تساعد كثيرا على تخفيض نسبة البطالة في الإقليم إضافة إلى توفر جملة من الأنشطة التجارية والاقتصادية الموازية وغير المنظمة والتي لا تراقبها الدولة مكنت من تحقيق بعض الأرباح المالية والحصول على بعض المداخيل من خارج إطار التشغيل الرسمي والعمل المعترف به.‬
‫ما يمكن الخروج به من هذه الدراسة المعمقة عن حالة الولايات والمعتمديات والجهات وحقيقة الوضع الاجتماعي في مختلف أقاليم البلاد السبعة أن ما جاء في مضمونها قد عرى الهنات والثغرات والضعف الكبير الذي عليه منوال التنمية المطبق منذ الاستقلال وكشف عن الاخلالات الواجب تلافيها في المستقبل إذا ما توفرت الإرادة السياسية والعزيمة لإنقاذ ما يمكن انقاذه من أوضاع متردية في العمق التونسي قبل أن تخرج الأمور عن السيطرة وتتفكك الدولة من وراء موجة الاحتجاجات المتزايدة.‬
‫ما يمكن استنتاجه من هذه الدراسة أنه للتعرف عن حقيقة الوضع الاجتماعي لمختلف الجهات التونسية فانه لا يكفي أن نعتمد على مؤشر الفقر وعدد العائلات الفقيرة وإنما مع ذلك نحتاج إلى مؤشر البطالة الذي هو المحدد الأول في الكثير من الولايات للتعرف على حقيقة الحالة الاجتماعية للشعب التونسي .‬
‫ما يمكن استخلاصه من هذا الكم الكبير من المعطيات الدقيقة عن كل الجهات ومناطق الجمهورية أن هناك جهات لا تتوفر على أدنى مقومات الحياة العادية وأن الكثير من المناطق وضعها يجعلها خارج الخارطة التونسية بما يعني أن هناك قرى ومناطق في العمق التونسي لم ينلها أي شيء من التنمية وبقيت على نفس حالها الذي تركها عليه الاستعمار ولم يصلها قطار الاستقلال بعد وهذا ما يفسر كيف أن الكثير من المواطنين يفتقد عندهم الشعور بالانتماء إلى الوطن ويكبر حقدهم على الدولة التي كانت دوما غائبة عنهم .‬
‫المفيد الذي نخرج به من هذه الدراسة هو أنه اذا توفرت لدينا الإرادة الصادقة لوضع منوال تنمية عادل يغير من حال هذه الجهات المنسية والمهمشة فإنه من الضروري أن نلتفت إلى كل المؤشرات التي قدمتها الدراسة وأن لا نضع منوال تنمية وحيد يطبق على كل الاقليم وإنما المطلوب هو تحديد خيارات مدققة لكل جهة تأخذ في الاعتبار خصوصية كل ولاية وكل معتمدية وكل جهة.‬


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.