ان الوضع خطير ويزداد خطورة يوما بعد يوم، وما تجره وسائل الاعلام يزيد في الطين بلة، اذ يبعث الى تعميق الشكوك في الدولة، ويساهم، بدون قصد، في اضعاف كيانها، ويساعد على فقدان سيطرتها حتى على قواعدها، زد على ذلك ملفات تتراكم في المحاكم، ولا يعرف مصارها، ولا احد قادر على البت فيها، او الاشعار بما وصلت اليه، واصبحت مقولة ابن خلدون " العدل اساس العمران" لا يمكن تنفيذها، وما تتداوله الالسن، في تبادل التهم ونشرها في وسائل الاعلام بين اكبر قضاة الدولة: لدليل على ان البلاد تمشي على رأسها، اذ انقلبت ظهر على عقب موازينها، ولا احد يأخذ بيدها، ويراعي تاريخها المجيد، ولا تضحية زعمائها الابرار، الذين يذكر لهم التاريخ نضالهم، ولنضع بين قوسين ما عانته البلاد والعباد، طيلة حكم بن علي ونفوذ "التريكا"، ولنترك للتاريخ الحكم الفصل على فشل أدائهما، في تأدية الواجب، وزرع بذور الحقد، وتدمير الدولة، والعمل على انهيارها، والثابت عندي انه سياتي يوم لا مفر منه للمحاسبة، لمن اساء التصرف في مبادئ الثورة السلمية المباركة، وعمل على ركوب حصانها، ولم يكن مشاركا فيها لا من قريب ولا من بعيد، ويحاول جاهدا منذ انبعاثها الاستحواذ عليها، وخاصة عند اخذه مقود السفينة، وهو غير مؤهل لقيادتها… فستكون المساءلة … من يمول النشاطات والملتقيات التي تقدم على طول السنة مقابل ماذا؟ ما هو الدور والخدمات المطلوبة للارتقاء الى وضيفة اهل الحل والعقد؟ واسئلة اخرى واردة تطرح ... وستكشف الملفات التي لا نعلم عليها الكثير، وقد تناول الاعلام نشر البعض منها، وللمزيد من بيان خطورتها على مسيرة الامة، وجب ذكر عينة منها، لعله يقع الاسراع في البت فيها، ويوضع حد لغيرها ان كانت على الخط : الأدوية وحقيقة انتهاء صلاحيتها - اكياس البلاستيك ومن يحميها- صفقات المواد الغذائية الموردة ومن رخص في اقتنائها- صفقة الحافلات المستعملة الموردة والمسؤول عنها- حقيقة ملابس "الفريب" والعاملين فيه- ملف النفايات المنزلية الموردة و كانت تونس مطمورة روما في القمح ارجعوها مطمورة مزابل لإيطاليا... الى غير ذلك من القضايا التي يهتز لذكرها الضمير الحي، والغيور على البلاد، وملفات اخرى ستطفو على السطح اذا لم يقع قبرها، كل ذلك تحت غطاء مناورات سياسية، لا اخلاقية، تبين ما وصلت اليه البلاد من حالة انفلات، وسوء تصرف، نتيجة حكم الانتهازية و الشعوبية وجهات اخرى تحتضنهم، وتشاركهم في بعث الفوضى، وسيطرة لوبي الفساد على الديمقراطية ومنجزاتها المتوقعة، وجندت في هذا الشأن وسائل إعلام في الداخل والخارج، ومراكز بحث مشكوك في ادائها، وشركات استطلاع رأي مغلوطة، ومواقع «ويب» غامضة، وصفحات على شبكات التواصل الاجتماعي مسمومة، وأدوات فبركة للشائعات وقلب الحقائق مهنية… وكل هذا الخضم يخضع لسلطة المال الفاسد، والمراد به تزييف الراي العام، وإنتاج منظومة تبارك التغيير و الإصلاح، وتباهي برداءة الوضع، وفي هذا السياق اندرج تكليف من يقود الدولة الى الانحدار، حتى اصبحت الثورة محنة، و الفكر المخالف مؤامرة، والديمقراطية بدعة الفاظ، والمسار محل ازدواجية لغة، واصبح الدستور هو المشكل، وغابت من جراء ذلك كشف الحقيقة، اذ المراد اصبح الانتقام من الخصم، وشارك المشهد الاعلامي بقوة في هذه البيئة الملوثة، متخليا عن البحث على المساءلة والمحاسبة، لمن تولى الحكم، وخاب في ادائه، و اصبحت الغاية اخفاء دولة فاشلة، لا تعرف تخطيط المستقبل، وفقدت فيها الاولويات وكيفية تمويلها، ولا احد من السياسيين الجدد ابدى انشغالا بالوضع الاقتصادي الذي زاد في تدميره الوضع الصحي الخطير من جراء وباء الكورونا، ولم نسمع رئيس الجمهورية، على غرار الرئيس الفرنسي مثلا، يقود المعركة في الصف الاول، ويخاطب الناس بما يفهمون، مستندا في اقتراحاته الى فريق علمي متعدد الاختصاصات، مشهود لهم بالكفاءة، ولا رئيس الحكومة كذلك يبادر بتقوية العزائم، والاقناع بالحلول المقترحة، ولا فريقه الحكومي يجوب البلاد لبث الوعي، بعيدا عن السياسة والصراع الحزبي، وقد اقترحنا اتباع الدول المتقدمة بإعطاء الجائحة الاهمية القصوى، فهي كارثة اكتسحت العالم، يقع معالجتها في اطار وضع خصيصا لها، ولا بكاء على الاطلال و لا شطحات في حركات رياضية ادتا الى الانفراج، والمطلوب قبل فوات الاوان تعيين خبيرا مختصا في اللقاح، لتلافي سوء ادارة الاعلانات، و تحديد المسؤوليات، كما هو الحال في ادارة المرحلة الاولى التي يجب الكشف عن إخلالاها، دون هوادة واستخلاص النتائج من عيوب سيرها لتجنبها مستقبلا… تلك هي خواطر، وكفى ما ضيعنا الوقت في التنكر لتاريخ بلادنا، التي اصبحت بعد الثورة بلاد العجائب والغرائب، وما احوجنا ان تستيقظ من سباتها، وتعود الى رشدها، وتحاسب من تهاوى في خدمتها، وخان عهده في تسييرها الى الأفضل، وجعلها مطية لأهله وحزبه وذويه، ولن تنطل الحيلة ثانية عن الاوفياء لتونس! والرجوع الى حكم الشعب يكون الحل الانفع، اذا انغلقت السبل، وفشلت " خطة مؤتمر انقاذ وطني"، ولإيقاف النزيف المستمر، الذي طال امده، ان الشرعية تخول للرئيس خل البرلمان، وعليه تحمل المسؤولية، فالشارع لا ينبئ بخير، واللهم يحفظ تونس، ويصون وحدتها من الانشقاق حتى تكذب مقولة "ما تصح الصدقة الا ما تشبع امليها" لان تونس للجميع، تفخر بتاريخها وامجادها، ولا ننس ان نذكر بان "من زرع المعروف حصد الشكر". . هوامش: رجب حاجي : دكتور في الاحصائيات- دكتور في الاقتصاد- دكتور في ادارة المؤسسات باريس- شهادة تكوين مستمر بجامعة هارفارد الأمريكية وبجامعة بلقراد- معهد الدفاع الدورة الرابعة- ألف أربع كتب في علم الاحصاء في المستوى الجامعي- وكتابان حول وضع البلاد بعد الثورة: (تونسنا الى اين المسار) programme: chroniques 2011-1014) (De le révolution …Tout un اول رئيس متطوع لبلدية ملولش- شغل رئيس ديوان المرحوم محمد الصياح عشرات السنين ورئيس ديوان وزيرة الصحة الدكتورة سعاد اليعقوبي- ومكلف بمهمة في اختصاصاته لدى رئيس مجلس نواب -الشعب محمد الناصر اطال الله عمره الى غيرها من المسؤوليات الوطنية ...