تعرض الاتحاد العام التونسي للشغل على مدار العشرية الأخيرة بعد الثورة إلى هجمات كثيرة من أطراف عدة، ووجهت إليه اتهامات خطيرة عرضت صورته إلى الاهتزاز أمام الناس، كما دخلت المنظمة الشغيلة التي يصفها أنصارها بكونها «أقوى قوة في البلاد» في معارك سياسية ونقابية حادة، وكان الاتحاد في كل مرة يخرج منها منتصرا أو على الأقل دون خسائر تُذكر كما كان صوته في كل مرة عاليا وموقفه ثابتا في عدم السماح بالتعدي على تاريخ الاتحاد ونضال المنتمين إليه وعدم التساهل مع من يوجه إليه اتهامات تمس من صورته… وقد كانت آخر هذه المعارك ما حصل له من تجاذبات كبيرة مع ائتلاف الكرامة حيث سمعنا وشاهدنا كيف كان الاتحاد صوته عاليا ونبرته حادة إلى حد أن اشترط في المبادرة التي تقدم بها لإجراء حوار وطني حول وضع البلاد عدم تشريك أفراد ائتلاف الكرامة الذي ناصبه العداء وقد كان تصرفه هذا غير مفاجئ حيث تعوّدنا من الاتحاد مثل هذا السلوك في الكثير من المحطات السياسية لكن الأمر المباغت والذي فاجأ الجميع هو ما حصل له مع الحزب الدستوري الحر ورئيسته عبير موسي التي وجهت لأمينه العام وكل المكتب النقابي تهديدات شديدة اللهجة وخاطبتهم بلهجة نبرتها فيها الكثير من الحدة ولم تكتف بذلك بل واصلت في هجومها على الاتحاد، وحذرت الأمين العام نور الدين الطبوبي شخصيا من السياسة التي ينتهجها في علاقة بمضمون الحوار الوطني وفي علاقة بتضامنه مع الكتلة الديمقراطية التي تواصل اعتصامها داخل البرلمان بسبب ما تعرضت له من عنف ولم تقف عند هذا الحد بل خاطبت كامل المنظمة الشغيلة بكل قوة لتذكر القائمين على الاتحاد أن هذه المنظمة هي في الأصل ملك للعائلة الدستورية وأن حزبها أولى بها وتوعدت وهددت أنه إذا ما واصل الاتحاد في وصف عبير موسي وحزبها بالفاشية والاقصائيين وأعطى موافقته على ضرورة إقصائها من المشهد السياسي للصورة التي لصقت بها في كونها اقصائية فإنها وحزبها سيعلنان الحرب على الاتحاد وينصبان له العداء بعد أن يكون الاتحاد قد تحول إلى خصم للحزب الدستوري الحر. إن الأمر المحير والذي استوقف الكثير من المتابعين والمراقبين للشأن العام من موقف الاتحاد السلبي تجاه الخطاب الحاد الموجه إليه من رئيسة الحزب الدستوري الحر ومن السكوت تجاه الاتهامات الموجهة إلى أمينه العام وأعضاء المكتب النقابي. إن الأمر المحير فيما ناله الاتحاد من تهديدات خطيرة جاءت على لسان عبير موسي من دون أن يحرك هذا الأخير ساكنا. المحير في الطريقة التي تعامل بها نور الدين الطبوبي مع كلام عبير موسي والبرود الذي وجدناه عند أعضاء الاتحاد وهو سلوك لا يضاهي كم التهم والتهجم الذي صدر عن رئيسة الدستوري الحر. فكيف نفسر هذا الموقف الباهت؟ وكيف نفهم هذا السكوت؟ وكيف نفسر غياب الحدة في الرد على عبير موسى والحال أن الاتحاد كان خطابه في كل مرة عنيفا تجاه كل الجهات التي تدخل معه في خصومة….أسئلة كثيرة تحتاج إلى توضيح فهل أن الامر في حقيقته هو أن عبير موسي تمسك خيوط لعبة لا نفهمها.. لذلك نجد الاتحاد قد لاذ هذه المرة بالسكوت والصمت المطبق؟