إن ما يُثيره الاعلام اليوم وخاصة التلفزيّ منه في بلادنا من مشاكل وقضايا العميقة منها والتافهة تشغل اليوم الرأي العام وتشتت اهتماماته بصفة لم يعرفها من قبل. فكلّ المشاغل تطرحها علينا مختلف القنوات التلفزية: فهي المحلل وهي الحكم وهي المعاند وهي المُهدّئ وهي في آخر الأمر تثير من القضايا ما لا فائدة في إثارته وتكراره مما ينغص علينا العيش. مثل الأحداث التي تعرفها كل الشعوب والأمم من قبيل حوادث الطرقات المؤلمة والتي لا يخلو الطريق منها يوميّا وكذلك تشريك صغار التلاميذ في تقييم ظروف دروسهم ومطالبتهم في بعض الحالات في عزل المدير والتعرض لبعض الحرائق البسيطة إلخ... كلّ هذا يثير لدينا بالعمق الذي يحلو لبعض القنوات أن تقوم به بقدر ما يثير لدينا الاشفاق ويلهينا عن مشاكلنا الكبيرة التي نحن بحاجة لإثارتها وهي عديدة حتى تنيرنا وتجدد الأمل في قلوبنا ونفوسنا. الحديث في المجالس والبيوت لا يخلو أبدا من التعرض لما تعرضه علينا تلفزاتنا العزيزة من إختلالات اجتماعيّة وعقوق ونكران للعائلة ومن مظاهر الاهمال بمختلف أشكاله. فلترحنا تلفزاتنا من مثل هذه العوائق ولتطرح أمامنا في هذه الايام الصعبة ما يرفع عنا بعض القنوط ويُحيي فينا ما تبقى من حلم وأمل في غد فيه بعض التطلع عوض هذه الأبواب المغلقة التي تحشرنا فيها تلفزاتنا حشرا وتضيّق علينا أنفسنا. فتلفزاتنا تنفرنا من متابعتها وتحثنا حثا على الخروج من البيت أو مشاهدة بعض البرامج المفيدة على القنوات الاجنبية. تلفزاتنا وهي تكرر علينا نفس البرامج وتُظهر لنا نفس الوجوه تجعلنا نبتعد عن السياسة والسياسيين والناس أجمعين.