ذات يوم ركبت سيارة أجرة "لواج"، وكان شيخ لا أعرفه يجلس بجانبي. وبعد صمت البداية بدأ يتجاذب معي أطراف الحديث متنقلا من موضوع إلى آخر حتى انتهى به المطاف إلى أن خاض في مسألة استغلال العمال والعاملات بالمصانع والفساد المالي بها... فقال لي: "كنت منذ سنوات أعمل حارسا بأحد المصانع، وكنت ألاحظ في آخر كل شهر أن عددا من المسؤولين يجتمعون بأحد مكاتب المصنع ويوصدون الباب خلفهم، وينبرون يقتسمون مبلغا ماليا هاما حصلوا عليه بطرق ملتوية وبتجاوزات معروفة. وكان معهم شخص اسمه فلان (ذكر لي اسمه)، فأسأله: فلان ماذا هناك؟؟ هل تقتسمون "المرشانة" كعادتكم؟؟ فيقول لي: "اصمت..." وبعد ذلك يدس في يدي خلسة مبلغ 20 أو 30 دينارا... الله يهدي... لم يعد هناك من يخاف الله، ومن يميز بين الحرام والحلال..." فقلت له: "فعلا يا عم الحاج... أصبح الجميع يتكالبون على المادة بالحلال وبالحرام، بالقانون وبغير القانون...!!" وقبل الوصول إلى المحطة بقليل توجهت إليه سائلا: "يا عم الحاج، حينما يدس فلان في يدك مبلغ 20 أو 30 دينارا خلسة هل تقبل ذلك المبلغ أم ترفضه؟؟" فتجاهلني كأنه لم يسمعني، وإلى الآن مازلت أنتظر إجابته...!!