قرأت ما كتبه السيد أنس الشابي في صالون الصريح الصادرة يوم الثلاثاء 21 مارس 2017 عن التحولات السياسية والحزبية التي تمر بها الساحة التونسية في هذه الأيام التي كثرت فيها الأحزاب كالفقاع في موسم الأمطار وظهر معها اتباع المسيح الدجال ينشرون الفتنة في البلاد ويضللون العباد بدون علم معتمد أو فكر منير واحتلوا موائد الحوار في التلفاز ومحطات الإرسال التي لم نعد نقدر على عدها بالحساب لأنها كل يوم عددها يزداد، لذا زهدت فيها وتناستني بعدما رأت ان كلامي لا يفيد لأن أصحابها يبحثون عن (البوز) أما وقد شدني هذا اليوم ما كتبه السيد أنس الشابي وكنت كثيرا ما قرأت له عن قضايا خلافية ومعارك حامية الوطيس نشرتها له الصريح وكنت أعبر لصاحب الجريدة عن إعجابي بها ولكنني كنت متحفظا على بعض من توجهاته تلك خائفا من ردود فعله لو تجرأت وناقشته بالرغم من تأكدي من أصوله إذ كنت عرفت والده المرحوم محمد الصغير الشابي وقد جمعتني به صداقة ومودة كبيرة بين سنوات 1957 و1960 ولم أنسها رغم مر السنين، كان هو وقتها قيما عاما في معهد الحي الزيتوني الذي بات يسمى بابن شرف في زمن إدارته من طرف الشيخ محمد النابلي رحمه الله. كنت وقتها طالبا في المدرسة العليا للحقوق أجمع بين الدراسة والعمل كقيم في مبيت ذلك المعهد وأتولى الإشراف على التلامذة المقيمين في مراجعتهم لدروسهم وأكلهم ونومهم وما زلت أتذكر والده الذي زاده الله في الجسم بسطة واكسبه هيبة ومحبة لحسن معشره وأحاديثه الشيقة وماضيه في النضال لإصلاح التعليم الزيتوني وقدرته على اختراق تلك القلعة المغلقة دون الأفاقيين مثلي ومثله وتلك قصة أخرى قد يأتي ذكرها لأنها من أسباب تدهور ذلك التعليم وزواله. أتذكره وأذكره لأن ذلك من واجبي كما أتذكر أمثاله ممن كانوا في مقدمة المناضلين في زمانه وقد أدوا الأمانة ولعل ابنه يتذكر تلك الأيام الجميلة وفِي كل الأحوال اشتم في كتاباته بقية من علم ونضال هؤلاء الرجال المعتم عليهم . وأعود للموضوع الذي شدني وأردت أن اتجاوب مع كاتبه فأقول معلقا بأنه أصاب المرمى فيما كتب وقدم من معلومات لا تغيب عن الناقد النزيه وغير المنافق. أما المعارك الأخرى التي كان دخلها صاحب هذا المقال فاني لم أكن دائما له موافق، ولكن ذلك لا يفسد للود قضية كما يقول القائل. اما فيما تطرق له هذه المرة لأني له موافق وأنا الذي قضيت في الإدارة والسياسة أكثر من نصف قرن من حياتي تقلبت خلاله في المسؤوليات المحلية والجهوية والوطنية وحتى التشريعية والحزبية وأخيرا في القانون بصفتي محاميا متتبعا للشأن العام مثل غيري. وهكذا تشجعت وعلقت بإعجاب لأن الوضع في تونس أصبح منذرا بالخراب وأن الذين أتت بهم الصدفة خوفا من الغول الذي ابتلعهم بلحمهم وشحمهم وهم ينظرون.