السيد الباجي قائد السبسي رئيس الجمهورية التونسية. لقد أعلنتم منذ أيام عن موعد لكم مع الشعب التونسي تخاطبونه فيه بخطاب. هذا الإعلان تقبله بعض التونسيين والتونسيات بلا مبالاة فقد اعتقدوا أن خطابكم هذا سوف يكون مثل خطاباتكم وحواراتكم الاعلامية السابقة ليس فيها الا التبرير والتحذير وطاحونة الشيء المعتاد. وبعض التونسيين والتونسيات الذين يرفضون اليأس ويشربون صباحا مساء حرابش التفاؤل والامل تصوّروا أنكم ستعلنون للشعب التونسي عن عزمكم وحزمكم واصراركم ووضع ثقلكم وثقل مسؤوليتكم على فرض هيبة الدولة التي تطاول عليها وسخر منها واحتقرها «الباندية» وتجّار السياسة، وعصابات الفساد والغورة والفوضى وما أكثرهم وهم في كل ساحة وشارع وقرية ومدينة. بعض التونسيين والتونسيات ينتظرون منكم المصارحة التي لا تخاف في حق الشعب والوطن لومة لائم، ينتظرون منكم أن ترفعوا الستار عن كل من استغلوا الثورة وتاجروا بالثورة، ووجهوا الرياح والعواصف في وجوه الاخيار ليمنعوهم من الزرع والغرس ونشر وبسط خضرة الحياة في كل شبر من تونس الثورة. إن التونسيين والتونسيات ينتظرون من خطابكم تسمية الاسماء بأسمائها. إن التونسيين والتونسيات ينتظرون منكم الاعلان عن خطة التغيير من أجل أن تزول كافة المعوّقات التي تنوّعت وتكاثرت في طريق قطار تونس. إن التغيير يجب أن يكون ببناء جديد وليس بالترميم والترقيع، وهذا لا يكون ولا يراه ولا يعترف به الكبير والصغير الا إذا أخرجتم حزب النهضة من السلطة التنفيذية، من الوزارة ومن الولايات ليأخذ حزب النهضة بنوابه وقياداته وأنصاره دور المعارضة. لماذا أرى التغيير يكمن في ابعاد حزب النهضة عن الحكم والحكومة؟ أليس لأن حزب النهضة الذي يحفظ له التاريخ صدقه في النضال ضد الظلم والفساد هو الحزب الذي تكأكأت عليه وتجمّعت ضدّه كل الاحزاب وأغلب المنظمات وأغلب وسائل الاعلام لما نجح في الانتخابات لتقدمه للشعب غولا سيقضي على الحريات وعلى مكاسب المرأة وعلى الديمقراطية والتقدم والمدنية ويعود بالتونسيين والتونسيات الى عصور الظلام والانحطاط والجاهلية؟ ألستم قد أسّستم حزب النداء على نداء الشعب وتحذيره من حزب النهضة وأقمتم سياسة حزبكم على معاداته لأنه حزب الديكتاتورية الاسلامية المتخلّفة؟ ألستم قد شاركتم قبل وصولكم للرئاسة في المظاهرات والاحتجاجات المنادية بإسقاط حكومات ووزارات حزب النهضة بدعوى خوفكم على الشعب من هذا الغول؟ ألستم قد وصلتم للرئاسة لما ركبتم على التخويف والتحذير من حزب النهضة ووضع آلة الحكم في يد حزب النهضة؟ ثم ماذا حصل ووقع؟ ألستم قد تحالفتم مع حزب النهضة لأن الأغلبية النسبية لمجلس النواب بيده وبها وبما عند حزبكم حزب النداء من أغلبية تقدرون بها على ضمان بعث حكومة لا تقدر أن تهزّها رياح المعارضة؟ فما الذي كان وما الذي صار؟ ألّفتم وزارة بعد وزارة في عهدكم، وفي كل وزارة كان حزب النهضة،، فماذا حصدت تونس وماذا حصدت الحكومات التي اخترتموها من زرع معاداة حزب النهضة؟ تونس شوارعها وساحاتها ومدنها وقراها وصحراؤها لم تعرف «حيّ على العمل والفلاح» ولكنها عرفت وتعرف كل يوم «حيّ على الديڤاج والاحتجاجات والاعتصامات والاضرابات» ولم تجن غير الخسائر في كل سوق وميدان وضياع هيبة الدولة. أليس هذا وأكثر من هذا يفرض عليكم أن تدفعوا بتونس سياسيا نحو وجهة أخرى ووجهة التغيير أبرز ملامحها ابعاد حزب النهضة الذي استطاع أن يفوز في صناديق الانتخابات ولكنه عجز عن التغلب على الفوضى وعلى الاضرابات والاحتجاجات وعجز عن اقناع اغلب وسائل الاعلام بسياسته فكلمة خلاياه وأنصاره وسط رياح وعواصف العداء لا تسمع. وقد حذرته من هذا منذ أن تولى الحكم. لكن هل تجد بديلا قويا حكيما قادرا، وطنيا صادقا يأخذ بيده مقود القيادة ويحوّل بعزمه وحزمه وإخلاصه وطهارته ونظافة أيدي الهدم وحجارة القتل الى عمارات البناء والحياة؟ هذا ما عليكم فعله وحمله. أليس هذا هو الذي ينتظره الشعب من خطابكم فهل تحققونه؟ أسأل وأحب أن أفهم..