وقفنا في الجزء الأول من احاديث رمضان للمفكر والاديب المرحوم عباس محمود العقاد عند شعر الاقبال والطموح في بعض شعر امرئ القيس وفي هذا الجزء الثاني سنذكر حديثه عن الشاعر العباسي كلثوم بن عمرو المشهور بالعتابي يقول العقاد عنه يمثل لنا شعر القناعة والانقباض في ابياته التي يخاطب بها امراته ويقول فيها تلوم على ترك الغنى باهلية زوى الفقر عنها كل طرف وتالد رات حولها النسوان يرفلن في الثرى مقلدة اعناقها بالقلائد اسرك اني نلت ما نال جعفر من العيش او ما نال يحي بن خالد وان امير المؤمنين اغصني مغصهما بالمرهفات البوارد دعيني تجيء ميتتي مطمئنة ولم اتجشم هول تلك الموارد رايت رفيعات الأمورمشوبة بمستودعات في بطون الأساود وهذه الابيات ايضا تعرض لنا المسالة من ناحيتيها وتعرضها من كل ناحية بادلتها وشواهدها فالزوجة تنظرالى من يرفلن في الغنى فتطمح ببصرها الى الترف والزينة وتشتهي المتعة بالرغد والثروة والزوج ينظر الى مصير الوزراء والأغنياء فيعتبر بهذا المصير ولا يسره ان ينال من العيش ما نال جعفر ويحي ثم يلقى الموت الفاجع كما لقياه هكذا يجتمع الطرفان من الفلسفة الواحدة احيانا في بيتين او بضعة ابيات فلا نرى طرفا منهما يغيب كل الغياب او يظهر كل الظهور واذا نظرنا الى فلسفة الحياة من الوجهة الفكرية فقد تكون الفكرة الواحدة سببا للزهد وسببا للمغامرة عندشاعرين من شعراء الحكمة والنظر فتعب الحياة جعل المعري يعجب ممن يشتهي طول الحياة كما قال ثعب لها الحياة فلا اعجب الا من راغب في ازدياد وهذا التعب نفسه هو الذي يدفع ابا الطيب الى غاية المغامرة كما يقول اذا غامرت في شرف مروم /فلا تقنع بما دون النجوم فطعم الموت في امر حقير كطعم الموت ف امر عظيم وكلاهما يورد كلامه في اسلوب من يتوقع المخالفة ويحس انه مطالب بالاقناع واقامة الحجة فالمعري لا يفهم لماذا نطلب المزيد من الحياة اذا كنا نزداد من التعب وابو الطيب لا يفهم لماذا نقنع بالمغامرة القليلة اذا كان الموت في طلب القليل كالموت في طلب الكثير ولا بد من مغامرة على كل حال ولما كان التطويل عائقا من عوائق الحفظ والتامل والتفكير والتروي والتحليل والتحصيل فاني ساكتفي بهذا القدر في هذا الجزء الثاني من احاديث العقاد في رمضان ايام زمان لنواصل ذكراجزاء اخرى من هذه الاحاديث في مقالات لاحقة ان شاء الله بقدر الاستطاعة وقد الامكان والله الموفق والله المستعان