واحن الى التراب الذي مشت وتمشي عليه ولو ببطء امي الرؤوم واحن الى حنانها العظيم واتدرب على فهم سره الدفين واحن الى ايام الصمود وقت العبور الى عالم الطفولة رغم صعوبة المصير واتذكر كيف كافحت وجاهدت من اجل ارضاعي الحليب والسؤدد والحنان القويم وكيف مشت معي على درب النموّ وساعدتني على التدرج على سلم العلوّ واحتضنتني بين جناحيها كالفرخ الصغير في مهب الزوابع والانواء والامطار وكيف لقنتني ابجديات الفقر والمعاناة والتحدي والصبر وكيف رعتنا من برجها الشامخ ومنعت عنا غزوات الامراض وسهرت من اجلي واجلنا الليالي الطوال وكيف اتخذت من ظهرها طائرة رحلاتي الى الغد الحالي وكيف علمتني الاحتماء بدروس القرآن في الكتّاب وكيف علمتني الاحتماء بالصبر والتمرس على تحمل الاتعاب والتذوق من نسمات العذاب وقاسمتها التجلد حتى قاسمتني الارتواء من عرق اتعابي والله اسال ان اكون قد عوضتها ولو ضئيلا قليلا من ما قاسته في تربيتي والسهر على مناجاتي والتوسل الى الرحمان ان اكون في مستوى حبها لما هو آت كنت احلم ان اتغذى من عرقها وكان عرقها يجري في شراييني ومن دمها تنبض كل عروقي والتحمت تأوّهاتي حتى ذابت في تجاويف صبرها الاسطوري وكانت تزرع البسمة على شفاهي وتخفي عني تراكمات ما تعاني وتمضغ لي الصبر وتطعمني حلو الايام وكانت تطلقني الى اللهو واللعب وترمقني لما هو جميل في حياتي كانت تمنحني الورقة البيضاء بيسراها وتمنحني اقلام الزينة بيمناها وترسم معي غابة الصبر والمودة والعلم والتعليم بالالوان وترفع عني كل لحظة احزاني يتغير بنا الزمان ولا تزحزحني من مكاني وتحفظني في حضنها زمانا تلو زمان ختاما : لي امنية امي ان سمحت ان تعيديني الى رحمك فان جاءت المنية ادفنك وتدفنينني في نفس المكان