لا أجد تفسيراً لتصرفات مصر في الفترة الأخيرة ، وإصرارها علي "جرجرة" المصريين ورائها كل صباح في خرابة جديدة إلا أن "مصر" ، بتمشي وهي نايمة !!
لذلك ، يجب علي كل المصريين الشرفاء أن يتكاتفوا لاتخاذ قرار ، وتحصين هذا القرار بقرار جمهوري بعلاج "مصر" علي نفقة الدولة بشكل عاجل ، فالخرابة الأخيرة تؤكد أن مرضها قد وصل إلي درجة متقدمة جداً..
و الخرابة هذه المرة ليس محل "كبابجي" كالمرة السابقة ، إنما "كباريه" ..
لقد سمعت كما سمع غيري ، خبر فوز الراقصة "فيفي عبدة" بجائزة )الأم المثالية( !!
- و معذرة لوضع اسم هذه الجائزة بين هذين القوسين ، فهو بحاجة لقوسين قزح ليوضع بينهما علي أقل تقدير-
مع ذلك ، كأي إنسان عاقل ، لم أتشنج كما فعل غيري ، ولم أبادر كما فعل غيري إلي اتهام ( أم الدنيا ، اللي هتبقي أد "وش البركة") بالانحدار الإخلاقي ، إذ ظننتُ في البداية أنها حصلت علي هذه الجائزة عن أحد أدوارها في السينما أو في المسرح أو في التليفزيون ،،
أراحني هذا التحليل للخبر في الحقيقة ، ربما لأن عقلي كان مستعداً لتصديق أن القائمين علي صناعة الفن في "مصر" قد استحدثوا جائزة فنية باسم "الأم المثالية" ، أكثر من استعداده لتصديق أن مفهوم "الأم المثالية" المقصود في الخبر هو المفهوم الذي درجنا عليه لل " الأم المثالية" ثم تذهب الجائزة إلي الراقصة "فيفي عبدة" ، فمتي كانت ليونة العضلات ، لا مواجهة صعوبات الحياة عن طيب خاطر حتي بلوغ الأم بأبنائها الساحل ، هي شرط الحصول علي الجائزة ؟
أكثر من هذا ، كنت علي استعداد أن أصدق أن الشريف "عبد العاطي " ، رضي الله عنه وعن أهل البيت جميعاً ، إذا وضع في "الردة" لشهر أو شهرين في درجة حرارة الغرفة ، يستطيع بسهولة أن "يغيَّر علي جرح" ، لكن أن تكون "فيفي عبدة" أماً مثالية ، مستحيل ..
ثم اكتشفت أن الخبر حقيقي ، وأن الخبر لا يحتاج إلي تحليل فني إنما يحتاج إلي "تحليل حمل" ، وأصبح في حكم المؤكد أن نادي الطيران قد اختار" أم هنادي " لتصبح الأم المثالية للعام "2014" فعلاً ، فعلاً والله !!
"مصر زينة" هذا هو اسم الاحتفالية ، و هناك أنباء عن وقوع "انشراح" ضحية لسرطان الجيوب الأنفية ، كذلك حسين ، ولم يبق أمامنا سوي الفنان "زكي رستم" ليرد :
- حسنين ، حسنين يا ولدي ، فينك يا حسنين ، يا صابر مشفتش أخوك حسنين ..
و انتظرت أن يخرج علينا مسئول ، يقول لنا بلكنة الثعالب :
- إدوها فرصة ، من أجل الاستقرار وعجلة الإنتاج ..
انتظرت أيضاً أن يخرج علينا بعض الحاذقين في صيد النقود بإعلان يواكب الحدث عن تخفيضات كبيرة في أسعار بدل الرقص بمناسبة عيد الأم ، لكن أياً من ذلك حتي الآن لم يحدث ، وما زلت جالساً في الانتظار ، لعل المانع خير !!
و حدث أن نقلتُ هذا الخبر ، بحسن نية ، إلي "مساعد صيدلي" من المتعاطفين مع "الإخوان المسلمين" ، فأصبح وجهه مسوداً وهو كظيم ، مع ذلك ، ظل صامتاً ، ثم غادر فجأة دون حتي أن يلقي علينا السلام ، ومنذ تلك اللحظة وأنا أحاول الإتصال به وأجد هاتفه مغلقا ، وأخشي ما أخشاه ، أن يكون قد أصيب إلي الأبد من جراء هذا الخبر بداء "التوحد" !!
وهو في الحقيقة لا يلام ، فالخبر صادم ، دفعني أن أطارد أشهر ما قيل من شعر في الأمهات لأستعيد أشياء الطفولة ورائحة المرضعات ، و أجد قدراً من السلوي يكفي ليلهمني امتصاص الصدمة ويهدئ في الوقت نفسه تلك الثوابت التي بدأت تهتز بداخلي ، وبقوة ، فاكتشفتُ أمراً خطيراً ..
الشاعر "حافظ إبراهيم" كان ماسونياً وإخوانياً عقراً ، أليس هو القائل :
ولا يخفي علي أحد أن مصطلح "أستاذ الأساتذة" هو أحد تعبيرات الماسونية الأكثر شهرة ، كما أن "أستاذية العالم" هي من مصطلحات "حسن البنا" ، وهذه القصيدة تحديداً هي إحدي مؤامرت الماسونية ، فهو فيها يعمل ضد مصلحة الدولة العليا ويخاطب الخارج لإفشال خارطة الطريق ، أليس القائل :
الأم مدرسةٌ إذا أعددتها / أعددت شعباً طيب الأعراق !!
كلام قديم وعجوز ، ثم هذا الرجل أصلاً "حافظ ابراهيم" مش "فاهم ابراهيم" ، وإن كان حسن النية لخرج البيت علي لسانه هكذا :
الأمُّ كباريهٌ إذا ظبَّطْتها / ظبَّطتَ شعباً مفيهشي عضمة ..
ومما يغيظ أن هذا "الحافظ" ، ليخدعنا فلا نكتشف مؤامرته ، بدأ القصيدة بهذين البيتين :
كَم ذا يُكابِدُ عاشِقٌ وَيُلاقي / في حُبِّ مِصرَ كَثيرَةِ العُشّاقِ /
إنِّي لأحمِلُ في هَواكِ صَبابَةً / يا مِصرُ قَد خَرَجَت عَنِ الأَطواقِ !!
يا شيخ ، طيب تشتري مني جنسية حبيبتك بربع "نيفة" ؟!
هذا الرجل القديم لا يمثلني علي كل حال ، وهو يكذب علي كل حال ، ولقد كان من المقربين ل " بطرس باشا غالي " قاضي مذبحة "دنشواي" حتي يوم اغتياله ، ثم هو يغيظني بكلامه ، خاصة حين يقول :
لا تَحسَبَنَّ العِلمَ يَنفَعُ وَحدَهُ / ما لَم يُتَوَّج رَبُّهُ بِخَلاقِ !!
بخلاقي؟!! ، والله يا جد "حافظ" لا بينفع وحدهو ، ولا حتي مع " طرشي" ..
الهز سيد المرحلة أيها الطيب ، ليتك تحدثت علي لسان "الوِسْط" بدلاً من حديثك علي لسان اللغة العربية ، في البيت الذي صدع دماغ أمنا به " فاروق شوشة" ، قال ، أنا البحر في أحشائه الدرُّ كامنٌ / فهل سائلوا الغواص عن صدفاتي ، ليتك قلت :
أنا الوسطُ في هزَّاته المجدُ لابدٌ / فهل سائلوا الهلاَّس عن رعشاتي ..
يقول أيضاً ذلك المسكين دون أن يدور بباله التطور الطبيعي لل "حرنكش" :
أَنا لا أَقولُ دَعوا النِساءَ سَوافِراً / بَينَ الرِجالِ يَجُلنَ في الأَسواقِ !!
وإنتا مالك ؟ ، ملكش فيه ، إنت لا تقول ولا تعيد ، إنت مين وصَّاك علي "ماسر" أصلاً ، وفَّر كلامك لنفسك وارقد في سلام أيها الأبيض كوجه الألب !!
أنت يا فقيدي الجلل لا تعرف شعار "ماسر" بعد موتك بعدة أعوام كيف أصبح ، لا صوت يعلو فوق صوت المعركة ، لا تسألني أين المعركة ولا مع من ؟ ، علمي علمك ، ومن يدري ، ربما كانت رحاها تدور في كوكب المريخ ، لكنهم بالتأكيد يعرفون مصلحة حبيبتك أكتر مني ومنك ..
صديقه "أحمد شوقي" أيضاً ، وهو معروفٌ بولائه ل "تركيا" ، بل هو تركيٌّ أباً عن جد ، وذلك الولاء لا يحتاج إلي تدليل ، لذلك لسوف لا أتوقف عنده طويلاً ، يقول :
إنما الأمم الأخلاق ما بقيت / فإن همو ذهبت أخلاقهم ذهبوا !!
بيت هو جزء من المؤامرة الكونية علي مصر الآن وفي الماضي وفي المستقبل ، ولو كان الرجل سليم النية ، لقال :
إنما الأمم الصاجات ما ضربت / فإن همو جبرت صاجاتهم جبروا ..
قصيدة أخري عن الأم أحبها بشكل خاص ، وجعل بها "محمود درويش" من أمه أماً عالمية ، كما جعل من قبله الرسام "ويسلر" من أمه أماً عالمية بلوحته التي أيضاً أحبها بشكل خاص ، "أم ويسلر" ، وإن صرت أدرك الآن موطن النقص فيها ، ذلك أنه لم يضع في يدي أمه البروتستانتية الوقورة شوية "صاجات" :
أحنُّ إلي خبز أمي ، وقهوة أمي ، ولمسة أمي ، أحنّ إلى خبز أمي ، و تكبر في الطفولة ، يوما على صدر يوم ، و أعشق عمري لأني ، إذا متّ ، أخجل من دمع أمي!
خذيني ، إذا عدت يوماً ، وشاحا لهدبك ، و غطّي عظامي بعشب ، تعمّد من طهر كعبك ، و شدّي وثاقي ، بخصلة شعر ، بخيط يلوّح في ذيل ثوبك..
عساي أصير إلهاً
إلها أصير..
إذا ما لمست قرارة قلبك !
ضعيني ، إذا ما رجعت وقودا بتنور نارك..
وحبل غسيل على سطح دارك ، لأني فقدت الوقوف ، بدون صلاة نهارك
هرمت ، فردّي نجوم الطفولة ..
حتى أشارك
صغار العصافير درب الرجوع..
لعشّ انتظارك !
هذه هي القصيدة ، و هذا هو الشكل الأنسب للقصيدة في نسختها المصرية ، حتي إشعار آخر :
أحنُّ إلي هزِّ أمي ، وبدلة أمي ، ونقطة أمي ، أحنُّ إلي هزِّ أمي ، وتكبر فيَّ الفضيحة رقاً علي ورك رق ، و ألعن ديكي لأني ، إذا متُّ ، أخجل من عار أمي ..
خذيني ، إذا عُزتُ يوماً ، بتاعاً لكلبك ، ورشي عظامي بخمر ٍ ، تعتق من رجس كعبك ، وناجي "البياتي" بهزة وسطٍ ، ببغل ٍيرفِّس من تحت ثوبك ..
عساي أصير حماراً
حماراً أصير ..
إذا ما رفستُ كوارع قلبك !
هأتنِّي ، إذا ما حييتُ صبياً ل"جرسون" بارك ..
و"عرضاً" كبيراً علي فرش عارك ، لأني فقدت الصواب ، بدون "حشيش" نهارك
نزفتُ ، فردِّي دماء الديوثة ..
حتي أشارك
صغار "العوالم" بعضَ "الأُبيِّجْ ..
بعشِّ البلبلي !
أيّ كلام ، لكنه يشبهنا ..
"نزارقباني" أيضاً ، شارك في هذا الجمال بعدد من القصائد ، لعل أجملها "صباح الخير يا حلوة" ، سأختارمنها :
صباحُ الخيرِ يا حلوه ، صباحُ الخيرِ يا قدّيستي الحلوه ..
وهذه الجائزة كانت إحدي نبوءات الفنانة "فايزة أحمد" القديمة ، لكننا دائماً نسئ الفهم ، لقد فهمنا الآن أن معني " أنام وتسهري" ليس كما كنا نفهم من قبل ، بل يجب إعادة النظر في الأغنية من جذورها ، فالشيطان يكمن في التفاصيل كما يقول الإنجليز :
ست الحبايب ياحبيبة / يا أغلى من روحي ودمي / ياحنينة وكلك طيبة /
يا رب يخليكي يا أمي /
زمان سهرتي وتعبتي وشلتي من عمري ليالي / ولسه برضه دلوقتي بتحملي الهم بدالي / أنام وتسهري / وتباتي تفكري / وتصحي من الآدان / وتيجي تشقري / تعيشي لي يا حبيبتي يا أمي / ويدوم لي رضاكي / أنا روحي من روحك أنت / وعايشة من سر دعاكي / بتحسي بفرحتي / قبل الهنا بسنة / وتحسي بشكوتي / من قبل ماأحس أنا /
يارب يخليكي يا أمي / يارب يخليكي يا أمي /
لو عشت طول عمري أوفِّي / جمايلك الغالية عليَّا / أجيب منين عمر يكفِّي / والاقي فين أغلى هدية / نور عيني ومهجتي / وحياتي ودنيتي / لو ترضي تقبليهم دول هما هديتي /
يا رب يخليكي يا أمي / ست الحبايب يا حبيبة ..
لابد لهذه الأغنية أيضاً ، لتواكب الحدث ، و تتماشي مع إيقاعات الزمن الردئ ، أن تلبس الثوب الذي يليق بالمرحلة ، لتصبح هكذا :
تت الحبايب يا لعيبة / يا هاربة من خالي و عمي / يا مسهوكة وكلك عيبة /
يا رب يعريكي يا أمي /
شِمال / سكرتي وطَرَشتي وشلتي وسقَّطتي ليالي / ولسه برضه بتحني للعطِّ بدالي / أنام وتسكري/ و "بياتي" تشخِّري / وتيجي من الآدان / وتروحي تطرطري / تهزِّي دايماً يا حبيبتي يا أمي / وتعِرِّي ضناكي / أنا فُجري من فُجرك إنتي / وعايشة من كشف وراكي / بتحسي برعشتي / قبل النقطة بسنة / وتحسي بحكِّتي من قبل ما أحس أنا /
يا رب يعريكي يا أمي / يا رب يعريكي يا أمي /
لو عشت طول عمري أطفِّي / فضايحك الوالعة عليَّا / أجيب منين ميَّة تكفِّي / و الاقي فين "سقَّا" هدية / سويتي وفتلتي / و ملقاطي وبودرتي / ممكن تستعمليهم دول هما هديتي /
يا رب يعريكي يا أمي / تت الحبايب يا لعيبة..
ليس مع الإعتذار للفنانة "فايزة أحمد" والآخرين ، فنحن نعيش في زمن اهتزاز كل الثوابت ، ومثل هذا الوقت لا وقت فيه للإعتذار لأحد ..
والآن جاء أوان الجد ..
"مصر زينة" ، وهو اسم تم اختياره بعناية ليعكس علي الفور في الأذهان فضيحة "زينة" التي لا هي فنانة ولا يحزنون و " أحمد عز" .. والغباء له ناسه ، وناسه معروفون ، و هذه الأضواء المبهرة التي يتم تسليطها عن عمد مؤخراً علي حوادث مستهلكة ومألوفة للمصريين ، يندرج تحت حيل إلهاء القطيع عن قضاياه المفصلية ..
لاحظ يا ، أعزك الله ، التسلسل الزمنيَّ الذي لا يترك مساحة من الممكن أن تتحرك في فراغاتها العقول وتنتبه إلي حقيقة المشهد دون رقابة من أحد ، فقبل حتي أن تنطفأ فضيحة تشتعل فضيحة أخري ، "الأبلة فاهيتا" ثم "أميجو الحلاق" ثم "كفتة عبد العاطي" ثم فضيحة "زينة و أحمد عز" ، ثم قضية الراقصة "صافيناز" وهي ، في هذا الوسط تحديداً ، واحدة من القضايا اليومية التي لا تنبه في الأوقات العادية أي اهتمام ، ثم "زنا المحارم" ، وهو في مصر مشهور ، ومشهور جداً ، و أخيراً وليس آخراً فوز راقصة بجائزة الأم المثالية !!
يا غبي ، إن الذين يهتمون بمثل هذه الأمور وتدور ببال أحاديثهم هم فقط المواطنون الشرفاء ، وهؤلاء معك وكانوا مع من قبلك وسوف يكونون مع من سيجئ بعدك ، وهؤلاء ملاليم ، لكن الذين ضدك لا يتوقفون فوق مثل هذه الأمور إلا لاستخدامها كسلاح ضدك ، كن علي ثقة من هذا ..
في النهاية ..
لكل الأمهات في العالم الكبير، أقول ، كل عام و أنتنَّ قطن الحنان ..
و لكل الأمهات في مصر ، للثكالي بشكل أكثر عمقاً ، أقول ، كل عام و أنتنّ الأحلي والأطيب والأطهر والأنقي ، ولا تحزنَّ ، مرحلة إلي زوال ، و كل الرماد الذي يسكن السماء الآن سوف ينقشع قريباً ، و إلي مزابل التاريخ ، وسوف تكتشف الحرية مصر مجدداً ، وتسكن جائزة "الأم المثالية" إلي الأبد الأم التي تستحقها ، الأم التي تشبه الغالبية العظمي من الأمهات في مصر ، صبراً ..