يقول نورالدين بن تيشة( لم يتم اجبار التلاميذ على الخروج من مدارسهم لمشاهدة موكب زيارة رئيس الجمهورية بل هم من طلبوا الخروج من المدارس التي كانت مجاورة لموكب الرئيس حتى يتمكنوا من التقاط صور مع الرئيس.. هناك حوار صار بينهم وبين الرئيس...يمكن للتلميذ أن يعيش طوال حياته ولا يتمكن من رؤية رئيس دولة مباشرة...ادارة المدرسة استجابت لرغبة التلاميذ...)(انظر الصريح ليوم6/10/2017 )لقد ذكرني كلام بن تيشة بمرحلة طفولتي وشبابي في سنوات الستينات والسبعينات عندما كانت ادارة مدرستي وعندما كانت ادارة معهدي تخرجاننا دون طلب ودون رغبة منا من حين الى حين لمشاهدة موكب الزعيم والرئيس بورقيبة وهو يجوب الشوارع والطرقات ويلقي ما عنده من النظرات ومن الابتسامات على المشاهدين والمشاهدات منتظرا ومسرورا بما يصدر منهم من التصفيق ومن الهتافات.. انني اشهد والحق يقال اننا لم نطلب يوما من ادارة مدرستنا او معهدنا ان يخرجونا كما فعل التلاميذ الذين ذكرهم بن تيشة لمشاهدة ومواكبة موكب ومركب الرئيس بورقيبة ولا هم يحزنون وانما كانوا يخرجوننا من المدرسة ومن المعهد كما يحبون وكما يشتهون وكما يريدون وكما يخططون.. ولكننا كثيرا ما كنا نفرح لهذا الخروج ليس لمشاهدة موكب الرئيس لاننا لا نفهم شيئا لا في مجال الرئاسة ولا في مجال السياسة وانما لاننا سنستريح من اتعاب ساعات الدراسة ممنين النفس بوقت ممتع ومريح بعيدا عن اتعاب صفحات الكتاب وبعيدا عن اوجاع صفحات الكراس او الكراسة والصغار بطبعهم ميالون كما هو معلوم وكما هو مفهوم الى الراحة والى الكسل وهل في هذه الحقيقة شك اوخلاف او جدل ؟ ولكن كم كان يقلقنا وكم كان يزعجنا بعد مغادرة المدرسة او المعهد هو انقطاع حركة المواصلات، فلا وجود للحافلات ولاحياة للقطارات اذ نصبح مجبرين على البقاء والتسكع في الشوارع وفي الطرقات حتى يمر ركب بورقيبة بعد ساعة او حتى بعد سويعات. وانني ما زلت اذكرالى يوم الناس هذا ذلك اليوم الذي اخرجتنا فيه ادارة معهد ابن شرف دون رغبة منا وعلى غير ميعاد حتى نواكب زيارة الرئيس الى العاصمة أو كما تسمى صرة وحاضرة البلاد وكان الجو ممطرا والغيوم تغطي السماء ولكننا اجبرنا على انتظار موكبه مهما سيطول الوقوف ومهما سيستمربنا البقاء كما لم نفكر يوما طوال هذه الزيارات وعلى تعاقب هذه المواكب الرئاسية البورقيبية ان نلتقط صورا مع رئيس الجمهورية واكبر زعماء وقادة القارة الأفريقية ولو حرصنا على ذلك في ذلك العصر لالتقطنا مع رئيسنا بورقيبة وغيره من الرؤساء الضيوف صورا تاريخية لا يكون لها اليوم عد ولا يكون لها حصر، فهنيئا للرئيس السبسي بهذا الجيل التلمذي الجديد الذي اصبح يفكر ويتنافس في التقاط الصور مع الرئيس ويطلب من مدرسته ان تخرجه من المدرسة وان تتوقف وتنقطع الدروس حتى ينتهز هذه الفرصة كما يقول بن تيشة التي قل ان يجود بها الزمان وهي رؤية رئيس دولة مباشرة دون ان تحجبه الحيطان او تخفيه الجدران وهنيئا لادارات المدارس في هذا الجيل التي استجابت وحققت رغبة التلاميذ من باب احترام حق الحرية واستجابة لقيم ومبادئ هذا العصر الثوري الجديد. وليس لي ان اختم هذه المقالة بافضل من تلكم الجملة المفيدة الحكيمة التي يجب ان نترحم على من قالها (كل دولة تخدمها رجالها)