بعد سبع سنوات من اندلاع الحراك الشعبي الذي أطاح بالنظام السابق نجد أنفسنا مرغمين على طرح السؤال التالي : هل نحن أمة وسط ومجتمع تسامح و0عتدال كما دأبوا على تلقيننا منذ عشرات السنين؟ هذا السؤال يفرض نفسه بإلحاح أمام طوفان مشاعر الحقد والكراهية والشماتة الذي غمر الساحة خلال السنوات السبع الأخيرة . من الوارد والطبيعي جدا أن يصل الإختلاف في الآراء والمواقف والتوجهات إلى درجة من الصدام الفكري والسياسي والعقائدي ، وأن يشتد الصراع على كسب معركة الإقناع ولكن ليس إلى الحد الذي يفجر كل تلك الكراهية ويثير ذاك الإحساس البغيض والمفضوح من الشماتة. لا أخفي أني مدرك لمدى تغلغل الحقد الأعمى في نفوس الكثير من الذين جاءت بهم رياح الحراك الشعبي في الرابع عشر من جانفي 2011 ومع ذلك صدمتني المواقف والتصريحات المشحونة بذاك الكم المرعب من شماتة التونسيين في بعضهم البعض ، لقد شعرت وكأننا نتراجع بسرعة هائلة إلى تلك الفترات الحالكة من تاريخنا ، وهي عديدة ، وكم حاولنا إخفاءها وطمسها والتعتيم عليها ، وكم سعينا إلى الإيهام بأن بلدنا لم يعرف إلا التسامح والإعتدال. كان الزعيم الراحل الحبيب بورقيبة يحذر ، دوما من عودة الأحقاد الدفينة ذات المرجعيات القبلية والعشائرية والعرقية والمذهبية والإيديولوجية، وهو الذي لدغ منها مرارا، وكان ينبه من مخاطر تغذيتها من قبل دعاة الفتنة. وها نحن اليوم نجد أنفسنا وقد هزنا تيار الحقد والشماتة إلى حيث الضياع والتشتت والتفكك.