الحماية المدنية : 179 تدخلا للنجدة والإسعاف على الطرقات خلال الأربع والعشرين ساعة الماضية    من 100 مليون ل50 مليون: غرامة مالية لكل مَصْنَعْ يلوث في البيئة    الجزائر: 22 حريق في يوم واحد    عاجل/ "الأونروا" تطلق صيحة فزع حول الوضع في غزة..    مونديال قطر 2025: المنتخب التونسي يواجه النمسا في ثمن النهائي..هذا الموعد    محرز الغنوشي: عودة منتظرة للغيث النافع الأسبوع القادم    خطير/ قلة النوم تدمر الانسان..دراسة تكشف وتحذر..    تصفيات مونديال 2026 : إيطاليا تنتظر للحظات الأخيرة لتفوز 2-صفر في مولدوفا    النائب طارق المهدي: ضريبة على الثروة... ضريبة على النجاح    ''حُبس المطر'': بالفيديو هذا ماقله ياسر الدوسري خلال صلاة الاستسقاء    وزير البيئة: 10 آلاف طن نفايات يوميا وتجربة لإنتاج الكهرباء منها    رعب في طريق العودة: رشق حافلات مدرسية بالحجارة أمام التلاميذ في جندوبة!    شنيا حكاية التونسي المحكوم عليه بالاعدام في قطر؟أمه توّجه نداء لرئيس الجمهورية    محامي يتوفّى بعد مرافعته مباشرة..رئيس المحامين يكشف السبب    مصرع 8 إيرانيين في حادث اصطدام خلال تهريب وقود    وفاة محمد صبري نجم الزمالك ومنتخب مصر السابق    تاكر كارلسون ينتقد انشغال واشنطن ب"إسرائيل" على حساب القضايا الداخلية    روسيا تعلن إحباط اغتيال "أحد كبار مسؤولي الدولة"    رونالدو يرتكب المحظور والبرتغال تتكبد خسارة قاسية تهدد تأهلها المباشر إلى مونديال 2026    فرنسا تهزم أوكرانيا وتحسم تأهلها رسميا إلى كأس العالم 2026    البيت الأبيض: الحزب الديمقراطي الأمريكي يتحول إلى حزب شيوعي    واشنطن تدرج 4 كيانات أوروبية في قائمة الإرهاب العالمي    ولاية تونس: جلسة عمل حول الاستعدادات لتنظيم الدورة 26 للمهرجان الدولي لأيام قرطاج المسرحية    حفل تسليم جائزة العويس الثقافية/ المؤرخ عبد الجليل التميمي ل"وات" : تتويجي هو دليل على مواكبة ذكية لمسيرتي    اتحاد الشغل بصفاقس: إضراب ال68 مؤسسة "خيار نضالي مشروع" وسط تعطل المفاوضات الاجتماعية    وزير التجهيز والإسكان يتفقد جاهزية مشروع المساكن الاجتماعية بمعتمدية بوعرقوب    الجمعة: الحرارة في ارتفاع طفيف    لطيفة العرفاوي في الشارقة لدعم مبادرة "أطفال يقرؤون" لصالح مكتبات تونس    أيام قرطاج المسرحية ..يحيى الفخراني نجم الدورة و«حلم» الجعايبي يتحقّق    كم مدتها ولمن تمنح؟.. سلطنة عمان تعلن عن إطلاق التأشيرة الثقافية    فتح باب التسجيل ضمن قائمة حجيج مكفولي التونسيين بالخارج في هذا التاريخ    خطبة الجمعة ...استغفروا ربّكم إنه كان غفّارا    الاختلاف بين الناس في أشكالهم وألوانهم ومعتقداتهم سنّة إلهية    على مدار السنة وخاصة التمور وزيت الزيتون ..وزير التجارة يؤكد دور البنوك في تمويل الصادرات    وزير الإقتصاد ورئيسة المجمع التونسي لصناعة مكونات الطائرات يتباحثان آفاق القطاع في تونس    حالة الطقس هذه الليلة    الكاف: افتتاح موسم جني الزيتون وسط توقعات بإنتاج 18 ألف قنطار من الزيتون    إنتقالات: روبرتو مانشيني مدربًا جديدًا للسد القطري    هذا ما جاء في جلسة بين الترجي الجرجيسي والمسؤول على التحكيم !    الرابطة الثانية: تعيينات حكام مباريات الجولة التاسعة ذهابا    ديوان الافتاء يعلن نصاب زكاة الزيتون والتمر وسائر الثمار    عاجل : وفاة المحامي كريم الخزرنادجي داخل المحكمة بعد انتهاء الترافع    معهد باستور بتونس: عدد براءات الاختراع المودعة لا يتجاوز 5 سنويا    القصرين: تسجيل 331 مخالفة اقتصادية وحجز أكثر من 45 طنا من الخضر والغلال خلال شهر أكتوبر المنقضي    القيروان: إيواء تلميذتين بقسم الإنعاش بعد تناولهما داخل المعهد مبيدا للفئران    عاجل: للتوانسة... ديوان الافتاء يحدد مقدار زكاة الزيتون والتمر لسنة 1447 ه    عاجل/ اتحاد الفلاحة يحذّر التونسيين من استهلاك هذه المادة..    اتّحاد الفلاحة يطالب بتخفيض أسعار الأجبان لحماية صحة المواطن    9% من التوانسة مصابين بأمراض الكلى    أزمة صحية عالمية.. انفجار في معدلات ارتفاع ضغط الدم بين الأطفال    منهم إيوان والأخرس وهالة صدقي.. ألمع النجوم المرشحين لنيل جائزة نجوم تونس    عاجل/ السجن لموظف بقباضة استولى على 20 ألف دينار..وهذه التفاصيل..    انطلاق مناقشة مشروع ميزانية مهمّة أملاك الدولة والشؤون العقارية لسنة 2026    عاجل/ انقلاب قارب "حرقة".. وهذه حصيلة الضحايا..    تونس: قافلة في المدارس باش تعلّم صغارنا كيفاش يستهلكوا بعقل    سوسة: طفل العاشرة يحيل شيخ إلى غرفة الإنعاش    تعاون ثقافي جديد بين المملكة المتحدة وتونس في شنني    معهد باستور بتونس العاصمة ينظم يوما علميا تحسيسيا حول مرض السكري يوم الجمعة 14 نوفمبر 2025    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



صوت العرب : طلال سلمان يكتب "عن السعودية التي تحاول تجديد شبابها"
نشر في الصريح يوم 08 - 03 - 2018

عاشت المملكة العربية السعودية في قلب الصمت والذهب عهودها الاولى، مغلقة على نفسها، وقد انصرف مؤسسها المقاتل عبد العزيز آل سعود إلى تصفية خصومه في الداخل بالسيف او بالذهب، مستعيناً بخبرات سياسية وادارية من اقطار عربية أخرى، بينها سوريا ولبنان والعراق ومصر الملكية.
لم يخرج الملك عبد العزيز من مملكته الا مرة واحدة، وذلك للقاء الرئيس الاميركي روزفلت في “البحيرات المرة”، في عرض قناة السويس، مع نهاية الحرب العالمية الثانية، من دون أن يعرج على القاهرة، مثلاً، للقاء الملك الشاب آنذاك فاروق الاول. كان ابن الصحراء ورهينتها.
ولقد حاول الملك عبد العزيز غزو اليمن.. فلما تعثرت حملته ارسل ابنه فيصل ليقودها.. فلما تعذر عليه التقدم صالح مليكها احمد حميد الدين، وإن ظل يحمل لها الضغينة التي تتبدى اليوم مغسولة بالدم عبر حرب الابادة الظالمة التي تشنها المملكة على اليمن السعيد، بالاشتراك مع دولة الامارات العربية المتحدة، فتكاد لا تُبقي فيها بشراً، كباراً وأطفالاً، وتدمر عمرانها التليد..
بعد عبد العزيز تولى ابنه سعود الملك، وكان مُحباً للحياة، إلى حد ما… وهكذا خرج من المملكة فزار اكثر من دولة عربية (مصر عبد الناصر وبلاد الشام، ومن ضمنها لبنان..)، ثم كان أن اصطدم بجمال عبد الناصر، وتآمر عليه وحاول اغتياله برشوة احد اقرب الناس اليه، عبد الحميد السراج.. وانكشفت المؤامرة، فانقطعت صلته بالخارج، العربي اساساً، إلى حد كبير.
بعد هذا الفشل المدوي، تخلصت الاسرة من الملك الفاشل ليأتي بعده الامير اللامع فيصل بن عبد العزيز الذي ناهض عبد الناصر، وقاتله في اليمن بعد ثورتها في 1962، ثم صالحه، بشروطه، إلى حد ما، وكان من بينها انسحاب القوات المصرية من اليمن، بعد تسليم السعودية بالنظام الجمهوري فيها.
ولقد نجح الملك فيصل في أن يشكل قوة معترضة على سياسات عبد الناصر.. لكنه بكاه عندما بلغه خبر وفاته، ونهر ابنته التي جاءته مزغردة “تبشره” بزوال خصمه الكبير، قائلاً لها: إنما صرت كبيراً لأنني خاصمت كبيراً، فاصمتي!
وبين الانجازات التاريخية للملك فيصل انه أقدم على اتخاذ القرار بتأميم النفط، مفاجئاً بذلك الولايات المتحدة الاميركية (شركة ارامكو)، وذلك تضامنا مع مصر وسوريا في حربهما ضد العدو الاسرائيلي (1973)..
لكن أباطرة النفط، وهم قوة عالمية لا تحد، سرعان ما دبروا مؤامرة لاغتيال هذا الملك الشجاع على يد واحد من ابناء بعض اخوانه الذي اتهم بالجنون، بعد سنتين من قراره التاريخي.
ورث الحكم ملك ضعيف، خالد بن عبد العزيز.. لكن الملك الفعلي بدءا من اوائل 1979 كان قد استقر بين يدي الامير فهد.
مع نهاية العام 1979 اهتزت المملكة بزلزال مدمر: احتل تنظيم اصولي خطير بقيادة جهيمان العتيبي الكعبة المشرفة في مكة المكرمة، مكفراً آل سعود، معلنا الثورة ضدهم والعمل لخلع “هذه الاسرة الفاسقة، الخارجة على الدين”.
واضطرت مملكة الصمت والذهب إلى الاستعانة بالقوات الخاصة الفرنسية والاردنية “لتحرير” الكعبة والقضاء على هذه الجماعة الاصولية التي هزت ركائز الحكم في مملكة الصمت والذهب، وتمكين الامير فهد من تولي الحكم، فعلياً، عشية وفاة اخية الملك خالد.
ثم ضرب المرض الملك فهد فأعجزه.. فتولى الامير عبدالله بن عبد العزيز، وكان قائد الحرس الوطني، الرديف القوي للجيش الملكي، ولاية العهد.. ثم استلم العرش بعد وفاة الملك الذي أعجزه المرض بعدما كان تقدم للعب دور عربي كبير، تجلى أكثر ما تجلى في الشراكة الوطيدة التي ربطته مع الرئيس السوري الراحل حافظ الاسد والتي استمرت مع الملك عبد الله بعد رحيل الملك فهد.
واستمرت الشراكة السعودية السورية بين الملك عبدالله والرئيس بشار الاسد، بعد رحيل حافظ الاسد، وهي قد شملت لبنان، بطبيعة الحال، مع الدور المميز الذي لعبه الراحل رفيق الحريري. الذي كان قريبا من الملك فهد، وتحول في ظله وبرعايته إلى صاحب دور سياسي مميز تجاوز حدود لبنان الذي تولى رئاسة الحكومة فيه لسنوات طويلة، إلى وما حوله، بل العواصم البعيدة (باريس اساساً، ثم واشنطن وروما ولندن الخ فضلاً عن العواصم العربية، قريبها والبعيد)..
على أن علاقة السعودية مع سوريا قد اختلت اختلالاً خطيراً بعد اغتيال الرئيس رفيق الحريري في لبنان، قبل ثلاث عشرة سنة من تاريخه. ثم تحولت إلى جفاء، قطعته زيارة مفاجئة من بشار الاسد إلى الملك عبدالله في الرياض ثم قدوم المسؤوليّن الكبيرين معاً إلى بيروت في طائرة واحدة..
لكن الله “الذي قد يجمع بين الشتيتين بعدما يظنان كل الظن أن لا تلاقيا” لن يمنع تخاصمهما مرة أخرى إلى حد القطيعة، ثم اتهام دمشق الرياض بمساعدة معارضيها وتسليحهم في الحرب في سوريا وعليها.
بعد وفاة الملك عبدالله تولى الحكم الملك سلمان الذي كان قد أمضى ردحاً طويلاً من الزمن أميراً للرياض.. وكان خلاف اشقائه، قارئاً ومحدثاً لبقاً، وله صلات وطيدة ببعض رجالات العرب في عواصم كثيرة بينها القاهرة.. ويذكر له انه قد سجل اسمه كمتطوع في السويس، أي قبيل العدوان الثلاثي على مصر (1956)..
كانت المملكة، على حد تعبير الملك الجديد، تعاني من بعض امراض الشيخوخة، وهكذا فقد بادر إلى مجموعة من الاجراءات لتجديد شباب المملكة: بداية عزل الامير مقرن ولي العهد، ليعين الامير محمد بن نايف ولياً للعهد، ثم ليعين نجله الامير محمد بن سلمان ولياً ثانياً للعهد.. قبل أن يعزل محمد بن نايف، ليخلي الساحة لنجله الشاب الطموح، والذي حاول أن يقدم نفسه كرجل عصري ومستنير، فاستعان ببعض دور الخبرة الاميركية لإعداد ما (أسماه المملكة 2030).
بعد حين أكمل الملك وولي عهده خطة إبعاد الامراء الاقوياء والاعظم ثراء عن مواقع السلطة والنفوذ… وهكذا في ليلة واحدة، تم احتجاز اكثر من عشرين اميراً، وبضعة عشر رجلاً من كبار رجال الأعمال، في أحد أفخم الفنادق في العالم (فندق الريتز في الرياض) بينما ارسل الاقل ثروة إلى السجون..
كانت حصيلة هذه الكبسة حوالي ثلاثمائة مليار دولار، صادرها ولي العهد لخزينة المملكة، ثم اخذ يطلق سراحهم تدريجياً..
وبين من اعتقل، على هامش هذه الحملة، سعد الدين رفيق الحريري، رئيس حكومة لبنان.. وقد أُبقي قيد الاحتجاز لعشرة أيام، ولم يطلق سراحه الا بشفاعة صارمة من رئيس جمهورية فرنسا، الذي صودف أن كان في زيارة لدولة الامارات، فقطعها ومر بالرياض، والتقى بولي عهد السعودية ورجلها القوي الامير محمد بن سلمان فتوسط بحزم لإطلاق سعد الحريري، ثم لفك أسر عائلته التي كانت هي الأخرى محتجزة في الرياض.
وقد أثار هذا الاحتجاز اللبنانيين، دولة وشعبا، ورأوا فيه مساً بكرامتهم وكرامة دولتهم..
على أن المملكة سرعان ما طيبت خاطر هؤلاء اللبنانيين، فأوفدت وزيراً، دار على المسؤولين مطيباً خواطرهم، ثم وجه دعوة إلى الرئيس سعد الحريري لزيارة المملكة، فزارها والتقى الملك سلمان، ثم بعد ثلاثة أيام التقى ولي العهد الامير محمد وشقيقه سفير المملكة في واشنطن، والتقطوا صور سيلفي والاميرين عاريي الرأس.. بلا كوفية حمراء وعقال اسود.
ها هو ولي العهد السعودي، الامير محمد بن سلمان يباشر، اليوم، نشاطه الخارجي، فيزور القاهرة ولندن، وهو في الطريق إلى واشنطن ليلتقي الرئيس الاميركي بوصفه “الملك العتيد”.
ولسوف يحظى "الامير الثائر" بالترحيب بوصفه امير التغيير في المملكة العجوز وان كانت من ذهب، خصوصاً وانه صاحب قرارات الانفتاح التي طال انتظارها: فسمح للمرأة بقيادة السيارة، والجلوس في المقهى، والذهاب إلى السينما من دون محرم، وحضور مباريات كرة القدم..
لكن هذه القرارات الشجاعة، في مملكة الصمت والذهب، لا تمنع من حقيقة أن المملكة تعيش اوضاعاً اجتماعية قلقة.. فالرعايا لم يتعودوا الالتزام بدوام الوظيفة الطويل، خصوصاً وان اجورهم لا تلبي احتياجاتهم.. وهم قد اعتادوا أن يتركوا “الاجانب” يعملون، مفترضين أن وظائفهم هي بعض حقهم او نصيبهم من ثروة البلاد.
في أي حال فان المشهد السعودي جديد في بابه، ويستحق الاهتمام، وان كانت الحرب الظالمة على اليمن قد باتت مكلفة جداً، سياسياً على مستوى الرأي العام الدولي (ومن ضمنه العربي)، خصوصاً وانها قد استطالت اكثر مما كان مقدراً لها، ثم انها اخذت تتحول إلى “حرب ابادة”.. بالتعاون مع مرض الكوليرا الذي ضرب البلاد الفقيرة اصلاً، والتي اضرت بها الحروب على السلطة، التي سعرتها السعودية ومعها دولة الامارات العربية المتحدة التي احتلت بقواتها الهجينة مدينة عدن وبعض شواطئها والجزر المواجهة.
*****
أين مصر من ذلك كله؟
أين دور مصر في المنطقة التي تعيش مرحلة اضطراب خطيرة تهدد دول التاريخ ومدنه في سوريا والعراق، اضافة إلى اليمن، بعير أن ننسى ليبيا التي سقطت دولتها سهواً..
أين دور مصر في فلسطين، وهي التي لا تعوضها فيه أي دولة عربية أخرى..
انها اسئلة مصيرية، ننتظر اجوبتها الي لا مفر من تحضيرها وتحمل تبعاتها..


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.