مسكته من ذراعه بلطف ودفعت به الى تاكسي اوقفتها امام مقهى القيروان بنهج الجزيرة والعاصمة تعج بالخلق والسيارت.والحافلات التي تنفث دخانها ..وكان يتلكا ويريد ان تتركه يعود الى البيت حيث تنتظره زميلات المعهد للمراجعة..ولكنها الحت عليه في ان يبقى معها كامل النهار ويصحبها الى بيتها لاول مرة..وسمعها سائق التاكسي تقول له (قتلك البكالوريا في مكتوبك...ولذلك ما تكسرش راسك بالمراجعة...راك مهف..وبرة حتى كان ما نجحتش السنة..ماهو عاود العام ..وعلاش الزربة..ماعندك وين باش توصل..)...والتقط السائق (الهدرة) فخاطبه وهو يضحك...(والله قالت لك الحق..وبرة نجحت موش في البكا لوريا ونقولو ياسيدي نجحت في كل الامتحانات اللي خلقها ربي الكل..ما عندك وين توصل...النتيجة معروفة..البطالة تستنى فيك...انا عندي اولاد مترزين..عندهم اعوام قاعدين في القهوة... وتوقف السائق ليسالهما (وين تحب نهزكم) فقالت له (هزنا للمدينة الجديدة..بحذا محطة الكار)...وعند وصولهما فوجئ بان بيتها عبارة عن فيللا فخمة تحيط بها حديقة واسعة وجميلة تثير الاعجاب..وقد ابدى لها دهشته من ترتيبها..وتنوع اشجارها..وازهارها..واخضرارها..وطلب منها ان يتجول فيها قليلا قبل الدخول الى الفبلا ..واستغرب من فخامة ما يرى..وتساءل كيف لمعلمة ان تملك مثل هذه الفيلا القصر..ولكنه لم يسالها...ومرة اخرى مسكته من ذراعه ولكن هذه المرة بحنان ملحوظ..وسبحت في عينيه..وارسلت له رسالة فهم معناها..واقترب منها وضمها الى صدره وعصر ماكان يحلم به منذ ان كانت معلمته في عام السيزيام..وصدرت عنها تاوهات..واهات..وقبلته من شعره...وطمانته..وداعبت جسده وهي تقول له(اه ياصغيري ..ياقطوسي...راني حسيت بيك...اما الصابر ينال..وانت صبرت يا حلوف..وهاك وصلت للي كنت تحلم بيه وانت فرخ صغير.) وانهال عليها على طريقة (جيعان وطاح في قصعة)..فاستسلمت...وخارت قواها ..وقالت له(تعال لنكمل الماتش في الفيلا)....تبعها وهو غير مصدق ان معلمة الامس التي لطالما اشتهى ان يبكي فوق صدرها تصبح لعبة بين يديه يفعل بها ما يشاء...ولم يصدق كذلك ان معلمته ذات الخمار والوقارتستسلم له بسهولة...ولكنه نسي كل ذلك عندما فاجاته بما لديها من ثمار وفواكه وغلال..لقد كشفت له عن كل مالديها من ثروات ..وكنوز..ومناجم..واكتشف ان الصدر الذي حلم به منذ الصغر ليس الا قطرة من بحر العذوبة والجمال والاثارة..فرمى بملابسه كيفما اتفق ورمى بنفسه في البحر تتقاذفه الامواج...وكاد ان يغرق..وتذكر انه جريء..وصاحب خبرة...ويعرف جيدا كيف يسبح وينجو من الغرق..وشعر بان قوة تدفعه للغوص اكثر والبحث عن المرجان ..والمحار..والاسرار...اما البحر فان هيجانه لم يتوقف...بل كان يزداد عنفا ..وصخبا..ولكنه هيجان غريب...هيجان فيه حنان..وهمس...ولمس..وضم..وعناق...واقتحام..والتحام..حتى النتيجة النهائية كانت ان البحار صار هو البحر..والبحر صار هو البحار..ولم يعد بالامكان الفصل بينهما