عنوان هذه اليومية هو مثل كانت تقوله وتردده امي رحمها الله لما كانت ترى وتسمع ان شيئا جديدا قد حدث او نشا او اخترع فلفت اليه رقاب الناس وامتلك منهم الشعور وسلب منهم العقل وغمر فيهم الإحساس ولقد تذكرت سريعا هذا المثل لما تحدثت ودردشت مع اخي صالح الحاجة عن ظروف انقطاع واحتجاب الصريح اليومية وبعدها الأسبوعية عن الصدور مما احدث حسرة وحزنا لدى قرائهما قد لا يمحوهما تعاقب الأيام وتتالي الشهور ولكن راينا ان سلوانا وعزاءنا في ذلك ان نقول ونعترف ان تلك هي سنة الحياة فهي متقلبة ومتغيرة الأحوال وقد تاتي باشياء جديدة عجيبة غريبة قد لا يتصورها خيال وقد لا تخطرعلى بال.. فمن كان يقول انه سياتي يوم تتاخر فيه الصحف الورقية الى الخلف والى الوراء لتحل محلها الصحف والجرائد والمواقع الإلكترونية في كل بيت وفي كل مكتب وفي كل مقهى وفي كل طريق وفي كل فضاء؟ رحم الله ذلك الزمان الذي كانت فيه الصحيفة والجريدة الورقية التقليدية مصدر المعرفة ومصدر الخبر ومنبع العلم وموقع التحليل وكانت فيه لدى المثقفين وعلية القوم محل تقدير وتقديم وتبجيل رحم الله ذلك الزمان الذي كان فيه قارئ وماسك الصحيفة لدى العامة من المحترمين ومن المكرمين وخاصة بين اهله وجيرانه واصدقائه اجمعين ...لقد قلت لاخي صالح وانا استرجع معه ذكريات الصبا والشباب بكل شوق وبكل حنين انني كنت اقصد دكان حلاق بمدينة اريانة في كل ان وفي كل حين حتى أحظى واتمتع بقراءة جريدة الصباح التى كان عم محمد بن مراد صاحب ذلك الدكان يشتريها كل صباح وكنت اقرا واشرح له ولزبائنه واحبابه بعض ما جاء فيها بكل رغبة وبكل ارتياح وكانني اريد ان ادفع سريعا ثمن ما قراته وانا بذلك من الراضين وبه من المسرورين... وما كنت اظن او احسب في ذلك الزمان ان الحال سيتغير وسيتبدل وسيترك الناس الاقبال على الصحف الورقية ويعوضونها بتصفح المواقع الاخبارية الالكترونيه... لم اكن اتصوراو اتخيل ان ارى الهواتف الذكية في ايادي الاطفال والشيب والشباب وهم ينقرونها باصابعهم للدخول الى مواقع الأخبار والمعلومات من كل نافذة ومن كل باب..لم اكن اتصور ولا في الخيال ان قارئ الصحيفة الورقية اليوم سيصبح بين الناس محل تعجب ومحل غرابة ومحل سؤال لقد قلت وذكرت لاخي صالح ان زميلة لي في العمل قد راتني منذ ايام قليلة وانا امسك واتصفح الصريح الورقية فنظرت الي ثم قالت بصفة عفوية تلقائية لقد مضى علي زمن طويل يا صديقي لم ار فيه رجلا يقرأ مثلك صحيفة ورقية فهل انت من رجال هذا العصر حقا وهل انت حقا من ابناء هذا الجيل؟ فلا شك اذن انه لهذه الأسباب انقطعت جريدة الصريح الورقية عن الصدور كما انقطعت قبلها وستنقطع بعدها جرائد وصحف اخرى عن الظهور وعن الصدور ولا شك عندي ايضا ان اخي صالح قد عمل بذلك المثل الذي حفظناه منذ عهد بعيد(انج سعد فقد هلك سعيد)او لست على حق إذن لما بدات سطورهذه اليومية بذلك العنوان الذي حفظته عن امي تلك المراة الخبيرة العظيمة الذكية والذي اود ان اذكر في نهاية يوميتي بمتنه وفحواه(طاح الجديد على القديم رماه) ولكننا لا نظن مع كل ذلك وطبق هذا المثل الذي ذكرناه ان جديد اليوم سيستمر الى الأبد بل لا بد ان ياتي بعده جديد اخر يحل محله فيرميه وهل يغيب هذا الأمر عن كل عاقل وعن كل لبيب وعن كل نبيه؟