الخطاب الديني الرشيد الرصين المتوازن المتفتح العقلاني والرباني هو البلسم وهو الملاذ إذ لا يرجع الناس إلى الطريق المستقيم الذي هو المحجة البيضاء التي لا يختلف ليلها عن نهارها ولا يزيغ عنها إلا هالك، لا يرجع الناس إلى هذا المعين الصافي إلا خطاب ديني واقعي متوازن يستند إلى أصول الدين وثوابته من كتاب عزيز أحكمت آياته وسنة نبوية طاهرة هي المبينة لهذا الكتاب . خطاب ديني ينفذ إلى مقاصد هذين الأصلين الثابتين المحفوظين بعهد من الله سبحانه وتعالى يتولاه علماء أعلام فقههم الله في الدين وعلمهم التأويل بالمعنى الواسع والجميل للفقه لا بالمعنى الضيق الحرج والذي ساد لقرون طويلة وها هو اليوم يطل من جديد في شكل فتاوى يلقي بها دون تقدير لعواقبها أدعياء لم يتمسكوا من الدين إلا بشكله ورسمه!! والحال أن الدين جوهر ومقصد ولب وروح وغاية شريفة وعلاقة في منتهى السمو والرفعة والإشراق والنورانية بين العبد وربه هي حب متبادل وإذا كان الأمر كذلك ولا يمكن أن يكون إلا كذلك . فالأحقاد والدماء والدموع والأحزان والفتن كل ذلك لا مكان لها في قلب المؤمن وعقل المؤمن وتصرفات المؤمن مع الجميع : مع من آمن ومع من لم يؤمن اقتداء بالحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم الذي لم يزد عن أن قال يوم الطائف(اللهم أهد قومي فإنهم لا يعلمون) قال ذلك وهو في أشد ساعات الضيق واليأس من القريب والبعيد إلا من الله ربه ومولاه، وقال مثل ذلك وهو يدخل مكة فاتحا منتصرا : "ماذا تروني فاعلا بكم اليوم؟" قالوا : "أخ كريم وابن أخ كريم" قال : "اذهبوا فأنتم الطلقاء" ما أجمله من هدي وما ارفعه من خلق ملك به رسول الله صلى الله عليه وسلم القلوب فأحبته وأقبلت على الدين الذي جاء به تنهل من معينه العذب فإذا بمن كانوا غلاظا شدادا متنازعين أعداء الداء يصبحون أحبة متآلفين متآخين. ما أشبه اليوم بالأمس نفس النهج والسبيل الذي سلكه الرسول الكريم عليه الصلاة والسلام ينبغي أن نترسم خطاه فهو نهج جرب فصح، نهج الوسطية والاعتدال والتوازن والتكامل، نهج الجهد المستمر لبلوغ الأفضل والأحسن، نهج المراقبة لله ونشدان رضوانه، نهج تقوى الله في دين الله وأمة رسول الله صلى الله عليه وسلم.