ظهر لي وأنا أتابع برامجنا التلفزية في قنواتنا أن هذه القنوات التونسية أخذت تحنّ إلى الرياضة وسلسلة برامج أخبار وتعاليق حول الرياضة بعد أن قضت أياما تحاور وتناقش ليلا نهارا قضايا وأحداثا ومسائل ومشاكل فرضتها ثورة الكرامة. ظهر لي ذلك ولذلك رأيت أن أنبه القائمين على قنواتنا التلفزية إلى أن المواطنين والمواطنات الذين ثاروا ضدّ العهد البائد وطاغيته المخلوع كانوا يرون أن البرامج التلفزية والإذاعية التي لم تكن تخلو منها إذاعة وتلفزة وكادت تكون كل يوم بالليل والنهار طلب تقديمها طاغية العهد البائد ليلهي شعبه عن سرقات السارق الكبير وعصابته، وليلهي الشعب عن آلامه ونقائصه وحاجاته وطلباته الضرورية... رأيت أن أكتب من الآن وأنبه القائمين على قنواتنا وأسألهم : ألم تروا خلال أيام ثورة الكرامة وانتصار المواطنين والمواطنات بكم في تلك الأيام أن الشعب التونسي له رغباته وآلامه وآماله أينما كان الفرد منه؟ ألم تروا أن كل مواطن يرغب في أن تهتم قنواتنا التلفزية واذاعاتنا بالحديث عنها والحوار فيه وعرضها وكشفها في سلسلة برامج يومية ليلية ونهارية لأن تلك المطالب وتلك الآمال والآلام أسمى وأشرف وأكثر ضرورة واحتياجا للمجتمع من الحديث والحوار حول الكرة وعائلاتها؟ أليس المواطن الذي يرى قنواتنا تتحدث باللسان الصريح الفصيح الذي لا ينافق عن الرياضة يريد في عهد ثورة الكرامة أن يرى ويسمع الحوار الصريح الفصيح الذي يصدق ويكاشف ويكشف ويجرح ولاينافق وهو يتحدث عن مستشفياته ومستوصفاته واداراته وفلاحته ومصانعه وأسواق تجارته وعن شبابه في معاهده وكلياته وعن شبابه في قلقه وحيرته وبطالته وعن عماله في صحتهم وجرايتهم وعرقهم؟ أليس من حق الوطن اليوم في ثورة الكرامة أن يعرف ويشهر عبر قنواتنا كل حركة بناء وهدم في جرجيس وجندوبة وسيدي بوزيد وقفصة وباجة وطبرقة والكاف وسليانة والقيروان وسوسة ومساكن والمهدية ورجيش والرڤاب والحنشة وقرقنة وجبنيانة وغيرها؟ أليس هذا الوطن وطن كل مواطن ووطن آبائه وأجداده ومن حق كل مواطن أن يعرفه في كل زيارة وأن يعرفه عبر وسائل الاعلام وأن يصون كل ماضيه ما يرضي ومالايرضي وماهو متخم وماهو فقير معدم وماهو (خامج)؟ ألم تكشف لنا الأيام لثورة الكرامة مواقع من وطننا يعيش أهلها البؤس والخصاصة والحرمان لم يكن الكثير منا يعرفها ويشعر بآلام من فيها ويعرف أبسط مطالب كبارها وصغارها لأن الكرة والرياضة ألهتنا وشغلتنا عن تسليط الضوء والبصر عليها ؟ (بكل أسف). أليس مو واجب وسائل إعلامنا المكتوبة والمسموعة والمرئية اليوم أن تكفر عن ذنب التقصير في شأنها وشأن الوطن كله وتركز أقلامها وأبواقها وعدساتها على هذه المواطن والمواقع وما يدور فيها؟ لاأقول ولا أطلب من صحفنا وإذاعاتنا وقنواتنا التلفزية أن تطلّق الرياضة والكرة وأخبارها وما يدور فيها ولكنني أقرأ وأقترح باللهجة العامية الفصيحة (ماتشيطوش) ضعو الرياضة في مكانها ومركزها كلعبة وأعطوها ما يعطى للنوافل لا للفوائض، للكماليات لا للضروريات، ماقول وسائل إعلامنا وماقول عائلة الرياضة وهم من شعب ثورة الكرامة؟ أسأل وأحبّ أن أفهم.