الدكتور التوزري في ضيافة "منتدى الفكر اليساري والديمقراطي": الريبة من استقلالية المجتمع المدني وغياب المحاسبة والمساءلة وضعف الحركات المطلبية قد يولد العنف والاحتقان هناك بوادر لتفكير استراتيجي تجاه الشباب في تونس ولا بدّ من تجاوز الحذر المفرط فيه في بعض الأحيان الانتقال الصحي أدى إلى تجاوز المشاكل الصحية الكلاسيكية وأوجد مشاكل جديدة منها الصحة النفسية والجنسية والإدمان والتوازن النفسي والجسدي استهل الدكتور والباحث والناشط السياسي فتحي التوزري الذي حل ضيفا على منتدى الفكر اليساري والديمقراطي بمقر حركة التجديد أمس الجمعة محاضرته التي تناولت "إشكالية التحديات السياسية المقبلة والمشاركة: الشباب نموذجا"، بطرح جملة من التساؤلات ربطت التحديات السياسية بقضية المشاركة، والشباب كفاعل اجتماعي رئيسي ومدى لعبه أدوارا سياسية متقدمة
وفي عرضه لخصائص المرحلة في تونس، أكد الدكتور التوزري أن تونس تشهد مرحلة انتقالية تمثل خصوصية المرحلة. فهي تمر بمرحلة انتقال اقتصادي تدريجي منذ أواسط الثمانينات من اقتصاد موجه إلى اقتصاد ليبرالي يروم الاندماج في المنظومة العالمية، ولكن الدولة مازالت تعد المعدل الرئيسي في الاقتصاد، وهو ما أفرز حسب تعبيره ليبرالية فقيرة ومشوهة. ويعد الشباب أكثر المتضررين من هذا التحول الاقتصادي. كما تمر تونس بمرحلة انتقال ديموغرافي تتميز بطفرة الشباب مما يولد ضغطا على ميزانية الدولة، النقل، السكن، التعليم، وينظر إلى هذه الطفرة من زاويتين: أولا كعبء على الدولة أو كفرصة تاريخية وذهبية للاستفادة من هذا الكم الهائل من الطفرة الشبابية وما يميزها من روح جديدة وإبداع وطاقة على الإنتاج والابتكار ، وهنا تبرز رؤيتان متصارعتان. وبخصوص مرحلة الانتقال الصحي فقد تجاوزت تونس مرحلة قضايا الأمراض الفيروسية والأوبئة وما لذلك من مشاكل صحية كلاسيكية وأصبحت القضايا الصحية الأساسية اليوم هي الصحة النفسية، الجنسية، الإدمان، التوازن النفسي والجسدي. والمنظومة الصحية اليوم وإن بدت حديثة فهي لا تستطيع التعامل مع هذه المشاكل أضف إلى ذلك ليس لها الموارد والخبرة الكافية للتعامل معها. ومع هذه الخصائص الانتقالية الثلاث هناك أمر آخر وهو بقاء المنظومة السياسية المنغلقة رغم محاولات الانفتاح المتذبذبة التي مازالت ضعيفة كما أن هذه الخصائص تمس الشباب بدرجة أولى وذلك لأنهم يمثلون. وعن خصائص ضبط السياسات في البلاد أوضح السيد فتحي التوزري أنّ من أولياتها استقرار النظام والاستقرار الأمني وهي ميزات حيوية للنظام القائم. وأفاد أن هناك سياسات مضبوطة بنظرة إستراتيجية وأخرى عرضية، وأكد أن بوادر التفكير الاستراتيجي بدأ مؤخرا وببطء لأنه يتطلب المشاركة والتعددية والصناعة السياسية في البلاد تضمن قدرا من المشاركة رغم الحذر المفرط فيه في بعض الأحيان. ويضيف المحاضر:"السياسات الشبابية الرسمية أيضا تركّز على القطاعات عوض السياسات الشمولية وضعف النخبة التكنوقراطية وتعويضها بالبيروقراطية والتسويق الإعلامي للخيارات السياسية ذات البعد الأيديولوجي الواضح أحيانا، ولكن من أهم مميزات سياسة الدولة هي بناء المؤسسات وتوزيعها وسياسات الدعم للمؤسسات ومعاضدة الجمعيات لوجود الدولة". وأكد السيد التوزري أن هناك منجزات ولكن لابد أن لا تطغى على الإخفاقات وهو ما يفسر تدهور نوعية الخدمات وكلفة الإصلاحات مقارنة بنجاعتها وتزايد الهجرة والفجوات بين الجهات وانتشار العنف والجريمة والفقر. ولم تنم سياسات الدولة وعي الشباب بالحقوق ولم تحدد الأولويات وقامت على الريبة منهم مع التركيز على الجانب الكمي دون النظر لجودة مسار التنمية ورغم أنه هناك سياسة جديدة متعلقة بالشباب ( تخفيض سن الاقتراع انجاز سنة الحوار مع الشباب الاستشارات الشبابية ) إلاّ أنها ولئن كانت قائمة على نفس الآليات ولكن بمصطلحات جديدة وأعطى أمثلة لذلك مثل عرض بعض نتائج الاستشارة الشبابية الثالثة ف72.3بالمائة من الشباب المستجوب لا يهتم بالانتخابات و17بالمائة فقط ينخرط في الجمعيات ومعظمها رياضية و8بالمائة مهتم بالشأن العام و 22بالمائة من الشباب يقرؤون الصحف. وحذر السيد فوزي التوزري من أن الريبة من الاستقلالية المجتمع المدني وغياب المحاسبة والمساءلة حول الاخلالات إضافة إلى ضعف الحركات المطلبية قد يولد العنف والاحتقان. وأكد أن مؤشرات التنمية مرتبطة بالشفافية ونبه إلى ضرورة الاعتماد على الثالوث الذهبي كما وصفه وهو المؤسسات الديمقراطية والنخب السياسية الديمقراطية والوطنية والنخب عالية الكفاءة وأكد على دور المشاركة فدونها لا يمكن تحقيق أي شيء. وقد تميز النقاش ببعض المداخلات التي تناولت دور توسيع باب المشاركة وتوسيع اللقاءات وتكثيف التفكير المشترك ومنابر الحوار بين مختلف المؤسسات والأحزاب السياسية بغية تكوين رأي عام مستقل وحي ومؤثر حقيقة. وإبراز دور الشباب كمدخل ضروري لتنشيط وتفعيل الانتخابات القادمة .وتناولت أيضا مدى حضور قضايا الشباب في الخطاب السياسي وعن أمكانية إصلاح منظومة المشاركة الحالية وبالتالي معالجة حالة الإحباط الشبابي وميوله لانتهاج مسالك أخرى لا مدنية. ودعا أحد المتدخلين الأحزاب المعارضة المشاركة في الحياة السياسية أن تكف من تسويق خطاب التذمر والتباكي الذي لا يشجع الشباب على الانخراط في مسارها وعزا خطاب المعارضة التقليدي والقاصر على الوصول إلى وجدان وعقل وقلب هذه الفئة إلى عزوف الشباب عن المشاركة . وأشار معظم المتدخلين إلى أنّ قضايا الحماية الاجتماعية والتعليم تمثل أهم ما يفكر فيه الشباب لذلك وجب تفكيك هذه القضايا من أجل معالجتها وفهم أثارها على مستقبلهم وأزمة هويتهم وردود فعلهم. وأكدوا على دور الإصلاح السياسي كمدخل أساسي لحل هذه القضايا. وقد تذمر بعض الشباب الحاضر من فكرة الوصاية التي يتميز بها سلوك جميع الأطراف إزاء الشباب وأكدوا أن منطق البراغماتية السياسية هو المنطق الأوحد الذي تتعامل به الأحزاب السياسية فالشباب لا يمثل بالنسبة لهم سوى رقما في المعادلة الانتخابية أو معطى كمي يتباهى به السياسيون. وتساءلوا عن قدرة الشباب في تقمص الأدوار القيادية السياسية ومدى كفاءتهم وقدراتهم على بناء السياسات وانجازها. وفي رده على بعض من التساؤلات والأفكار الواردة في النقاش اعتبر السيد التوزري أن السلطة والمعارضة تستعمل الشباب وهذا من حقوقها السياسية ولكن المشكل هو في أداء الشباب ومشاركته في الأحزاب. كما حمل الإعلام المسؤولية في تكوين صور ذهنية مشوهة للشباب فهي صورة نمطية رتيبة من خلال ما تقدمه التلفزة الوطنية وهو مصدر المشاكل والانحطاط الفكري والأخلاقي وعدم الاكتراث والمسؤولية بالنسبة لما تقدمه الصحافة المكتوبة دونما اكتراث بالإبداعات الشبابية في الأحياء والجهات وهو ما دعاه إلى الهروب إلى عالم افتراضي كمصدر للتنفس وفضاء يستوعب الاختلاف والتنوع فمن الخطأ حسب رأيه الحديث عن الشباب كمجموعة أو فئة وأنما هو مجموعة من الفئات المتنوعة. وفي ما يتعلق بالشباب والسياسة فقد وصف الدكتور الشباب بالقوة السياسية الرهيبة والكبيرة اليوم ومستقبلا ، ولكن يجب أن تكون قوة سياسية تحررية وذلك إذا ما توفرت الشروط الآتية : الابتعاد عن العنف المشاركة والنضال من أجل المشاركة في اتخاذ القرار من مختلف المواقع وضمان الكفاءة والمؤهلات كسلاح أساسي يمكن من القدرة على صناعة السياسات.
كواليس الندوة تغيّب السيد احمد بن إبراهيم أمين عام حركة التجديد ومرشحها للانتخابات الرئاسية المقبلة. حضر السيد محمد القوماني الندوة وهو الحضور الثاني على التوالي لأنشطة حركة التجديد. تميزت القاعة بحضور قليل من الشباب ومن كوادر حركة التجديد . غاب مكون من المبادرة الوطنية عن الندوة –مجوعة العمل الوطني الديمقراطي-.