قريبا أمام مجلس النواب الصباح تنشر تفاصيل جريمة الأمن الاقتصادي كمال بن يونس صادق مجلس الوزراء قبل أيام على مشروع حكومي له أبعاد سياسية وأمنية إقتصادية سيعرض قريبا على مجلس النواب ينص على تجريم واضح لجريمة النيل من «الأمن الإقتصادي» للبلاد عبر تحريض جهات أجنبية على تونس..وحسبما أوردته مصادر مطلعة للصباح فإن من بين مظاهر النيل من الأمن الاقتصادي للبلاد «الخلط بين حرية التعبير والحق في النقد من جهة والتورط في تحركات يمكن أن تلحق ضررا ماديا ومعنويا بمصالح البلاد والمجموعة الوطنية مثل التحريض على مقاطعة المؤسسات السياحية التونسية أو على الاعتراض على منح تونس صفة الشريك المميز في الاتحاد الأوروبي.. إلى غير ذلك من التحركات مع جهات أجنبية يمكن أن تؤثر سلبا في فرص الاستثمار والتشغيل والتنمية الإقتصادية للبلاد بما يعني الحاق ضرر بمصالح ملايين التونسيين والتونسيات وخاصة بمصالح مئات الالاف من العمال والشباب العاطل عن العمل الذي يتطلع إلى مورد رزق لائق وقار ولا يمكن أن يقبل أبدا سلوكيات الجهات التي تحرض المستثمرين الاجانب والهيئات الاقتصادية والمالية والادارية والسياسية الاوروبية والعالمية ضد تونس».. الأمن العسكري ..والأمن الديبلوماسي لكن لماذا جاء هذا المشروع القانوني الآن ؟ وما الذي يبرره؟ هل طرأ ما يدعو إلى « التشدد « أكثر مع شخصيات أو مجموعات متهمة بالضلوع في تشويه سمعة تونس وفي التحريض ضد مصالحها الاقتصادية القومية عالميا ؟ مصادرنا فسرت احالة الحكومة مشروع القانون الجديد على المجلس النيابي بحرص على « تدارك ثغرة في القانون الحالي.. وخاصة في الفصل 61 من المجلة الجزائية».. اين الثغرة ؟ ولماذا الفصل 61 ؟ نفس المصادر سجلت أن الفصل 61 من المجلة الجزائية الذي يعود إلى 10 جانفي من عام 1957 نص بوضوح على تجريم النيل من مصالح تونس الخارجية فيما يتعلق بالجرائم التي تعتبر « مسا من سلامة التراب التونسي « و»النيل من أمن الدولة الخارجي « عبر التورط في جرائم ذات صبغة عسكرية أو ديبلوماسية « مثل تقديم معلومات عسكرية وديبلوماسية سرية إلى جهات أجنبية « دون رخصة سابقة» .. على غرار القانون الفرنسي حسب المصدر ذاته فإن الفصل 61 بصيغته الحالية لم ينص على التآمر على أمن الدولة عبر تحريض جهات أجنبية على النيل من المصالح الاقتصادية للبلاد ( مثل الدعوة إلى مقاطعة السياحة التونسية أو تشويه سمعة البلاد لحرمانها من إستثمارات تؤدي إلى إحداث الاف مواطن الشغل...) لذلك تقرر تعديله مواكبة للتشريعات التي صدرت في عدة دول ديمقراطية غربية من بينها فرنسا التي ينص الفصلان 410 و411 من قانونها الجزائي الصادرين في 2007 المتعلقين بتجريم الخيانة الوطنية عبر التحريض الإقتصادي وعمليات التجسس الاقتصادية لفائدة جهات أجنبية ضد مصالح فرنسا ..ويعتبر الفصلان في القانون الفرنسي أية إساءة إلى المصالح القومية الاقتصادية لفرنسا جرائم خيانة وطنية يعاقب عليها القانون الفرنسي بحزم . وهل سيتعلق الأمر بإجراءات تهدف إلى النيل من حرية تعبير الشخصيات المستقلة والمعارضة وعموم المواطنين عن وجهات نظر تنتقد الحكومة كليا أو جزئيا ؟ مصادرنا نفت أن يكون الهدف من المشروع الحكومي « النيل من حرية التعبير « ..لأن الدستور التونسي وقوانين البلاد ومختلف المرجعيات الوطنية والأممية تضمن حرية التعبير وحق الإختلاف « في نطاق احترام القانون والدستور».. أين الإشكال إذن ؟ نفس المصادر أوردت أن « المشرع لا يريد محاسبة النوايا أو النيل من الحريات العامة والفردية ومن بينها حق النقد والتعبير عن الرأي والرأي المخالف .. لكنه يريد أن يمنع النيل من المصالح الحيوية الاقتصادية العليا للبلاد عبر تحريض جهات (سواء كانت حكومات أو منظمات غير حكومية) أجنبية ضد تونس بهدف إلحاق أضرار معنوية ومادية باقتصادها ومصالحها الحيوية».. وحسب مصادر مطلعة فإن جرائم النيل من مصالح البلاد الخارجية والتحريض منصوص عليها في فصول أخرى من قوانين البلاد من بينها الفصل 51 من قانون الصحافة ..وقد ارتأى المشرع تدارك الثغرة القانونية في الفصل 61 مكرر الخاص ب«ربط اتصالات نتيجتها الاضرار بحالة البلاد التونسية من الناحية العسكرية ومن الناحية الديبلوماسية» باضافة « الناحية الاقتصادية». تجاوزات.. مخاطر؟ وهل لا يحق للنشطاء الحقوقيين والديمقراطيين التخوف من حصول تجاوزات عند تطبيق القانون الجديد ؟ وهل لا توجد مخاطر من الخلط بين وجهات النظر التي قد تصدر عن بعض المعارضين وجريمة التحريض الاقتصادي ضد مصالح تونس الدولية؟ مصادرنا استبعدت تماما حصول مثل هذا الخلط .. وأكدت أن « القانون الجديد سيؤكد على غرار ما جاء في الدستور وبقية القوانين على احترام الاجراءات الجزائية والضمانات للمتقاضين والمشتبه فيهم ..ومن بينها الحق في اللجوء إلى محام من حقه أن يطالب بحزم باحترام الاجراءات ..وعدم توجيه أية تهمة إلى أي شخص إذا لم تتوفر حجج مادية تؤكد تورطه في الجريمة». في مجلس الوزراء وكان مجلس الوزراء الذي انعقد تحت اشراف الرئيس زين العابدين بن علي الاربعاء الماضي فسر المشروع الحكومي ب»تاكيد أهمية الامن الاقتصادي في تعزيز مناعة الوطن وتأمين مصالح المواطنين الحياتية». واعتبر مجلس الوزراء في بلاغه الختامي أن مشروع القانون المعروض على مجلس النواب يندرج « في اطار تعزيز حماية مقومات الامن الاقتصادي في ظل التحولات التي يشهدها العالم وما تقتضيه من حفاظ على المصالح الحيوية لتونس من كل انتهاك على غرار ما هو معمول به في تشاريع عديد الدول». وحسب نفس البلاغ فإن الرئيس زين العابدين بن علي شدد بالمناسبة على «حماية مصالح تونس الحيوية من كل طعن وانتهاك «واعتبر أن تلك المهمة « مسؤولية وطنية موجبة لكل التونسيين في ظل ما يشهده العالم من تطورات كرست البعد الاقتصادي كاولوية اساسية في دعم مقومات الاستقرار والمناعة..» وعلمنا أن المشروع الحكومي سيعرض مباشرة على البرلمان بغرفتيه ضمن عدد من المشاريع التي ستعرض للمصادقة قريبا ..دون إحالته على مجالس الاستشارية..مثل المجلس الاقتصادي والاجتماعي..