التونسية على غفلة منّا جميعا وفي وقت ساد فيه الاعتقاد بأن الترشح الرباني الذي جناه منتخبنا الوطني إلى باراج المونديال أخمد عنوة لهيب الصراعات والخلافات المحتدمة بين سلطة الإشراف وجامعة الكرة كشف رئيس اللجنة الاولمبية محرز بوصيان عن رسالة جديدة بعث بها طارق ذياب إلى الفيفا يطالب فيها بحلّ جامعة الجريء الأمر الذي دفع بالاتحاد الدولي لكرة القدم إلى الردّ بسرعة وطلب استفسارات عن وضعية الجامعة وحقيقة الخروقات التي ألمح إليها الوزير في رسالته الشهيرة بشكل ينبئ بتدخّل آت لا ريب فيه من لدن الفيفا التي ترفض من جهة تسييس الرياضة وتمقت التلاعب بمواثيقها من جهة ثانية... وبعيدا عن تبعات هذه الرسالة الملغومة التي بعث بها السيّد الوزير إلى الفيفا ودون الخوض في حقيقة دواعيها خاصة ان الكلّ أصبح يعي جيّدا أن مصلحة المنتخب هي آخر اهتمامات الوزير وان حربه المعلنة مع جميع الوجوه الفاعلة في المشهد الرياضي التونسي باتت تسيطر على عقله الباطني وتشحن صراعه الدفين مع أصدقاء الأمس وتدفعه غصبا نحو الخطإ يبقى السؤال قائما حول ميولات الوزير ووجاهة تنصيبه على كرسي لا يحتمل الخلط بين المصلحة الوطنية والحسابات الشخصية الضيقة... طارق ذياب كشف علنا عن الجانب المظلم في شخصيته المريبة حيث لم يمنع كرسي الوزارة ولا عباءة الوزير هذا الأخير من انتهاج سياسة التصعيد بعد نفاد مهلة الوعيد والمرور إلى خلط الأوراق من جديد بشكل غريب قد يربك مصلحة المنتخب ويأتي على ما تبقى من سمعة كرة القدم التونسية خاصة انّ خطّ المواجهة هذه المرّة زجّ بالفيفا في صدارة الأحداث ومجرّد الدفع بهذا الهيكل في أيّ خلاف مهما تلاشت مؤيداته يعتبر خطرا متربصا قد يتأجّل أذاه لكن إلى حين... ما أقدم عليه طارق ذياب يعتبر سابقة صادمة وهي فعلة شنيعة لا تستحق أي تبرير خاصة ان ما من عاقل يقدر على ايهامنا بأنّ خطوة الوزير تندرج في إطار المصلحة الوطنية أو سياسة المحاسبة التي صمّوا بها آذاننا عن اليمين وعن الشمال لانّ الظرف لم يكن يحتمل المجازفة وسيادة الوزير كان على يقين بأنّ إشعار الفيفا في هذا التوقيت بالذات سيحرّك سواكنها وسيخلّف رجّات عكسية على كرة القدم التونسية ستطال حتما الأندية والمنتخبات الوطنية قبل الوصول إلى الأشخاص والتصنيفات الرياضية ... الوزير تناسى عمدا أن المنتخب مقبل على تحدّ صعب وامتحان أصعب في مواجهة الكاميرون في باراج المونديال واختار التشويش من جديد على المنتخب على غرار ما حصل قبل مباراة الرأس الأخضر وكأنّه لم يتعّظ من أخطاء الماضي وكأن خيبة رادس في تلك الليلة السوداء لم تكن تشغله أو تعنيه بقدر انشغاله بالتخلّص من الجريء وطيّ صفحته إلى الأبد بعد أن ساعدته الظروف على إزاحة نبيل معلول من طريقه... طارق يعي جيّدا أن ما حصل سيؤثّر سلبا على تحضيرات المنتخب في الطريق نحو المونديال لكن الرجّل غظّ الطرف واختار لنفسه بطولات زائفة وصنع من حوله أعداء من ورق واختصّ في امتهان سياسة ليّ الذراع والتباهي بسلطة زائلة... أنا وبعدي الطوفان... هكذا يدور في ذهن السيّد الوزير لأنّه لا يبالي سوى بسمعته وبكلمته التي لا تردّ... اليوم وقفنا على حقيقة واحدة وهي أن طارق ذياب لم يسعد كثيرا بترشح المنتخب بل يمكن التأكيد أنّه كان أكثر إحباطا وأشدّ يأسا من جمهور الرأس الأخضر لأنّ سقوط «الكاب فاردي» نال من كبريائه ورأسه الشامخ... السيّد الوزير يريد أن يكون الأوّل والآخر والبطل الذي لا يشق له غبار... هو الإمبراطور الذي فقد سلطة أقدامه ولم يعد بمقدوره السير على رؤوس القوم لذلك بات يتخبّط بين ماضيه التليد وواقعه الجديد... هو لا يلعب سوى للانتصار حتى لو كان الخصم ابن الدار... هو لاعب كبير وقدم خالدة لا يشقّ لها غبار لكن ميدان الوزارة ليس ميدانه ووجوده في هكذا منصب يشكّل خطرا على الرياضة التونسية ويسيء له قبل غيره... حرب الرسائل المشفرة تتواصل والخاسر الوحيد هو المنتخب التونسي الذّي يتهاوى يوما بعد يوم... السيّد الوزير ضيّق الخناق على نفسه في حين تنفس الجريء الصعداء بما انّ نظرية المؤامرة عادت لتطفو على السطح من جديد...الجريء شخص محظوظ جدّا والفضل في صموده الى حدّ اللحظة يكمن في سذاجة خصومه...هو أيضا ليس ابن ميدان...لكنه يستمد وجوده من أخطاء محيطه...مستفيدا مرّة من «رأس» الاخضر...وأخرى من «رأس» الوزير...