التونسية (تونس) بعد قرار المحكمة الإدارية ايقاف أعمال اللجنة الخاصة بدراسة وفرز ملفات الترشح لعضوية الهيئة العليا المستقلة للانتخابات يرى البعض أن لجنة الفرز باتت أمام مأزق قانوني خاصة بعد وفاة أحد أعضائها الشهيد «محمد البراهمي» وانسحاب 6 أعضاء منها، في حين يرى البعض الآخر ان هناك سوء فهم لقرار المحكمة الإدارية وان قرارها لا يلغي نتائج هيئة الإنتخابات بل يلغي أعمال لجنة الفرز وبالتالي لا معنى لهذا القرار لأن اللجنة أنهت أعمالها. كما إعتبر آخرون انه وفي ظل هذا القرار فإنه لا يمكن لهيئة الإنتخابات ان تتشكل الا بعد شهرين. «التونسية» تحسست مختلف الأراء للوقوف على حقيقة المأزق الذي قد يواجه لجنة الفرز ويؤجل إنطلاق هيئة الإنتخابات. قال «عبد الجواد الحرازي»المحامي ورئيس هيئة الإنتخابات (فرع تونس 1) ان المحكمة أصدرت 7 قرارات بعضها يهم عدول التنفيذ والتونسيين بالخارج والقاضية العدلية والمحامين... واضاف ان هذه القرارات هي القرار عدد 045 -416 و047 -416 و048 -416 و049 -416 و052 -416 و092 -416 و061 -416. وأكدّ ان الضجة التي أثيرت تتعلق بالقرار عدد 052 -416 والذي ينص على إيقاف تنفيذ القرار الصادر عن رئيس اللجنة الخاصة بالمجلس الوطني التأسيسي والمكلفة بدراسة وفرز ملفات الترشح لعضوية مجلس الهيئة العليا المستقلة للإنتخابات والقاضي بضبط القائمة النهائية للمترشحين لعضوية هذا المجلس والمزمع عرضها على أنظار الجلسة العامة لإختيار 9 أعضاء عبر آلية التصويت وذلك الى حين إنقضاء آجال القيام بالدعوى الأصلية أو صدور الحكم فيها . وأشار الحرّازي الى ان معنى ذلك هو بطلان عمل لجنة الفرز وبالتالي فإنّ كل ما يبنى على باطل فهو باطل ولا يمكن الحديث عن إنتهاء عمل اللجنة كما يدعي البعض. وأكدّ ان المحكمة الإدارية ردت على ذلك بقولها : «...وحيث يتجه رد دفع الجهة المدعى عليها بإنعدام ما يستوجب النظر في المطلب طالما ان عملية إنتخاب أعضاء الهيئة المستقلة ما تزال متواصلة وان القرار المطعون فيه لم يستنفد كل أثاره...» وقال ان هذا القرار يعني ان عملية إختيار ال36 مترشحا سقطت في الماء ولا بد حسب القانون التصويت صلب لجنة الفرز من جديد وحسب ما ينص عليه القانون لا بد من حضور ثلاثة أرباع الأعضاء وإحترام الترتيب . وقال ان إختيار الأعضاء سابقا كان دون إحترام الترتيب وعن طريق التوافق. وكشف «الحرازي» ان الإشكال القانوني يكمن في غياب النواب المنسحبين والمقدر عددهم ب6 أعضاء وهم (نجلاء بوريال وعلي بالشريفة وإياد الدهماني وسلمى بكار والهادي الشاوش وعبد العزيز القطي) هذا بالإضافة الى وفاة أحد أعضاء اللجنة وهو «محمد البراهمي» والذي لم يقع تعويضه بنائب آخر. وبالتالي فإنه ولكي تلتئم اللجنة حاليا يتعين حضور 17 نائبا من مجموع 22 للتصويت وهذا الأمر غير متاح حاليا. وإعتبر «الحرازي» ان الحديث عن تشكيل هيئة إنتخابات في ظرف أسبوع غير ممكن من الناحية القانونية. ودعا «الحرازي» إلى إحترام القضاء والقانون وتشكيل هيئة حسب المعايير الدولية و القانونية حتى نتجنب الطعن في تركيبتها وفي عملها وقال: « من الأفضل ان تكون لنا هيئة محايدة ومستقلة أفضل من هيئة كل ما تفعله هو محل طعن». لا للتراجع عن أعمال اللجنة من جهته قال «حبيب بريبش» عضو من لجنة الفرز عن حركة «النهضة» انه لا وجود لمأزق ،وأكد ان التصويت قانوني وأضاف انه تمت إستشارة المحكمة الإدارية في وقت سابق وتم الإتفاق على السلم التقييمي بثلاثة أرباع وفق ما ينص عليه القانون . وفي ما يتعلق بالقاضية التي أثير حولها الكثير من الجدل قال : «لقد تأكدنا من الأوراق الداعمة للترشح وهناك تصريح على الشرف وإذا حصل تلاعب ما فسيقع التتبع من قبل المجلس ولكن بالنسبة للجنة فقد عملت حسب الوثائق التي بحوزتها،وقال رغم ذلك راسلنا كافة الهيئات الرسمية وكان من الممكن ان يتم الطعن ساعتها وليس الآن وأضاف قمنا بإحترام الشروط وإستشارة المحكمة الإدارية ولقاء رئيسة المحكمة . وقال: «أرجو ألّا يكون قرار المحكمة الإدارية قرارا سياسيا». متسائلا عن سبب مشاركة قاض إداري في إعتصام الرحيل و قيامه بخطبة في إحدى القنوات التلفزية... وقال هذا يطرح أمامنا أكثر من نقطة إستفهام ؟. ودعا بريبش رئيس المجلس الوطني التأسيسي الى عدم التراجع في أعمال اللجنة وفي قرارات الجلسة العامة. المطلوب تفعيل الهيئة السابقة؟ ومن جهته أكدّ «معز بوراوي» رئيس المنظمة التونسية من أجل نزاهة وديمقراطية الانتخابات «عتيد» انه تم قبول ملفين من مجموع الطعون الثلاثة التي تقدموا بها ، وقال «بوراوي» أن الملف الأول يهم الطعن في احد ملفات المترشحين لعضوية مجلس الهيئة المستقلة للانتخابات وهي القاضية العدلية. أما الملف الثاني فيتمثّل في إيقاف نتائج أشغال اللجنة الخاصة بدراسة وفرز ملفات الترشح للهيئة العليا المستقلة للانتخابات مشيرا إلى إلغاء كل النتائج وإعادة انتخاب أعضاء الهيئة من جديد. وأكدّ ان قرارات المحكمة الإدارية واضحة جدا،وأنها غير قابلة للطعن ولا للإستئناف ولا للتعقيب وتنص على إلغاء القائمة النهائية للمترشحين. وقال بوراوي ان اللجنة غير مكتملة حاليا ونظرا إلى أنّ العملية مركبة وتطلب العديد من المراحل لتتشكل هيئة الإنتخابات القادمة و لأن هذا الأمر يستغرق من شهرين الى ثلاثة أشهر،فقد إقترحت «عتيد» تفعيل هيئة 23 أكتوبر 2011 لإدارة الشؤون العادية وليس الإشراف أو تنظيم الإنتخابات ،وأكدّ انه رغم الحملات التي شنت عليهم بسبب هذا المقترح فإن المطلوب هو بقاء المؤسسات ، وطالب بفتح ابواب التسجيل للإنتخابات وأضاف: « شئنا أم أبينا لدينا مؤسسة قائمة الذات وهذا الأمر سيجنبنا مزيد إضاعة الوقت ثم سيكون على الهيئة القادمة إكمال المشوار» ، مشيرا الى ان العودة من جديد غير ممكنة حاليا. وقال انه لا يمكن تجاوز قرار السلطة التنفيذية وفي صورة وقوع ذلك فهو إعتراف ضمني بعدم وجود دولة القانون والمؤسسات وبالتالي لا يمكن إحترام المجلس ان لم يتم إحترام القوانين. وأكدّ ان الأخطر من كل ذلك انه في صورة حصول إنتخابات فإن الإنتخابات برمتها ستصبح باطلة . المحكمة الإدارية أمّا «أحمد صواب» القاضي بالمحكمة الإدارية فقد قال ان حكم المحكمة الإدارية إستعجالي وأقر ببطلان 4 إختصاصات تتعلق بالمحاماة والقضاء العدلي والتونسيين بالخارج وعدول الإشهاد. وأضاف ان الحكم كان جامعا وواضحا وينص على أن ما أفرزته اللجنة باطل وانه لا بدّ من العودة الى العمل حسب السلم الترتيبي ،وأشار الى انه وكمثال إن كان الترتيب من 1 إلى 20 فيجب التناول حالة بحالة والتصويت عن طريق ثلاثة أرباع وليس الإختيار عن طريق التوافق . وقال ان أعضاء اللجنة لم يحترموا الترتيب وكان في ذلك إهدار لحظوظ المترشحين ،وأضاف: « ما الفائدة من إقرار سلم ترتيبي ان لم يتم العمل به ؟». وأكدّ ان هذه المعايير لم تضعها المحكمة الإدارية بل أقرها المجلس . وأضاف انه من «العار» ان تقبل لجنة الفرز من يمثل عدول التنفيذ وهو لم يستوف الشروط المنصوص عليها من حيث الإستقالة ومن العار قبول إمرأة كونها قاضية وهي ليست بقاضية. وقال ان التبريرات التي يقدمها البعض غير مقنعة وكلام مردود عليهم. وحول الهجومات الشرسة التي يتعرض لها مؤخرا ونقد حضوره في إعتصام الرحيل رد: «المقصود بما قيل أنا شخصيا وسأرد ان المحكمة الإدارية نعتت في زمن بورقيبة باليسارية لأنها بتت في عديد الملفات لصالح اليساريين وفي عهد بن علي تسلمت ألاف الملفات وحكمت لصالح «النهضة» وأتباعها ،وأشار الى ان جلهم تحصلوا على تعويضات تقدر بعشرات الألاف من الدنانير وقال ساعتها نعتونا بأننا نعمل ضد بن علي لصالح «النهضة» وقال انه في حكومة «الباجي قائد السبسي» وصفت المحكمة بأنها تعمل ضد «الباجي» وقال حاليا تتهم المحكمة الإدارية بانها ضد «النهضة» ؟... وأضاف: « شخصيا أعتبر نفسي مع الحريات وخصوصا حرية القضاء والإعلام» وأردف قائلا: « نعم شاركت في الدفاع عن الحريات العامة وقد حضرت مع الصحفيين في إضرابهم وشاركت في إضراب القضاة للدفاع عن إصلاح القضاء ...». وطالب «صواب» من النائب الذي إتهم المحكمة الإدارية وإدعى انها مسيسة وكل الذين هاجموه من «النهضة» ان ينجزوا مهامهم ويتموا إلتزماتهم داخل المجلس التأسيسي . وتساءل أين هي العدالة الإنتقالية وتحديدا الفصل 24 ؟. ماذا عن إكتمال النصاب القانوني؟ من جانبها قالت «نجلاء بوريال» إحدى أعضاء لجنة الفرز المنسحبين، انها مستعدة إلى العودة الى لجنة الفرز دون سواها لإكمال النصاب أي الثلاثة أرباع ،وأضافت «ان كان هذا الأمر سيربحنا الوقت وبغاية عدم تعطيل الهيئة والدفع الى الامام فلم لا أعود»؟ وقالت انه تأييدا لمبادرة الرباعي الراعي للحوار ومن أجل مصلحة تونس فهي مستعدة للعمل من جديد صلب لجنة الفرز خاصة ان كانت اللجنة ينقصها رقم 17 . وأضافت «بوريال» لا أحكم على المحكمة الإدارية وأعتبر ان مشاركة المجتمع المدني ووقوفه كمراقب لكل أعمال المجلس وللسلطة مظهر من مظاهر الديمقراطية . وقالت ان من قام بالطعن هي المحكمة الإدارية ولا بد من الإلتزام بهذا القرار فهي سلطة قضائية ولا بد من إحترام قراراتها . وأضافت ان ما أوصلنا الى هذه النتيجة هو غياب المجتمع المدني والإعلام عن جلسات اللجنة صلب المجلس الوطني التأسيسي .