مهرجان طنجة من مبعثونا الخاص الى المغرب مالك السعيد ولدت كوثر بن هنيّة إبنة الكاتب الروائي محسن بن هنيّة في أوت 1977، بسيدي بوزيد وتابعت دراستها في الإخراج السينمائي بمعهد الفنون والسينما في تونس العاصمة وفي جامعة «لا فيميس» بباريس بين عاميّ 2002 و2004 لتنهي دراستها السينمائيّة في صيف 2004 بمتابعة دروس في إخراج الأفلام الوثائقية ولتلتحق سنة 2005 بكلية كتابة السيناريو في المعهد نفسه في باريس. أصدرت كوثر بن هنية كتابا روائيّا « فيتروم بوليسيا»، وفي سنة 2006-2007، عملت مع قناة الجزيرة الوثائقيّة. وقدمت فيلمها القصير الأول «أنا وأختي والشيء» وفي سنة 2010 الفيلم الوثائقي «الأئمة يذهبون إلى المدرسة» وتشارك في مهرجان طنجة بشريط قصير هو «يد اللوح» وهي تستعد لإنهاء شريطها الطويل الأول «شلاط تونس» ... «التونسية» التقتها في مهرجان طنجة للفيلم المتوسطي القصير ... هل أنت أول مخرجة سينمائية من سيدي بوزيد؟ (تنظر بإندهاش قبل أن تجيب) لم أفكر مطلقا في هذا الموضوع «يمكن ما نعرفش». بعد الثورة لم تتحدثي مطلقا عن كونك بنت سيدي بوزيد؟ علاش؟ ما الذي تغير؟ هل أنا من إختار أن أكون إبنة سيدي بوزيد؟ الإنتماء للمنطقة الجغرافية لا يعطيك أي قيمة مضافة ، أنا لا أفكر بهذه الطريقة، المهم أن يجتهد المرء لتكون له قيم معينة يدافع عنها ويناضل من أجلها سواء كان من سيدي بوزيد أم من أي نقطة من تونس، هل هناك فرق بين دماء الذين ماتوا من أجل تونس؟ هل تسأل دماؤهم من أي جهة أتت؟ ولكن سؤالك يتضمن إشارة ذكية إلى أن سيدي بوزيد محرومة كمناطق أخرى كثيرة في بلادنا من قاعات السينما ومن نوادي السينما ومن مقومات الحياة الثقافية ،هذا صحيح وهو واقع مؤلم يجب تغييره. ما الذي بقي فيك من سيدي بوزيد وأنت تقيمين اليوم بفرنسا؟ أنا نشأت في سيدي بوزيد وأعتز بذلك، فيها تحصلت على الباكالوريا حين كان عمري تسعة عشر عاما «موش شوية»، سيدي بوزيد هي السنوات التي تشكلت فيها شخصيتي وفيلمي «يد اللوح» هو وليد طفولتي، حين كنت صغيرة إرتدت الكتّاب وكنت أختلق الأعذار كل صباح وأبتكر خدعا ماكرة مكر الطفولة اللذيذة حتى لا أذهب للكتّاب. أنت إبنة الأديب محسن بن هنية وكان يفترض انك أقرب للكتابة الأدبية من الكتابة السينمائية؟ كان حلمي في الطفولة أن أصبح كاتبة ولكني اكتشفت أني أفتقد لأسلوب خاص ومميز شعرت بأني أقترف جريمة في حضرة كتاب كبار، السينما لا تطلب منك أن تكون كاتبا كبيرا لأن السيناريو هو في النهاية وثيقة تقنية تحتاجها للعمل، وأحسست أني أتقن أكثر الكتابة بالصورة فإتجهت إلى السينما بعد دراستي للتجارة. في ثقافتنا الشعبية هناك «وجه اللوح» وفي المدونة السينمائية التونسية» «لسان اللوح» لمنير مسلم، وها أنت تقدمين «يد اللوح» الذي حمل عنوانا مغايرا بالفرنسية هو Peau de colle ؟ العنوان بالعربية هو ذاته العنوان بالانقليزية ولكني إستثقلته بالفرنسية فإخترت هذا العنوان لماذا مهرجان طنجة للفيلم المتوسطي القصير للعرض العالمي الأول ل «يد اللوح»؟ كان يمكنك أن ترشحي الفيلم لمهرجانات أهم كمهرجان «كان» مثلا؟ أنا اخترت وكذلك المهرجان اختارني، ولا بد من الاعتراف بأن ظروفا موضوعية هي الفيصل فحين أنهيت الفيلم فاتتني المهرجانات التي تشير لها «كملت الفيلم في وقت حرايمي»، ولم أكن أحبذ أن أظل أتفرج على فيلمي حتى حلول السنة القادمة، رشحت فيلمي لمهرجان طنجة وتم قبوله وأنا سعيدة بذلك لأن المستوى العام للأفلام التي شاهدتها دليل على أني لم أسئ الاختيار. أين تم تصوير الفيلم؟ صورنا في العاصمة تونس، نهج إبن خلدون وفي بئر الحجار على أساس أنه كتّاب، كنا نرغب في التصوير في جامع العابدين لكن وزارة الشؤون الدينية بعد أن طلبت السيناريو رفضت وقالوا لنا في رد رسمي إن الجامع فيه أشغال ؟ وبصراحة لا اعرف أي أشغال في جامع جديد وحين إتصلنا مباشرة بأحد مسؤولي الوزارة تم إعلامنا بأنهم لا يرغبون في مشاهد عنف تصور في الجامع. هذا سبب منطقي لا يمكن الإحتجاج عليه؟ ربما، كنت أفضّل لو اهتمت وزارة الشؤون الدينية بالعنف اللفظي والفكري والمادي الذي يمارس في عدد من الجوامع والمساجد والسيد نور الدين الخادمي بإعتباره وزيرا وإماما لأحد هذه الجوامع يعرف عما أتحدث جيدا، أما تهمة العنف في الفيلم فأكتفي بالقول الفيلم أمامكم شاهدوه وأحكموا بأنفسكم، أخشى أن يكون هذا الموقف نوعا جديدا من الرقابة. في فيلمك «أنا وأختي والشيء» و«يد اللوح» تجمعين بين تيمة الطفولة وتيمة الجنس، لماذا هذا الربط بين عالمين متناقضين؟ لست معك في أنهما عالمان متناقضان، الطفولة مرحلة تعلم ونحن نطلق عليها تجاوزا براءة الطفولة، للطفل نظرة مختلفة لعالم الكبار وله أدواته لقراءة هذا العالم ولكنها أدوات غير مقولبة هي فترة تساؤل ودهشة وأهم شيء في الطفولة هي الدهشة وأنا أحاول قدر إستطاعتي أن أحافظ على الدهشة في تفاعلي مع العالم من حولي. شخصية الإمام محببة إلى قلبك فقد سبق لك إنجاز فيلم «الأئمة يذهبون إلى المدرسة» وفي «يد اللوح» يقدم أحمد الحفيان شخصية محورية لمؤدب أطفال في الكتاب، فما سر هذا الإهتمام؟ «ما ثماش سر» الإمام يمثل السلطة «عندو سلطة معنوية وتربوية» المؤدب الذي قدمته في الفيلم ينتمي لمنظومة قديمة في التعليم، أدواته قديمة لا تتماشى والعصر وروح الطفولة ولكن كشخصية مشكلته هي الانضباط هذا هو هاجسه. الإمام أو المؤدب شخصية لها قداستها ألا تخشين من أن يساء فهم فيلمك؟ أنا لا أخشى سوء الفهم ولا وجود لمقدس في المطلق محصّن ضد التساؤل، الهالة التي تحيط بالمؤدب أو الإمام تغري السينمائي، هي شخصيات متناقضة ولها مشاكل تتصل بصورتها في المجتمع، المؤدب وكذلك الإمام يظل إنسانا يحسن ويسيء ويخطئ مثلي ومثلك ومثل كل الناس ولا قداسة له لماذا أحمد الحفيان وفتحي الهداوي خاصة أنك في بداياتك وكأنك تريدين إختزال طريق النجاح؟ لا... لم أفكر في هذا، الشخصية الرئيسية في الفيلم طفلة في الخامسة من عمرها فهل تضمن لي نجاح الفيلم؟ فتحي الهداوي له مشهد واحد ، كنت أحب أن أشتغل معهما، أحمد الحفيان منذ الوهلة الأولى هو من إبتكر المشية والإنحناءة، وأعترف بأن ذلك أربكني لأني تعودت بأن آتي بممثلين يشبهون الأدوار كما كتبتها دون أن أنتظر منهم أي إجتهاد، هي تجربة جديدة مع ممثلين محترفين يمتلكون التقنيات «نحبهم برشة فتحي وأحمد الحفيان وحبيت نخدم معاهم». في فيلمي الطويل الأول «شلاط تونس» الذي أنا بصدده حاليا، كل الممثلين فيه من الهواة ولا وجود لأسماء معروفة. عدد من أبناء المهنة يقولون إن نقطة ضعف أحمد الحفيان هي صوته؟ لا لست معهم في هذا الرأي، صوته متناسق مع جسمه ولا أرى أي نشاز في أحمد الحفيان الممثل. أين انتهى مشروع «مدينة الرصاص»؟ هو فيلم طموح من حيث الإخراج ومن حيث الإنتاج أيضا، تقدمت أشواطا في الكتابة وتحصلت على دعم في هذا الإطار ولكني أجلت إنجازه حتى أتمكن أكثر «ما نحبش نطيح نتدقدق» «مدينة الرصاص» هو الفيلم الذي تعلمت فيه السينما في مستوى الكتابة وبعد فيلمي «أنا وأختي والشيء» أدركت أن إخراج فيلم روائي طويل يتطلب أشياء كثيرة لذلك فضلت إنجاز «الأئمة يذهبون إلى المدرسة» الذي تصالحت من خلاله مع الصورة عموما «كيفاش تصور الواقع» وكيف أن الواقع يعلمك أشياء كثيرة، تجد نفسك بين مشهد تكتبه بخيالك ومشهد يمنحه لك الواقع جاهزا، بعد ذلك إنشغلت ب «شلاط تونس»، كان المشروع وثائقيا في البداية ثم تطور ليصبح روائيا وهو مستلهم من أحداث حقيقية لشلاط تونس سنة 2003 وسننتهي من الفيلم نهاية العام الجاري ، بعد ذلك سألتفت لمشروع «مدينة الرصاص» ... من هو منتج «شلاط تونس»؟ الحبيب عطية. مازالت علاقتكما متواصلة خاصة أن «يد اللوح» من إنتاج مليك كشباطي؟ أكثر من متواصلة، علاقة المخرج بالمنتج هي أشبه ما يكون بعلاقة زواج والفيلم الجيد هو الطفل الجميل الذي يتم إنجابه. هل تنتظرين جائزة من مهرجان طنجة؟ «ما نستنى شيء ، ما نحبش نستنى».