من موفدنا الخاص إلى دبي- مالك السعيد حين أنطفأت شاشة عرض مسرح أرينا بمدينة جميراء مقر مهرجان دبي السينمائي مساء الإثنين الماضي، كانت أصوات البكاء تتردد في أرجاء القاعة، كان الجميع يحاولون كفكفة دموعهم وإخفاء تأثرهم بفيلم البريطاني ستيف ماكوين"عبد لإثنتي عشرة سنة" الذي يعرض في القاعات الأمريكية بداية 18 اكتوبر الماضي وسيعرض في القاعات الفرنسية بداية من 22 جانفي 2014 . يستند الفيلم إلى قصة حقيقية حول صراع رجل اسود من اجل البقاء والحرية، يتم إختطاف عازف الكمان "سولومون نورثوب" النييوركي الحر وبيعه كعبد في فترة ما قبل الحرب الأهلية الأمريكية (1861-1865) التي إنتهت بإلغاء العبودية من طرف الرئيس الجمهوري إبراهام لينكولن(سبتمبر 1862) وأودت بحياة مئات الآلاف من الضحايا من العسكريين والمدنيين . يناضل سولومون من اجل البقاء على قيد الحياة ومن اجل حريته وحين يلاقي كنديا(قام بالدور النجم براد بيت) مناهض للعبودية تتغير حياته ويستعيد حريته وعائلته بعد إثنتي عشرة عاما من عذابات الرق، نشر"سلومون" قصته في مذكراته سنة 1853 ، وهو واحد من قلة من السود الذين تم إختطافهم وبيعهم عبيدا ممن تمكنوا من إستعادة حريتهم . ولئن كان رد فعل جمهور دبي السينمائي بالبكاء فإن عرض الفيلم في مهرجان تورنتو(كندا) قد أثار جدلا بين النقاد إذ هناك فئة إعتبرت أن المخرج ستيف ماكوين قد بالغ في مشاهد العنف حتى ان احد المشاهد بلغ عشر دقائق كاملة تعرّى فيها الفتاة "الزنجية" وتوثق بعمود وتتلقى ضربات السياط دون رحمة . وقد صرح ستيف ماكوين بأن حقيقة العبودية لم تكشف على الشاشات سوى نادرا أما "براد بيت" الذي شارك في الفيلم ممثلا بدور ثانوي ومنتجا أيضا فقال" إنه كان لزاما إنتظار مخرج بريطاني لينجز فيلما عن تاريخ العبودية في أمريكا" ومن تاريخ العبودية في الولاياتالمتحدةالأمريكية إلى نظام الميز العنصري في إفريقيا الجنوبية ، فقد خصصت سهرة الثلاثاء 10ديسمبر لعرض فيلم"مانديلا درب الحية الطويل" وهو تاريخ تزامن مع مراسم تأبين الزعيم الإفريقي الراحل ومع اليوم العالمي لحقوق الإنسان، وقفد إعتمد المخرج البريطاني جاستن شادويك السيرة الذاتية لمانديلا التي أصدرها"ماديبا" نفسه سنة 1994 وإستغرق إعداد الفيلم ستة عشر عاما وقام بتجسيد دور مانديلا الممثل البريطاني"إدريس إلبا"(نجم السلسلتين التلفزيتين The wireو luther ) فيما جسدت" ناومي هاريس" دور زوجة مانديلا "ويني" التي رافقته سنوات سجنه الطويلة وكانت من ابرز قيادات حزب المؤتمر الوطني قبل ان ينفصل عنها مانديلا بعد إطلاق سراحه وتوتر علاقتهما . ويعيد فيلم "مانديلا درب الحرية الطويل" رسم خطى نلسن مانديلا نحو الحرية منذ نشأته مرورا بإلتحاقه بجوهانزبرغ ليفتح أول مكتب محاماة لرجل أسود ويصبح أبرز قادة حزب المؤتمر الوطني . ولم يكتب لمانديلا ان يشاهد هذا الشريط الذي يروي سيرته الذاتية نظرا إلى تدهور صحته وقد عرض الفيلم في إفريقيا الجنوبية في 28نوفمبر وينتظر ان يوزع في القاعات الفرنسية بداية من 18ديسمبر الجاري . شكل مانديلا مصدر إلهام للشعراء والموسيقيين طيلة عقود ، ويتذكر كثير من التونسيين أغنية الفنان محمد بحر "مانديلا " خلال الثمانينات، و تحتفظ الذاكرة بذلك الحفل الذي أقامه فنانون من مختلف أنحاء العالم سنة 1988 في ملعب ويمبلي للمطالبة بإطلاق سراح مانديلا الذي قضى سبعة وعشرين عاما في سجون نظام "الأبارتيد" وقد غنى الإفريقي الجنوبي جوني غلاغ ابيض اللون سنة 1987 أغنيته الشهيرة "أزمبوننغو" وقبله غنى السينغالي يويو ندور وغيرهما من الفنانين والمجموعات الموسيقة من اجل إطلاق سراح رمز مناهضة التمييز العنصري. ويفاخر الرئيس المؤقت عندنا بأنه أحد تلاميذ الزعيم مانديلا حتى أنه أطلق تسمية المؤتمر على حزبه سنة 2001 (في ذلك الوقت إقترحت أم زياد إسم الحزب الجمهوري ولكن المرزوقي تمسك بتسمية المؤتمر) تيمنا بحزب المؤتمر الوطني لمانديلا وحزب المؤتمر الهندي بزعامة غاندي ...