بقلم: محمد الهادي الحيدري مرّة أخرى تثبت فرنسا أنها تكيل بمكيالين في تطبيق قوانينها وتوظيفها بحسب ما تقتضيه حساباتها السياسية, فقد أقام وزير داخليتها مانويل فالس الدنيا ولم يقعدها بسبب عروض مسرحية ل«ديودوني» المثل الكوميدي الفرنسي من أصل كاميروني بدعوى أن عروضه «يمكن أن تهدد النظام العام» لأنها تتضمن تحيّة يقوم بها الكوميدي في عروضه (واشتهر بها أيضا ), هي أشبه بالتحيّة التي اشتهر بها النازيون. وأوعز فالس في بلاغ رسمي بمنع مسرحيات «ديودوني» بعد شكاوى تقدمت بها المنظمات اليهودية الفرنسية. واللافت أيضا أن قراره جاء أياما فقط بعد انعقاد المجلس التمثيلي للمؤسسات اليهودية بباريس. فالس رأى في عروض «ديودوني» تهديدا للنظام العام في فرنسا لأنها مسّت مشاعر اليهود وأثارت حفيظة الصهاينة ولم ير في نشر مجلة «شارلي ابدو» الفرنسية الساخرة رسوما ساخرة من نبيّ الأمة محمد عليه الصلاة والسلام ومقالا في عددها لشهر جويلية الماضي عنوانه «القرآن حماقة لا توقف الرصاص», إساءة واستفزازا لمشاعر مئات ملايين المسلمين . لم تحرك الحكومة الفرنسية الاشتراكية ساكنا حين أساءت «شارلي ابدو» للجالية المسلمة في فرنسا ولملايين المسلمين في أنحاء العالم وبرّرت موقفها بأن ما أقدمت عليه المجلة الساخرة يدخل ضمن حرّية التعبير (هكذا)واكتفت بإدانة لم ترق الى مستوى موقفها الحالي من عروض « ديودوني».. ما أقدم عليه الأخير يدخل أيضا ضمن حريّة التعبير – رغم أنه لم يرق إلى مستوى الإساءة لليهود – أما ما أقدمت عليه «شارلي ابدو» - والذي يدخل أيضا ضمن ما تعتبره الحكومة الفرنسية حرية تعبير - فكان إساءة متعمدة وإصرارا على استفزاز المسلمين ومع ذلك لم يشر فالس الى قانون «ازدراء» الأديان والى أن المجلة الساخرة تجاوزت حدود حرية التعبير إلى نهش مشاعر المسلمين.. ولم يصدر بلاغا رسميا يمنع فيه المجلة من النشر ومن التطاول ... أكثر من إساءة تعرض لها المسلمون والمهاجرون في فرنسا وكانت تحتاج من وزير الداخلية مانويل فالس وقفة حازمة إلا أن الرجل لم يكن حازما الا في ما رأى فيه إساءة لليهود.. مفارقة لا يمكن تفسيرها الا بأن حرية التعبير وقعت في استخدامها بين مخالب وأنياب الساسة يوظفونها متى شاؤوا ل «القمع» وبتحجّجون بها متى أرادوا تبرير مواقفهم .