الرابع من شهر جانفي في كل عام ستبقى ذكرى أليمة محفورة في القلوب وعالقة بالأذهان أبد الدهر كيف لا والأمر يتعلق بلحظة وداع فارقة ل «قلبي الأسد» المرحومين الهادي بالرخيصة «بلها» ولسعد الورتاني «الزقو» كما يحلو للجميع مناداتهما. ذكرى خلفت أسى ولوعة أدمعت عيون كل من عرف هذين المحاربين وانكسرت معها قلوب عشاقهما من قريب أو بعيد. شهيد الميدان ولد «بلها» في ال 22 من شهر جوان 1972 بجزيرة قرقنة وغادرها في نفس العام صحبة والديه الى فرنسا لكن شاءت الأقدار أن تعود به مجددا الى أرض «الأسلاف» في سن السادسة عشرة ليلتحق بفريق شبان كرة القدم للترجي الرياضي سنة 1988 بنصيحة من الوزير الحالي للرياضة طارق ذياب. بداية مغامرته مع «الجلد المدور» عرفت صعوبات جمّة خاصة أنه غيّر توجهه من ممارسة لعبة العمالقة «كرة السلة» الى اكتشاف عالم جديد هو كرة القدم لكن اصرار بالرخيصة على قهر العراقيل وكسب التحديات مكناه من تحقيق مبتغاه بأفضل كيفية ليتسلق «بلها» مدارج أصناف شبان نادي باب سويقة الى أن بلغ القمة بمنطق الكد والمثابرة دون حسابات مسبقة... «بلها» في تجاربه الكروية تتويجات محلية وقارية خالدة مع الترجي الرياضي كما فاز بمعدن الفضة لما حلّ وصيفا مع «النسور» في كان جنوب افريقيا 1996 وعرف أيضا بدماثة أخلاقه فكان «محبوب» الجميع لكن يد المنون باغتته ذات أمسية في الرابع من شهر جانفي 1997 وهو كعادته يبلل أرضية الميدان عرقا مدرارا في مباراة ودية لفريقه الترجي الرياضي جمعته بأولمبيك ليون الفرنسي فكان الوداع بوقع «الكارثة» لشهيد الميدان. رحيل قلب الأسد تعلّم «الزقو» (من مواليد 1980) أبجديات لعبة كرة القدم داخل مدرسة شبيبة القيروان الشهيرة ب «تفريخ» المواهب حيث تدرج بجميع أصنافها قبل أن تجذبه رائحة البقلاوة داخل مركب الأخضر والأحمر عام 2001 ليزف لأنصار الملعب التونسي الأميرة المحلية في موسم 2003/2004. تتويج تاريخي جذب اليه أنظار كبار قوم كرة القدم التونسية فكان آنذاك النادي الافريقي السباق الى الظفر بخدماته ليتقمص الورتاني منذ تلك اللحظة ألوان نادي باب الجديد في تجربة حافلة في صفوفه امتدت الى حدود 2009 (قائد فريق) حيث كان محلّ ترحاب الجميع من أنصار فريقه واحترام أحباء الأندية الأخرى نظرا للأخلاق الرفيعة التي طبعت مسيرته في حديقة «منير القبايلي».. «الزقو» مثل علامة مضيئة في تاريخ الافريقي الكبير ومازالت الذاكرة الرياضية الخصبة تشهد بالدور الكبير الذي تقمصه «قلب الأسد» لإعادة الأحمر والأبيض الى منصة التتويجات من بوابة البطولة المحلية (2008) بقيادة «الجنرال» الجزائري عبد الحق بن شيخة لكن تبقى مغادرة «الزقو» قلعة القبايلي من الباب الصغير في 2009 بمفعول سوء تدبير اداري لا يغتفر النقطة السوداء في مسيرة اللاعب مع الأفارقة ليشد الرحال على اثرها في اتجاه الترجي الجرجيسي في محطة قصيرة قبل أن يعود بطل ألعاب البحر الأبيض المتوسط (2001) الى حضن الأم الشبيبة القيروانية من 2010 الى 2012 ومنذ تلك اللحظة شارفت مغامرة «الزقو» مع ممارسة كرة القدم على النهاية واختار محطة تدريبية في فريق النهضة السعودي الى أن أتى خبر الفاجعة برحيل الورتاني نهائيا عن عالم الأرض في الرابع من جانفي 2013 فكان الوداع تاريخيا في مقبرة الجلاز بحضور جماهيري خيالي فاق كل التوقعات. ذكرى خالدة إلى الأبد اليوم مناسبة ليست بالعادية لدى الشارع الرياضي المحلي بل هي ذكرى موجعة لرحيل الهادي بالرخيصة الذي مرّ على رحيل جسده عنا 17 عاما طواها الزمن وكذا الأمر مع لسعد الورتاني الذي فارق الحياة دون سابق انذار نتيجة حادث سير أليم أبكى الصغير قبل الكبير فرحم الله الفقيدين والى جنة الخلد يا «زقو» و «بلها»... وستبقى ذكراكما هنا خالدة الى الأبد...