النواب يناقشو مهمة رئاسة الحكومة: مشاريع معطّلة، إصلاح إداري، ومكافحة الفساد    الأربعاء المقبل / إطلاق تحدّي " تحدّ ذكاءك الاصطناعي" بالمدرسة العليا للتجارة    احتفاءً بالعيد الوطني للشجرة: حملة وطنية للتشجير وبرمجة غراسة 8 ملايين شتلة    الجزائر.. الجيش يحذر من "مخططات خبيثة" تستهدف أمن واستقرار البلاد    برنامج مباريات اليوم و النقل التلفزي    طقس اليوم: أمطار غزيرة ببعض المناطق مع تساقط البرد    تركيا: 6 قتلى في حريق بمستودع للعطور والسلطات تحقق    الشرع في واشنطن.. أول زيارة لرئيس سوري منذ 1946    مالي: اختطاف 3 مصريين .. ومطلوب فدية 5 ملايين دولار    المسرح الوطني يحصد أغلب جوائز المهرجان الوطني للمسرح التونسي    الأحد: أمطار رعدية والحرارة في انخفاض    تشيلسي يصعد لوصافة الدوري الإنجليزي بالفوز على وولفرهامبتون    وزارة الصحة: 1638 فحص أسنان: 731 حالة تحتاج متابعة و123 تلميذ تعالجوا فورياً    رأس جدير: إحباط تهريب عملة أجنبية بقيمة تفوق 3 ملايين دينار    منخفض جوي وحالة عدم استقرار بهذه المناطق    زيادة في ميزانية رئاسة الحكومة    عماد الأمن الغذائي والمنظومة الإنتاجية .. الدعم لإنعاش الفلاّح وإنقاذ الفلاحة    دعوة الى رؤية بيئية جديدة    منتدى تونس لتطوير الطب الصيني الإفريقي يومي 21 و22 نوفمبر 2025    تونس تحتضن ندوة دولية حول التغيرات المناخية والانتقال الطاقي في أكتوبر 2026    الجولة 12 لبطولة النخب لكرة اليد :سبورتينغ المكنين وجمعية الحمامات ابرز مستفيدين    الدورة 44 لمعرض الشارقة الدولي للكتاب: 10أجنحة تمثل قطاع النشر التونسي    من كلمات الجليدي العويني وألحان منير الغضاب: «خطوات» فيديو كليب جديد للمطربة عفيفة العويني    أولا وأخيرا .. قصة الهدهد والبقر    رئيس الجمهورية يكلّف المهندس علي بن حمودة بتشكيل فريق لإيجاد حلول عاجلة في قابس    تقرير البنك المركزي: تطور القروض البنكية بنسق اقل من نمو النشاط الاقتصادي    ألعاب التضامن الإسلامي – الرياض 2025: فضية لجميلة بولكباش في سباق 800 متر سباحة حرة    ربع التوانسة بعد الأربعين مهدّدين بتآكل غضروف الركبة!    منوبة: الكشف عن مسلخ عشوائي بالمرناقية وحجز أكثر من 650 كلغ من الدجاج المذبوح    تونس - الصين: 39 طالبا وطالبة يحصلون على "منحة السفير" في معهد كونفوشيوس بجامعة قرطاج    إعادة انتخاب محرز بوصيان نائبا لرئيس الإتحاد العربي للجان الوطنية الأولمبية    الرابطة الثانية – الجولة 8 (الدفعة الثانية): النتائج والترتيب    هذه نسبة التضخم المتوقع بلوغها لكامل سنة 2026..    لمرضى السكري: عشبة إذا شربتها صباحًا ستخفض السكر في دمّك    شنيا حكاية فاتورة معجنات في إزمير الي سومها تجاوز ال7 آلاف ليرة؟    دربي العاصمة: الإفريقي والترجي نهار الأحد.. 142 مواجهة وهذه الأرقام    أغرب عملية سرقة: سارق رقد في عوض يهرب!    حريق في مستودع للعطور بتركيا يخلف 6 قتلى و5 مصابين    البنك المركزي: نشاط القطاع المصرفي يتركز على البنوك المقيمة    عاجل: من مساء السبت والى الأحد أمطار رعدية غزيرة ورياح تتجاوز 90 كلم/س بهذه المناطق    الدورة الاولى لمهرجان بذرتنا يومي 22 و23 نوفمبر بالمدرسة الوطنية للمهندسين بصفاقس    العلم يكشف سر في المقرونة : قداش لازمك تحط ملح ؟    عاجل/ محاولة اغتيال سفيرة إسرائيل بالمكسيك: ايران ترد على اتهامها..    هام/ الهيئة الوطنيّة للوقاية من التعذيب تنتدب..#خبر_عاجل    بسمة الهمامي: "عاملات النظافة ينظفن منازل بعض النواب... وعيب اللي قاعد يصير"    عاجل: اليوم تنطلق الدفعة الأولى من مباريات الجولة 14.. شوف القنوات الناقلة!    بايدن يوجه انتقادا حادا لترامب وحاشيته: "لا ملوك في الديمقراطية"    النيابة العامة في إسطنبول تصدر مذكرة اعتقال بحق نتنياهو ومسؤولين إسرائيليين    جلسة عمل بوزارة الصحة لتقييم مدى تقدم الخطة الوطنية لمقاومة البكتيريا المقاومة للمضادات الحيوية    أمطار بهذه المناطق خلال الليلة المقبلة    ارتفاع ميزانية وزارة الشؤون الثقافية بنسبة 8 بالمائة سنة 2026    مفزع/ نسبة الرضاعة الطبيعية في تونس أقل من 18 بالمائة..!    تعرف قدّاش عندنا من مكتبة عمومية في تونس؟    عاجل : فضيحة في مسابقة ملكة جمال الكون 2025: شنية الحكاية ؟    من أعطي حظه من الرفق فقد أعطي حظّه من الخير    خطبة الجمعة ... مكانة الشجرة في الإسلام الشجرة الطيبة... كالكلمة الطيبة    مصر.. فتوى بعد اعتداء فرد أمن سعودي على معتمر مصري في المسجد الحرام    عاجل: حدث نادر فالسماء القمر يلتقي بزحل ونبتون قدام عينيك..هذا الموعد    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



ملك الكوميديا الفنّان لمين النهدي ل «التونسية»:«الصّندي يبقى... والتاعب يسكّر الحانوتة»!
نشر في التونسية يوم 14 - 01 - 2014

السرقات الأدبية في بلادنا باتت في حجم «البراكاجات»!
لا أملك ثروة ولا هم يحزنون... «نفخولي كرشي بالهواء»!
أنا مدين ل «بن علي» في وقفته معي خلال مرضي
«وين ماشين؟» هو مولودي المسرحي الجديد
عبد الرؤوف الباسطي أفضل وزير ثقافة عرفته
حاورته: ليلى بورقعة
لقبّوه ب«ملك الكوميديا» وب «فنان الشعب» وحفظ جمهوره بعضا من جمل مسرحياته عن ظهر قلب ... ولدى سؤاله عن سرّ إبداعه ووصفة نجاحه يجيب: «إنها موهبة من الله لا تلّقن لا في كليّات ولا في أكاديميات !»... إنّه بكل بساطة الفنان لمين النهدي صاحب المسرحيات الشهيرة والمحبوبة على غرار «المكي وزكية» و«في هاك السردوك نريّشو» و«الكريطة»... والأعمال السينمائية الممتعة ومنها بالخصوص «فردة ولقات أختها» والمشاركات التلفزية المتميّزة...والتي يطول ذكرها وحصرها. «التونسية» كان لها مع هذا المبدع حديث عن واقع الثقافة ومستجدات السياسة وأزمات الاقتصاد ... وبين سعلة ونحنحة ورشفة قهوة وأخرى وطرفة ومزحة... خصّنا لمين النهدي بالحوار الآتي:
بعد غياب طويل عن الركح... يعود لمين النهدي إلى المسرح بعرض «وين ماشين؟», فهل أعادتك الأشواق إلى الخشبة و«العود أحمد»؟
منذ عامين وأنا عاكف على الإعداد والتحضير لهذا العمل صحبة صديقي الصحفي القدير محمد الفريقي الذي سبق لي التعامل معه ضمن فرقة «المغرب العربي», التي أسستها في السبعينات ,على مستوى صياغة أغلب نصوص الفرقة على غرار مسرحية «في بلاد الهاوهاو» و«فر فر» و«الكريطة», كما كتب لي بمفرده نص مسرحية «الناقوس»... ثم وبعد سنوات من القطيعة بيننا, ها نحن نجتمع من جديد في عمل جديد يحمل عنوان «وين ماشين؟». وهي مسرحية من النوع الثقيل,إذ أعتقد أن تجربتي وإمكانياتي تسمح لي اليوم بتقديم «حاجة باهية» في خضم كثافة عروض ال «وان مان شو» التي يختلط فيها الحابل بالنابل والغث بالسمين. وفي هذا العمل سعينا إلى تقديم مسرحية « فرشكة» عمودها الفقري هو الإضحاك لكن على طريقة لمين النهدي. ففي مسرحي هناك دائما حكاية أو «حدوثة» شيّقة وهزلية وناقدة في الآن ذاته. وأرجو أن تتقبّلوا مني اعتذاري لأني لا أستطيع في الوقت الحالي البوح بحكاية مسرحية «وين ماشين؟» خوفا من السطو على الفكرة, فالسرقات الأدبية في بلادنا باتت بحجم «البراكاجات» في الشارع! وكل ما أستطيع قوله هو إن هذا المولود المسرحي سيكون جاهزا خلال شهر فيفري القادم وستشاهدون فيه لمين النهدي يصول ويجول كما عوّدكم على الركح في عمل من إخراج ابني محمد علي النهدي الذي أعتبره من خيرة وأحسن المخرجين في تونس وقد جربّت التعامل مع الكثير والكثير لكني لم أعرف مبدعين في الإخراج بحجم فاضل الجعايبي ومحمد علي النهدي...
إذا هل تعتبر ابنك محمد علي امتدادا لمشوارك الفني ووريثا ل «عرشك» الكوميدي؟
أنا مشروع قائم الذات ففي رصيدي 42 مسرحية منها 40 ناجحة بامتياز, لكن من الممكن أن يكون محمد علي تكملة لمشروعي الفني بروح وخصوصية جيله. وأعتبر أن محمد علي يملك قدرات وإضافات مسرحية هائلة على مستوى الإخراج بشهادة الجميع. وقد نشأ منذ نعومة أظافره على حب المسرح والتمثيل واجتاز بتفوّق مرحلة الهواية وعانق الاحتراف من أبوابه الواسعة. وكان هو من أخرج لي مسرحية «في هاك السردوك نريشو» التي لاقت نجاحا جماهيريا باهرا... وها هو اليوم يخرج لي «وين ماشين؟». كما أوّد الإشارة إلى أن ابني وليد يتميّز بملكات فنية رائعة وأرجو أن تُمنح له الفرصة لإظهارها.
ماذا عن سلسلتك التلفزية الأخيرة «الزميل» ... ألم يفضّ الإشكال مع التلفزة الوطنية بعد؟
(متبسّما في مرارة) أنا متفائل بالحكومة الجديدة المنتظرة عسى أن أجد معها الحل. فسابقا كنا نخاف من «المدب» و«الطهار» والبوليس.. أما اليوم فأصبحنا نخاف من الأسعار والتونسي بات يرتعش من الأثمان وينظر شزرا إلى تسعيرة المواد... لذلك على الحكومة مراجعة كل الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية والثقافية. فما معنى أن تعدنا المديرة السابقة للتلفزة الوطنية ببث السلسلة الكوميدية «الزميل» في شهر رمضان الفارط ثم تنقض عهودها بين عشيّة وضحاها ؟ فبعد الاستجابة لمطالبها المتمثلة في حذف بعض المقاطع والتخفيض في ميزانية العمل... صدمنا بقرار الرفض, فيا خيبة المسعى! وهنا أسأل المشرفين: كيف سمحوا ببث «السلسلة الكارثة»، «يوميات علولو» في رمضان المنقضي والتي كلّفت الشعب مبلغ 750 ألف دينار ورفضوا «الزميل» التي لم تتجاوز كلفتها 280 ألف دينار ؟ فيبدو أن «المسامر المصدّدة» لا تزال متحكمة في التلفزة. وأشير إلى أن ّ المساعي جارية حتى يرى هذا العمل النور(ضاحكا) «ما كانش راني نتغشّش !».
هل صحيح أن وزارة حقوق الإنسان دعمت سلسلة «الزميل» بقيمة «100 ألف دينار», وماذا عن دور وزارة الثقافة؟
صحيح... لقد وجدنا من وزارة حقوق الانسان كل الدعم المادي وخصوصا المعنوي, في حين لم تحرّك وزارة الثقافة ساكنا وكأنها في سبات عميق وغيبوبة طويلة. وقد قمنا بالاحتجاج أمام مقر التلفزة ولم يتصل بنا أي مسؤول منها للسؤال أو الاستفسار حول مصير العمل علما أني الممثل الوحيد الذي لم يقبض دعما من وزارة الثقافة لأني دائما أعوّل على الجمهور وأقول: «جمهوري هو الذي يفقرني أو يغنيني, ومتى يصبح جمهوري دون 500 متفرّج... «نبطل» المسرح». وعموما حصيلة أداء وزارة الثقافة شابه السيء أكثر من الجيّد مرورا بأحداث قصر العبدلية والتهديدات والاعتداءات التي تعرّض ويتعرّض لها المبدعون وصولا إلى الدورة الأخيرة من أيام قرطاج المسرحية التي جاءت بلا نكهة وبلا روح بالإضافة إلى المشكلة الأزلية المستعصية وهي مسألة التنظيم , دون أن ننسى عدم استضافة الفرق المسرحية العالمية... وهو ما جعل مسرحنا ضعيفا مقتصرا على التقليد دون التجديد.
بسبب سلسلة «المفتش خليفة» دخلت في إضراب جوع والسيناريو يكرّر ذاته مع «الزميل»... فهل أصبح الإضراب «سنّة» من سنن لمين النهدي؟
ليس لي طريقة أخرى للاحتجاج وللتعبير عن وجع الإحساس بالقهر والظلم... والإضراب هو حق من صُودر حقه ومُنع قوته. ففي الأخير الإبداع هو مصدر رزق. وفي الوقت الذي يتلذذ فيه بعض مسؤولي التلفزة ب«القاتو» يستكثرون على الكثيرين أكل «الخبز»! وعندما أضربت لأول مرة عابوا عليّ ذلك وكأن الأمر حكر على السياسيين وحدهم, أما اليوم فأصبح الإضراب سلاح الجميع بلا استثناء.
في عهد بورقيبة دخلت السجن, وزمن بن علي تعرّضت للصنصرة... فكيف هو حال النهدي مع حرية الإبداع في تونس ما بعد الثورة؟
بالمناسبة أنا لم أرغب في إشهار نضالي الفني وإعلان كفاحي المسرحي عكس ما تفعله بعض الوجوه التي لم نرها ولم نسمع عنها قبل الثورة. أما بخصوص قصة سجني في عهد بورقيبة فقد حذروني وقتها وأنا خارج أرض الوطن من السجن في حال العودة لكني فضلت الرجوع والدخول في سجن بلادي على الحرية وأنا في الغربة. وفي حكم بن علي كذلك تعرضت أعمالي للصنصرة على غرار مسرحية «الفرجة» بالرغم من جمعها في عرض واحد ل 12 ألف متفرج ومسرحية «في هاك السردوك نريشو» التي منعت من العرض لمدة عام ونصف... ولكن اليوم عاد مقص الرقابة بأكثر «حروشية» من السابق والغريب العجيب أن يتم رفض الأعمال دون أسباب مقنعة وأحيانا بلا توضيح ولاهم يحزنون !لذلك أقول للتوانسة, للمبدعين, للأحرار... احذروا الصنصرة إنها في انتظاركم أمام الباب!
كثيرا ما أثنيت على بن علي وقلت بأن له الفضل في إنقاذ حياتك, وأيضا صرّحت بأنّه لو كان موجودا لما مات نصر الدين بن مختار...؟
(مقاطعا) المولى عزّ وجل ّ هو من أنقذ حياتي ووهبني عمرا جديدا.لكني قلت وأقول وسأقول أنّني مدين ل«وقفة» بن علي معي في مرضي ولست ناكرا للجميل حتى أجحد هبّته في محنتي .حيث بلغني أنه بمجرد سماعه بدخولي في غيبوبة أمر بنقلي إلى المستشفى العسكري على جناح السرعة وهناك سهر على صحتي 4 من خيرة أساتذة الطب في بلادنا حتى يعود لكم النهدي حيّا ! وللأسف لو لقي كل من المرحوم سفيان الشعري ونصر الدين بن مختار وغيرهما مثل تلك العناية التي لقيتها ربما لكان لهما مصير آخر... غير الموت!
لكن هناك من يقول إن بن علي فرّ دون أن يدفع فاتورة المستشفى المقدّرة بالملايين... فتكفّل المرزوقي بتسديدها على حساب ميزانية الرئاسة ؟
لا بن علي ولا المرزوقي دفعا أو سيدفعان فاتورة علاجي من جيبهما, فالتحية كل التحية للشعب التونسي الذي بفضل ماله تمّ إنقاذ حياتي...(مازحا) ولا أعتقد أن هذا خسارة في لمين النهدي»!
للأسف فقدت الساحة الكوميدية النجمين نصر الدين بن مختار وسفيان الشعري ...و لكن أرضنا بعثت وتبعث من رحمها عديد الأسماء الجديدة, ما رأيك فيها؟
أشعر بالفرح والغبطة وأنا ألاحظ أن المسرح البلدي يضاء مرتين في الأسبوع تقريبا لاحتضان العروض الجديدة. أما عن مدى الإبداع فيها, فالجمهور هو المقياس والغربال الذي سيثمّن الجيّد ويسقط الهزيل ...و «الصندي» سيبقى أما «التاعب توّا يسكر الحانوتة». وللتذكير فإن أوّل من قام بال «وان مان شو» في تونس هو المرحوم حمادي الجزيري في الستينات ثم عبد الرزاق الزعزاع الذي قدّم «يوميات مجنون» ومن بعده رؤوف بن يغلان في عرض للنص العالمي الشهير «يوميات مجنون»... كذلك خاض فتحي الهداوي تجربة ال «وان مان شو» لكنها لم تنجح... دون أن ننسى التجربة النسائية لناجية الورغي. وبالمناسبة أعتبر أن المسرح الناجح هو مسرح الشعب القريب منه والمدغدغ لانفعالاته والمعبّر بلسانه ولهجته... فحتى اليوم لا يزال الشارع التونسي يحفظ سكاتشات قدمتها في مسرحياتي منذ السبعينات عن مشاكل اليوم من غلاء ومحسوبية وخور الإدارة... أما بالنسبة لمن يقولون إنهم يقدّمون مسرح النخبة فأرى أنهم لم يفهموا بعد اللعبة المسرحية.
هل من وصفة للنجاح وسرّ للإبداع... يهمس بها المبدع لمين النهدي في أذن المواهب الصاعدة في فن المسرح ومجال الكوميديا؟
إنه السؤال ذاته الذي طرحته في السبعينات وأنا في العشرينات من عمري على الكبير حمادي الجزيري بعد أن قدمتني له وقتها زوجتي السابقة سعاد محاسن . فكان جوابه كالآتي (مقلدا صوته): «عيّش ولدي الممثل الكوميدي هو اللّي عندو الموهبة والقبول» وطوال مسيرتي المسرحية تبنيّت هذه النصيحة ووقفت على صحتها. وفي هذا السياق أخصّكم بحقيقة لم أعلن عنها من قبل وهي أني أتعمد الجلوس في الوراء عند مشاهدة العروض حتى يسهل عليّ الانسحاب في حال ما إذا كانت المسرحية «ماسطة لاسطة». مرّة واحدة هي التي وقعت فيها في فخ مقاعد الصف الأول وكان ذلك عندما استقبلني أحد المسرحيين بالورود والتحية فوجدت نفسي مكرها على «بلع» المسرحية دون هضم ...!
ألا يدغدغك الحنين إلى التعامل من جديد مع عدد من الأسماء التي نحتّ معها قصة نجاحك في بداية مشوارك أمثال نور الدين بن عيّاد ومنجي العوني...؟
(في تنهيدة صاحبت استرجاع الذكرى) الحنين دوما موجود... ولكن الوقت هو البخيل والقصير وما باليد حيلة والعمل الجماعي يتمظهر أساسا في الأعمال التلفزية. والتلفزة ليس فيها أمان وكلما أعددت شيئا للشاشة الصغيرة أضع يدي على قلبي توّجسا من الرفض وتبّخر مجهود طاقم كامل. لذلك فالمسرح أرحم بكثير... وعملا بمثل «في داري نستر عاري» والمسرح هو داري !
ولكن يعيب عليك البعض الاقتصار في التعامل الفني على «آل النهدي»؟
«الأقربون أولى بالمعروف»... ثم لا أعتقد أن هناك من يشكّك في موهبة محمد علي النهدي تمثيلا وإخراجا التي مكنّته من حصد 40 جائزة, والشيء نفسه بالنسبة لابني وليد أو ابن أخي رياض. فنحن والحمد لله «عايلة زرقة» في الإبداع. وحتى أحفادي ورثوا عنّا هذا الكنز, فحفيدي مهدي النهدي بصدد كتابة سيناريو فيلم قصير وهو ابن 12 عاما وحفيدتي ابتسام لها صوت عذب كجدّتها سعاد محاسن وسأقدّمها قريبا في إحدى الحصص التلفزية.
ما مدى صحّة الحديث عن جمعك لثروة هائلة من وراء عروضك الفنية وخصوصا منها مسرحية «المكي وزكية»؟
«نفخولي كرشي بالهواء» ولا أملك ثروة طائلة.و كلّ هذه الادعاءات باطلة ومجانبة للصواب. وهم لا يعلمون كم يكلّف العرض المسرحي من مصاريف وتكاليف. فكراء فضاء المسرح البلدي يتطلب 1600 دينار للعرض الواحد والمصاريف القارّة لا تنزل عن مستوى 1000 دينار دون احتساب كلفة الاشهار والمعلقات... وصدقا إني أدفع من «لحمي» في إنتاج أعمالي سيّما أنّي لا أتمتّع بدعم وزارة الثقافة.
لا شك أنك تعاملت مع عديد من الوزراء الذين تداولوا على وزارة الثقافة, من أكثرهم «برّا» بالقطاع وأهله في نظرك؟
من أحسن الوزراء عندي عبد الرؤوف الباسطي الذي كان رجل مسرح وثقافة ومتفهما لطبيعة عمل المبدعين وعارض الصنصرة.كذلك لا يمكنني أن أنسى أن فؤاد المبزع لدى توليه مقاليد وزارة الثقافة حررّني من ربقة صنصرة الوزير الذي سبقه. وأذكر أيضا أن الوزير الراحل محمود المسعدي كان لا يحب «الدارجة» لذلك عندما شاهد مسرحيتي «الكريطة» عام 76 ,و هي مسرحية بالعامية, انسحب بعد نطقي لحوالي 10 جمل لا أكثر! وبعد سنة من الحادثة فازت «الكريطة» بالجائزة الأولى للمسرح في مهرجان قليبية للهواة وكان عليه أن يسلمني بنفسه الجائزة! فلم يرفض وكرّمني, لكنه اقترب مني ووشوش لي في أذني: «هذبتُّو في النص؟!».
لو نتف لنا الأمين النهدي ريش «سردوك» السياسة, فماذا يقول؟
طالما تحدثت عن السياسة في مسرحياتي ونقدت السياسات الاجتماعية والاقتصادية والثقافية وشرّحتها على الركح. فأنا لست محترف سياسة ولكني مبدع سياسي في المسرح. وأعتقد أن الخطاب المسرحي خصوصا في وضعنا الراهن أرقى بكثير من الخطاب السياسي الذي «تشلّك» ولم تعد له قيمة. وبهذه المناسبة أقول لنوّاب التأسيسي: «بربي يزّي من العرك وشويا ذوق ووهرة في اللبسة».وأيضا في طريقة لبس الحجاب بالنسبة للنساء «وشوفوا الإعلامية خديجة بن قنّة محلا لبستها للمحرمة». وأذكرهم بأنّهم لا يمثلون أنفسهم فقط بل هم صورة مصغرّة عن تونس .
ماذا عن قول البعض بأنّ لديك ميولات نحو حزب «نداء تونس»؟
فعلا إني أحترم أشخاصا بعينهم في «نداء تونس» وحتى في أحزاب أخرى بما في ذلك حركة «النهضة»... ففي كل توليفة سياسية يوجد أشخاص جديرون بالاحترام بما في ذلك شخصيات كانت في النظام السابق . ولكني أكرّر وأؤكد أني لا أنتمي لأي حزب... (مضيفا في مزاح) ما عدا «حزب اللطيف»!
ما تعليقك على الاحتجاجات الأخيرة بسبب الأتاوات على السيارات... أم ما زلت لا تملك سيارة؟
أتعاطف كثيرا مع المحتجين وأساند مطالبهم المشروعة بالتنمية والعدالة الاجتماعية فالجوع كافر... ولكني أدعوهم إلى الاحتجاج السلمي دون اللجوء إلى الحرق والتخريب وأقول لهم «ردوا بالكم راهي ترجع عليكم» وسيثقلون كاهلكم بالضرائب وسيزيدونكم في الأسعار لإصلاح الضرر الحاصل. كما أني أغتنم فرصة حديثي مع «التونسية» لأقول للأطباء «شدّوا الصحيح ...أنا كمريض معاكم». (قالها في مزاح... لكنه كان يعاني فعلا من آثار وعكة صحية ألمّت به بعد عرضه الأخير بصفاقس ليلة رأس السنة).
أما بخصوص رخصة القيادة, فأنا لا أملك سيارة, ولا زوجة ...
ولكنك تملك العديد من القطط؟
(مقهقها) «كان ريتو أختي» فهي تملك 16 قطة سمتها بأسماء أنواع السيارات ! أما أنا فمسكين ولا أملك سوى 6 قطط واحدة منها أنجبت مؤخرا فاحتفلنا بهذه المناسبة السارة!
من يضحك «ملك الكوميديا» الأمين النهدي؟
ولدي وليد النهدي وأختي شريفة ومن وقت لآخر نجلي محمد علي...
طرفة لن تمحى من وجدانك؟
ربّاني والدي على الرأفة بالحيوان وحبّ النبات... لذلك أربّي في بيتي القطط وأزرع في حديقتي بعض النباتات. ولي أصّ (محبس) أمام منزلي غرست فيه القرنفل فقطفوه وخطفوه, فاستبدلت الزهور بالنعناع ففوجئت بإحدى الجارات تحصده حصدا دون شفقة, فما كان مني سوى أن غرست «الهندي» لتلسع أشواكه كل من يقترب منه.
ومن الطرائف التي استدعتها ذاكرتي في هذه اللحظة أنه كان من بين فريقي في أحد الأعمال ممثل هاو اقترح العمل مجانا مقابل توّفر الإقامة والمأكل واكتساب الخبرة. ولكني اكتشفت بعدها أنه أكول «بطريقة تحشم... فقلت له: لا يا ولدي اخلص واخطاني من كرشك !».
ذكرى سيئة تؤلمك سيرتها ؟
(في مرارة وقد اختفت النكتة والبسمة وحلّ الأسى مكان الفذلكة) للأسف عام 2013 هو عام المآسي. وإلى الآن لا أصدق أن صديقي المرحوم شكري بلعيد قد ولّى بغير رجعة. كما لن أنسى من حياتي صورة رفيقي نصر الدين بن مختار وهو يشد على يدي بقوة في الساعات الأخيرة من حياته وكأنه يرجوني الاّ أتركه لوحده...مع الموت!
حلم يراودك؟
حلمي انجاز مشروع فنّي ضخم للأطفال...


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.