فاجأ الرئيس السابق فؤاد المبزّع جمهور قاعة سينما الريوRIO مساء أمس(الثلاثاء) بحضوره العرض الأول لفيلم نضال شطا "آخر سراب" وقد حل "السيد الرئيس" الذي حظي بإستقبال عفوي في حدود الساعة و45دقيقة دون جلبة او ضجيج أو مرافقة أمنية منفّرة، وإتخذ لنفسه كرسيا بين المدعوين وظل ينتظر إنطلاق العرض في السابعة والنصف مساء دون أن يبدي أي ضيق أو تبرّم. وقد أثار سلوك الرئيس السابق إعجاب الكثير من الحاضرين فليس من عادة رؤسائنا –وقس على ذلك الرؤساء العرب الذين لا يحضرون سوى الإحتفالات العسكرية التي تتغنى ببطولاتهم المزعومة- حضور الأفلام، لا قبل الثورة ولا بعدها، ويذكر ان السيد فؤاد المبزع من المواظبين على متابعة مهرجان" كان " السينمائي منذ اكثر من أربعة عقود. كما حضر العرض الأول لفيلم آخر سراب وزير الثقافة الأسبق رؤوف الباسطي الذي لا يكاد يفوّت عرضا سينمائيا، إذ لاقيناه يوم الأحد الماضي في إختتام الملتقى الثالث للمخرجين، في حين تغيب وزير الثقافة الجديد وسلفه مهدي مبروك على الرغم من دعوتهما من طرف المنتج عبد العزيز بن ملوكة ونحن نأمل أن يكون المانع خيرا خاصة وأن إنجاز فيلم روائي طويل في تونس أقرب إلى الإعجاز بعد ان ولّت صناديق الدعم الفرنكفونية وجهها عن سينمائنا-التي تراجع مستواها وإن كان مخرجونا لا يحبون هذا الرأي- ولم يعد أمام السينمائيين التونسيين سوى منحة وزارة الثقافة ، وربما يغيب عن عباقرة النقد السينمائي عندنا أن فيلم" آخر سراب" الذي قام بدور البطولة فيه الممثل الأمريكي الفرنسي جان مارك بار(وهو ممثل له قيمته عالميا وليس من الصف الخامس) والراحل لطفي الدزيري ومنعم شويات وهشام رستم ومعز مرابط قد بلغت تكلفته المليار ومائتي ألف دينار ، اما منحة التشجيع على الإنتاج السينمائي المسندة من الوزارة فقدرها 550 ألف دينارا ، ولكم ان تتخيلوا ما الذي يتعين على المنتج أن يصنعه لا ليكمل الفيلم فقط بل ليتجنب الإفلاس أو الدخول إلى سجن المرناقية ... ومن بين الوجوه التي لفتت الأنظار بحضورها في العرض الخاص لفيلم"آخر سراب" راضي المؤدب الخبير الاقتصادي الذي تم تداول إسمه مرشحا لرئاسة حكومة التكنوقراط قبل أن يستقر الرأي على مهدي جمعة، وإياد الدهماني القيادي بالحزب الجمهوري والنائب بالمجلس الوطني التأسيسي وسلمى بكار المخرجة السينمائية والقيادية بالمسار والنائبة بالمجلس التأسيسي. ومن بين العائلة الفنية حضر رضا التركي رئيس الغرفة الوطنية لمنتجي الأفلام الروائية الطويلة مرفوقا بإبنته المشتغلة في القطاع السينمائي عزة التركي، والمنتجان نجيب عياد وحسن دلدول والمخرجون مديح بلعيد ومراد بالشيخ ومحمد دمق وعبد اللطيف ببن عمار وعلي بنور وجمال المداني ويونس فارحي ومحسن الفريجي وسامي بن ملوكة... وقد صعد على الركح لتقديم الفيلم نجم "آخر سراب" جان مارك بار JEAN MARC BARRوالممثلون هشام رستم ومنعم شويات ومعز مرابط وفريد مميش(عمل مستشارا أول للرئيس فؤاد المبزع) والمخرج نضال شطا الذي كان مرفوقا بإبنه "كيان" الذي قام بدور صغير في الفيلم"مقاتل عراقي" ، و"كريسيان سيرانو" شريك نضال شطا في سيناريو الفيلم . ومهما إختلفت الآراء فإن فضل" آخر سراب" على السينما التونسية أنه خرج بها من المسالك المعبدة من حيث جمالية الصورة حيث كشف نضال شطا عن كفاءة عالية في تصوير مشاهد الفيلم بإضاءة ملائمة ومتغيرة بشكل متناسق، فضلا عن تميز Bande sonore المادة الصوتية من موسيقى ومؤثرات ، أما الفيلم فتدور أحداثه حول سرقة مخطوط نادر من متحف بغداد ومحاولة إسترجاعه ، أي أن الفيلم بوليسي بخلفية حضارية وهي تجربة سينمائية تستحق التشجيع لا من وزارة الثقافة هذه المرة بل من جمهور قاعات السينما فإقتطاع تذكرة بدنانير معدودات لن يتسبب في أزمة مالية لهواة السينما، والفيلم يعرض بداية من يوم الأربعاء في قاعات العاصمة(الريوRIO وعليسة ومدار قرطاج) في إنتظار برمجته داخل ولايات الجمهورية من طرف الموزع الحبيب بلهادي الذي قام بكراء قاعة الريو وتجديدها لتكون قاعة متعددة الاختصاصات(سينما ومسرح وموسيقى...) ونحن ندعو وزير الثقافة الذي لم يحلّ ركبه الميمون بمناسبة عرض الفيلم أن يزور قاعة الريو بقلب العاصمة حيث تكتظ المقاهي والحانات وأكشاك بيع الفواكه الجافة ليرى بأم عينيه ما فعله الحبيب بلهادي ليعيد الحياة لواحدة من أعرق قاعات السينما بالجانب الأوروبي لمدينة تونس وهو مجهود يستحق كلمة ثناء وبعض الدعم من وزارة الإشراف ...