أقسام ومعدّات حديثة بمستشفى القصرين    تونس تحتل المرتبة الثانية عالميا في إنتاج زيت الزيتون    الشركات الأهلية : الإنطلاق في تكوين لجان جهوية    التشكيلة المنتظرة لكلاسيكو النجم الساحلي و النادي الإفريقي    وزير السياحة: عودة للسياحة البحرية وبرمجة 80 رحلة نحو تونس    انقطاع التيار الكهربائي بعدد من مناطق سيدي بوزيد والمنستير    كيف سيكون طقس اليوم ؟    عاجل/ الرصد الجوي يحذر في نشرة خاصة..    فضيحة/ تحقيق يهز صناعة المياه.. قوارير شركة شهيرة ملوثة "بالبراز"..!!    عاجل/ مذكرات توقيف دولية تطال نتنياهو وقيادات إسرائيلية..نقاش وقلق كبير..    اكتشاف أحد أقدم النجوم خارج مجرة درب التبانة    يتضمن "تنازلات".. تفاصيل مقترح الإحتلال لوقف الحرب    ليبيا ضمن أخطر دول العالم لسنة 2024    بمشاركة ليبية.. افتتاح مهرجان الشعر والفروسية بتطاوين    كلوب يعلق على المشادة الكلامية مع محمد صلاح    بطولة مدريد للماسترز: أنس جابر تتأهل الى الدور ثمن النهائي    زيادة ب 4.5 ٪ في إيرادات الخطوط التونسية    بن عروس: حجز 214 كلغ من اللحوم الحمراء غير مطابقة لشروط النقل والحفظ والسلامة الصحية للمنتجات الغذائية    الترجي الرياضي يفوز على الزمالك المصري. 30-25 ويتوج باللقب القاري للمرة الرابعة    وزير الثقافة الإيطالي: "نريد بناء علاقات مثمرة مع تونس في مجال الثقافة والتراث    معرض تونس الدولي للكتاب : أمسية لتكريم ارواح شهداء غزة من الصحفيين    ''ربع سكان العالم'' يعانون من فقر الدم وتبعاته الخطيرة    بن عروس: انتفاع قرابة 200 شخص بالمحمدية بخدمات قافلة طبيّة متعددة الاختصاصات    تخص الحديقة الأثرية بروما وقصر الجم.. إمضاء اتفاقية توأمة بين وزارتي الثقافة التونسية و الايطالية    عمار يطّلع على أنشطة شركتين تونسيتين في الكاميرون    توزر.. مطالبة بحماية المدينة العتيقة وتنقيح مجلة حماية التراث    سوسة: القبض على 5 أشخاص يشتبه في ارتكابهم جريمة قتل    برنامج الدورة 28 لأيام الابداع الادبي بزغوان    بن عروس: حجز 214 كلغ من اللحوم الحمراء غير مطابقة لشروط النقل والحفظ والسلامة الصحية    في اليوم العالمي للفلسفة..مدينة الثقافة تحتضن ندوة بعنوان "نحو تفكرٍ فلسفي عربي جديد"    اعتماد خطة عمل مشتركة تونسية بريطانية في مجال التعليم العالي    رئيس الجمهورية يستقبل وزير الثقافة الإيطالي    الإتحاد العام لطلبة تونس يدعو مناضليه إلى تنظيم تظاهرات تضامنا مع الشعب الفلسطيني    رئيس الاتحاد المحلي للفلاحة ببوعرقوب يوجه نداء عاجل بسبب الحشرة القرمزية..    القطب المالي ينظر في اكبر ملف تحيل على البنوك وهذه التفاصيل ..    اليوم..توقف وقتي لخدمات الوكالة الفنية للنقل البري عن بُعد    8 شهداء وعشرات الجرحى في قصف لقوات الاحتلال على النصيرات    البطولة الوطنية: النقل التلفزي لمباريات الجولتين الخامسة و السادسة من مرحلة التتويج على قناة الكأس القطرية    مدنين: وزير الصحة يؤكد دعم الوزارة لبرامج التّكوين والعلاج والوقاية من الاعتلالات القلبية    طقس السبت: ضباب محلي ودواوير رملية بهذه المناطق    أخبار الملعب التونسي ..لا بديل عن الانتصار وتحذير للجمهور    مانشستر سيتي الانقليزي يهنّئ الترجي والأهلي    رئيس الجمهورية قيس سعيّد.. المفسدون... إمّا يعيدون الأموال أو يحاسبهم القضاء    القواعد الخمس التي اعتمدُها …فتحي الجموسي    الكاف: إصابة شخصيْن جرّاء انقلاب سيارة    وزير الفلاحة: "القطيع متاعنا تعب" [فيديو]    بنسبة خيالية.. السودان تتصدر الدول العربية من حيث ارتفاع نسبة التصخم !    تألق تونسي جديد في مجال البحث العلمي في اختصاص أمراض وجراحة الأذن والحنجرة والرّقبة    منوبة: تفكيك شبكة دعارة والإحتفاظ ب5 فتيات    قفصة: ضبط الاستعدادات لحماية المحاصيل الزراعية من الحرائق خلال الصّيف    تونس : أنس جابر تتعرّف على منافستها في الدّور السادس عشر لبطولة مدريد للتنس    مقتل 13 شخصا وإصابة 354 آخرين في حوادث مختلفة خلال ال 24 ساعة الأخيرة    عميرة يؤكّد تواصل نقص الأدوية في الصيدليات    خطبة الجمعة .. أخطار التحرش والاغتصاب على الفرد والمجتمع    منبر الجمعة .. التراحم أمر رباني... من أجل التضامن الإنساني    أولا وأخيرا...هم أزرق غامق    انطلاق أشغال بعثة اقتصادية تقودها كونكت في معرض "اكسبو نواكشوط للبناء والأشغال العامة"    ألفة يوسف : إن غدا لناظره قريب...والعدل أساس العمران...وقد خاب من حمل ظلما    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



عبد الرحمان الخشتالي (المدير العام للديوانة) ل «التونسية» : ديوانيّة رأس جدير يتعرّضون للتهديدات
نشر في التونسية يوم 17 - 03 - 2014


سلكنا يتعرّض لهجمة والفساد متغلغل في كل الإدارات
التهريب بلغ حجما لا يطاق ومستقبل تونس رهين القضاء عليه
رصدنا سرقة حاويات بالميناء والبحث جار لحصر المسؤوليات والكشف عن المتورّطين
ما يقلقنا اليوم هو تمويل الإرهاب تحت غطاء التهريب
نطبّق شعار « من أين لك هذا؟» درءا لأيّة تجاوزات
حاورته : غادة المالكي
شكلت المنظومة الديوانية لغزا محيرا منذ عدة سنوات فبعد منظومة الفساد التي بسطها أفراد العائلة الحاكمة سابقا داخل هياكل السلك قبل الثورة وأمام تفاقم ظاهرة التهريب على حدود البلاد وتواتر العمليات المشبوهة داخل الموانئ وجهت عديد أصابع الاتهام لبعض أبناء السلك ورأى البعض أن بعض هياكل الإدارة العامة للديوانة باتت مرتبطة وبصفة وثيقة بمنظومة فساد متغلغلة داخلها ورمت بجذورها في كامل أركانها .
ملفات الفساد والمحاسبة وإصلاح المنظومة الديوانية ولغز «رأس جدير» والعمليات المشبوهة بالموانئ التونسية إضافة إلى العديد من الملفات الساخنة المتعلقة بالسلك كلها مواضيع تطرّق إليها ضيف « التونسية» في حوار اليوم السيد عبد الرحمان الخشتالي المدير العام للديوانة.
لو انطلقنا من آخر المستجدات على الساحة وتحدثنا عن الزيارة الفجئية التي أداها رئيس الحكومة مهدي جمعة إلى مقر الإدارة العامة للديوانة ؟
تتنزل زيارة السيد رئيس الحكومة في إطار متابعة ما قام بمعاينته ميدانيا على مستوى معبر رأس جدير خلال زيارته الأخيرة للمنطقة صحبة الوفد المرافق له. وقد عاين السيد مهدي جمعة الوضع الذي يغوص في عديد المشاكل وكان له اجتماع مع ممثلين عن الأسلاك الأمنية والديوانية تدارسوا خلاله الوضعية لكن الوقت كان ضيقا ولم نستطع الخوض والتعمق في جميع المسائل .
و تناولنا كذلك معضلة آفة التهريب التي تنقسم إلى نوعين: نوع أول يتناول مفهوما قانونيا واضحا وهناك نوع ثان هو ذلك الذي نشهده في منطقة رأس جدير في العديد من الحالات بسبب الانفلات الأمني المتواصل والذي يعود الى نقص نوعي في تأمين الحدود من طرف الأسلاك العاملة هناك من شرطة حدود وديوانة وهذا واقع نعلمه جميعا , ولهذه الأسباب حرص رئيس الحكومة على تفعيل جميع المشاريع التي تعود إلى سنة 2012 ولم تفعّل حينها والتي ضمت اعتمادات مفتوحة في البعض منها وقد شدد على ضرورة الإسراع بانجازها.
و في ما تتمثل هذه المشاريع ؟
في مستوى الجباية هناك ضغط كبير على الاداءات التي تتحملها بعض السلع وهناك فوارق شاسعة بين الضغط الجبائي على الاداءات في تونس مقارنة بدول الجوار لذلك دعا السيد مهدي جمعة إلى مراجعة مردود هذه الاداءات بالنسبة للخزينة وهذه الخطوة كفيلة بالتقليص من نسب التهريب وستتم في هذا الإطار مراجعة بعض الاداءات الواردة بمشروع قانون المالية التكميلي المتعلقة ببعض البضائع.
كما سلطنا الضوء كذلك على إشكالية منع توريد بعض من البضائع مثل « الزرابي المقلدة » حماية للصناعات التقليدية والمعلوم أن صناعة الزربية التونسية الأصيلة لا يضاهيها أي منتوج لذلك نحن لا نرى ضرورة في منع مثل هذه السلع ونتمنى أن يقع توريدها بصفة قانونية وان تخضع بالتالي لاداءات معقولة عوض أن تتوفر في السوق عن طريق التهريب خاصة أنها قد أصبحت تباع وسط العاصمة وهو ما جعلنا في وضعية غير مريحة . لذلك وجب مراجعة عملية الضغط على الاداءات الديوانية بالنسبة للعديد من المنتوجات ونحن بصدد العمل على مقترح سنعرضه على الحكومة وأتصور أن التوجه موجود.
و ماذا عن مسألة الرقابة ؟
لقد ناقشنا سوية مسائل تتعلّق بمنظومة الرقابة ولدينا توجه نحو إرساء رقابة بُعْدية بالأساس أي أن نعمل على تسهيل العمليات للمتعاملين الاقتصاديين وأن نمكنهم من تسريح بضاعتهم ثم نخضعهم في ما بعد إلى عملية مراقبة وهذه العملية ستمكن من تسريع العمليات على مستوى الموانئ وعلى مستوى التوريد ووجب أن نعمل في هذا الإطار على تأطير المتعاملين الاقتصاديين وعلى تكوينهم وأن ندقق في طريقة التعامل معهم وهذا النوع من الرقابة سيقوم بإعفاء الإدارة من إشكاليات السلع المتراكمة والمرابضة لأشهر في الموانئ ونقوم بالتالي بتكوين منظومة بعدية واضحة وأشير في هذا الصدد إلى مثال بسيط يتعلق ببعض الآليات التي تضمنتها مجلة الديوانة (صدرت منذ تاريخ 2008 وتفعلت في 2009) التي بُنيت بصفة عصرية لكن بمنظور إداري بحت مكبل بجانب محافظ في حين انه من المفروض اليوم أن نكرس رقابة مبنية على التكنولوجيا وعلى الأنظمة ومبنية على المراقبة البعدية لان هذه المراقبة كفيلة بدفع المتعامل الاقتصادي إلى تحمل مسؤولياته وبخلق مناخ من الأريحية بينه وبين الإدارة وشخصيا اعتقد أن هذه المسالة مهمة في تعصير المنظومة الديوانية والأساس اليوم هو أن يقع تألية جميع المنظومة وذلك سيساهم في فرض الشفافية .
مازال السلك اليوم يخضع إلى نفس المنظومة رغم مناداة أهل البيت بوجوب الإصلاح والتغيير في حين نجد اليوم أن التغيير قد اقتصر على بعض التسميات والقيادات ؟ كيف تفسرون ذلك ؟
أريد أن أذكّر بأن سلك الديوانة مجال مقنن ويخضع لمجلة الديوانة و أعواننا يخضعون لقانون ينظم سلكهم كما يدرسون أعمالهم حسب ما يصدر بالقوانين المالية أو بالأوامر التنفيذية .. إذا تعد الديوانة سلطة وما على أعواننا سوى تطبيق القانون لا غير ومعلوم اليوم أن المنظومة لم تتغير لكن ذلك لا ينفي أن العديد من نقاطها قد بنيت بطريقة مغلوطة.
كيف ذلك ؟
نحن نتعامل مع أكثر من 3500 شركة مصدرة منتشرة في كامل تراب الجمهورية وغير مجمعة في مناطق صناعية واضحة. فتخيلوا كيف ستكون طريقة المتابعة وكيفية انتشار الأعوان وتشتتهم بين مجموع هذه الشركات ؟ فهذه الطريقة في الانتشار العشوائي غير المنظم تخلق إشكاليات لعون الديوانة وتصبح المنظومة مصدر قلق بالنسبة إليه لذلك أقول إن عملية إدخال إصلاحات جزئية على المنظومة الديوانية باتت ضرورة ملحة .
و من بين الأمور التي تطرح إشكاليات أيضا كيفية التصرف في المحجوز وكيفية بيعه ومسألة الرقابة البعدية ومسألة المتعاملين الاقتصاديين ونحن بصدد العمل على مجموع هذه المسائل . وبقدر ما تعتبر هذه المشاريع محدودة أو صغرى فإنها تعد بمثابة الثورة في « بيت الديوانة » واذكر بان الإدارة العامة للديوانة قد قامت بإمضاء العديد من الاتفاقيات الدولية المنظمة للسلك إلا أن التجسيد والتفعيل مازالا ينقصاننا.
إذا كان تفعيل هذه الاتفاقيات كفيلا بإصلاح المنظومة فلم لم تفعّل بعد ؟
السبب يعود إلى طبيعة المنظومة السياسية التي بنيت على أساسها الإدارة التونسية منذ سنوات فهناك بطء في نسق العمل ومسالة اتخاذ القرارات تتطلب الكثير من الوقت بصفة عامة لكن اعتقد أن الأمور ستنفرج خلال الأيام القادمة.
كلام كثير يقال عن فساد بعض أعوان الديوانة وعن ثرائهم غير المبرر والسريع رغم رواتبهم المتوسطة ؟ ما هو تعليقكم على ذلك؟
يتعرض أعوان الديوانة إلى هجمة رغم أن«الديوانة كيفها كيف أي سلك آخر امني وغير أمني» والفساد أشكال وأنواع ومتواجد في كامل الإدارات وإذا ما وجد في إدارة الديوانة فهو موجود بنفس الصيغة وبنفس الحجم مثل مختلف إدارات الجمهورية التونسية وحتى وإن وجد صلب إدارتنا فهذا لا يدين جميع الأعوان لان أغلبيتهم يعيشون حياة عادية مثل بقية التونسيين . صحيح هناك بعض الحالات الشاذة لكن وجب ألا نرمي التهم جزافا ونحن بصدد مراقبة أعواننا وبصدد تطبيق شعار « من أين لك هذا؟» حتى نتجنب أية تجاوزات.
هل تم رصد ملفات فساد صلب إدارتكم وهل ثبت تورط البعض من القيادات والأعوان ؟
شخصيا أرى أن كل من يريد أن يقاوم الفساد وجب أن يعمل على مراجعة المنظومة وكل من ثبت تورطه في ملفات فساد فمصيره العقاب. شخصيا أرى أن الديوانة مشروع مبني على نفس المنظومة لكن وجب أن نعمل من خلاله على حل مسألة الأنظمة الديوانية والأنظمة التوقيفية وحل مشاكل مغازات التسريح الديواني إضافة إلى تفعيل المشاريع المتعلقة خاصة بالمتعاملين الاقتصاديين لأننا إذا قمنا ببناء منظومة مماثلة سنحد من منظومة الفساد . وأشير في هذا الصدد إلى أن الإدارة العامة للديوانة شبيهة بكافة الإدارات التونسية في جل المجالات , أعوانها وموظّفوها يعملون بكد وجد في كامل جهات الجمهورية وهم بصدد تقديم العديد من النتائج الايجابية. وبالنسبة لملفات الفساد فقد عملت هياكل الرقابة على رصد تجاوزات وتمت عملية المحاسبة بالنسبة لأطراف وهناك من هم في طور المحاسبة حاليا كما أحيلت البعض من الملفات إلى القضاء ومازال البحث جاريا في البعض الآخر وشخصيا أرى أن مقاومة الفساد تتطلب مراجعة المنظومة وتكريس النزاهة.
لكن البعض تحدث عن غياب إرادة الإصلاح صلب هياكل الإدارة وعن غياب المحاسبة رغم ثبوت تواجد فساد مالي في السلك ؟
المحاسبة تمت طالما قامت هيئة للرقابة بتفقد ملفات الإدارة العامة للديوانة وقد دامت أعمالها أكثر من سنة وأفضت تحرياتها إلى كشف مجموعة من الاخلالات وأحيلت بعض الملفات على القضاء وهناك ملفات أحيلت إلى وزارة المالية وتم إيقاف أطراف عن العمل فيما أحيل آخرون على التقاعد في ما عدا ذلك فان كل من ثبتت إدانتهم سواء من سلك الديوانة أو من بقية الأسلاك في الحصول على رشوة أو في تقديم إعانة للمهربين أو تمكينهم من حماية معينة فهم رهيني الإيقاف وبصدد التحقيق معهم كما أحيلوا على القضاء .
في ما تتمثل أبرز القضايا وكم عدد ملفات الفساد التي رصدتها هياكل الرقابة ؟
أغلب ملفات الفساد شملت خصوصا عمليات تصدير النحاس التي تمت في أواخر سنوات 2000 وهناك قضايا متعلقة بالموز وتوريد سيارات بصفة غير قانونية بالنسبة لأفراد من العائلة الحاكمة السابقة وعدة قضايا أخرى تهم تقريبا 30 أو 40 إطارا والقضايا عديدة ومتعددة ولا يمكن حصرها فقد نعد عشرات أو مئات الملفات وكل قضية تتفرع عنها العديد من القضايا.
هناك من تحدث عن تواصل تواجد البعض ممن تواطؤوا مع رموز المنظومة السابقة صلب الإدارة إلى يومنا هذا واعتبر أن ذلك حال دون عملية الإصلاح ؟
أي عون ينتمي لهذه الإدارة يعد موظفا داخلها بمعنى انه ينتمي إلى هيكل إداري عسكري مطالب بالانضباط وبعدم الانتماء لأي توجه سياسي وحياده واجب وإذا ما عمل احد الأعوان على خدمة مصالح رموز المنظومة السابقة وتواطأ معهم فالهيكل الرقابي قد تكفل بالمسالة وقام بتدقيق شامل وما تم رفعه من مخالفات هو على طاولة القضاء حاليا وإذا لم يقع رصد مخالفات في حق بقية الأعوان فهذا لا يدينهم بل عكس ذلك وليس لنا حق التعسف على الأشخاص أو إدانتهم باطلا .
طيب, كثر الحديث عن تغلغل الفساد وعن تواصل المعاملات المشبوهة في بعض الموانئ التونسية ممّا حدا بالبعض إلى القول عن وجود «عصابات منظمة» داخلها ؟؟ تعليقكم على ذلك؟
ليس بإمكاننا أن ننفي ذلك لكن على مستوى الميناء هناك العديد من السلط المتدخلة مثل السلطة المينائية والمتدخل المعني بالشحن والترصيف وشرطة الحدود وهناك ممثلون عن عدة وزارات مكلفون بعمليات الرقابة إضافة إلى أعوان الديوانة , بمعنى أصح يتشكل الميناء من منظومة متشعبة واعتقد أن موضوع الميناء شبيه ببوابة رأس جدير.
والمطلوب اليوم هو أن تنظم العملية بطريقة علمية وأن نقوم ببناء منظومة واضحة لعدد المتدخلين وبخلق منطقة واضحة لتبادل السلع وقد تناقشنا حول هذا المشروع سابقا وما نستطيع تسجيله داخل الموانئ التونسية هو نقص التنسيق بين المتدخلين من ديوانة وشرطة حدود وأعوان الشحن والترصيف وهذا من شانه أن يضعف المنظومة وان يتسبب في خلل واضح.
هل هناك إستراتيجية عمل واضحة للحدّ من هذا النوع من التجاوزات صلب الموانئ التونسية ؟
على مستوى الموانئ وجب تنظيم عمليات شحن البضائع أو عمليات إنزالها وتسريحها بالنسبة للتوريد والتصدير في إطار منظومة واضحة كما وجب تألية المنظومة حسب عديد المقاييس حتى تكون العملية شفافة وواضحة وطالما لم نتوصل إلى إرساء هذه المنظومة فان المشاكل ستعترضنا من وقت إلى آخر وهذا النوع من المشاكل موجود بكثافة منذ سنين عدة وهي مستفحلة منذ القدم ونحن بصدد مقاومتها كما أنها بصدد التقلص وكل التجاوزات التي جرت مؤخرا قمنا برصدها ونحن بصدد مراجعة المنظومة في هذا الغرض .
كيف ذلك ؟
كل عملية تجاوز في الميناء نتعامل معها بجدية صارمة ونجند جميع الهياكل الديوانية لمتابعتها وأية حاوية تسرق من الميناء وتغادر دون استخلاص للمعاليم او تشملها عملية تحيل كبرى بإمكاننا رصدها واسترجاعها وقد رصدنا عملية سرقة لحاويات بالميناء خلال الأسبوعين الماضيين وهناك من تم إيقافهم ومن هم رهينو الاحتفاظ والبحث جار لحصر المسؤوليات والمتورطين.
إن هذا النوع من التجاوزات يستوجب التعجيل بمراجعة المنظومة ونتمنى أن نتوصل إلى إرساء المنظومة الكفيلة بالحد من هذا النوع من التجاوزات خلال القريب العاجل زد على ذلك فنحن اليوم بصدد العمل على تدريس مسالة النزاهة في العمل الديواني .
لو تحدثنا عن استفحال ظاهرة التهريب ولو شخصنا هذه الآفة وما هو تعليقك عما يحدث ب «رأس جدير » ؟
أعوان الديوانة لا يتحملون المسؤولية الكاملة والكلية في ما يحدث في «رأس جدير» فهم يتعرضون للتهديدات بشكل متواتر وفي سنة 2011 أقدم احد أعواننا على الانتحار جراء التهديدات التي طالته وهناك من تعرض إلى الضرب المبرح و من دهس وسحل عن طريق إحدى السيارات فهم يعيشون في وضع امني غير واضح ووجب توفير الأمن العام للعمل بأريحية ..
هل يؤكد ذلك الأقاويل المقرة بهيمنة قبائل (وعروش) جزائرية وتونسية على النقاط الحدودية لا سيما بمنطقة «رأس جدير» والتي باتت تعمل بأريحية في ظل تواطؤ من بعض القيادات الأمنية والبعض من أعوان الديوانة؟
منظومة التهريب متواجدة منذ القدم وللإشارة فان عقلية المجتمع الحدودي مختلفة عن المجتمع المتواجد بعيدا عن الحدود وهذا معلوم في كل دول العالم لكن لا مجال للحديث عن قبائل أو غيرها. وأشير في هذا الصدد إلى أن التهريب نوعان أول ونعتبره مقبولا لأنه يتعلق بمواد عادية وفيه نوعية من الاسترزاق منذ الستينات عند البعض وهذا النوع لا يهدد اقتصاد البلاد. أما النوع الثاني من التهريب فقد ظهر منذ أواخر الثمانينات واتخذ حجما صناعيا كبيرا وهو تهريب مقنن بات يهدد كامل النسيج الاقتصادي وقد ظهر بعد نوفمبر 1987 تحديدا عقب فتح الحدود التونسية الليبية حين انطلقت عمليات تحويل العملة على مرأى ومسمع من جميع السلط لكن إذا استفحلت هذه الظاهرة وبسطت هذه المنظومة الخارجة عن الإطار القانوني جذورها فإنها تؤدي حتما إلى انفلاتات غير محسوبة وغير متوقعة وتصبح بمثابة المنظومة المالية الموازية وإذا أصبحت هذه المنظومة تتحكم في حجم هائل من الأموال تصبح قادرة على تمويل جملة من المسائل التي نجهلها وهذا ما قام بتغذية عمليات التهريب بهذا الحجم.
هناك أيضا سلع استهلاكية غزت البلاد دون تحمّل أي ضريبة وأصبحت تزاحم إنتاجنا المحلي في حين أن مداخيل تونس متأتية من المداخيل الجبائية وهذه الممارسات تؤثر بصفة مباشرة على مواطن الشغل في تونس لان المهرب بصدد مزاحمتهم وسيقضي بالتالي على عشرات الآلاف من مواطن الشغل لأن التهريب بصدد القضاء على العديد من القطاعات ومثالنا في ذلك ما حدث في قطاع الأحذية في تونس الذي اندثر .
إن التغاضي عن مشكل التهريب يعني موافقة الدولة على نشاط خال من أي قيمة مضافة وبالتالي تعد المشكلة الكبرى في تونس اليوم هي التهريب لأنه بلغ حجما لا يطاق وأقول إن مستقبلها رهين مقاومة ظاهرة التهريب والبلاد التي ليس لها قيمة مضافة هي ماضية نحو الإفلاس .
ما هو تقديركم لحجم الخسائرالمادية التي تسببت فيها هذه الظاهرة ؟
حسب الدراسة الصادرة عن البنك الدولي بمشاركة الإدارة العامة للديوانة فقد قدرت الخسائر في حدود 2000 مليار وهذا اعتبره حدا أدنى وأتصور انه قد تجاوز هذا الرقم وله تأثير مباشر على مواطن الشغل.
ماذا في علاقة التزاوج التي جمعت الإرهاب بالتهريب هل من إستراتيجية للقضاء على هذه الثنائية ؟
يوفر التهريب أموالا طائلة تساعد على تمويل الإرهاب وبالنسبة لعملية إدخال الأسلحة فهي تتطلب مسالك وتدخل العديد من الأشخاص وتستدعي عملية لوجستيكية واضحة والأرباح تتأتى كذلك من المخدرات وما قمنا بحجزه مؤخرا يعد اكبر دليل على ذلك .لكن الأموال المتأتية من تهريب الأسلحة ضخمة وكبيرة جدا . وللإشارة فان المهربين الذين قبضنا عليهم كانوا يحملون اسلحة « الكلاشنيكوف» و« اربي جي» في حين انه كان بصدد تهريب المشروبات الروحية والمحروقات وبالتالي إذا ما تواجد التهريب بهذا الحجم وبهذه الكيفية فان الإرهاب سيتواجد كذلك .
إذا فالتداخل بين التهريب والإرهاب موجود ووجب التنسيق الدائم بين جميع الأسلاك والبحث عن المعلومة والتعامل معها بجدية لكن ما يقلقنا اليوم أن هناك من يوفر التمويل للإرهاب تحت غطاء التهريب ..
لماذا غاب تمثيل الديوانة عن قاعة العمليات المشتركة التي جمعت الحرس والجيش والتي انشأتها رئاسة الحكومة مؤخرا للتصدي للإرهاب ؟
لمقاومة الإرهاب جانب ذو طابع خصوصي جدا وفيه اختصاص لا يهم جميع الهياكل حتى وإن كانت أمنية وقد تكون الديوانة معنية بالإرهاب بصفة غير مباشرة لكنها مطالبة بان تنخرط في المنظومة الأمنية وأن تعمل على تامين الحدود وتكثيف الدوريات ومتابعة المعلومات لكن تبقى هذه المسالة من مشمولات المؤسسة العسكرية والأمنية لأنها من اختصاصاتها.
إعادة هيكلة إدارة الديوانة ومنظومتها بصفة عامة ماذا تتطلب اليوم ؟
هي من أوكد المشاريع اليوم لكنها لا تتطلب جهودا كبرى لان المجال الديواني مقنن عالميا وقوة المنظومة الديوانية التونسية تكمن في مطابقتها للمنظومة العالمية للديوانة بنسبة 90 ٪ أما عن هيكلة الإدارة العامة للديوانة فهي لا تطرح إشكالا كبيرا والمطلوب هو مراجعة المجلة والبحث في كيفية تجاوز بعض النقائص لا غير .
لو تحدثنا عن ملف تسوية المسار المهني وعلاقته بحالة الغليان التي يعيشها أبناء السلك مؤخرا ؟
من حيث الحق هي ليست كذلك لكن من حيث آليات تدارك الوضعيات أظن أن الإدارة مطالبة بتوفير الإمكانية للأعوان حتى يسوى مسارهم المهني وذلك عن طريق تمكينهم من الترشح للمناظرات الخارجية والحصول على الترقيات وهذه الطريقة ستفتح المجال لكافة المعنيين بتسوية مسارهم المهني لتسوية وضعياتهم تدريجيا وفي اجل أقصاه خمس سنوات . واقترحت أن يقع إعفاء المترشحين من أبناء الإدارة من الفحص الطبي خلال هذه المناظرات وان تخصص لهم نسبة معينة من العدد الجملي للأعوان المنتدبين وهذا توجهنا الجديد خلال المستقبل.
و شخصيا اعتبر أن هذا التمشي قانوني وقابل للتنفيذ ويبقى القرار الأخير لرئاسة الحكومة.
كلمة الختام ..
تعد الإدارة العامة للديوانة من أكثر المؤسسات الإدارية التونسية التي تعرضت إلى هجمات عدة منذ التسعينات إلى حدود بداية سنة 2000 مما سجل تاخرها مقارنة بالسبق الذي سجلته سابقا مقارنة مع نظيراتها العربية والإفريقية وحتى الأوروبية لأنها كانت فعلا من الإدارات السباقة. والجميع منكب اليوم لاستعادة نفس الإدارة العامة للديوانة ولتجاوز التأخير الذي سجلته خلال السنوات الأخيرة ونتمنى أن تتحسن المنظومة في غضون السنوات القادمة . كما وجب أن نمر معا إلى مرحلة جديدة مبنية على الثقة بين الإدارة والمتعامل معها وعلى التواصل بينها وبين المتعامل الاقتصادي وان نؤسس لمرحلة مبنية على الشفافية كما وجب التقليص من الرقابة المسبقة التي تعد معضلة وفيها تعطيل لمصالح المصدرين والموردين وفيها كلفة للاقتصاد. ولتفعيل هذه النظرية وجب أن ننخرط في مشروع تسهيل الإجراءات الديوانية الذي انطلق منذ سنة 2012 ونحن بصدد تفعيله تدريجيا لأنه يتطلب مراجعة عديد المذكرات والأوامر والقرارات الوزارية . والمطلوب كذلك الانخراط في منظومة التصرف حسب الأهداف بالنسبة للمتعاملين الاقتصاديين وبالنسبة لتسهيل عمليات التسريح الديواني على مستوى الموانئ وقد رسمنا بعض الأهداف التي سنتابع مدى تفعيلها عن طريق خلية المتابعة التي بعثت لهذا الغرض ووجب أن نصبر قليلا لان القطاع صعب وتقني وليس مستقلا بذاته وهو مرتبط بالمنظومة القانونية للبلاد من ذلك ارتباطه بالمنظومة الجبائية ومنظومة المراقبة التقنية التابعة للعديد من الوزارات والمتدخلون متعددون .


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.