تحت شعار " الشباب الإفريقي في مجال الزراعة و التنمية المستدامة " انطلقت صباح اليوم أشغال المؤتمر الإقليمي الثامن و العشرون لمنظمة الأممالمتحدة للأغذية و الزراعة ( FAO ) في الضاحية الشمالية من العاصمة بإشراف الأسعد الاشعل وزير الفلاحة و كبار المسؤولين عن المنظمة إضافة إلى ممثلين عما يقارب خمسين دولة و حوالي 300 خبير في المجال الفلاحي . وعقب تسلم تونس لرئاسة المؤتمر , أكد الاسعد الاشعل في كلمة ترحيبية أن الأمن الغذائي ومحاربة الجوع والفقر وتشغيل الشباب وخلق المبادرات وتطوير الفلاحة الصغرى تعدّ قضايا ذات أولويّة بالنسبة للقارّة الإفريقية على مبينا أن اللقاء يمثل فرصة متميزة وإطارا ملائما لربط الصلة وتعبئة جهود جميع الأطراف المتدخّلة في المنظومة الزراعية بالقارة الإفريقية من حكومات ومنظّمات إقليميّة ودوليّة ومجتمع مدني لضبط السياسات والبرامج المناسبة ووضع الآليات المصاحبة لتنفيذها. و اعتبر وزير الفلاحة أن اختيار محور "الشباب الإفريقي في الزراعة والتنمية الريفية" كأحد أهمّ المواضيع التي ستناقشها الدورة الحالية للمؤتمر دليل على ارتباط هذه الشريحة من المجتمع بالمستقبل وبتحدياته المنتظرة، ودليل كذلك على حاجة قطاع الفلاحة لاستقطاب الشباب وحثهم على الاستثمار الفلاحي الذي يعد من الركائز الأساسية لتحقيق التنمية والرفع من مستوى عيش متساكني المناطق الريفية بالبلدان الإفريقية وفق تعبيره مضيفا " إن طرح موضوع الشباب كأحد محاور المؤتمر دليل أيضا على استفحال ظاهرة البطالة بين الناشئة في المناطق الريفية الإفريقية التي نجد بها 60 بالمائة من العاطلين عن العمل تتراوح أعمارهم ما بين 15 و24 سنة و بالرّغم من هذه الوضعيّة الصّعبة فانّ العزيمة السياسية المتوفّرة للنهوض بالقطاع الفلاحي وتحسين أوضاع الأمن الغذائي على مستوى القارّة تبعث على التفاؤل، ويتجلّى ذلك من خلال العديد من القرارات الهامّة التي تمّ اتّخاذها في هذا المجال لعلّ من أبرزها التزام دولنا بمخطّطات العمل المنبثقة عن القمم العالمية للأغذية وإقرار "البرنامج الشامل للتنمية الزراعية بإفريقيا" . أهمية الفلاحة الصغرى و الأسرية و شدد الوزير على ضرورة تثمين المنتجات الفلاحية والرفع في قيمتها المضافة مع مزيد الاستثمار في قطاع الصناعات الغذائية، وتوسيع قاعدة الصادرات لتشمل منتوجات جديدة وواعدة مشيرا إلى الأهمية الكبرى التي تكتسي الفلاحة الصغرى و الأسرية نظرا لدورها الكبير في شد الفلاحين إلى أراضيهم والحد من النزوح والمحافظة على التوازن الجهوي، وذلك فضلا على دورها البيئي الذي يتجسَّدُ من خلال مساهمتها في المحافظة على الموارد الطبيعية وحمايتها وتنميتها. و في إطار منهجيّة شاملة ومندمجة لتثمين خصوصيّات الفلاحة الصغرى و لدعم دورها في مجال النهوض بسكان الريف , دعا الاسعد الاشعل إلى ضرورة التركيز على تقريب الخدمة التمويلية للفلاّحين، عبر أخذ القرار وتأمين الإجراءات على المستوى المحلّي و إلى اعتماد شروط تمويل مرنة ومقاييس ملائمة لهذا النمط من المستغلاّت مشددا على أهمية توفير الإحاطة والتكوين والإرشاد للمنتفعين و إلى تنظيم المنتفعين للعمل الجماعي حتى يكونوا أكثر فاعلية مع وضع وتنفيذ برامج في إطار مقاربة تشاركيّة مع المنتفعين، تأخذ بعين الاعتبار مختلف المراحل التي يمكن يمرّ بها المنتوج و تثمين خصوصية المنتجات التي يمكن أن يفرزها هذا النمط عبر إحداث علامات جودة مميّزة، وذلك بالنسبة للإنتاج الفلاحي الطازج أو المحوّل بطريقة تقليديّة. و تحدث الوزير عن بعض الإجراءات التي تمَّ إقرارها في تونس لفائدة صغار الفلاحين و المتمثلة في التخلي هذه السنة عن كامل الديون الفلاحية التي لا يفوق مبلغها من حيث الأصل 5000 دينار للفلاح الواحد وذلك لفائدة حوالي83 ألف فلاح وبحار وهو ما يمثل حوالي 80% من عدد الفلاحين والبحارة المتخلدة بذمتهم ديون و عن إحداث نظام للقروض الصغيرة لفائدة صغار الفلاحين والبحارة وذلك منذ سنة 1999 و تابع في هذا الصدد " اعتبارا لأهمية الهياكل المهنية الفلاحية في مجال الإحاطة بصغار الفلاحين والبحارة وتأطيرهم وتحسين القدرة التنافسية لنشاطهم، تمَّ وضعُ برنامج متكامل للنهوض بالشركات التعاونية للخدمات الفلاحية و الذي يهدف إلى تكريس عقلية العمل التعاوني والرفع من نسبة إنخراط الفلاحين والبحارة في الشركات التعاونية من 5% حاليا إلى 20% في أفق سنة 2018 وقد تمت موافاة المجلس الوطني التأسيسي بمشروع القانون يتضمن مراجعة الإطار القانوني المنظم للشركات التعاونية ونأملُ أن تتم مناقشته وإقراره في أقرب الآجال" . إنهاء الجوع في إفريقيا و على هامش المؤتمر تحدث رأفت زكي مدير عام الهيئات الدولية بوزارة الزراعة المصرية ل " التونسية " عن مبادرة المنظمة الأممالمتحدة للأغذية و الزراعة و القاضية بإنهاء الجوع في القارة الإفريقية خلال الفترة الممتدة من 2014 إلى 2025 وفق قوله مشددا على أهمية تثمين خصوصيّات الفلاحة الصغرى و دعم دورها في مجال النهوض بسكان الريف. من جهته اقر اسكندر كرسي ممثل عن وزارة الفلاحة و التنمية الريفية الجزائرية ل " التونسية " أن المؤتمر يرتكز أساسا على تبادل الخبرات بين كل البلدان الإفريقية المشاركة مشيرا إلى أن القرارات التي تبنتها الجزائر لمساعدة الشباب و تحفيزه للعودة للمجال الفلاحي و المتمثلة أساسا في إصدار قوانين تحدد علاقة الفلاح بالأرض وإصدار مجموعة من القرارات الخاصة بالقرض الفلاحي الموسمي و الاستثماري مؤكدا أن مجموع هذه الإجراءات قد مكنت الجزائر من خلق ما يقارب ال 165 ألف موطن شغل . أما رضوان عراش ممثل عن وزارة الفلاحة بدولة المغرب فقد بين ل " التونسية " أن عملية إدماج الشباب في سوق العمل و تحفيزهم على الاستثمار و البقاء في القطاع الفلاحي تعد من اوكد الملفات التي ستناقش خلال المؤتمر الثامن و العشرون لمنظمة الأممالمتحدة للأغذية و الزراعة ملاحظا عزوف الشباب عن الاستثمار و العمل في القطاع الفلاحي و تطلعه مقابل ذلك إلى العمل في قطاع الخدمات و القطاعات المربحة و الأكثر استقرارا من قطاع الفلاحة بصفة عامة. و تحدث رضوان عراش عن التجربة المغربية في هذا الإطار قائلا أنها قد انطلقت منذ التسعينات و توجهت نحو خلق و تشجيع مقاولات الشباب في القطاع الفلاحي و قال " لقد مكنت الدولة الشباب المغربي من قروض و قد سجلنا العديد من النجاحات إضافة إلى برنامج التنمية العامة في العالم القروي". و من المنتظر أن يساهم المؤتمر في فتح أفاق جديدة للتعاون و التنسيق مع منظمة " الفاو" و سائر بلدان افريقيا في مجال النهوض بالقطاع الفلاحي و سيشرف مهدي جمعة رئيس الحكومة يوم الخميس 27 مارس على اجتماع وزاري بحضور حوالي خمسون وزيرا من البلدان الافريقية و بلدان المغرب العربي.