أخبار تونس لقد فرضت التحديات الاقتصادية و المالية العالمية الجديدة مخاوف حول بعض جزئيات تتعلق بحياة الشعوب لا سيما الفقيرة منها و في هذا الإطار تهتم المنظمات الدولية و على رأسها منظمة الأممالمتحدة عن طريق مكاتبها في مختلف البلدان بربط الصلة مع مختلف الأقطاب في جل القارات و القيام بأيام تحسيسية تتعلق بترشيد الاستهلاك و كيفية المحافظة على الثروات الطبيعية حتى لا يتم استنزافها. في هذا الإطار برزت مسألة الأمن الغذائي لا سيما إذا ما علمنا خطورة استقامة الأمن في عالم كثرت فيه النزاعات و الحروب و الكوارث الطبيعية من جفاف و حرائق و فيضانات و جراد... و بمناسبة الاحتفال باليوم العالمي للأغذية التأم يوم الاثنين 19 أكتوبر بمقر وزارة الفلاحة و الموارد المائية بتونس حفل مميز. حضر هذا الحفل السيد عبد السلام منصور وزير الفلاحة و الموارد المائية و السيد عومر آيت أعمر مزيان ممثل منظمة الأممالمتحدة للأغذية والزراعة بتونس و ثلة من ممثلي الهيئات المحلية و الدولية و عدد من السفراء و رؤساء البعثات. و يتزامن الاحتفال باليوم العالمي للأغذية مع 16 أكتوبر من كل سنة و هي عادة تساهم في إحيائها جل البلدان لما لها من أهمية في الالتفاف حول أهمية الأمن الغذائي في تحقيق كرامة الإنسان و صيانتها و ضمان العيش الكريم لمختلف فئات المجتمع. و لقد جاء في كلمة السيد عبد السلام منصور :” هذا الموعد المتجدد نلتقي فيه بهدف حشد الجهود و تعزيز أواصر التعاون و التضامن الدولي للقضاء على الجوع و توفير أحد الحقوق الأساسية للإنسان ألا و هو حقه في غذاء كاف و سليم.” و لقد نوه السيد وزير الفلاحة و الموارد المائية بدور منظمة الأممالمتحدة للأغذية و الزراعة و على رأسها الدكتور جاك ضيوف، المدير العام، و ما تقوم به من جهود في سبيل تحقيق الأمن الغذائي و ثمن بالمناسبة الإنجازات العديدة التي حققتها و الجهود التي تبذلها لمعاضدة الدول الأعضاء في تنمية إنتاجها الفلاحي و تحقيق الاكتفاء الذاتي من المواد الغذائية الأساسية. و في كلمة توجه بها للحضور عبر السيد عبد السلام منصور عن حساسية الظرف العالمي الراهن و التحديات المستجدة على جميع القطاعات الإستراتيجية. إذ أن الأزمة المالية “ألقت بظلالها على اقتصاديات الدول في مختلف مناطق العالم و كانت لها تداعيات على تراجع نسق النمو حتى في الدول المتقدمة و هو ما انجر عنه انكماش للاستثمارات الخارجية في العديد من بلدان العالم و تراجع الطلب...على صادرات البلدان النامية و بالخصوص المنتوجات الفلاحية”. و أشار إلى أن الأزمة برزت في وقت تسعى فيه البلدان النامية و الدول الإفريقية لاستحثاث نموها و تحت آثار الأزمة انخفض معدل النمو بالقارة الإفريقية إلى مستوى 2.8 بالمائة سنة 2009، كما تم تسجيل عجز في ميزانيات عديد البلدان و تقلصت الأرصدة من العملة الصعبة مما أثر على القطاع الفلاحي و حد من التوريد لفائدته و بالتالي أصبحت تشكو من عجز في الميزانية و غير قادرة على توفير الغذاء بأسعار مقبولة لسكانها. كما أن ارتفاع أسعار المحروقات خلال السنتين الأخيرتين أثر بصفة مباشرة على كلفة إنتاج المواد الأساسية و الغذائية و بذلك ارتفعت أسعار المواد الغذائية( حبوب، زيوت...)كل ذلك زاد في تدهور الأمن الغذائي و من المتوقع أن يرتفع عدد الجياع في العالم إلى 1.02 مليار شخص بنهاية سنة 2009 مقابل 923 شخص سنة 2007. كما أكد على ضرورة تكافل الجهود و تنسيق البرامج لمجابهة خطورة المستجدات و أشار إلى أهمية الهدف الذي رسمته المجموعة الدولية في القمة العالمية للأغذية و قمة الألفية للتنمية ألا وهو تحسين أوضاع الأمن الغذائي. و استعرض مجموعة من الآليات التي يمكن أن تنهض بالأمن الغذائي و تدعم استقراره من ذلك أساسا تطوير الفلاحة و تحديثها لتحقيق التنمية المستدامة. كما أشار إلى أهمية لقاء القمة العالمية للأغذية التي ستنعقد بمقر الأممالمتحدة للأغذية و الزراعة بروما و ذلك من 16 حتى 18نوفمبر، و التي ستمثل فرصة لتسليط الضوء على كيفية تطوير السياسات و التشريعات و البرامج و الآليات المستقطبة للاستثمار في المجال الزراعي و تطوير التقنيات الزراعية الحالية و استصلاح الأراضي... و أكد على ضرورة تعاضد الجهود مع المنظمات الدولية و منظمة الأممالمتحدة لتبني مشاريع بالبلدان النامية خاصة المتضررة بالأزمة و وضع المزيد من الخطط لغاية تطبيق برامج موجهة في الاستثمار في البنى التحتية و تطوير البحث العلمي و التكنولوجي و التكوين و الإرشاد الفلاحي و النهوض بالمرأة الريفية و ترشيد الاستخدام المستدام للموارد الطبيعية و دعم دور المنتجين...أي كل ما من شانه أن يطور المنظومة الفلاحية ويرفع قدرتها التنافسية. و عرج في السياق نفسه على العناية التي أولتها تونس للأمن الغذائي و أعطائها الفلاحة مكانة متميزة في السياسة التنموية و اتخذها العديد من الإجراءات والإصلاحات التي أقرها الرئيس زين العابدين لتحسين المحيط العام للنشاط الفلاحي. و انطلاقا من أهمية هذا القطاع سعت تونس إلى النهوض بالمحيط الريفي و تحسين الأوضاع العقارية و هيكلة مؤسسات البحث و الإرشاد و التكوين الفلاحي و النهوض بالمرأة الريفية و قد وضعت مجموعة من الاستراتيجيات التنموية الوطنية شملت جميع الميادين و النشاطات الفلاحية مثل تعبئة و إحكام استغلال مختلف الموارد الطبيعية من مياه و غابات و مراعي...و قد راهنت الدولة على الاستثمار العمومي و الاستثمار الخاص و شجعته نظرا لإيمانها بكونه قادرا على الرفع في مردودية الإنتاج الفلاحي و في استقطاب اليد العاملة. و بين السيد الوزير أن مختلف هذه الإصلاحات مكنت من تحقيق نتائج متميزة و بلوغ أرقام قياسية في بعض الميادين مثل: الحبوب و زيت الزيتون والألبان و الخضر... فقد بلغ معدل النمو السنوي للقطاع ما يناهز 6 بالمائة خلال الفترة الأخيرة و هو يساهم في الناتج المحلي الإجمالي بنسبة 12 بالمائة. و إن سعي تونس لا يزال متواصلا في مجال النهوض بالقطاع الفلاحي قصد تحقيق الأمن الغذائي و قد خصه الرئيس زين العابدين بن علي في برنامجه الانتخابي للفترة 2009 – 2014 بمحور كامل تحت عنوان ” قطاع فلاحي يواكب التحولات المناخية و يرفع تحديات المرحلة”. و أكد الوزير في ختام قوله على أهمية تضافر الجهود الدولية لمزيد التقدم في هذا المجال كما أكد حرص تونس على ضرورة تكريس الحوار والتعاون و التضامن الدولي لخدمة أهداف الألفية المتعلقة بالحد من الفقر وتحسين أوضاع الأمن الغذائي. و في كلمته عبر السيد عومر آيت أعمر مزيان، ممثل منظمة الأممالمتحدة للأغذية و الزراعة بتونس، عن أن الاحتفال باليوم العالمي للأغذية يتزامن مع الاحتفال بالذكرى 64 لإنشاء هذه المنظمة و يسعد المنظمة أن تحتفل مع سائر بلدان العالم بهذا اليوم و هو اختيار من شأنه أن يعزز العمل المشترك لتحقيق الأمن الغذائي، وتوجه بالشكر إلى تونس لاحتفائها بهذا اليوم كما نقل إلى الحضور رسالة المدير العام للمنظمة. جاء في هذه الكلمة اساسا أن الأحداث التي شهدتها السنوات الثلاث الأخيرة كانت مأساوية حيث أظهرت هشاشة نظامنا الغذائي العالمي. إذ “لأول مرة في التاريخ يعاني أكثر من مليار نسمة من نقص في التغذية في العالم، أي ما يقارب 100 مليون نسمة أكثر عما كان عليه الحال في العام الماضي”. و بين خطورة تداعيات الأزمة المالية و الاقتصادية العالمية و ارتفاع أسعار الأغذية خلال الفترة 2006 2008، هذا فضلا عن كون الإنتاج الفلاحي لازال يعاني من معوقات نتيجة الزيادة في تكاليف المستلزمات. كما أن “البلدان النامية قد أصبحت اليوم أكثر اندماجا من الناحيتين المالية و التجارية في الاقتصاد العالمي مما يجعل حدوث أي انخفاض في الطلب أو العرض على مستوى العالم ينجر عنه انعكاسات فورية على البلدان النامية”. و أشار إلى أن العامل الآخر و الذي لا يقل أهمية عما سبق ذكره من أسباب هو تأثير الأزمة على الاستثمارات الخارجية بما في ذلك في قطاع الزراعة بأكثر من 30 في المائة في 2009. كما أكد أنه من المتوقع أن تتقلص المعونة الرسمية لصندوق النقد الدولي التي يقدمها للبلدان 71 الأشد فقرا بنحو 25 في المائة و قد لا تتوافر القروض في الأسواق المالية نتيجة لارتفاع تقييم المخاطر، و الذي من شأنه أن يرفع في علاوة المخاطر...غير أنه ذكر بأن المنظمة تبذل قصارى جهدها للحيلولة دون تفاقم أزمة أو عجز في الأمن الغذائي. و تخلل اللقاء عرض فيديو مصور من اقتراح منظمة الأممالمتحدة للأغذية و الزراعة ينقل بعض حيثيات الواقع الفلاحي و الأمن الغذائي في بعض أقطاب العالم. و في ختام اللقاء توجهت “أخبار تونس” بالسؤال إلى السيد محمد عجرود المكلف بتنفيذ البرامج بمنظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة، حول “الأمن الغذائي” في تونس، فصرح قائلا: ” تونس تشارك المجموعة الدولية الاحتفال بهذا اليوم منذ بداية الثمانينات و منذ ذلك الوقت تقيم وزارة الفلاحة و الموارد المائية يوما تحسيسيا حول أهداف المنظمة و ذلك بالتعاون مع المنظمة و بتشريك مختلف الهيئات المعنية و تونس تتبع سياسة رائدة في مجال السعي إلى تحقيق و دعم مقومات الأمن الغذائي من ذلك مثلا: ” جمع التبرعات من مختلف هياكل المجتمع المدني و التبرعات الفردية و الدول و تستثمرها في بعث المشاريع الفلاحية، كما تقوم بمتابعة مسار أسعار المواد الغذائية، هذا فضلا عن قيامها بدراسات استشرافية وإدخال تقنيات جديدة في القطاع الفلاحي و توعية مختلف فئات المجتمع بأهمية ترشيد واستهلاك الموارد الطبيعية...”