تفاصيل الاحكام السجنية الصادرة في قضية "التسفير"    دعما للتلاميذ.. وزارة التربية تستعد لإطلاق مدارس افتراضية    ترامب يبحث ترحيل المهاجرين إلى ليبيا ورواندا    الدوريات الأوروبية.. نتائج مباريات اليوم    جلسة عمل بين وزير الرياضة ورئيسي النادي البنزرتي والنادي الإفريقي    نصف نهائي كأس تونس لكرة اليد .. قمة واعدة بين النجم والساقية    ملكة جمال تونس 2025 تشارك في مسابقة ملكة جمال العالم بالهند    مهرجان «كنوز بلادي» بالكريب في دورته 3 معارض ومحاضرات وحفلات فنية بحديقة «ميستي» الاثرية    تونس: مواطنة أوروبية تعلن إسلامها بمكتب سماحة مفتي الجمهورية    الاتحاد الجهوي للفلاحة يقتحم عالم الصالونات والمعارض...تنظيم أول دورة للفلاحة والمياه والتكنولوجيات الحديثة    تحسّن وضعية السدود    معدّل نسبة الفائدة في السوق النقدية    عاجل: بينهم علي العريض: أحكام سجنية بين 18 و36 سنة للمتهمين في قضية التسفير مع المراقبة الإدارية    القيروان: هلاك طفل ال 17 سنة في بحيرة جبلية!    اللجنة العليا لتسريع انجاز المشاريع العمومية تأذن بالانطلاق الفوري في تأهيل الخط الحديدي بين تونس والقصرين    تحيين مطالب الحصول على مقسم فردي معدّ للسكن    المانيا.. إصابة 8 أشخاص في عملية دهس    تونس تسجّل أعلى منسوب امتلاء للسدود منذ 6 سنوات    عاجل/ تحويل جزئي لحركة المرور بهذه الطريق    مأساة على الطريق الصحراوي: 9 قتلى في حادث انقلاب شاحنة جنوب الجزائر    عاجل: إدارة معرض الكتاب تصدر هذا البلاغ الموجه للناشرين غير التونسيين...التفاصيل    عاجل/ أمريكا تجدّد غاراتها على اليمن    تونس تستعدّ لاعتماد تقنية نووية جديدة لتشخيص وعلاج سرطان البروستات نهاية 2025    اتخاذ كافة الإجراءات والتدابير لتأمين صابة الحبوب لهذا الموسم - الرئيسة المديرة العامة لديوان الحبوب    النّفطي يؤكّد حرص تونس على تعزيز دور اتحاد اذاعات الدول العربية في الفضاء الاعلامي العربي    عاجل/ زلزال بقوة 7.4 ودولتان مهدّدتان بتسونامي    الشكندالي: "القطاع الخاص هو السبيل الوحيد لخلق الثروة في تونس"    الليلة: أمطار رعدية بهذه المناطق..    جريمة قتل شاب بأكودة: الإطاحة بالقاتل ومشاركه وحجز كمية من الكوكايين و645 قرصا مخدرا    مدنين: مهرجان فرحات يامون للمسرح ينطلق في دورته 31 الجديدة في عرس للفنون    عاجل/ تسجيل إصابات بالطاعون لدى الحيوانات..    غرفة القصّابين: أسعار الأضاحي لهذه السنة ''خيالية''    منوبة: احتراق حافلة نقل حضري بالكامل دون تسجيل أضرار بشرية    سليانة: تلقيح 23 ألف رأس من الأبقار ضد مرض الجلد العقدي    مختصون في الطب الفيزيائي يقترحون خلال مؤتمر علمي وطني إدخال تقنية العلاج بالتبريد إلى تونس    فترة ماي جوان جويلية 2025 ستشهد درجات حرارة اعلى من المعدلات الموسمية    الانطلاق في إعداد مشاريع أوامر لاستكمال تطبيق أحكام القانون عدد 1 لسنة 2025 المتعلق بتنقيح وإتمام مرسوم مؤسسة فداء    حزب "البديل من أجل ألمانيا" يرد على تصنيفه ك"يميني متطرف"    جندوبة: انطلاق فعاليات الملتقى الوطني للمسرح المدرسي    فيلم "ميما" للتونسية الشابة درة صفر ينافس على جوائز المهرجان الدولي لسينما الواقع بطنجة    كلية الطب بسوسة: تخرّج أول دفعة من طلبة الطب باللغة الإنجليزية    بطولة افريقيا للمصارعة بالمغرب: النخبة التونسية تحرز ذهبيتين في مسابقة الاواسط والوسطيات    خطر صحي محتمل: لا ترتدوا ملابس ''الفريب'' قبل غسلها!    صيف 2025: بلدية قربص تفتح باب الترشح لخطة سباح منقذ    تطاوين: قافلة طبية متعددة الاختصاصات تزور معتمدية الذهيبة طيلة يومين    إيراني يقتل 6 من أفراد أسرته وينتحر    الرابطة المحترفة الثانية : تعيينات حكام مقابلات الجولة الثالثة والعشرين    الأشهر الحرم: فضائلها وأحكامها في ضوء القرآن والسنة    الرابطة المحترفة الأولى (الجولة 28): العثرة ممنوعة لثلاثي المقدمة .. والنقاط باهظة في معركة البقاء    ريال بيتيس يتغلب على فيورنتينا 2-1 في ذهاب قبل نهائي دوري المؤتمر الاوروبي    أبرز ما جاء في زيارة رئيس الدولة لولاية الكاف..#خبر_عاجل    الصين تدرس عرضا أميركيا لمحادثات الرسوم وتحذر من "الابتزاز"    الجولة 28 في الرابطة الأولى: صافرات مغربية ومصرية تُدير أبرز مباريات    صفاقس ؛افتتاح متميز لمهرجان ربيع الاسرة بعد انطلاقة واعدة من معتمدية الصخيرة    "نحن نغرق".. نداء استغاثة من سفينة "أسطول الحرية" المتجهة لغزة بعد تعرضها لهجوم بمسيرة    خطبة الجمعة .. العمل عبادة في الإسلام    ملف الأسبوع.. تَجَنُّبوا الأسماءِ المَكروهةِ معانِيها .. اتّقوا الله في ذرّياتكم    أولا وأخيرا: أم القضايا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الأزهر بالي (رئيس «حزب الأمان») ل «التونسية»:الترويج لقطبية ثنائية اغتصاب لإرادة الشعب
نشر في التونسية يوم 08 - 04 - 2014

نحن ضدّ الافلات من العقاب لكن في اطار العدالة الانتقالية
«الباجي» نجح في عملية تبييض سياسية أعادت التجمعيين
الى الساحة
لا مجال لدوس الحريات بذريعة التصدي للإرهاب
كيف لمن يشتري ذمم الناخبين ان يكون مؤتمنا على مستقبلهم؟
حريصون على إجراء الانتخابات في موعدها حتى لا نسقط
في المجهول
أخشى من صفقة بين «النهضة» و «النداء» تدفن الديمقراطية
حاورته: ليلى بن ابراهيم
كيف ينظر الى الحراك السياسي في البلاد بعد الثورة؟
ما رأيه في «معركة» الانتخابات؟ وهل يعتقد انها ستتم في موعدها؟ وبأية شروط؟ ما مدى اشعاع حزبه في تونس عامة؟ وهل ينوي الترشح للانتخابات الرئاسية؟ ما موقفه من عودة التجمعيين والدساترة الى الساحة السياسية؟ وكيف يرى تفعيل قانون الارهاب؟ ماذا يقول عن سماسرة المال السياسي؟ وما حكمه على القطبية الثنائية التي يروج لها البعض؟
حول هذه الأسئلة وغيرها يتمحور لقاء «التونسية» اليوم في الحوار الذي جمعها بالأزهر بالي رئيس «حزب الأمان».
بعد ثلاث سنوات من الثورة ما هو موقف حزبكم من قانون العزل السياسي المسمّى بقانون تحصين الثورة؟
ما فتئ «حزب الأمان» ينادي بإعلاء المصلحة الوطنية وتكريس ثقافة المصالحة والتوافق والتسامح بين التونسيين وأن تونس لا يمكن أن تعيش إلا في مناخ من الوفاق الوطني يجنبها ويلات الانشقاق والفتنة والتناحر على الشكل الذي نراه في محيطنا الإقليمي. وبالنسبة للذين أساؤوا للوطن والشعب في العهود السابقة كنا مع الذين يرون علاج ملفهم من خلال تفعيل العدالة الانتقالية.. لم نكن نقبل بالعقاب الجماعي والإقصاء الجماعي. نحن ضد الإفلات من العقاب لكن بمعايير العدالة الانتقالية التي جربتها عديد الشعوب الشبيهة بوضعنا وأمّنت لها المسار الانتقالي بأشكال سلسة.
نحن لا نعتقد أن كثيرا من التونسيين قادرون على نسيان جلاديهم.. ومغتصبي حقوقهم وناهبي خيراتهم.. وكل الذين أسسوا لمنظومة الفساد وانخرطوا فيها. فالمسألة ليست مسألة ثأر وإنما مسألة محاسبة. فمن حق الشعب أن يقول لمن أساء له لِمَ أسأت؟
لقد كنا ندافع عن خيار المحاسبة والمصالحة.. أي عن خيار العدالة الانتقالية وذلك في الوقت الذي كان فيه التجمعيون محشورين في زاوية، وأظن أننا اليوم أصبحنا مجبرين على تعديل موقفنا بعد أن أطلت وجوههم بجرأة غير عادية. بصراحة.. صرنا نشهد منهم جرأة تصل أحيانا إلى حد الوقاحة، في تمجيد مآثر حكم المخلوع، والتباهي بأمجاد التجمع المحلّ. نحن مازلنا نستفتي قواعد حزبنا وهياكلنا ويبدو أننا نتوجه نحو المصادقة على الفصل 15، وإن كان لدينا مقترح لتعديل مقاييس الإقصاء نحو التضييق من دائرة الذين سيقع إقصاؤهم. ينبغي أن يفهم هؤلاء أن ظلما تسلط على الشعب قبل الثورة كانوا هم طرفا فيه. وكانوا أدواته. لذلك كان من الأجدى حتى من الناحية الأخلاقية أن يعتذروا للشعب، لا أن يظهروا له في ثوب البطل الذي يقوم بدور المنقذ.. أو أنهم يمتلكون قارب الخلاص.
رأيكم في القانون الإنتخابي؟
لقد اطلعنا على مسودة القانون. وهو في مجمله مقبول. لكن تبقى بعض النقاط الخلافية التي تحتاج إلى توافقات سياسية، مثل التزامن بين الانتخابات الرئاسية والانتخابات التشريعة أو الفصل بينها. ونرى أنه من الأفضل أن ترحل إلى مؤتمر الحوار الوطني ليبث فيها، مثلها مثل غيرها من الملفات التي تشهد خلافات بين الشركاء السياسيين.
و«حزب الأمان» إن حرص على شيء، فهو يحرص على إجراء الانتخابات في موعدها المدستر أي قبل نهاية 2014. فنحن في فترة تأسيسية ولا بد أن نؤسس لاحترام العقود والعهود... وإذا لم تجر الانتخابات في موعدها المحدد، فسوف تبقى رهينة توازنات سياسية متغيرة وسوف يعمد في كل مرة الحزب الذي لا يرى لنفسه حظوظا في النجاح إلى تأجيلها، وبذلك نسقط مرة أخرى في المجهول علاوة على الإشكال الدستوري الذي يمكن أن ينجم عن عدم احترام آجال الأحكام الانتقالية.
تتالت الأسماء التي تنوي الترشّح للإنتخابات الرئاسيّة كيف تنظرون إلى هذه الترشّحات؟
معظم هذه الأسماء التي تعلن نوايا ترشحها ليست بجديدة بل هي معروفة وفيها ما هو مستهلك ويعود إلى زمن ما قبل الثورة. وما أرجوه هو أن تكون جزءا من الحل. المشكلة تكمن في عقلية الشخصنة التي تسيطر على معظم هؤلاء. وأظن أن المشهد السياسي في تونس لن يتطور حتى نتعافى منها. لأني بصراحة أرى الحلول لا تتوفر إلا بوجوه جديدة ودماء جديدة وبرامج دقيقة. لكن المهم في المسألة هو موعد الانتخابات الذي لم يتحدد بعد. وقبله القانون الانتخابي الذي لم يصادق عليه بعد، أو لنقل لم يقع بشأنه توافق بعد.
هل تراودكم فكرة الترشّح؟
نعم تراودني فكرة الترشح. لكن لكي أترشح هناك شروط موضوعية لا بد من توفرها.. ليس أقلها معرفة الموعد المحدد لإجراء الانتخابات. فضلا عن جهوزية «حزب الأمان» لخوض هذا الاستحقاق، وإن كنا قد قطعنا خطوات جادة في تنضيج أدائنا وحصر نقاط قوتنا وضبط توازناتنا. وكما لا يخفى إن ترشحي رهين مصادقة هياكل الحزب على تزكيته بصفة رسمية وهو ما لم نجلس لأجله إلى حد الآن لكن نتداوله في ما بيننا. وأهم من كل هذا هو أن أرى أن ترشحي قادر على إعطاء الإضافة لما ينتظره الشعب وما فيه مصلحة الوطن. نعم لدي برنامج جاهز في خطوطه العريضة لكن ما زال لدينا متسع من الوقت لنقرر، خصوصا أن موعد إجراء الانتخابات لم يتحدد بعد، وأن تحديده قبل موفى 2014 ليس مؤكدا. وعموما إذا وجدنا من يحمل رؤية حزبنا ويكون أقدر مني على الدفاع على مشروعه، فسوف أكون من يصطف وراءه ويدعمه.
في ظلّ حمّى الاستعدادات للانتخابات هل في برنامج حزبكم تحالف؟
مع احترامنا لجميع الأحزاب الرصيفة.. واحترامنا لأدائها ولطرق عملها، نحن لا نتفق معها في كثير من مفاهيم العمل السياسي ومناهجه وأدواته. وإلى حد الآن ما زلنا نرى أن التحالف مع الأحزاب الأخرى لن يكون مضيفا لنا. ونرجو أن يكون مشروعنا ملبيا لطموحات شعبنا بجميع شرائحه وفئاته، ولا نزايد إذا قلنا أن النهوض بالفئات المحرومة هو أولى أولوياتنا. على كل نحن نشد على جهود جميع الأحزاب وكان الله في عون الجميع لما فيه مصلحة الوطن والمواطن.
قد يقال أننا حزب صغير وتجربته في التواجد السياسي قصيرة.. وأن الأحزاب الكبرى لن تترك الفرصة لغيرها، أقول إن الإشاعة تضخم الأمور كثيرا. هناك ترويج لاستقطاب ثنائي، وترويج لنتائج محسومة في الانتخابات القادمة. ونحن نعتبر هذا الترويج في حدّه يمثل اغتصابا لإرادة الشعب، وتزييف مسبق للانتخابات، وإيهام للناخب بأن الأمور محسومة. ونحن لا نرى في ذلك إلا المزيد من ضخ جرعات اليأس للشعب ودفعه نحو العزوف عن المشاركة السياسية الواعية. وأطمئن الجميع أن تجسيد إرادة الشعب وتجذيرها في الواقع هما أحد أهم مسارات نضالنا.
هل لنا من فكرة عن قاعدة «حزب الأمان»؟
أظنك تتحدثين عن منخرطي الحزب، وإن كان لدينا إحصائيات دقيقة عن القائمات وعن الانتشار الجغرافي والشرائحي والقطاعي، على كلّ فالهياكل الإدارية للحزب منهمكة الآن في إنجاز هذه المهمة وتحيينها بكامل الدقة والمنهجية قبل موفى شهر أفريل. كما أفيدك أن «حزب الأمان» أتم انتشاره في ما يقارب 70 % من الجهات داخل الوطن و15 % من الدوائر خارجه. وأقر بالتالي خطة خوض الانتخابات في جميع الدوائر داخل الوطن، وفي 50 % من الدوائر خارجه. أنا أطمئنك أن لدينا قواعد بالآلاف.. وأن طلبات الانضمام ترد علينا يوميا من مجموعات ومن أفراد.. منهم من يرغب في العمل السياسي للمرة الأولى ومنهم من كانت له تجربة، ثم أراد أن يجدد تجربته مع «حزب الأمان».. وهذا الأمر يحملنا المسؤولية الجسيمة في تأطير حضور هؤلاء في المشهد السياسي على المستويين الوطني والمحلي. ويضع على عاتقنا أعباء هيكلية وتمويلية.. لكنّنا نتحملها بكامل السعادة والمسؤولية.. ونشعر بارتياح كبير لكون حزبنا الفتي أصبحت له جاذبية يحسد عليها.. نحن منتشرون في العاصمة ومحيطها، وبجهة صفاقس، وبولايات الساحل وولايات الجنوب، والقيروان والقصرين وجندوبة.. وبإذن الله البقية تأتي.
هل لكم مآخذ على الدستور الجديد؟
منطقيا.. بعد مشاركتنا في الحوار الوطني.. وبعد مصادقتنا على التوافقات الدستورية التي أبرمت في صلبه.. لم يعد لنا مآخذ.. هو دستور توافقي بامتياز.. وما كان لدينا من مقترحات طرحناه على مائدة الحوار.. وما علينا إلا أن نهنئ التونسيين بدستورهم.. لأنه دستور في مجمله مشرف لتونس، حامل لطموحات شعبها وأحلامه، ضامن للحريات والحقوق، مراع للخصوصية التونسية والقيم الكونية، وقد أنسانا في «الدستور الكارثة» المطروح في غرة جوان 2013، والذي كان دستور «الترويكا» لا غير. يبقى التحدي الأكبر اليوم هو تنزيله على أرض الواقع والانضباط لروحه ومعانيه دونما تحريف أو تأويل. لدينا أحسن الدساتير صياغة، كان لوقت قريب في نيجيريا ولم يجنبها هذا الدستور من استشراء الفساد والفوضى. أرجو إذن أن تكون أحكام دستورنا سندا لبناء حياة ديمقراطية متطورة تحقق الرفاه للشعب.
كيف ينظر «حزب الأمان» لقرار تفعيل قانون الإرهاب؟
هذا القانون وقع إقراره في ظرف تغولت فيه الدكتاتورية على الشعب.. وجاء في سياق مناخ عالمي يكرس هيمنة الولايات المتحدة الأمريكية بعد تفجيرات 11 سبتمبر. وهذه مسألة ننظر لها بعين الريبة. لكن لا بد للدولة أن تحمي وجودها وشعبها من الإرهاب عبر قوانين ملائمة وقادرة على اجتثاث هذا الورم الخبيث، ولكن في تونس بعد الثورة لم يعد هنالك مجال لدوس الحريات واغتصاب الحقوق بذريعة التصدي للإرهاب أو تحت أي قناع آخر . ومن هنا بات لزاما علينا أن نعدل هذا القانون لما يضمن دستوريته ويكفل حقوق الإنسان، وأن نفعله ويبقى الأهم هو كيف نلزم القائمين على تنفيذه باحترام روحه وأحكامه.
هل يؤمن حزبكم بأنّ هناك استقطابا سياسيا في البلاد؟ و ما هو موقفكم من هيمنة بعض الأحزاب على الساحة السياسيّة؟
أظن أن الأحزاب التي تعتبر نفسها كبرى لم تفهم بعد أن الاستفراد بالقرار يوحي بتكرار الاستبداد ولا يؤدي إلا إلى الإحباط الجماعي، وتصحير الساحة السياسية مثلما كان في السابق.. أعني في الوقت السابق للثورة. على كل يجب أن ننتبه إلى واقع المزاج السياسي للتونسيين حيث ما فتئت الاستطلاعات تقدم ما يقارب نصف القاعدة الانتخابية غير مهتمة بالانتخابات وليس لها نوايا تصويت. ماذا يعني ذلك؟ يعني أن جميع الأحزاب مجتمعة، في ظل الظرف الحالي، ستتنافس على الظفر بأصوات نصف الناخبين.. لذلك أدعو الجميع للعمل لاستعادة ثقة الناخب التونسي. هذا إذا أردنا أن نؤسس لحياة سياسية متطورة ينعم فيها المواطن بثمار الديمقراطية. ونحن نسعى في «حزب الأمان» لإرجاع ثقة هؤلاء في النخبة السياسية، ونرجو أن يكون لنا منهم نصيب بعد أن تقنعهم برامجنا وتوجهاتنا ومناهج عملنا. أقول هذا لأبين أن استنساخ تجربة الحزب الحاكم الواحد مع أحزاب موالاة مع أحزاب معارضة هو ما يعكر المناخ السياسي الذي يطمح له الشعب في عمومه.
في كل الحالات، فإن ما يروج له «القطبان» اللذان يعتبران نفسيهما الكبيرين، سيكون صفقة لدفن الديمقراطية في مهدها، وتؤسس لدكتاتورية مقنعة تمرّ عبر الصندوق. أنا أرصد احتمال أن تبنى «ترويكا جديدة» يكون «نداء تونس» طرفا فيها، هذا بالنظر لما يروج عن صفقات تعقد في الخفاء، وما يظهره التقلب في المواقف بين المعنيين بالأمر. أضف له ما تتضمنه خطابات المغازلة بين الطرفين في القبول بالآخر ولا سيما خطابات قيادة حزب «النهضة» التي تغيرت بنسبة 180 درجة عما كانت عليه من قبل.
في اعتقادكم ماهي أفضل طريقة لتحييد المال السياسي الفاسد عن اللعب بأصوات الناخبين؟
حسب رأيي المال الفاسد لن يتوقف تسربه ولا دورانه، لأن سماسرة السياسة لا منهج لهم إلا هذه الوسائل القذرة. والحل الأمثل في رأيي لا يأتي إلا من الناخبين أنفسهم الذين يعرض عليهم هذا المال، عليهم أن يعلموا أن من يريد شراء ذممهم لا يمكن أن يكون مؤتمنا على مصالحهم ولا على وطنهم ولا على مستقبلهم. لأنهم ببساطة سماسرة سياسة وأوهام.
الدساترة و معهم وجوه تجمّعية عائدون إلى الساحة السياسيّة..ما موقفكم؟
موقفنا أفصحت عنه في الإجابة عن السؤال الأول، لكن لا بأس أن أكرر إن كان في الإعادة إفادة. هل هم قادرون على التخلص من جلباب «التجمع» ذلك الحزب الذي كرس هيمنة الدكتاتورية، ومثّل حجر عثرة في سبيل ترسيخ ديمقراطية حقيقية، واعتدى على حقوق الإنسان، ومكن لعصابات النهب، ورسخ سلوك الانتهازية، وضرب أخلاقنا الوطنية في العمق.. هل يستطيعون التخلص من هذا التاريخ المشين ومن سلوكاتهم السلبية التي تربّوا عليها في حزبهم المنحل؟
ومع ذلك نحن نفرق في حزبنا بين تجمعيين يعتقدون أنهم كانوا يخدمون الوطن ويقومون اليوم بنقدهم الذاتي ويعتبرون أن النظام البائد استغل جهدهم لتمرير مشروعه الفاسد ولهم من الخبرة والكفاءة ما ينفع البلاد، فهؤلاء مرحب بهم وأبواب حزبنا مفتوحة لهم، وبين آخرين يسعون للعودة لاغتصاب إرادة الشعب واسترجاع النفوذ والامتيازات المفقودة. فهؤلاء لا نظن أن الشعب سيمكنهم مرة أخرى..
حسب رأيكم...ماذا وراء استقالة حمادي الجبالي من الأمانة العامة ل «النهضة»؟
في الحقيقة هذا شأن داخلي متعلق بأحد الأحزاب التونسية.. وشخصية السيد حمادي الجبالي كانت تعنينا حين كانت على رأس الحكومة التونسية باعتبارها شخصية عامة يهمنا تقييم آدائها. لكن الآن وباعتبارها شخصية حزبية فإن هذا الاهتمام من الطبيعي أن يتقلص. نحن كطرف سياسي لنا أصدقاء في حزب «النهضة» الذي نتمنى له ولغيره الخير. ومنطق الاستقالات أو إعادة توزيع المسؤوليات في صلب الأحزاب أمر عادي تقتضيه توازنات هذه الأحزاب ونموها اليومي.. ونحن في «حزب الأمان» لا ندعي أننا نمتلك معطيات عن خصوصيات «النهضة»، وحتى وإن كنا نمتلك ليس من حقنا أن نذيع أمرا أو سرا إلا ما يذيعه هذا الحزب نفسه. نحن نحترم أنفسنا وندعو إلى تأسيس مناخ سياسي سليم. مع الأخذ بعين الاعتبار هذه المتغيرات ونسعى لفهم أسبابها، وإلى تحليلها والاستفادة منها بما لا يلحق ضررا بأحد.
هل تعتقدون أنّه سيتمّ تفعيل ائتلاف «الترويكا».. أم أن تطوّرات الحراك السياسي تقتضي تحالفا جديدا؟
إن الترويج لعودة «الترويكا»، كما هي أو بالتوسع للحكم يحدث إحباطا في نفوس التونسيين فعلا، ولا يطمئنهم على مستقبل الديمقراطية. نحن نطالب بتغيير منظومة 23 أكتوبر نفسها رغم أنها وليدة الثورة بسبب كلّ ما تسببت فيه من نتائج كارثية اليوم تتخبط فيها حكومة السيد مهدي جمعة. فلا بد إذن أن تنتج الانتخابات القادمة منظومة سياسية أخرى تقوم على أسس مغايرة تماما لتلك التي قامت عليها منظومة 23 أكتوبر 2011، أي لا تعطي أسبقة لحزب كبير على غيره. ولا تنبني على تغليب المصالح الحزبية، بل عليها أن تفرز حكم الكفاءات وتطمئن الشعب برؤية ومشروعا مدنيين وطنيين واضحين. وبلا غرور نعتبر أن «حزب الأمان» يمكن أن يكون في قلب هذه المنظومة.
بالنسبة لنا، إن «الترويكا» أصبحت في عداد من مضى. ولا بد أن يتشكل المشهد السياسي على أسس جديدة، قوامها مشروع سياسي، مواطني، مدني وحداثي أصيل. يُغلّب مصلحة الشعب على مصلحة الأحزاب وينبني على الكفاءة والقدرة على خلق الثروة. يجمع كل من جعل من السياسة فضاء للعطاء ونكران الذات، وليس للانتهازية وجني الامتيازات.
لا شك أن الغرب يريد لنا تصدير نماذجه السياسية من خلال القطبية الثنائية أحدهما ليبيرالي والآخر محافظ.. لإخراج مفبرك للواقع السياسي في تونس. هناك ترويج لاستقطاب ثنائي، وترويج لنتائج محسومة في الانتخابات القادمة. ونحن نعتبر هذا الترويج هو ضرب لإرادة الشعب، وتزييف مسبق للانتخابات. بإيهام الناخب بأن الأمور محسومة. ونحن لا نرى في ذلك إلا مزيدا من ضخ إحباط المواطن ودفعه نحو العزوف عن المشاركة السياسية.
إن ما نخشاه أن يتحالف هذان القطبان ويؤسسان لدكتاتورية مقّننة تضيع فيها أحلام الربيع العربي ويجهض حلم الثورة.
«الحزب الجمهوري» انسحب من «الإتحاد من أجل تونس» هل يعني ذلك أنّ احمد نجيب الشابي و الباجي قائد السبسي ضدّان لا يلتقيان؟
أظن أن السيد السبسي قام بعملية تبييض سياسي ناجحة، استدرج من خلالها أحزابا عرفت بنضاليتها في العهد السابق واستطاع استدراج أحزاب في قيمة «الجمهوري» و«الجبهة الشعبية» وغيرها في «الاتحاد من أجل تونس» من أجل تمرير عودة التجمعيين من الباب الكبير ندرك جيدا أنه أنتج زيجة بين العائلة التجمعية والعائلة اليسارية في «الاتحاد من أجل تونس» في شكل جبهة ضد الإسلاميين وحلفائهم. وفي هذه الزيجة أراد تخليص اليسار من تهمة معاداة الهوية، وتخليص التجمعيين من تهمة «أزلام». نحن لا يهمنا هذا الصراع السياسوي إذا كان مبنيا على منطلقات حزبية وإيديولوجية ضيقة. ما يهمنا هو ما يعود بالنفع على الوطن والشعب. وشعبنا بما لديه من الوعي والنضج هو الكفيل بالحسم في تقييمه للأداء السياسي. ونحن لا يسعنا إلا أن ننحاز لخياراته. نرجو ألّا يكون انسحاب «الجمهوري» من «الاتحاد من أجل تونس» من الباب الصغير بعد أن استنفد دخوله في هذا الاتحاد غرضه في تلميع صورة التجمعيين وتبييض وجههم.
كيف تقيّمون عمل حكومة مهدي جمعة؟
بادئ ذي بدء كنا من ضمن الذين اقترحوا اسم السيد مهدي جمعة لرئاسة الحكومة في مائدة الحوار الوطني. ونحن نسانده من موقع جسامة ما تتحمله حكومته في هذا الظرف الدقيق وبالغ الخطورة بكل المقاييس. البلد على حافة الإفلاس المادي وتركة حكومة «الترويكا» كارثية. نحن نقيم أداء هذه الحكومة بمقياس أساسي هو مدى التزامها ببنود خارطة الطريق التي أقرها الحوار الوطني. وهي ملتزمة إلى حد الآن بذلك.. على غرار مراجعة التعيينات، وعلى غرار الملف الأمني.. وبالنسبة للإشراف على إجراء الانتخابات لا نظن أن المسؤولية تقع على عاتقها بل هي على عاتق المجلس الوطني التأسيسي والأحزاب وكل من له علاقة بالشأن. نحن كحزب نطالب حكومة السيد مهدي جمعة بمزيد الشفافية في ما يتعلق بالصفقات العمومية وأن تتحمل مسؤوليتها في ما يتعلق بمراجعة العقود مع بعض الشركات التي تحوم حولها شبهة نهب ثرواتنا الوطنية. وندعوه إلى تأسيس سياسة تنموية للمناطق المهمشة والمحرومة..
نحن نؤمن أن تونس لا تعيش مشكل ثروة بقدر ما تعيش مشكلة توزيع غير عادل للثروة وأن الحل يبقى هو أولا وأساسا وطينا وداخليا، وبناء على ذلك فسوف نقدم مبادرة اقتصادية دقيقة نعتبرها قادرة على إخراج البلاد من الأزمة الراهنة.
ويبقى أننا نرجو لهذه الحكومة الثبات والسداد، خصوصا في ظل سعي البعض إلى محاولة زعزعتها بتحريك الشارع في بعض الجهات على غرار منطقة بن قردان.. وشكرا.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.