قدّم أستاذ القانون الدستوري قيس سعيد أثناء تواجده بالمجلس الوطني التأسيسي لمساندة اعتصام أهالي شهداء وجرحى الثورة مقترحا للخروج من المأزق القانوني الذي خلّفته أحكام القضاء العسكري قبل أكثر من أسبوعين، وما تلاه قبل يومين من رفض الهيئة الوقتية للقضاء العدلي لمقترح القانون عدد 44 لسنة 2012 المتعلّق باحداث دوائر قضائية متخصّصة للنظر في قضايا شهداء الثورة وجرحاها بتعلّة أنّ مشروع القانون يتعارض مع مقتضيات الدستور ولا يتلاءم مع روحه. ويتمثل مضمون المقترح حسب ما أكّده قيس سعيد ل «التونسية» في إحداث هيئة خاصة تتكون من 5 أعضاء يرأسها قاض ويكون فيها بقية الأعضاء ممثلين عن عائلات شهداء الثورة والجرحى على ألاّ يتم تعيين هؤلاء الأربعة من قبل السلطة المخوّلة الاّ بعد أن تقدّم جملة من المقترحات من قبلهم، مشيرا الى أنّ الحل ممكن في إطار أسس العدالة الانتقالية التي لها إجراءات خاصة وتقوم على تصوّر مختلف عن المبادئ التي تقوم عليها العدالة والقضاء بوجه عام سواء كان عسكريا أو عدليا. وفي خصوص رأيه في قرار رفض الهيئة الوقتية للقضاء العدلي لمشروع القانون عدد 44 لسنة 2012، بيّن أستاذ القانون الدستوري أنّ عملية سحب قضايا شهداء الثورة وجرحاها وإفرادها بدوائر مختصة لا يمكن أن تكون عبر المصادقة على مشروع القانون عدد 44 لسنة 2012، انما في تنقيح الفصل الثامن من قانون العدالة الانتقالية ذاهبا في نفس الوقت الى ذات رأي الهيئة الوقتية للقضاء العدلي معتبرا أن الدوائر المزمع إحداثها هي دوائر استثنائية وأن ذلك يمنعه الدستور بصريح نصه، مضيفا أنه من الصعب التفرقة بين الدوائر المتخصصة والدوائر الاستثنائية ملاحظا أنّها طالما تطرح إشكالا على المستوى الجزائي تصبح دوائر استثنائية. من جهتها أعلنت المحامية لمياء الفرحاني أخت الشهيد أنيس الفرحاني المعتصمة داخل المجلس التأسيسي في تصريح اعلامي أنّ عائلات الشهداء والجرحى قد توقعوا قرار رفض الهيئة الوقتية للإشراف على القضاء العدلي لقانون إحداث دوائر قضائية متخصصة تنظر في قضايا أبنائهم. وأكّدت الفرحاني تأييد الأهالي المعتصمين داخل المجلس التأسيسي وترحيبهم بالحلّ الذي اقترحه أستاذ القانون الدستوري قيس سعيد والمتمثل في تنقيح قانون العدالة الانتقالية والتنصيص على إحداث هيئة تجمع كلّ القضايا وتتناولها حسب إجراءات خاصة ومبادئ خاصة تنطلق من المساءلة وصولا إلى المصالحة خاصة. وقالت أخت الشهيد أنيس الفرحاني إنّ قيس سعيد التحق بعائلات الشهداء والجرحى المعتصمين ببادرة شخصية منه نابعة عن التزام أخلاقي، مشيرة إلى أنّها تقدمت إلى رئاسة المجلس التأسيسي بطلب استشارة من كلّ من الخبير الدستوري قيس سعيد ورئيس مرصد استقلالية القضاء أحمد الرحموني إلاّ أنّ رئاسة المجلس لم تجب على هذا الطلب. وبيّنت لمياء الفرحاني أنّ المقترحات التي تقدم بها أهالي الشهداء والجرحى تهدف إلى مساعدة المجلس التأسيسي على التسريع بالخروج من الإشكال الدستوري المتعلق بإحداث الدوائر المتخصصة وحلّ الاعتصام في أقرب أجل ممكن. وعن توضيحها لمسألة منع رئيس المجلس مصطفى بن جعفر دخول عدد من عائلات الشهداء والجرحى المعتصمين إلى المجلس أكدت أخت الشهيد أنيس الفرحاني أنّ عددا من هذه العائلات غادر المجلس وعند عودتهم للالتحاق بالاعتصام مُنعوا بتعليمات من رئاسة المجلس، مشيرة في ذات السياق الى أنّ الإشكال قد حلّ بمساعدة من بعض نواب المجلس حيث تم السماح للعائلات بالالتحاق بمكان الاعتصام.