ساعون ليكون «المؤتمر» قوّة اقتراح لا مجرّد قوّة احتجاج المجلس التأسيسي مقيّد بمهام وليس بآجال أطراف سياسية تستخدم الإرهاب خدمة لأجنداتها حصولنا على مال فاسد... إشاعة على حكومة «جمعة» ألاّ تنسى أننا لم نقدّم لها شيكا على بياض البعض يتهرّب من الانتخابات خوفا من اكتشاف حجمهم الحقيقي حاورته : جيهان لغماري يراهن سمير بن عمر النائب بالمجلس التأسيسي عن حزب «المؤتمر من أجل الجمهورية» على فوز حزبه في الانتخابات المقبلة مشيرا الى أن «المؤتمر» يبقى دائما رقما صعبا في المعادلة السياسية رغم حملات التشويه التي يتعرض لها على حدّ تعبيره. وقال بن عمر في حواره مع «التونسية» ان وجود حزبه في الحكم أكسبه نضجا وتجربة سياسية كان يفتقدهما في الماضي، مشيرا الى أنه رغم حرصه الشديد على تكريس شفافية الذمة المالية للمترشحين لمختلف العمليات الانتخابية صلب القانون الانتخابي فإنه للأسف لم يجد الدعم اللازم. وأكد بن عمر انهم يسابقون الزمن لبناء حزب قادر على استيعاب الآلاف من المنخرطين مع تحصينه من الاختراقات المحتملة ليكون قوة اقتراح وليس مجرد قوة احتجاج، بقية تفاصيل الحوار في السطور التالية. طالبتم بإعادة التصويت على قانون العزل السياسي الذي تم رفضه بفارق صوت واحد واتهمتم بعض النواب بالخيانة. ما الذي حصل خلال عملية التصويت؟ لم يكتمل النصاب القانوني لتصويت نواب المجلس التأسيسي لصالح الفصل 167 من مشروع القانون الانتخابي حول قانون العزل السياسي ممّا أدى إلى سقوطه بصوت واحد. وقد تمّ تقديم عريضة في الغرض موقعة من طرف 87 نائبا للمطالبة بإعادة التصويت على هذا الفصل لكن تم رفض المقترح، وبالتالي يعتبر الموضوع منتهيا.... واعتبر ان التصويت ضد قانون العزل السياسي خيانة للثورة ولدماء الشهداء وعودة لرموز النظام السابق للحياة السياسية من الباب الكبير. لماذا رفضت مبدأ أن يكون المترشح للانتخابات مسويا لوضعيته الجبائية للسنوات الخمس الأخيرة وقبلت مع آخرين بسنة واحدة؟ موقفي من هذه المسألة موقف مبدئي وثابت ، أنا أعتقد جازما أن القيادات السياسية يجب أن تكون فوق مستوى الشبهات في ادارة الشأن العام ، وأن تعطي المثال للعموم في الحوكمة الرشيدة وفي التزامها بالقوانين . ومن هذا المنطلق فقد حرصت على تكريس شفافية الذمة المالية للمترشحين لمختلف العمليات الانتخابية صلب القانون الانتخابي ، ولكن للأسف لم أجد الدعم اللازم من بقية زملائي النواب. كما أشير الى أنني من النواب القلائل الذين قاموا بنشر تصريح الذمة المالية للعموم.و إني أنتهز هذه الفرصة لدعوة كل المترشحين للانتخابات المقبلة الى المبادرة بنشر تفاصيل ذمتهم المالية بشكل تلقائي لإعطاء المثال لشعبنا . أما عن موقفي من تسوية الوضعية الجبائية للمترشحين، فأنا وخلافا لمحاولات التشويه التي قامت بها بعض الأقلام المشبوهة أساند هذا المقترح. لكن الخلاف الذي حصل في المجلس ليس حول المبدإ وانّما حول صياغة الفصل اذ أن الصياغة المقترحة غير دقيقة ويمكن أن تؤول بشكل يؤدي الى اقصاء النزهاء والمناضلين الذين تصدوا للاستبداد ،اذ نص الفصل المقترح على ضرورة ادلاء المترشح بالتصريح الجبائي للسنة المنقضية، والحال أنه لا يوجد شيء في قانون المالية يسمى بالتصريح الجبائي وانما يوجد تصريح سنوي بالضريبة على الدخل، ولذلك يمكن أن يفسر الفصل باعتباره يشترط الحصول على براءة ذمة من القباضة المالية ( quitus fiscal ) وهو ما يمكن أن يؤدي الى تسليط مظلمة على النشطاء السياسيين الذين عارضوا وتصدوا لنظام المخلوع الذي كان يلجأ الى الهرسلة الجبائية ضدهم للضغط عليهم وأصدر قرارات توظيف اجباري ظالمة ضدهم ورهن بيوت بعضهم ، وكان يفترض بعد الثورة أن يصدر عفو جبائي عن هذه الوضعيات . ومالم يصدر هذا العفو الجبائي لا يمكن للرموز المقاومة للاستبداد أن تتحصل على براءة الذمة . ولذلك كان لابد من اعادة الصياغة للتنصيص على ضرورة الادلاء بما يفيد القيام بالتصريح السنوي للضريبة على الدخل وذلك حتى لا نعاقب المناضلين على تضحياتهم في سنوات الجمر . أما عن المدة المعنية بالتصريح فأنا ساندت أن يمتد التصريح الى الثلاث سنوات الأخيرة (أي مرحلة ما بعد الثورة) ولكن أغلب الكتل لم تساند هذا المقترح واكتفت بسنة واحدة . وعلى كل حال فإن الصيغة التي وقع التصويت عليها تعتبر رائدة وفريدة في القوانين الانتخابية المقارنة وهي قابلة للتعديل في السنوات القادمة . صراحة وبعيدا عن تضخم الذات، ماهي أحوال حزب «المؤتمر»؟ حزب «المؤتمر من أجل الجمهورية» مازال يعمل على التأقلم مع التحول الذي شهده المشهد الحزبي في البلاد وتطوير هيكلته واعداد برامجه التي تؤهله ليكون في مستوى تطلعات شعبنا. فالحزب كان حزبا سريا ونخبويا ومعارضا، ولكنه وجد نفسه في ظرف بضعة أشهر بعد الثورة حزبا جماهيريا ويضطلع بأعباء الحكم . هذا الانتقال المذهل لم يتهيأ له الحزب بالشكل المناسب ونحن نعمل اليوم على مسابقة الزمن لبناء حزب يقدر على استيعاب الآلاف من المنخرطين مع تحصينه من الاختراقات المحتملة كما اننا نعمل على تطوير البرامج والمضامين ليكون الحزب قوة اقتراح وليس مجرد قوة احتجاج . وبكل موضوعية فإن حزب «المؤتمر» يبقى دائما رقما صعبا في المعادلة السياسية واستطاع رغم كل التحديات أن يكون أحد أهم مكونات المشهد السياسي والحزبي اليوم ولا يمكن في المستقبل بناء تونس الجديدة دون «المؤتمر» . ألا تعتقدون ان الحزب خسر الكثير بعد انتهاء حكم «الترويكا»؟ بالعكس وجود حزب «المؤتمر» في الحكم أكسبه نضجا وتجربة سياسية كان يفتقدها في الماضي، كما أعطاه زخما وانتشارا فاق كل التوقعات. فالشارع التونسي بعد الثورة لم يكن يعرف حزب «المؤتمر» بسبب سياسة التعتيم التي انتهجها النظام المقبور ضدنا ، وكانت نجومية قيادات الحزب تطغى على الحزب ذاته ، اليوم وبفضل وجوده في الحكم تغيرت المعادلة وأصبح اشعاع الحزب في المقام الأول وهو الذي يصنع القيادات وليس العكس ، وهذا تطور نوعي سيؤمّن مستقبل الحزب ويجعله بمنأى عن الهزّات . هل ستذهبون الى الانتخابات القادمة دون تحالفات أم ان هناك بعض منها في الافق؟ نحن من حيث المبدإ نعمل على توحيد صفوف القوى الثورية والقوى الديمقراطية من أجل قطع الطريق على جيوب الردة التي تعمل على اجهاض طموحات شعبنا في القطع مع منظومة الفساد والاستبداد. و من هذا المنطلق فنحن على اتصال وثيق بعديد الأطراف السياسية من خارج أحزاب «الترويكا» والتي لها مكانتها وتاريخها وتشاطرنا نفس الرؤية حول انجاح المسار الانتقالي وذلك لتنسيق جهودنا في المرحلة القادمة وتكوين جبهة سياسية قوية ، هذا التقارب السياسي هل يمكن أن يتطور الى تحالف انتخابي ؟ الحزب لم يحسم بشكل نهائي اليوم في مسألة التحالفات الانتخابية وأعتقد شخصيا أن القانون الانتخابي سيكون محددا في هذه المسألة. كيف ترون حجم المؤتمر في الانتخابات القادمة؟ حزب المؤتمر ورغم ارتقائه الى السلطة فانه لم يغير مواقفه وحافظ على خطه السياسي الداعم للمسار الثوري ولم تغيره السلطة بل هو الذي عمل على تغيير السلطة ولذلك فانه يحظى في الشارع التونسى باحترام وتقدير كبيرين ، كما أن رئيسه الشرفي الدكتور محمد المنصف المرزوقي يحظى كذلك بثقة أغلب التونسيين وهو يقوم بعمل جبار في مؤسسة الرئاسة التي غير صورتها النمطية لدى الرأي العام ، ولذلك فانني أراهن على فوز المؤتمر في الانتخابات المقبلة وسجلوا فان محمد المنصف المرزوقي هو رئيس تونس المقبل رغم القصف الاعلامي وحملات التشويه والتعتيم الممنهجة التي يتعرض لها لهز صورته أمام الرأي العام . رأيكم في حكاية دخول الإسرائيليين إلى تونس؟ نحن متمسكون بكل ثوابت الشعب التونسي بما في ذلك رفض التطبيع مع الكيان الصهيوني. مع الاشارة الى أن السماح بدخول الاسرائيليين الى تونس جريمة لم يجرأ على ارتكابها النظام البائد فكيف تقدم عليها حكومة ما بعد الثورة في تحد صارخ لمشاعر التونسيين؟ ثم ان الحكومة الحالية هي حكومة مؤقتة وعليها عدم توريط البلاد في التزامات ملغّمة سواء على المستوى الاقتصادي أو الديبلوماسي . هل تتوقعون سحب الثقة من وزيرة السياحة خاصة انكم كنتم من ابرز الموقعين على لائحة اللوم وسحب الثقة؟ لم تحدّد أغلب الكتل النيابية بعد موقفا رسميا من هذه المسألة ، ولذلك فان الاجابة عن هذا السؤال سابقة لأوانها . كيف ترى الموقف الرسمي لحركة «النهضة» الرافض لسحب الثقة من وزراء حكومة المهدي جمعة؟ أعتقد أن كل أحزاب «الترويكا» أعطت ثقتها لحكومة السيد مهدي جمعة وساندتها من أجل انجاح ما تبقى من المرحلة الانتقالية . لكن هذه المساندة لا يجب أن تكون غير مشروطة بل هي مرتبطة بمدى تقدمها في انجاز المهام الموكولة اليها وبالتزامها باستحقاقات ثورتنا المجيدة وبثوابت شعبنا ، فنحن لم نقدم للحكومة شيكا على بياض لتفعل ما تشاء ، واذا اعتقد البعض أن بحوزته شيكا على بياض فإنني أعلمه أن هذا الشيك بلا رصيد . ألا ترون أنها مزايدات غير مبدئية لأن الاسرائيليين دخلوا بنفس الطريقة حتى في عهد الترويكا ولم يتكلم احد؟ هذا غير صحيح ، الاسرائيليون كانوا يدخلون بجوازات أوروبية وأمريكية . لم يسبق لأية حكومة سابقة أن سمحت بدخول حاملي جوازات السفر الاسرائيلية الى البلاد وهذا طبيعي باعتبار عدم اعتراف الدولة التونسية بدولة اسرائيل . ولو أقدمت حكومة «الترويكا» على خطوة مماثلة لكنا أدنّاها بدون أدنى تحفظ وبشدة ولكنّا انسحبنا من الحكومة لأننا في حزب «المؤتمر» لا نقبل بأن نكون في حكومة تعتدي على مشاعر شعبها وتطبّع مع قتلة الأطفال. الإرهاب فزاعة أم حقيقة؟ خاصة أنّ مواقفكم لم تكن واضحة، فدائما هناك كلمة «ولكن» في مواقفكم؟ الارهاب حقيقة وليس اشاعة ، ولا يمكن أن ننسى عشرات التونسيين الذين أزهقت دماؤهم سواء من القيادات السياسية أو من أعوان الأمن والجيش وموقفنا كان واضحا وهو الادانة المطلقة له . ولكن السؤال الحقيقي الذي يجب أن يطرح هو في معرفة الأطراف السياسية التي تقف وراءه وتدعمه . وأنا أؤكد في هذا الخصوص أن هناك أطرافا سياسية لها علاقة ثابتة بالارهاب وتستخدمه لتنفيذ أجنداتها . وانني أتساءل بهذه المناسبة عن قضية السائحة البلغارية التي وقع ايقافها مؤخرا بمطار تونسقرطاج وكانت حاملة معها مسدسا كاتما للصوت وذخيرة ولحي اصطناعية ، ثم وقع الافراج عنها وترحيلها الى بلدها ، والحال أنه كان ينبغي سجنها والتحقيق معها لمعرفة الجهات التي تقف وراءها والجهات الداخلية التي سلمتها هذه المعدات والمخططات الاجرامية المزمع تنفيذها. هذه الواقعة الثابتة لدينا وقع التعتيم عليها سواء من طرف الاعلام أو من طرف النقابات والحال أنها في غاية الخطورة خاصة أنها تكررت عدة مرات ، ولكن يبدو أن بعض الجهات لا تريد فك طلاسم الارهاب وتريد لشعبنا أن يبقى تحت كلاكل الارهاب وتريد التغطية على الجهات التي تقف وراءه . التأسيسي في سنته الثالثة، هل هو برلمان دائم رغم صفته الانتقالية؟ المجلس الوطني التأسيسي انتخب لانجاز مهام تأسيسية وهي أساسا صياغة الدستور وتوفير الاطار التشريعي الذي يسمح ببناء المؤسسات الجديدة المنبثقة عن الدستور وانجاح المسار الانتقالي . وقد أنجز التأسيسي جزءا كبيرا من مهامه ونحن الآن في الربع ساعة الأخير من نهاية المرحلة الانتقالية الحالية ، فالمجلس مقيد بمهام وليس بآجال . علما أننا كنا من أحرص الأطراف على التسريع في انجاز المهام التأسيسية وتنظيم انتخابات في أقرب الآجال باعتبار أن مصلحة البلاد تقتضي انتخاب حكومة يكون لها الوقت والصلاحيات اللازمين للشروع في اصلاح المؤسسات . و لا يفوتني هنا أن أذكر بأن حزب «المؤتمر» كان الحزب الوحيد الذي رفض تقييد مدة عمل المجلس بسنة وطالبنا بأن تكون مدة عمل المجلس ثلاث سنوات على الأقل وذلك بالنظر الى المهام الموكولة اليه ، وقد أثبت التاريخ من جديد بعد النظر دقة وصحة مواقف حزبنا . ألا ترون في ذلك «دكتاتورية» من مكوناته المختلفة رغم أنّ الواقع السياسي الحالي لا يشبه موازين 23 أكتوبر 2011؟ عن أية دكتاتورية تتحدثين؟ نحن الآن في مسار بناء مؤسساتنا بمشاركة كل التونسيين سواء منهم الأحزاب السياسية أو المجتمع المدني، ومنسوب الحرية لم يكن عاليا مثلما عليه الأمر اليوم. أما عن الانتخابات فنحن الأحرص على تنظيمها في أقرب وقت وقدمنا في سبيل ذلك عديد التضحيات والتنازلات التي يعلم بها الجميع ، ولكن غيرنا يتهرب من الانتخابات لأنه يعرف أنها ستعيده الى حجمه الطبيعي . أما الحديث عن أن الواقع السياسي الحالي لا يشبه موازين 23 أكتوبر 2011 ، فان الأطراف التي تروج لهذه الترهات هي أكثر الأطراف تهربا من الاستحقاق الانتخابي ، اذا كان الشارع التونسي يساندهم فلماذا لا يريدون تحكيم الصندوق ويعملون بكل الوسائل والسبل لتأجيل الانتخابات ؟ ما حقيقة الاتهامات الموجهة لحزب «المؤتمر من أجل الجمهورية» بحصوله على تمويلات لحملته الانتخابية من قبل رجال أعمال استثروا في عهد بن علي؟ هذه ادعاءات سخيفة تندرج ضمن حملة التشويه الممنهجة التي يتعرض لها المؤتمر من طرف بعض المفلسين . حزب «المؤتمر» آل على نفسه ألا يمد يده للمال السياسي الفاسد وخاض حملة انتخابية نظيفة بشهادة كل الأطراف ، وقد وردت علينا عدّة عروض من بعض رجال الأعمال الفاسدين لتمويلنا الا أننا رفضنا ذلك . ونحن نتحرى في كل التمويلات والهبات التي ترد علينا ولا نقبلها اذا كانت مشبوهة أو مشروطة . حسب رأيكم، هل تستطيع تونس تنظيم انتخابات قبل موفى 2014؟ ولماذا؟ بالطبع هذا استحقاق دستوري ومن واجبنا جميعا الالتزام به. نحن الآن في موفى أفريل والمصادقة علىِ القانون الانتخابي ستتم في غضون ساعات، ولدينا متسع من الوقت لتنظيم الانتخابات في الآجال الدستورية. ولكن هناك بعض المخاوف في هذا الخصوص باعتبار أن بعض الأطراف تعمل بكل السبل على عرقلة المسار الانتخابي والدفع نحو تأجيل الانتخابات لأنها ليس لها ثقة في التونسيين وتخاف من نتائج الصندوق ، ولعل ما حدث في مناقشة القانون الانتخابي يعطي صورة كافية عن نوايا بعض الأطراف التي عملت على اطالة أمد النقاشات وهي تستعد للطعن في القانون لمزيد التعطيل ، ونحن سنعمل من موقعنا على اجهاض مخططاتها والوفاء بالتزاماتنا تجاه شعبنا في اجراء انتخابات حرة ونزيهة قبل نهاية السنة، وأقول لبعض الأطراف السياسية من يريد الوصول الى الحكم هناك طريق واحد هو الصندوق.