يؤمن الكثيرون بأنّ «المال قوام الأعمال» وأنّ توفر الموارد المالية أوّل عوامل التألق والنجاح, لكن الشأن قد يختلف في عالم كرة القدم حيث يصبح «القليّب والقرينتا» سرّا التميّز وإذا ما أضفنا إليهما الكثير من الانضباط والجديّة فالخليط سيفرز حتما نجاحا ملفتا, وهو حال المستقبل الرياضي بوادي الليل الذي تمكّن الأحد الفارط من ضمان صعوده إلى الرابطة المحترفة الثانية قبل ثلاث جولات من نهاية البطولة الهاوية وذلك إثر موسم رياضي متميّز شهدت انطلاقته بعض الصعوبات سريعا ما تجاوزها أبناء المدرب لطفي العيّاري ليثبتوا أنهم الأجدر لنيل مقعد بين الكبار. عشية الأحد لم تكن عادية في وادي الليل حيث ابتهج الجميع «الكبير والصغير وإلّي يدبي عالحصير» لصعود النادي بعد 23 سنة قضاها في قسم الهواة وازدانت شوارع المدينة بأعلام الجمعية وشعاراتها وتجمهر المئات أمام الملعب البلدي للتعبير عن فرحهم وفخرهم بهذا الانجاز. «التونسية» تحولت إلى الملعب البلدي بوادي الليل أين التقت الهيئة المديرة للنادي وتحدثت إلى أبطال الصعود من لاعبين وإطار فني فكان التحقيق التالي: لمحة عن تاريخ النادي : تأسس المستقبل الرياضي بوادي الليل سنة 1976 ببادرة من بعض شباب الجهة على غرار علي الجندوبي وعثمان العوني وعلي العياري وكان المرحوم بوبكر بوعلاق أوّل رئيس للنادي كما تداول على الجمعية رؤساء نذكر منهم منصف الجبالي والمرحوم علي الجندوبي ... في منتصف الثمانينات عرف النادي فترته الذهبية وحقق انجازا سجلّه تاريخ الجمعية بالبنط العريض حيث تمكّن فريق الأكابر (من 1984 إلى 1989) من تحقيق صعود مستمر من القسم الرابع إلى الوطني «أ» (حسب التقسيم القديم) , لكن سرعان ما تدحرج الفريق عائدا إلى قسم الهواة بعد تتالي الأزمات المالية وانعدام الدعم. الصعود وليد التحدّي... كانت انطلاقة الموسم الرياضي الحالي صعبة على أكابر المستقبل الرياضي بوادي الليل حيث أجبر الفريق على التدرب بالملعب الفرعي ذي المساحة الضيقة والأرضية الصلبة وغير المجهز بالإضاءة وذلك بسبب احتضان الملعب الرئيسي لأشغال التعشيب والصيانة , كما لم يدخل زملاء ماهر الهمامي في تربصات بسبب الضائقة المالية الشيء الذي أثّر سلبا على أداء الفريق فوق الميدان وجعل نتائجه متذبذبة , لكن بالعزيمة والإصرار تمكن الفريق من قهر الظروف وقلب مجريات البطولة لصالحه حيث نجح في الجولة الثانية عشرة ذهابا من الانتصار على حساب شبيبة العمران وافتكاك الصدارة منه ليكمل مرحلة الذهاب بطل الخريف لمجموعة الشمال. و يحمل الفريق في رصيده –إلى غاية الجولة العاشرة إيابا - 16 انتصارا و4 تعادلات و3 هزائم ولم يعرف الهزيمة فوق ميدانه وهو يتصدّر المجموعة برصيد 52 نقطة وبفارق 11 نقطة عن ملاحقه المباشر شبيبة العمران. أبطال الصعود ضمّت تشكيلة الفريق الذي خاض الدورة الشرفية ضد الضيفّ مولدية منوبة (5 - 2) كل من الحارس عبد الله الحامي واللاعبين عبد الرحمان بوعفيف ولسعد قماطي وأحمد زنطور ومحمد أمين الغربي وسهيل الميساوي ومحمود بوعبد الله وإبراهيم كريدان وأمين العمدوني وأنيس نغوي وسفيان الرياحي. كما يضمّ الفريق جملة من اللاعبين المتألقين على غرار الحارس الأوّل خبيب هلال وقائد الفريق ماهر الهمامي وسامي الجندوبي ولسعد الذويبي وسفيان بن خالد ...والقائمة تطول. أمّا الإطار الفني للفريق فيتكوّن من المدرب «الرحالة» لطفي العياري والمدرب المساعد بلال مقعدي ومدرّب الحراس عبد الرحمان السيناني والمعدّ البدني ياسين اللواتي. «سالم الجندوبي» (رئيس النادي): « عدنا إلى مكاننا الطبيعي ضمن الكبار» «لقد تحدينا مختلف الصعوبات من مشاكل مادية ومظالم تحكيمية وتهميش إعلامي لنثبت للجميع أن وادي الليل ليست «للحقرة» وأنها وجدت لتكون ضمن كبار كرة القدم ببلادنا وها نحن عدنا بعد 23 سنة للعب في البطولة المحترفة الثانية, صعودنا مثّل هدفا وضعناه نصب أعيننا وعزمنا جاهدين على تحقيقه فكان لنا ذلك والحمد لله , لكن تواصل هذا النجاح يتطلّب دعم أهالي الجهة ومؤسساتها الصناعية نظرا لما سيتطلّبه اللعب في الرابطة الثانية من مصاريف ضخمة لتحضيراتنا وتنقلاتنا ...كما يجب على سلط الإشراف أن تولينا العناية والدعم المناسبين لما قدمه مستقبل وادي الليل من انجاز ساهم في الاشعاع الرياضي للمنطقة». «لطفي العياري» (مدرب الفريق): « انضباط اللاعبين ساهم في نجاحهم» «تكاتف جهود مختلف المكونات من هيئة مديرة وإطار فني ولاعبين جعلنا ننجح في تحقيق حلم الجميع بالصعود ويعدّ انضباط اللاعبين واحترامهم للمسيرين ولمدربيهم أهمّ عامل للنجاح والدليل أننا لا نملك من الموارد المالية الكثير لكننا أسسنا لفريق ملتزم وذو أخلاق عالية فنجحنا من خلاله في الوصول إلى غايتنا». «أنيس نغوي» (هدّاف الفريق): « فرحتنا لا توصف» «رغم إصرارنا منذ البداية على احتلال الأدوار الأولى وتصدّر الترتيب إلاّ أن نجاحنا في العودة بالجمعية إلى صفوف المحترفين مثّل حدثا لن يمحى من ذاكرتنا... أصبحت أؤمن بأن عناية الهيئة المديرة والإطار الفني الذي جعل من الفريق عائلة متماسكة سرّ تحقيق كلّ هدف مهم كان صعبا ومهما قال عنه الآخرين مستحيل». آمنة المجدوب