شكّلت مدينة درنة الواقعة شرق مدنية بنغازي مرتعا ومنطلقا لمقاتلي الجماعات الجهادية المتشدّدة، الذين استفادوا منذ سنوات من التضاريس الجبلية الوعرة للمدينة الواقعة وسط سهل ضيّق بين ساحل المتوسط وسفوح الجبل الأخضر. وحسب المراقبين، فإن درنة تعدّ خزّانا وعمقا لتنظيم «القاعدة» وأهم جماعة جهادية عرفتها ليبيا، وهي الجماعة الإسلامية المقاتلة، التي خرّجت كوادر للقاعدة والكثير من قادة الثوار، مثل عبد الحكيم بلحاج وخالد الشريف وكيل وزارة الدفاع حاليا. ويعود ارتباط هذه المدينة بتنظيم القاعدة إلى نحو ثلاثة عقود، حيث تم رصد نحو 100 عنصر من درنة وحدها في العراق إبان فترة تواجد أبو مصعب الزرقاوي فيها والحديث أي في الفترة ما قبل عام 2006. وفي مطلع الشهر الماضي، أعلنت مجموعة تطلق على نفسها اسم «مجلس شورى الشباب في درنة» عزمها فرض الشريعة الإسلامية في المدينة، بعد استعراض عسكري على تخوم المدينة بعشرات الشاحنات العسكرية التي جابت شوارع المدينة وعلى متنها عشرات المقاتلين المدجّجين بالسلاح، وفق تسجيل مصور منسوب للمجموعة. وما هي إلا أيام من الإعلان عن تطبيق الشريعة الإسلامية في درنة، حتى عُثر على جثة القيادي البارز في القاعدة في المدينة، وهو علي عبد الله بن طاهر (المكنى الفار)، والذي تبنى جهاز مخابرات درنة مسؤولية قتله والتعهد بتطهير درنة من المتطرفين.