بقلم : مصطفى قوبعة هل تحتاج الحرب على الارهاب الى مؤتمر وطني لمكافحة العنف والارهاب؟ ما الذي سيضيفه مؤتمر وطني ثان لمكافحة العنف والارهاب من جديد لتوصيات المؤتمر الوطني الأول المنعقد في منتصف شهر جوان الماضي؟ لماذا بقيت توصيات المؤتمر الأول حبرا على ورق؟ وما الذي دفع حقيقة حزبي حركة «النهضة» و «المؤتمر من أجل الجمهورية» بالخصوص الى مقاطعة المؤتمر الأول والى العمل على افشاله (حسب منظمي المؤتمر) ثم الى الدعوة الى عقد مؤتمر وطني جديد حول نفس الموضوع بعد سنة تقريبا؟ ما هي الاضافة التي يمكن أن يقدمها هذان الحزبان في مؤتمر وطني آخر حول الارهاب؟ هل تحتاج حكومة السيد مهدي جمعة الى تفويض شعبي للمضي قدما في مكافحة الارهاب وهي التي أوكلت لها طاولة الحوار الوطني السياسي مهمة مكافحة الإرهاب؟ هل تحتاج الحرب على الارهاب «لمّة» سياسيين بالممارسة أو بالصفة لا غير لدرس ولمناقشة تفاصيل متطلبات انتشار أمني وعسكري جديد على كامل تراب الجمهورية؟ هل تحتاج الحرب على الإرهاب الى مؤتمر وطني لتوريط سياسيين متنافرين يراوحون بين الصدق والانتهازية، في معالجة مسائل تقنية بامتياز تتعلق أساسا بإحكام التنسيق بين مختلف الأجهزة الأمنية من جهة وبين المؤسستين الأمنية والعسكرية من جهة أخرى؟ هل تحتاج الحرب على الإرهاب الى مؤتمر وطني لاستحداث آليات أو هيئات جديدة لمكافحة الإرهاب مثل وكالة الأمن القومي؟ هل تحتاج الحرب على الإرهاب الى مؤتمر وطني لنتيقّن أن المؤسستين العسكرية والأمنية في حاجة ملحة كذلك الى المزيد من المعدات والتجهيزات الحديثة ووسائل العمل؟ أليس من المخجل أن يطالب اليوم بعض نوابنا في المجلس الوطني التأسيسي برصد اعتمادات اضافية لوزارة الداخلية وصمتهم كان مطبقا أيام مناقشة الميزانية العامة للدولة وميزانيتي وزارتي الداخلية والدفاع خاصة؟ هل تحتاج الحرب على الإرهاب الى مؤتمر وطني حتى نتفطن الى ضرورة تجهيز كل معابرنا الحدودية البرية والبحرية بآلات «سكانار» للكشف الدقيق عن خبايا السيارات والشاحنات والحاويات والمغلفات العابرة لحدودنا؟ هل تحتاج الحرب على الإرهاب الى مؤتمر وطني ليحسم البنك المركزي أمره ويفعّل جهده في مراقبة جدية وناجعة لكل تحركات الأموال وفي التثبت الدقيق منها، ومن مصادرها ومن الجهات المستفيدة منها؟ هل تحتاج الحرب على الإرهاب الى مؤتمر وطني لدفع الكتابة العامة للحكومة الى القيام بجرد كامل لكل الجمعيات المتحصلة على تأشيرة وتفعيل كل هياكل الرقابة المالية والادارية للتدقيق في نشاط هذه الجمعيات وفي مصادر تمويلها وفي أوجه صرف أموالها مقارنة بالأهداف المضمنة في قوانينها الأساسية الخاصة؟ هل تحتاج الحرب على الإرهاب الى مؤتمر وطني لاتخاذ بعض القرارات مثل قرار التعليق المؤقت للتمويل الأجنبي للجمعيات في انتظار تطهير النسيج الجمعياتي من الشوائب التي علقت به؟ هل تحتاج الحرب على الإرهاب الى مؤتمر وطني لسياسيين في قاعات مريحة ومكانهم الطبيعي اليومي هو عمق الأحياء الشعبية وقلب مربعاتها «الأمنية» المحجرة عليهم؟ هل تحتاج الحرب على الإرهاب الى مؤتمر وطني لطبقة سياسية أنهكها انعدام الثقة بين مكوناتها؟ هل تحتاج الحرب على الإرهاب الى مؤتمر وطني قادر على تصحيح الأخطاء القاتلة لسياستنا الخارجية؟ هل تحتاج الحرب على الإرهاب الى مؤتمر وطني للتسريع في تسوية وضعية قيادات أمنية معزولة أنصفتهم المحكمة الادارية؟ وهل تحتاج الحرب على الإرهاب في الحالة التونسية الى حوار وطني عميق لبحث مناويل بديلة لسياسات تنموية وتربوية وثقافية مستقبلية يمكن للحكومة المؤقتة الحالية الاستئناس بها على المدى المتوسط والطويل والحال أنها دستوريا منتهية الصلاحية مع موفى هذه السنة؟ هل وهل وهل... قد لا نحتاج الى حوار وطني للحرب على الارهاب، فقد سبق السيف العذل وحُصّل ما في الصدور بعد أن خسرنا جميعا معركة التحصين ضد مخاطر الارهاب، لا خيار لنا اليوم في الحرب على الارهاب سوى الدولة القوية القادرة الواثقة... فإما أن تكون هذه الدولة أو لا تكون.