28 و29 ديسمبر الجاري : انعقاد الدورة 12 للجنة المشتركة التونسية السعودية بالرياض.    الميناء التجاري برادس محل متابعة من قبل سلطة الإشراف    خبايا الخطة..ماذا وراء اعتراف اسرائيل بأرض الصومال..؟!    كأس امم افريقيا 2025 :منتخب بنين يفوز على بوتسوانا 1-صفر..#خبر_عاجل    مداهمة مصنع عشوائي بهذه الجهة وحجز مواد غذائية وتجميلية مقلدة..#خبر_عاجل    تأجيل محاكمة رضا شرف الدين    وزارة النقل: الدفعة الاولى من صفقة اقتناء 461 حافلة من الصين ستشحن قريبا (فيديو)    هام/ بالأرقام: كميات الأمطار المسجلة خلال 24 ساعة الماضية..#خبر_عاجل    كأس أمم إفريقيا 2025: السودان وغينيا الاستوائية في اختبار حاسم لإنعاش آمال التأهل    النادي الصفاقسي: الكشف عن الحالة الصحية للاعبين إثر نهاية تربص سوسة    عاجل/ حجز يخوت ودرجات نارية فاخرة: تفاصيل تفكيك وفاق دولي لترويج المخدرات يقوده تونسي..    الكاف: ورشات فنية ومعارض وعروض موسيقية وندوات علمية في اليوم الثاني من مهرجان صليحة    اللجنة الوطنية الأولمبية التونسية: محرز بوصيان يواصل رئاسة اللجنة    عاجل/ بعد اعتراف الكيان بأرض الصومال: حماس تصدر هذا البيان وتفجرها..    جريمة مروعة: وسط غموض كبير.. يقتل زوجته وبناته الثلاث ثم ينتحر..#خبر_عاجل    إيقافات جديدة في فضيحة مراهنات كرة القدم    رئيس الجمعية التونسية لمرض الابطن: لا علاج دوائي للمرض والحمية الغذائية ضرورة مدى الحياة    عاجل/ تنبيه: انقطاع التيار الكهربائي غدا بهذه المناطق..    مستخدمو التواصل الاجتماعي مجبرون على كشف أسمائهم الحقيقية    قابس: نجاح جديد بقسم طب العيون بالمستشفى الجامعي بقابس    كرهبتك ''ن.ت''؟ هذا آخر أجل لتسوية الوضعية؟    سيدي بوزيد: تحرير 17 تنبيها كتابيا وحجز كميات من المواد الغذائية    قابس: تقدم مشروع اصلاح أجزاء من الطرقات المرقمة بنسبة 90 بالمائة    المسرح الوطني التونسي ضيف شرف الدورة 18 من المهرجان الوطني للمسرح المحترف بالجزائر    عروض مسرحية وغنائية وندوات ومسابقات في الدورة العاشرة لمهرجان زيت الزيتون بتبرسق    حصيلة لأهمّ الأحداث الوطنية للثلاثي الثالث من سنة 2025    السكك الحديدية تنتدب 575 عونا    بعد ليلة البارح: كيفاش بش يكون طقس اليوم؟    مواعيد امتحانات باكالوريا 2026    التشكيلة المحتملة للمنتخب التونسي في مواجهة نيجيريا    حجز 5 أطنان من البطاطا بهذه الجهة ،وتحرير 10 محاضر اقتصادية..    عاجل/ تعطّل أكثر من ألف رحلة جوية بسبب عاصفة ثلجية..    الركراكي: التعادل أمام مالي كان محبطًا لكنه سيكون مفيدًا مستقبلاً    تايلاند وكمبوديا توقعان اتفاقا بشأن وقف فوري لإطلاق النار    تنفيذا لقرار قضائي.. إخلاء القصر السياحي بمدنين    رئيس وزراء بريطانيا يعلن عن عودة الناشط علاء عبد الفتاح    ألمانيا.. الأمن يطلق النار على مريض بالمستشفى هددهم بمقص    فرنسا.. تفكيك شبكة متخصصة في سرقة الأسلحة والسيارات الفارهة عبر الحدود مع سويسرا    مزاجك متعكّر؟ جرّب هذه العادات اليومية السريعة    المجلس الجهوي لهيئة الصيادلة بتونس ينظم الدورة 13 للايام الصيدلانية يومي 16 و17 جانفي 2026 بتونس    استراحة الويكاند    نشرة متابعة للوضع الجوي لهذه الليلة..#خبر_عاجل    قرقنة تكشف مخزونها التراثي: الحرف الأصيلة تحول إلى مشاريع تنموية    الأحوال الجوية: وضع ولايات تونس الكبرى ونابل وزغوان وسوسة تحت اليقظة البرتقالية    نصيحة المحامي منير بن صالحة لكلّ تونسية تفكّر في الطلاق    وزارة التربية تنظّم يوما مفتوحا احتفاء بالخط العربي    أيام القنطاوي السينمائية: ندوة بعنوان "مالذي تستطيعه السينما العربية أمام العولمة؟"    قائمة أضخم حفلات رأس السنة 2026    موضة ألوان 2026 مناسبة لكل الفصول..اعرفي أبرز 5 تريندات    4 أعراض ما تتجاهلهمش! الي تتطلب استشارة طبية فورية    جندوبة: انطلاق اشغال المسلك السياحي الموصل الى الحصن الجنوي بطبرقة    بداية من شهر جانفي 2026.. اعتماد منظومة E-FOPPRODEX    تونس: مواطنة أوروبية تختار الإسلام رسميًا!    أفضل دعاء يقال اخر يوم جمعة لسنة 2025    نابل: حجز وإتلاف 11طنا و133 كغ من المنتجات الغذائية    البحث عن الذات والإيمان.. اللغة بوابة الحقيقة    روسيا تبدأ أولى التجارب للقاح مضادّ للسّرطان    السجن المؤبد لصاحب شركة وهمية أغتصب طالبة وقتلها    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الأستاذ توفيق بوعشبة ل«التونسية»:«الكتاب الأسود».. تحريض على الإرهاب
نشر في التونسية يوم 20 - 12 - 2013

حقوق الإنسان لا تعني ضمان حقوق إرهابيين على حساب الضحايا وذويهم
غرائب وعجائب في مشروع قانون مكافحة الإرهاب الجديد
مشروع قانون العدالة الانتقالية مشروع فتنة والنظر فيه ليس من اختصاص المجلس التأسيسي
حوار: أسماء وهاجر
«الحوار الوطني لم ينجح.. ولم يفشل».. «هذه حكاية المجلس الأعلى للدولة».. «قانون الإرهاب الجديد فيه غرائب وعجائب».. «ضمان حقوق الإرهابيين عند المحاكمة لا يجب أن يكون على حساب حقوق الضحايا وأهاليهم».. «مشروع قانون العدالة الانتقالية مشروع فتنة ومناقشته ليست من اختصاص المجلس التأسيسي بل من اختصاص برلمان منتخب».. «قضاء مستقل عن السلطة التنفيذية وعن مراكز النفوذ وعن الشارع هو وحده الكفيل بالمحاسبة».. «الكتاب الأسود هو في النهاية تحريض على الإرهاب»..
هذا بعض ممّا جاء على لسان الأستاذ توفيق بوعشبة الحقوقي والسياسي والخبير في العلاقات الدولية وأستاذ القانون الدستوري في حوار خص به «التونسية»:
بعد مد وجزر اتفقت الأحزاب المشاركة في الحوار على شخصية مهدي بن جمعة، هل ترون أنه قادر على إخراج البلاد من النفق المظلم والقطع مع التجاذبات السياسية؟
- نأمل ذلك، وإن كان من المؤسف ما حصل من إضاعة وقت كما من المؤسف عدم حصول توافق على رئيس حكومة من خارج الحكومة الحالية التي كان من المفروض رحيلها كليا عن طريق الإستقالة باختيار رئيس حكومة من خارج «الترويكا» الحاكمة. اليوم هناك واقع جديد أفرزه الحوار الوطني الذي لم يفشل وفي نفس الوقت لم ينجح, ومن الواضح أن الذي نجح في تحقيق الهدف الذي رسمه من قبل بالمشاركة في الحوار الوطني هو السيد راشد الغنوشي. على كل، ينبغي الآن انتظار تركيبة الحكومة المقبلة التي سيرأسها من تم اختياره الآن والنظر بعد ذلك في مدى تسيير شؤون الدولة بالحياد من جهة، وبالكفاءة المطلوبة من جهة أخرى للخروج بتونس من هذا الوضع الفظيع الذي صارت عليه البلاد في عدة مستويات، في انتظار توفر دستور ورحيل المجلس التأسيسي ورئيس الجمهورية المؤقت ومن معه وتطبيع المؤسسات السياسية بانتخاب رئيس جمهورية بالإقتراع الحر والمباشر من الشعب وانتخاب برلمان وتركيز المؤسسات الدستورية الأخرى وخاصة المحكمة الدستورية وما سيتبع ذلك من تنظيف تشريعي لإزالة «قوانين منتصف الليل» المخالفة لمقتضيات دولة القانون والمؤدية إلى عكس دولة القانون.
ما حكاية المجلس الأعلى للدولة الذي تحدث عنه البعض وبالتحديد السيد رشيد صفر والاستاذ الباجي قائد السبسي؟
- يبدو أن الذي اقترح مثل هذا الهيكل هو السيد رشيد صفر مثلما أشار إلى ذلك في حوار تلفزي الأستاذ الباجي قائد السبسي الذي أضاف أن مجلسا مماثلا قد يكون حلاّ للأزمة السياسية...
ولكن المسالة لا تبدو واضحة سواء من خلال ما اقترحه السيد رشيد صفر أو رئيس حركة «نداء تونس»؟
- هذا طبيعي لان المطروح هو في طور الأفكار ... واعتقد أن الأستاذ الباجي قائد السبسي قادر على بلورة الحل الذي تقتضيه المرحلة ...فالآن مازالت المسألة في مستوى الفكرة والتوجه إلى مثل ذلك الحل لا يكون إلا اذا وصلت الأمور سيما الحوار الوطني إلى طريق مسدودة ...
السيد الباجي قائد السبسي أشار إلى مثال الجزائر؟
- اعتقد أن صيغة المجلس الأعلى للدولة الذي عرفته الجزائر في مطلع التسعينات من القرن الماضي والذي سمي في الواقع باللجنة العليا للدولة يمكن أن تشكل في مرحلة ما حلا لمأزق سياسي حاد أو لفراغ في مستوى رأس الدولة ... ولكن لا بد من مراعاة أن الجزائر لجأت إلى هذا الحلّ في ظروف خاصة وما كان لتلك الهيئة أن تكون لولا الدور الذي تقوم به المؤسسة العسكرية في الجزائر وهي مؤسسة قوية ووطنية عقيدتها ومبادئها مستمدة من الثورة التي أوصلت البلاد إلى الاستقلال ولولا المؤسسة العسكرية لما أحدث في الجزائر المجلس الأعلى للدولة أي بالأحرى اللجنة العليا للدولة كما هي تسميتها الرسمية ...
كيف ذلك؟ ما دور المؤسسة العسكرية في ذلك ؟ما علاقتها باللجنة العليا للدولة؟
- المسألة مرتبطة بالأحداث السياسية التي شهدتها الجزائر إثر انتفاضة 1988 التي فتحت الباب أمام التعددية السياسية في تلك البلاد التي عاشت رسميا منذ الاستقلال بنظام الحزب الواحد ألا وهو حزب جبهة التحرير الوطني وذلك بمقتضى الدستور الجزائري ذاته, وعند اجراء انتخابات تشريعية تعددية في مطلع التسعينات فاز الحزب الاسلاموي المتمثل في الجبهة الإسلامية للإنقاذ «الفيس» في الدورة الاولى ب188مقعدا وكان ينبغي اجراء دورة انتخابية ثانية وهي دورة كان متوقعا أن تفوز فيها الجبهة الإسلامية للإنقاذ بالأغلبية بحيث تصبح هي المسيطرة على البرلمان الأمر الذي تخوفت منه شرائح من الشعب الجزائري خاصة أن وصول الاسلاميين إلى السلطة سيشكل حتما خطرا على الدولة وعلى الجمهورية وانه سيؤدي إلى القضاء على الديمقراطية التي فتح بابها في الجزائر ولازالت في بداياتها وانه لا يمكن الاطمئنان لهؤلاء وانه من الضروري في تلك الحالة إيقاف المسار الانتخابي لإنقاذ الجمهورية وعدم التفريط في الدولة لحزب أو لتنظيم سيقيم في الجزائر نظاما تيوقراطيا ودكتاتوريا يعمل عل تغيير معالم الدولة الجزائرية... تحركت القيادة العسكرية آنذاك في الاتجاه الذي رأته ضروريا لإنقاذ البلاد والدولة والجمهورية حسب رؤيتها لهذا الموضوع فقدم رئيس الجمهورية آنذاك الشاذلي بن جديد استقالته مما جعل منصب رئيس الدولة شاغرا وتطلّب حسب الدستور أن يتولى رئاسة الجمهورية بصورة مؤقتة رئيس المجلس الدستوري إلا أن رئيس هذا المجلس تخلى عن منصبه فصار هناك فراغ في أعلى هرم الدولة ,ودون تأخير تولى المجلس الأعلى للأمن والذي كانت وظيفته استشارية لا تقريرية إصدار إعلان أحدث بمقتضاه اللجنة العليا للدولة أي المجلس الأعلى للدولة ليتولى رئاسة الدولة الأمر الذي تجسّد أيضا في غلق الباب أمام الجبهة الإسلامية للإنقاذ للوصول إلى الحكم.
اذن المؤسسة العسكرية هي التي أدت إلى قيام المجلس الأعلى للدولة في الجزائر؟
- وهو كذلك فاللجنة العليا للدولة أو المجلس الأعلى للدولة كان الحل الذي تم ابتكاره في وقت تم فيه ايقاف مسار الانتخابات التشريعية واستقالة رئيس الجمهورية الشاذلي بن جديد. وقد تكوّنت اللجنة العليا للدولة من خمسة أشخاص وتمّ الإتيان بأحد المناضلين التاريخيين في جبهة التحرير الوطني الذي كان قد كون حزبا معارضا بعد الاستقلال وكان مقيما بالمملكة المغربية وهو الراحل محمد بوضياف فتم تعيينه رئيسا للجنة العليا للدولة. أما الأعضاء الأربعة الآخرون فكان اثنان منهم من جبهة التحرير الوطني وواحد جنرالا بالجيش الوطني الشعبي إلى جانب شخصية مستقلة...
والجدير بالملاحظة أن اللجنة العليا للدولة كانت في الوقت ذاته سلطة تنفيذية وسلطة تشريعية حيث أن الدولة كانت خالية من برلمان فكانت اللجنة العليا للدولة تمارس الوظيفة التشريعية بمقتضى مراسيم ذات صبغة تشريعية بعد استشارة هيئة تولت اللجنة إحداثها هي المجلس الاستشاري الوطني المكون من ستين عضوا ...
هل يعني ذلك أن اللجنة العليا للدولة كانت قائمة دون وجود مجلس تشريعي؟
- نعم إلا أن اللجنة العليا التي تم إحداثها في 14جانفي 1992تم حلها في 30جانفي 1994وقد كان لها الفضل في إنقاذ الجمهورية وضمان استمرارية الدولة وتواصل تنمية الجزائر على الرغم مما يسمى بالعشرية السوداء التي فرضها الإرهاب على الجزائر.
على ذكر الإرهاب.. ماذا عن تونس؟
- المسألة مرتبطة بعدة معطيات أبرزها أن تكون هناك إرادة حكومية ثابتة لمقاومة الإرهاب والتصدي له على أساس من الوضوح والصدق إلى جانب ضرورة أن يكون المجتمع متيقظا وان يساهم بكل جدية في كل ما من شأنه أن يجعل الإرهابيين يتراجعون عن تنفيذ مشاريعهم الاجرامية على أمل أن يراجعوا أنفسهم ويكفوا عن أعمالهم التي يرفضها الدين كما يرفضها القانون وعلى كل فان الإرهابيين يوقعون الكثير من الضحايا ولكن كل التجارب تبين انهم يخسرون في النهاية ...
على ذكر القانون هل يمكن التعويل على القانون التونسي الحالي لمكافحة الإرهاب ؟وماذا عن مشروع القانون الجديد لمكافحة الإرهاب؟
- القانون هو إحدى الوسائل الأساسية لمكافحة الإرهاب ولكن المكافحة الحقيقية هي التي تتم في الميدان والمكافحة في الميدان تتطلب أيضا ايلاء كل الأهمية للتعاون الدولي سواء منه العالمي أو الإقليمي أو الثنائي كما هو حاصل بين تونس والجزائر .
أما عن القانون التونسي المخصص لمكافحة الإرهاب فإن القانون النافذ اليوم هو القانون عدد 75 لسنة 2003 المتعلق بدعم المجهود الدولي لمكافحة الإرهاب وغسل الأموال الذي بلغ اليوم عشر سنوات من عمره ,هذا القانون جاء في وقت لم تكن تونس تشهد خطر الإرهاب كما تشهده اليوم ...ولكن مع ذلك فان قانون 2003 المذكور يبقى صالحا اليوم لمكافحة الإرهاب .
لكن تونس شهدت في السابق أعمالا إرهابية ؟
- نعم حصل ذلك ولكن بشكل محدود للغاية ,فالدولة كانت قوية والجهاز الأمني كانت له فاعلية كبيرة وهذه الفاعلية لازالت قائمة إلى اليوم ولكن هذا الجهاز يشكو من ضعف في فاعلية المستوى السياسي مع وجود تحسن في هذا الخصوص، الآن وقد صار الإرهاب حقيقة وواقعا يجب التعامل معه على هذا الأساس في تونس .
إذن حسب تقديرك من الناحية القانونية يمكن القول أن قانون مكافحة الإرهاب لعام 2003 صالح لهذه المرحلة ؟
- نعم, هذا مع التذكير أن فلسفة قانون 2003 تقوم على ضمان حق المجتمع في العيش في أمن وسلام كما ورد بفصله الأول بحيث يعيش المجتمع بعيدا عن كل ما يهدد استقراره وهو ما يتطلب رفض العنف والتطرف والعنصرية والإرهاب الذي يعد عالميا من اخطر الجرائم وهو في مرتبة جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية وجرائم الإبادة .
والجدير بالتذكير أن قانون 2003 المتعلق بمكافحة الإرهاب وغسل الأموال يربط بين مكافحة الإرهاب ومنع غسل الأموال اعتبارا لكون غسل الأموال يمثل إحدى طرق تمويل الإرهاب وهذا القانون يندرج ضمن ما يسمى المجهود الدولي لمكافحة الإرهاب ومن ثمة غسل الأموال مع العلم أن هذا التشريع التونسي إنما جاء أيضا مستجيبا لقرار مجلس الأمن رقم 1373بتاريخ 28سبتمبر 2011 الذي طالب جميع الدول الأعضاء بالأمم المتحدة إلى جانب مكافحة الإرهاب في حد ذاته بمكافحة تمويل الإرهاب.
وعلى كل وكما قلت فإن قانون 2003 المتعلق بمكافحة الإرهاب وغسل الأموال صالح لضمان مكافحة الإرهاب وغسل الأموال وصالح لضمان مكافحة جدية لهذه الآفة على أن يتم تنفيذه وتطبيقه بالصورة المطلوبة .
لماذا إذن الحديث عن مشروع قانون جديد لمكافحة الإرهاب؟
- يبدو أن هناك من يزعجه قانون 2003 في هذا الوقت الذي زحف فيه الإرهاب بقوة على البلاد التونسية إلا انه من حسن حظ هذه البلاد أن دولة الاستقلال كونت جيشا وطنيا وجمهوريا كما كونت قوات أمن داخلي لها كفاءة عالية. قلت إن هناك من يزعجه قانون الإرهاب ومنع غسل الأموال لعام 2003 متذرعا بان هذا القانون به نقص في ما يتعلق بحقوق الإنسان والذين يثيرون هذا الجانب هم قلة وينحصرون على ما يبدو في بعض الحقوقيين الذين يتناول بعضهم هذه المسألة عن حسن نية وفي بعض السياسيين المنتمين إلى أحزاب أو تنظيمات سياسية لها رواسب تجعلها تدافع بصورة مقنّعة وملتوية ومنافقة عن الإرهابيين ومن الضروري أن يراعي التشريع الجنائي المخصص لمكافحة الإرهاب حقوق الإنسان ولكن هذا لا يعني أن يركز الاهتمام على حقوق الإرهابيين عندما يتم ضبطهم أي إيقافهم ومحاكمتهم على حساب الضحايا وذويهم. هنا تكمن الإشكالية. وفي هذا السياق يرد التساؤل لماذا يسعى البعض إلى إضعاف قانون مكافحة الإرهاب وغسل الأموال في الوقت الذي أصبح فيه الخطر الإرهابي أمرا واقعا بشكل غير مسبوق في تونس؟
أضف إلى ذلك أنه كلما تفاقمت ظاهرة الإرهاب في الدول وخاصة منها الديمقراطية كلما اكتسبت قوانين مكافحة الإرهاب مزيدا من الصرامة ومزيدا من التوسع في قائمة الأعمال التي يجب اعتبارها أعمالا إرهابية دون أن يعني ذلك ابتعادا عن احترام حقوق الإنسان ولكن حقوق الإنسان لا يجب أن تتحول إلى حقوق الإرهابيين على حساب الضحايا وذويهم .
وعلى ذكر التجارب الأجنبية ها إنّ الجزائر أعدت مؤخرا مشروع قانون حول مكافحة الإرهاب لمزيد تطوير قانون العقوبات فيه وتوسيع نطاق الأعمال التي يجب اعتبارها أعمالا إرهابية. وقد تضمن هذا الاتجاه إضافة استعمال مواد نووية في الاعتداءات على الأفراد أو الممتلكات كجرائم إرهابية. وفي روسيا تم في هذه المدة الأخيرة وضع قانون يفرض إلزام عائلات مرتكبي الأعمال الإرهابية بواجب تعويض الضحايا لمن يبقى منهم على قيد الحياة أو ذويهم. كذلك ذهبت بلجيكا مؤخرا إلى تجريم لا فقط التحريض على الإرهاب بل أيضا التحريض غير المباشر على الإرهاب تلك هي بعض التوجهات التي أمكن رصدها بشان تطوير قوانين مكافحة الإرهاب في عديد البلدان .
أين المشروع الجديد لقانون مكافحة الإرهاب من كل هذا؟
-مشروع القانون المقصود هنا هو الذي عرضه مؤخرا الوزير المكلف بحقوق الإنسان والعدالة الانتقالية وهو من إعداد وزارته وقد يكون استعان ببعض المنظمات غير الحكومية. والملاحظ أن مشروع القانون جاء كقانون 2003 متناولا في الوقت ذاته مكافحة الإرهاب وغسل الأموال مع حذف عبارة «الجهد الدولي» التي نجدها في عنوان قانون 2003 وكأن مشروع القانون الجديد أراد أن يزيل ما له علاقة بأحداث 11سبتمبر 2001 بالولايات المتحدة الأمريكية وبقرار مجلس الأمن رقم 1373الذي مازال نافذا إلى اليوم وترتبط به الآلية المتمثلة في لجنة مكافحة الإرهاب التابعة لمجلس الأمن والتي تشرف إلى اليوم على مدى تنفيذ الدول لالتزاماتها الدولية تجاه مكافحة الإرهاب. من ناحية أخرى ليست هناك خروقات كبيرة من حيث الجوهر بين قانون 2003 النافذ حاليا ومشروع القانون الجديد سوى أن هذا الأخير خصص جزءا منه لما يسمى بتقنيات التحري الخاصة كما أحدث آلية غريبة متمثلة في «اللجنة التونسية لمكافحة الإرهاب ومنع تمويله» لدى رئاسة الحكومة وتم التنصيص في مشروع القانون وبخصوص هذه اللجنة التي لا معنى لها من الناحية العملية على أن تتكوّن من عدد من القضاة وعدد من الخبراء وعدد من الوزارات منها الوزارة المكلفة بالشؤون الاجتماعية ووزارة النقل إلى غير ذلك ولا ندري كيف يكون لتلك الوزارات خبراء في مكافحة الإرهاب. والغريب في الأمر أن من الصلاحيات التي ينص عليها مشروع القانون في ما يخص تلك اللجنة أنها تتولى كما جاء في النص إصدار المبادئ التوجيهية الكفيلة بتمكين كافة المتدخلين من ترصد عمليات الإرهاب وتمويله والإبلاغ عنها وهي لعمري صلاحية لا يمكن الاقتناع بإسنادها هكذا إلى لجنة إدارية ولا ندري كيف يمكن ممارستها في الواقع وما علاقة ذلك فعلا بمكافحة الإرهاب. والأدهى من ذلك أن للجنة صلاحية التعاون مع المنظمات غير الحكومية المعنية بمكافحة الإرهاب ومنع تمويله ومساعدتها على تنفيذ برامجها في هذا المجال وهو ما يمثل خطرا على الخطط والمعلومات التي تكون لدى الأجهزة الأمنية والعسكرية المتعهدة بمكافحة الإرهاب زد على ذلك أن مشروع القانون الجديد شأنه شأن قانون 2003 لا يأخذ بعقوبة الإعدام مهما كانت بشاعة الجريمة الإرهابية المرتكبة ,وهذا عيب جسيم في مشروع القانون كما في قانون 2003 والغريب صدور مشروع القانون عن وزارة بيد حزب يردد أن مرجعيته إسلامية وتتخلّى عن عقوبة الإعدام بشأن الجرائم الإرهابية التي يعرف الجميع إلى أي مدى تصل بشاعتها وعدم إنسانيتها.
وهل هناك إمكانية لأن يعتمد هذا المشروع قريبا ؟
- الذي أراه أن مشروع القانون الجديد لمكافحة الإرهاب ومنع غسل الأموال غير صالح في وضعه الحالي وقد أشرت إلى عيوب هامة فيه ثم إن مثل هذه المشاريع وغيرها ومنها مشروع القانون المتعلق بالعدالة الانتقالية لا يجب أن تعرض على المجلس الوطني التأسيسي الذي من المفروض أن يهتم فقط بانجاز مشروع الدستور ولا يجب أن يتناول مشاريع القوانين إلا تلك التي يكون إصدارها ضروريا كما هو الشأن بالنسبة لقوانين المالية. أما القوانين الأخرى التي يحتاجها المجتمع فيجب أن يناقش مشاريعها وان يصوت عليها برلمان غير المجلس الوطني التشريعي والذي يكون منتخبا باعتباره سلطة تشريعية بعد اعتماد دستور الدولة .
إذن من منظورك لا يجب النّظر في مشروع قانون العدالة الانتقالية من قبل المجلس الوطني التأسيسي؟
- أعتقد أنه من المطلوب أن ينظر في مشروع قانون مماثل برلمان منتخب كسلطة تشريعية بعد اعتماد الدستور ومع توفر محكمة دستورية تراقب دستورية القوانين. عموما مشروع قانون العدالة الانتقالية هو مشروع فتنة لا مثيل لها في المجتمع التونسي. فذلك المشروع تم إعداده من قبل وزارة غير محايدة وبالتالي تفتقر إلى الموضوعية المطلوبة لإنجاز مشروع عدالة انتقالية مع أنني أرى أن تونس ليست بحاجة إلى عدالة انتقالية تزرع الفتنة وقد تثير صراعات لا أول لها ولا آخر بين أبناء الشعب الواحد, بقدر ماهي بحاجة إلى مصالحة وطنية. المشكلة أن المسيطرين على الحكم اليوم يغلب عليهم الحقد والنزعة إلى الانتقام ويكفي أن ننظر في الآليات التي وضعها مشروع قانون العدالة الانتقالية والصلاحيات المرتبطة بها والحقبة المعنية بالعدالة الانتقالية للتأكد من ذلك في حين أن تونس وبعكس ما يردد المتطفلون على هذا المفهوم والذين لايقرؤون النصوص ليست بحاجة إلى عدالة انتقالية خصوصا أنها جاءت في صيغة غير موفقة فإذا ما طبقت ستؤدي إلى تأجيج الضغائن وستفضي إلى العنف والى تصفية الحسابات لمدة طويلة ستنهك المجتمع التونسي وستقطّع أوصاله. وقد يكتوي مَن يؤججون اليوم نار العدالة الانتقالية كعدالة انتقامية مقنّعة بنارها غدا. فهذه المسألة مفتوحة على كل الاحتمالات ولا أحد يدري الآن ماذا ستكون نوعية المتغيرات ومن الذين ستتم محاسبتهم فعلا في المستقبل وقد تم العبث بهذه البلاد والإضرار بها وبشعبها ومجتمعها بشكل لم تعهده أبدا .
وعموما لابد من الملاحظة أن من شأن مشروع قانون العدالة الانتقالية أن يجعل من المجتمع التونسي مجتمع وشاة كما أن لمشروع هذا القانون بعدا استراتيجيا وهو ضرب المكاسب التي جاء بها الاستقلال والتنكر للحركة الوطنية وضرب رموزها وعلى كلّ إذا تمّ اعتماده اليوم سيُلغَى حتما عن طريق برلمان قادم شأنه شأن قوانين أو مراسيم أخرى سيئة وغير مقبولة .
إذا تركنا جانبا العدالة الانتقالية كيف يحاسب المذنبون؟
- المذنبون يحاسبون عن طريق القضاء وعلى أساس ما يقتضيه التشريع الجنائي أو الجزائي. فتونس دولة وستبقى دولة. البعض يريدونها بلاد مؤتمرات شعبية يتولى أمرها أشخاص متمردون هم في حقيقة الأمر من فئة الصعاليك والمجرمين والذين يريدون السيطرة على العباد وقد عرفت بلدان تجارب مماثلة كانت نهايتها كارثية على من كانوا يتنكرون للدولة ويدافعون عن الفوضى.
الدولة التي تم بناؤها في تونس بعد الاستقلال لها مقومات قوية رغم ما يمكن أن يوحي به وَهَنُها الحالي وفي مثل هذه الدول هناك قضاء يحتاج فقط إلى أن يترك وشأنه وهذا القضاء هو الذي يملك مقاضاة الأشخاص طبقا للقانون على أن يكون قضاء مستقلا لا فقط عن السلطة السياسية الحاكمة أو السلطة التنفيذية وإنما أيضا عن مراكز النفوذ في المجتمع وعن الشارع ,وفي كل هذا لا يجب السماح بالتعدي على اختصاص القضاء ومن يتعدى على اختصاص القضاء يعرض نفسه ومهما كانت الشعارات الغوغائية والفوضوية التي يرفعها اليوم ومهما كانت المؤسسة الرسمية التي يحتمي بها في وقت ما أو التنظيم الذي يحتمي به في مرحلة ما للمحاسبة أمام القضاء إن عاجلا أم آجلا.
وهل هذا ينطبق على المسؤولين عن الكتاب الأسود ؟
-بكل تأكيد وإنّ غدا لناظره قريب. قد يكون الأمر كذلك. وعلى كل فإن عيوب الكتاب ستحمل من صاغوه ومن دفعوا به إلى جهنم إن شاء الله وبالجملة. بل إن الكتاب الأسود هو في الحقيقة عملية قذرة ومبنية على الحقد والنزعة المرضية وتصفية حسابات سياسية من قبل أشخاص كان بعضهم نكرة غير مدركين للمآسي التي ألحقوها بالبلاد وبالدولة بالشعب الذي يتحدثون بإسمه زورا وبهتانا. فالكتاب الأسود يندرج ضمن مشروع خباياه لم تتضح بعد وفي تحليل معين قد تكون يد أجنبية قد حثت عليه، وهو مشروع يتمثل في المساس بنخبة متنوعة أعطت في معظمها صورة نيرة عن تونس في العالم خاصة في العالم العربي. فالكتاب الأسود ابتغى في هذا الإتجاه الإساءة إلى جانب كبير من النخبة الوطنية التي خدمت تونس ولم تخنها، بعكس أولئك الذين كانوا ولا يزالون مرتزقة لجهات ودوائر أجنبية لا نحتاج إلى تسميتها. ثم وفي قراءة أخرى، يمكن القول إن الكتاب الأسود يندرج أيضا ضمن مشروع له علاقة بالإرهاب الذي صار حقيقة في البلاد التونسية إذ أرى أنه يشكل تحريضا غير مباشر من قبل المورطين في إنجازه على الإرهاب.و التحريض على الإرهاب كما هو ثابت اليوم في القانون الجنائي ومن خلال الإتفاقيات الدولية الملزمة للدولة التونسية هو أحد أصناف الجريمة الإرهابية. وها إن بلجيكا أدخلت مؤخرا التحريض غير المباشر على الإرهاب كجريمة إرهابية في المجلة الجنائية البلجيكية. والكتاب الأسود يشكل في حد ذاته تحريضا على الإرهاب ضد شرائح من المواطنين والمواطنات ومن المتوقع محاسبة المورطين فيه جنائيا على هذا الأساس أيضا بالإستناد الى اتفاقيات دولية متعلقة بمكافحة الإرهاب، وإلى قانون مكافحة الإرهاب التونسي. يضاف إلى ذلك ما سيبنى على الفصول 82 و96 و98 و32 من المجلة الحزائية، فضلا عن الفصول المتعلقة بهتك العرض والقذف والتشهير والتدليس ومسك مدلس.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.