أكّد أمس عامر العريّض القيادي بحركة «النهضة» في مداخلة له تعلّقت ب «العدالة الانتقالية من آليات المحاسبة إلى طيّ صفحة الماضي» أنّ ضحايا الإستبداد والظلم في تونس يقدّرون بعشرات الآلاف من اليوسفيين في عهد بورقيبة إلى الإسلاميين في عهد بن علي متطرّقا إلى ما تعرّضوا إليه وعائلاتهم وابنائهم منذ الإستقلال، من سوء معاملة وتعذيب وقتل داخل السجون واغتراب وتضييقات» مشيرا إلى انّه مازال يحمل البعض من آثارها قائلا: «مازلت أحمل في أماكن حساسة من بدني آثار حروق بالسيجارة» ملاحظا أن «جبر الضرر يبقى نسبيا وأن بعض الأضرار غير قابلة للجبر كفقدان العقل أو الإجهاض. وأشار العريض في الندوة التي نظّمها مركز الإسلام والديمقراطية حول الثورة والثورة المضادة والعدالة الإنتقالية إلى أن أضرار البعض جٌبرت نسبيّا بسقوط النظام البائد موضّحا أنّ الذين قدموا تضحيات من أجل الحرية شعروا بنوع من الإرتياح وجبر الضرر بسقوط نظام بن علي وأنّ السعي إلى إرساء عدالة اجتماعية بين الفئات والجهات، وكتابة دستور جوهره الحقوق والحريات فيه نوع من الجبر لمن ناضلوا من أجل هذه المبادئ». و أوضح العريّض انّ الهدف من الوصول إلى العدالة الإنتقالية هو كشف الحقيقة وتشخيص المسؤوليات للتمكّن من طي صفحة الماضي لأنّ التكتّم سيمهد لتكرار الانتهاكات وتفجير روح العدالة الإنتقاميّة داعيا جميع الأطراف بمن فيهم الجلادين للكشف عن الحقيقة للتعجيل في عملية المصالحة مؤكدا أنّه لا علاج للماضي ولا بناء للمستقبل إذا لم يتزامن ذلك مع إصلاح المنظومة الأمنية والقضائيّة والإعلامية. تركة النظام البائد من جهتها قالت رئيسة مركز تونس للعدالة الإنتقالية سهام بن سدرين، في مداخلتها المتعلّقة ب «التحديات أمام العدالة الإنتقالية»، إنّ ما تشهده بلادنا اليوم هو في علاقة مباشرة بما خلّفته منظومة الاستبداد التي فكّت التجانس الإجتماعي وضربت المؤسسات للإستحواذ على موارد المجتمع موضّحة أنّ الشعب اليوم في لحظة الحقيقة لتركة بن علي ونظامه التي طالت أفرادا ومجموعات والتي يسعى من خلالها بعض الدعاة إلى استرجاع تلك المنظومة بدعوى قدرتهم على التسيير. و بيّنت بن سدرين أنّ العدالة الإنتقالية هي معالجة لتركة الماضي من الإنتهاكات الجسيمة موضّحة ان تحقيق السلم الإجتماعية يتطلب معرفة الحقيقة كاملة بخصوص هذه الإنتهاكات، ومن ارتكبها، وإنصاف ضحاياها وجبر الضرر لهم باعتبار ان أكبر آفة تواجه المجتمع هي الإفلات من العقاب»، داعية إلى «معاضدة جهود هيئة الحقيقة والكرامة كمكسب وطني، ومنحها الثقة اللازمة للقيام بمهامها. جبر الضرر وسبل حماية الثورة أمّا الناشط الحقوقي الطاهر شقروش عن الرابطة التونسيّة لقدماء مساجين الرأي فقد أشار في مداخلته حول «القانون الدولي وجبر الضرر لضحايا انتهاكات حقوق الإنسان» إلى ضرورة تطبيق ما نصت عليه الشرعية الدولية ومواثيق الأممالمتحدة بخصوص انتهاكات حقوق الإنسان مطالبا بإصدار تشريع محلي لضمان الحق في التقاضي العادل والمجاني وجبر الضرر»، معتبرا أنه من الإجرام الصمت على ما حدث من انتهاكات في حق أشخاص بسبب انتمائهم إلى حركات وأحزاب ومنظمات. من جهة أخرى تحدث جلبار نقاش عن سبل حماية الثورة والأخطاء المرتكبة في علاقة بالمسار الثوري والانتقالي من جهات مختلفة وأكد على ضرورة تدعيم ثقافة الثورة والدولة مضيفا أنّه كان من الأجدى التنصيص على معاقبة كل من تصدى لشباب الثورة وللحراك في تلك الفترة عوض التنصيص على قانون يمنع محاسبة أو معاقبة شباب الثورة على ما قاموا به في فترة الحراك الثوري. وحول دور الشباب قال نقاش «اهتموا بالشباب فهو محرك الثورة وأساسها، تحاوروا معه وتبادلوا معه الخبرات والتجارب» منوّها بدور الثقافة في إنجاح المسار الثوري مؤكّدا أنّه بقدر ما يجب التفكير في حماية ثورتنا ودولتنا يجب التفكير أيضا في اثراء ثقافة الثورة والدولة، لأن الثقافة هي أهم هناتنا ونقاط ضعفنا، وخاصة الثقافة السياسيّة . ليلى بن إبراهيم