عاجل/ هل يتم الإفراج عن الموقوفين في قضية التآمر؟.. محكمة الإستئناف توضّح    محمود قصيعة لإدارة مباراة الكأس بين النادي الصفاقسي ومستقبل المرسى    عاجل/ غدا الجمعة: رياح قوية تثير الأتربة وتخفّض مدى الرؤية.. إنتبهوا!!    ارتفاع نوايا الاستثمار المصرح بها خلال الثلاثية الأولى من السنة الحالية ب6.9 %    عاجل/ عقوبات امريكية وبريطانية ضد إيران    الداخلية.. قوات الأمن تبذل جهدها للتصدي لكل ما من شأنه تهديد المجتمع في إطار التمسك بالسيادة واحترام حقوق الإنسان    كأس تونس لكرة القدم: تعيينات حكام مقابلات الدور السادس عشر    بعد حلقة "الوحش بروماكس": مختار التليلي يواجه القضاء    عاجل : هجوم بسكين على تلميذتين في فرنسا    يتزعمها عربي ...ولية عهد هولندا تهرب من بلدها خوفا من مافيا    جامعيون تونسيون يطلقون مبادرة لتدريس الطلبة الفلسطينيين في قطاع غزة عن بعد    بنزرت: تمكين 21 عائلة ذات وضعية خاصة من منح مالية اجمالية تعادل 200 الف دينار لبعث موارد رزق    تونس: وضعية السدود مقلقة ولابد من ترشيد استهلاك المياه    الرابطة الثانية: إستقالة رئيس نادي أمل جربة من منصبه    عاجل/ وزير خارجية تركيا: حماس قبلت نزع سلاحها مقابل هذا الشرط    انخفاض متوسط في هطول الأمطار في تونس بنسبة 20 بالمئة في هذه الفترة    حيرة الاصحاب من دعوات معرض الكتاب    شاهدت رئيس الجمهورية…يضحك    أبطال أوروبا: تعيينات مواجهات الدور نصف النهائي    عاجل/ فاجعة جديدة تهز هذه المنطقة: يحيل زوجته على الانعاش ثم ينتحر..    بوركينا فاسو تطرد 3 دبلوماسيين فرنسيين لهذه الأسباب    عاجل/ تلميذ يطعن أستاذه من خلف أثناء الدرس..    في انتظار قانون يحدد المهام والصلاحيات.. غدا أولى جلسات مجلس الجهات والأقاليم    البنك المركزي : ضرورة مراجعة آليات التمويل المتاحة لدعم البلدان التي تتعرض لصعوبات اقتصادية    اجتماعات ربيع 2024: الوفد التونسي يلتقي بمجموعة من مسؤولي المؤسسات المالية الدولية    قيس سعيد : ''تونس لن تكون أبدا مقرا ولا معبرا للذين يتوافدون عليها خارج''    الحماية المدنية: 9 حالات وفاة خلال ال24 ساعة الأخيرة    زلزال بقوة 6,6 درجات بضرب غربي اليابان    إلزام جوفنتوس بدفع 7ر9 ملايين أورو لكريستيانو رونالدو كرواتب متأخرة    غادة عبد الرازق: شقيقي كان سببا في وفاة والدي    سيدي بوزيد: حجز مواد غذائية من اجل الاحتكار والمضاربة بمعتمدية الرقاب    توريد 457 ألف طن من القمح اللين.. مضاعفة الكميات في السوق    نادال يودع الدور الثاني من بطولة برشلونة للتنس    الهوارية : انهار عليه الرّدم في بئر و هو بصدد الحفر    مصر: رياح الخماسين تجتاح البلاد محملة بالذباب الصحراوي..    اليمن: سيول وفيضانات وانهيارات أرضية    رماد بركان ثائر يغلق مطارا في إندونيسيا    قضية التآمر: هيئة الدفاع عن السياسيين الموقوفين تقرر مقاطعة جلسة اليوم    تعيين أوسمان ديون نائبا جديدا لرئيس البنك الدولي لمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا    بطولة شتوتغارت: أنس جابر تتاهل الى الدور ثمن النهائي    خمسة عروض من تونس وبلجيكا وفرنسا في الدورة الثانية لتظاهرة المنستير تعزف الجاز    أطفال من بوعرادة بالشمال الغربي يوقعون إصدارين جماعيين لهم في معرض تونس الدولي للكتاب 2024    وزير الصحة يشدد في لقائه بمدير الوكالة المصرية للدواء على ضرورة العمل المشترك من أجل إنشاء مخابر لصناعة المواد الأولية    توزر: المؤسسات الاستشفائية بالجهة تسجّل حالات إسهال معوي فيروسي خلال الفترة الأخيرة (المدير الجهوي للصحة)    الكاف: تلقيح اكثر من 80 بالمائة من الأبقار و25 بالمائة من المجترات ضد الأمراض المعدية (دائرة الإنتاج الحيواني)    "سينما تدور": اطلاق أول تجربة للسينما المتجولة في تونس    الفضيلة    لعبة الإبداع والإبتكار في كتاب «العاهر» لفرج الحوار /1    وزير الصحة يعاين ظروف سير العمل بالمستشفى الجهوي بباجة    حالة الطقس ليوم الخميس 18 أفريل 2024    غدا افتتاح معرض تونس الدولي للكتاب...إمضِ أبْعد ممّا ترى عيناك...!    أخبار المال والأعمال    جراحة فريدة في الأردن.. فتحوا رأسه وهو يهاتف عائلته    سيلين ديون تكشف عن موعد عرض فيلمها الجديد    عاجل : دولة افريقية تسحب ''سيرو'' للسعال    موعد أول أيام عيد الاضحى فلكيا..#خبر_عاجل    مفاهيمها ومراحلها وأسبابها وأنواعها ومدّتها وخصائصها: التقلّبات والدورات الاقتصادية    فتوى جديدة تثير الجدل..    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



عامر العريض (رئيس المكتب السياسي لحركة «النهضة») ل«التونسية»:احترام الدستور ومصلحة البلاد يقتضيان تزامن الانتخابات
نشر في التونسية يوم 07 - 06 - 2014

مشروع الدولة الديمقراطية يتقدّم ببطء ولكن بخطوات ثابتة
لا نمانع في مواصلة حكومة «جمعة» مهامها بعد الانتخابات
الارهاب استهدف حكومتي «الترويكا» وهو نتيجة ضرب الخطاب الاسلامي المعتدل
سنطالب بتغيير كل عمدة غير محايد درءا لتزوير الانتخابات
هناك أحزاب جوهر وجودها ان تكون «ضد النهضة»
حاورته: جيهان لغماري

استبعد عامر العريض رئيس المكتب السياسي لحركة «النهضة» في حوار مطول مع «التونسية» حدوث اي أزمة سياسية نتيجة اختلافات الأحزاب حول طريقة تنظيم الانتخابات معتبرا ان مواقف الأحزاب في الفترة الأخيرة اصبحت متحركة وان هذه الاخيرة قد تصل في الأيام القادمة إلى وفاق معقول يكون في مستوى المرحلة والمسؤوليات الوطنية.
وأكد العريض ان إجراء الانتخابات التشريعية والرئاسية بشكل متزامن سيوفر على الدولة حوالي 30 بالمائة من التكلفة، حسب تقديرات الخبراء، قائلا، إن احترام الدستور ومصلحة البلاد يقتضيان التزامن للتعجيل وإنهاء المرحلة الانتقالية خلال الأشهر المتبقية.
وانتقد العريض حكومة «الترويكا» لأنها لم تقم بالتغييرات المطلوبة والكافية مشيرا الى انها ظلت تراعي التوازنات داخل الدولة وداخل المجتمع وأنها لم تقم الا بتعيينات محدودة جدا خاضعة للتقييم، رغم أنها اعتمدت على الكفاءة وعلى الولاء للثورة وليس الولاء لهذا الحزب مشيرا الى أن الحكومتين الائتلافيتين (الأولى والثانية) قامتا بتعيين 25 عمدة من حوالي 2221 عمدة قال انّ اغلبهم عينهم بن علي وبعضهم عينتهم حكومة السبسي.. مؤكدا انهم سيطالبون بإقالة أي عمدة لا يقف على الحياد ويتصرف تصرفا حزبيا إقالة فورية.
وفي ما يلي نص الحوار

لماذا عادت حركة «النهضة» إلى مربع تزامن الانتخابات في حال لم تسبق التشريعية الرئاسية؟
«النهضة» اقترحت منذ البداية تزامنا بينهما احتراما للدستور بحسب نصه ولا يحتاج الأمر الى تأويلات وانما باعتماد النص. هذا اولا، أما ثانيا فمقارنة بالمدة الزمنية المتبقية، يكون التزامن منسجما مع ما اشترطه الدستور من إجراء هذه الانتخابات خلال سنة 2014. كذلك التزامن يوفر شرطا هاما في أية انتخابات وهو تساوي الفرص بين المترشحين لان تقديم انتخابات على اخرى في مدة متقاربة سيجعل الاولى تؤثر في حظوظ الانتخابات الثانية وبالتالي تضرب مبدأ المساواة الذي تقوم عليه كل انتخابات نزيهة وشفافة. يُضاف إلى ما سبق، اعتبارات اخرى واقعية تتعلق بالتكلفة حيث اكد الخبراء ان تنظيم الانتخابات بشكل متزامن يوفر على الدولة حوالي 30 بالمائة من التكلفة أي ثلثها كما ان اجراء ثلاث دورات انتخابية متتالية في مدة زمنية قصيرة سيحدّ من نسبة المشاركة.
الاعتبارات التي قدمناها ليست حزبية بالاساس بل هي دستورية وقانونية وواقعية تتعلق بقيمة هامة في الانتخابات وهي المساواة بين المترشحين. وعندما طرحت احزاب اخرى تقديم الرئاسية وطال النقاش تقدمت بعض الاحزاب الوسيطة بمقترح تقديم التشريعية وامام حرصنا على الوفاق قلنا يمكن ان نقبل بتقديم التشريعية باعتبارها اقل مخالفة من الناحية الدستورية لتقديم الرئاسية و ايضا لأن كل الاحزاب ستشارك في الانتخابات التشريعية بينما سيشارك في الرئاسية عدد محدود من المرشحين وبالتالي تأثير الرئاسية على التشريعية أكبر بكثير من العكس.
ألا ترى في ذلك بداية أزمة جديدة وعودة الى نقطة الصفر؟
لا، هناك اختلافات لكنها ليست أزمة، نحن خرجنا من منطق «أغلبية ومعارضة»، لم تعد الحياة السياسية بهذه المصطلحات. نستطيع القول اليوم اننا كلنا أغلبية أو كلنا معارضة ونأمل ان تقف الحكومة على نفس المسافة من كل هذه الاحزاب وبالتالي فالحوار هو وجهات نظر في كيفية انجاز هذا الاستحقاق تقديرا لمصالح البلاد. الموضوع ليس موضوعا عقائديا أو مبدئيا لا يمكن ان يحيد عنه هذا الطرف او ذاك، وقد وجدنا حركية في مواقف الأحزاب. هناك من كانت مع الرئاسية وأصبحت مع التشريعية وحدث العكس ايضا وهناك أحزاب بدأت تقبل بفكرة التزامن الكلي أو التزامن الجزئي. نحن ايضا موقفنا تحرّك قليلا في اتجاه القبول بالتشريعية والموضوع مازال فيه نقاش واعتقد اننا سنصل الى وفاق ما في الحوار الوطني وبعد ذلك سيكون الأمر من مشمولات «التأسيسي» للمصادقة على ما ستقدمه هيئة الانتخابات من اقتراحات.
حسب رأيكم، إلى أين ستؤول الامور؟
احترام الدستور ومصلحة البلاد يقتضيان التزامن للتعجيل وإنهاء المرحلة الانتقالية خلال الاشهر المتبقية.
واذا تمسكت احزاب بضرورة الفصل وتقديم الرئاسية ماذا انتم فاعلون ؟
صراحة نحن ضد خرق الدستور وضد تجاوز الآجال التي نص عليها، بعد ذلك اين ستؤول الامور لا اريد الدخول في منطق التوقعات لكن نأمل ان نجد تفاعلا وان ترتقي كل الاطراف الى مستوى المرحلة والمسؤوليات الوطنية مما يجعلنا نصل الى توافق معقول.
هل التزمت حكومة مهدي جمعة بخارطة الطريق؟
حكومة السيد مهدي جمعة هي حكومة توافقية جاءت بعد حوار وطني وصادق على برنامجها المجلس التأسيسي. المطلوب منها أن تقف على نفس المسافة من الجميع ومهمتها الرئيسية هي إعداد الأوضاع لتنظيم انتخابات حرة ونزيهة وتيسير اعمال الهيئة العليا للانتخابات والتعاون مع التأسيسي ورئاسة الجمهورية وكل الاطراف وهي تقريبا تسير في هذه الاتجاهات.
رأيكم في أدائها؟
تنظيم انتخابات حرة ونزيهة جزء من تقييم الاداء لكن في الجوانب الاخرى لاشك ان لدينا بعض الملاحظات من هنا أو هناك لكن بصفة عامة لا نريد ان نتعامل مع هذه الحكومة من خلال الاداء وانما من خلال الحرص على نجاحها لانه في نجاح الحكومة نجاح للمسار الانتقال الديمقراطي ونجاحنا جميعا. نحن حريصون على نجاح كل وزرائها. مازال مبكرا تقييم هذه الحكومة لكن قد يتعرض بعض الوزراء لضغوط في ما يتعلق بالتعيينات وبعضهم ربما قد يبالغ في هذه النقطة ولكن بصفة عامة، كما قلت ،حرصنا الرئيسي هو نجاح هذه الحكومة.
ما معنى حديث الغنوشي عن امكانية بقاء جمعة حتى بعد الانتخابات؟ لنفترض فوزكم، كيف لا تحكمون ولماذا الانتخابات أصلا؟
(فال خير… يضحك ) …الانتخابات التزام وطني وتنصيص دستوري ، وهذا حديث سابق لأوانه. ما تحدّث عنه الشيخ راشد الغنوشي هو موقف مبدئي أي ليس لدى الحركة مانع مبدئي في ان تكون الحكومة مستقلة في المرحلة القادمة وان يستمر مهدي جمعة في مهامه اذا قدرنا في ذلك مصلحة البلاد بحيث بعد الانتخابات يمكن ان تستمر هذه الحكومة ويمكن ان تتكوّن أخرى من التوافق الوطني أي حكومة وحدة وطنية. هناك فرضيات كثيرة موجودة ويمكن ان تقوم هذه الحكومة بتعديلات، هذه كلها خيارات مطروحة مرتبطة بنتائج الانتخابات ومرتبطة بروح التوافق ومدى تدعمه.
يعني نجاح اداء حكومة مهدي جمعة سيكون له تأثير على استمرارها بعد الانتخابات؟
اكيد ان نجاح اداء حكومة مهدي جمعة سيكون له تأثير على مواقف منها.
صرح الغنوشي ان حكومتي «النهضة» سقطتا بسبب الإرهاب وفكر تنظيم «القاعدة» ، في رأيكم هل أصبح الإرهاب واقعا معاشا ولماذا؟
طبعا الارهاب استهدف حكومتي الائتلاف الاولى والثانية من خلال عمليات العنف الارهابية هنا وهناك ووصل الى حد الاغتيال السياسي. ولا بد من الاشارة هنا الى أنّ البعض وظف هذا الاغتيال السياسي الذي هو اصلا استهداف للحكومة بعناوين اخرى . والارهاب تحد حقيقي في تونس ويستفيد من الاوضاع المتوترة في بعض دول الجوار وفي المنطقة العربية و ايضا من حرية التنقل وهي من الحريات الاساسية للانسان ولا ينبغي المس بها وانما ينبغي محاصرة الارهاب وليس إلغاء الحريات لان هذا الارهاب نشأ في زمن الاستبداد وكان احد عناصر انتشاره حالة الفراغ في الخطاب الديني الاسلامي المعتدل بحكم ضرب الحركة الاسلامية المعتدلة. حالة الفراغ هذه أوجدت فرصة لهذا الفكر المتشدد والعنيف كي يجد له مكانا والانتشار وبطبيعة الحال استفاد من شبكات دولية من «القاعدة».
كيف يمكن مقاومته؟
انبه الى نقطتين: الاولى ان التحدي الارهابي في تونس يجب ان يواجه بوحدة وطنية دون أن يكون موضوع مزايدة لانه يستفيد من حالة الانقسام اذا حصلت ويجب ان يكون من عناصر الوحدة الوطنية لدى النخبة ولدى المجتمع. اذا تحققت هذه الوحدة في مواجهة الارهاب مع تحسن امكانيات الدولة في مواجهته، باذن الله لا مستقبل له في تونس. الارهاب ليس له منبت جيد في البيئة التونسية خاصة انها رافضة للارهاب المستفيد من الظروف الخارجية اكثر من الداخلية . نحن حققنا جملة من الانتصارات على الارهاب ولا يمكن التقليل منها. واسال الله سبحانه وتعالى ألّا يصل تحدي الإرهاب الى ما وصل في بلدان أخرى.
كيف تحكم على أداء الطبقة السياسية ككل بيمينها ووسطها ويسارها؟
لست أستاذا أو قاضيا كي أمنح أعدادا لهذا أو ذاك أو أصدر أحكاما لكن ابدي بعض الملاحظات تفاعلا مع سؤالك: هناك نسبة من التشتت في النخبة السياسية التونسية ولكن اعتقد ايضا أنها باتجاهاتها المختلفة في نهاية المطاف وصلت الى توافق . بعد كل الذي حصل ومع كل التحديات والصعوبات وصلت هذه النخبة الى توافقات فصادقت على الدستور وعلى قانون الانتخابات ونحن بصدد الاتفاق على مواعيد لهذه الانتخابات واتفقنا على حكومة توافقية وعلى هيئة للانتخابات ومشروع طموحنا لبناء دولة ديمقراطية يتقدم بخطوات بطيئة ولكنها ثابتة وواضحة.
الاستغراق في التجاذبات السياسوية، جعل المواطن ينفر من أهلها، ماذا لو غاب عن الانتخابات المقبلة؟
التجاذبات السياسية نوعان: هناك تجاذبات قائمة على برامج وعلى اختلاف وجهات النظر وعلى نقاش وحتى نوع من التدافع بين اطروحات وهذه سمة ايجابية لانه تنافس ونوع من «الصراع» من اجل خدمة المصلحة العامة للبلاد. وهناك تجاذبات تقوم على التنافي وعلى نوع من صراع الوجود، نحن لاحظنا مثلا ان بعض الاحزاب الصغيرة احيانا كان في برنامجها نقطة واحدة هي ضد «النهضة» حتى اني قلت لهم مرة لنفترض جدلا ان الله سبحانه وتعالى اخذ «النهضة» عنده في يوم من الأيام عندئذ ستصبح هذه الاحزاب في حالة بطالة (chômage technique). هذا النوع من التجاذبات الذي لا يقوم على أطروحات وبرامج هو الذي ربما أساء إلى العملية السياسية والى فكرة العمل الحزبي الديمقراطي، فالديمقراطية قائمة على الأحزاب واذا الغينا الاحزاب نحن نشرع لحكم الفرد من خلال عائلته او من خلال عصبية ما ستكون من حوله، ووجود أحزاب قائمة على افكار وبرامج ضمانة من ضمانات الديمقراطية . يجب ان نفرق بين ضرورة بناء الديمقراطية التي أولى شروطها وجود التعددية السياسية وبين المناكفات والتجاذبات هنا وهناك التي لا نشجع عليها.
في الساحة السياسية الان، هناك احزاب تتطور وتتهيكل وتجتهد في تقديم اطروحات وكلنا في بداية الطريق لاننا حديثو العهد بالتجربة الديمقراطية . نحن عشنا لعقود في نظام الحزب الواحد والزعيم الأوحد والشخص الذي تدور حوله كل الصراعات والمصالح وبعد الثورة بدأنا تجربة التعددية والحزبية والانتخابات الحرة النزيهة والشفافة والقائمات التي تعرض برامجها على الناس والإعلام الحر وهذا فيه تدريب للناس وتطوير للوعي السياسي وانا متفائل جدا من هذه الناحية ان الجيل الجديد سيكون على درجة عالية من الوعي السياسي لانه عاش تجربة التعددية في مرحلة التفاعل الشبابي.
انت اذن تتوقع اقبالا كبيرا على صناديق الاقتراع؟
هذه مهمة الهيئة العليا المستقلة للانتخابات لكن أدعو المواطنين جميعا الى المشاركة في العملية السياسية وفي الانتخابات للتعبير عن أرائهم في العملية الانتخابية. ونحن نريد ان تنجح هذه الانتخابات لان في نجاحها نجاح المسار الانتقالي في تونس.
ما حقيقة الاتهامات الموجهة لحركة «النهضة» بإغراق مؤسسات الدولة والمجتمع بكوادر سواء من أنصارها أو من المتعاطفين معها من أجل تأمين بقائها في الحكم في المرحلة القادمة؟
هذه واحدة من «الاكاذيب» الكبيرة التي شهدناها في الفترة الاخيرة، التعيينات والتسميات التي وجدناها هي أضعاف التعيينات التي قامت بها الحكومتان الائتلافيتان الأولى والثانية. الحكومات المنتخبة عندما تسلمت مهامها، هل وجدت تعيينات قائمة على الحياد وعلى المهنية وعلى الكفاءة أم وجدت تعيينات جزء كبير منها قائم على الولاء للحزب المحلّ وعلى الفساد المالي وعلى الولاءات الشخصية . لماذا قامت الثورة ؟، قامت الثورة على الفساد في قطاعات كثيرة منها الادارة واذا كانت اهداف الثورة اصلاح هذه الاوضاع فالمفترض ان تحدث تغييرات كثيرة . لذلك، اسمح لنفسي ببعض النقد الذي أوجهه الى حكومة «الترويكا»، انها لم تقم بالتغييرات المطلوبة والكافية إنما ظلت تراعي التوازنات داخل الدولة وداخل المجتمع ولم تقم الا بتعيينات محدودة جدا وهي خاضعة للتقييم، رغم انها اعتمدت على الكفاءة وعلى الولاء للثورة وليس الولاء لهذا الحزب أو ذاك ولكنها ايضا (هذه التعيينات) لم تكن مبنية على إقصاء لون بعينه كما كانت تفعل الدولة التونسية منذ أكثر من ثلاثين سنة. الفرق بين التعيينات القديمة والجديدة هو ان هذه الأخيرة لا تنظر الى اللون السياسي لهذه الكفاءة وانما تنظر الى مدى التزامه بالاصلاح وبتحقيق اهداف الثورة .
يرى مراقبون أنه في حال عدم مراجعة حكومة جمعة للتعيينات أو فشلها في ذلك فإنه لا شيء يمنع من تزوير الانتخابات القادمة؟
الخوف من تزوير الانتخابات هو من أتباع الادارة العميقة القديمة الذين تعودوا على تزوير الانتخابات لعقود من الزمن . هؤلاء لديهم تجربة طويلة في تزوير الانتخابات واذا ظلوا في مواقعهم أو عادوا اليها ما الذي يمنعهم من تزوير الانتخابات وهذا خوف مشروع . اما التعيينات الجديدة، فرئيس الحكومة اعلن انه سيحيّد المهام التي لها علاقة مباشرة بالانتخابات مثل الولاة والمعتمدين ونحن لم نعترض على ذلك بل نطالبه بالتعجيل بتحييد الولاة والمعتمدين والعمد وبتحييد كامل لان التحييد عند بعض الاحزاب هو اقصاء طرف سياسي، أما في تصورنا فهو ان يقف المسؤول في هذه المواقع على نفس المسافة مع جميع الاحزاب.
يوجد في تونس الآن حوالي 2221 عمدة، لا يزيد عدد الذين وقع تعيينهم من طرف الحكومتين الائتلافيتين (الاولى والثانية ) عن 25 عمدة يعني ان حوالي 2196 عمدة اغلبهم عينهم بن علي وبعضهم عينتهم حكومة السبسي. هل هؤلاء محايدون ؟ قد يكون بعضهم محايد لكني أقول اننا في «النهضة» سنطالب بتغيير كل الذين يثبت انهم يمارسون ممارسة حزبية مناصرة لهذا الحزب او ذاك. أي عمدة لا يقف على الحياد ويتصرف تصرفا حزبيا سنطالب بإقالته فورا.
كيف ذلك؟
لقد طالبنا رئيس الحكومة بذلك ونحن نراقب الوضع ومكاتبنا في كل مكان تراقب الوضع وسندعم استمرار العمد المستقلين أي الذين يمارسون مهامهم دون انحياز بقطع النظر عن انتماءاتهم الحزبية. أما العمد الذين يستغلون مواقعهم لصالح هذا الحزب أو ذاك فسنضغط لتغييرهم حالا حتى لا يقع تزوير الانتخابات.
رئيس «النهضة» كرر في أكثر من مناسبة أن «الحركة غادرت الحكومة لكنها لم تغادر الحكم» وانها مازالت تحكم البلاد استنادا إلى الشرعية الانتخابية لكن اغلب المحللين يؤكدون أن شرعيتها انتهت منذ أكثر من سنة، فما هو ردكم على ذلك؟
نتائج الانتخابات لا تلغيها الاّ انتخابات أخرى أو انقلاب. وفي تونس لم يحدث انقلاب ولن نسمح بحدوثه. وربما احدى نجاحات تجربتنا الائتلافية انها منعت وقوع الانقلاب في تونس مثلما منعت وضع الانفلات وهذا مكسب مهم يحسب للجميع بتجنيب البلاد وضع الانقلاب او وضع الانفلات الذي تعيشه بلدان اخرى شقيقة التي نأمل ان تتغلب على اوضاعها وتنجح في بناء الديمقراطية.
خلال هذه المرحلة الانتقالية بعد حجم التجاذبات والانقسام الذي حصل في البلاد، خلصنا الى انه لابد من دعم هذه الشرعية الانتخابية بشرعية توافقية تقوم على الحوار بعد أن رفض عدد من شركائنا في العملية السياسية ان نذهب بالعملية الديمقراطية حتى نهايتها (الوصول الى انتخابات) لذلك ذهبنا الى الحوار وعملنا على نجاحه وقد نجحنا بالفعل بفضل جهودنا جميعا. في المراحل الانتقالية نحتاج الى أكثر من شرعية في نفس الوقت شرعية مبنية على الانتخابات وشرعية توافقية ونوع من الإجماع حتى ننجح في مواجهة تحديات بناء الديمقراطية . ولا احد يستطيع الغاء الشرعية الانتخابية التي باتت مدعومة الآن بالتوافق والحوار.
ما حقيقة استعداد «النهضة» لترشيح الباجي قائد السبسي للانتخابات الرئاسية؟
لم نحسم بعد هل سنترشح للانتخابات الرئاسية أم لا؟ عندما تقرّر «النهضة» الترشح فستختار من بينها من سترشح . واذا تقرر انها سترشح من خارجها عند ذلك سنبحث في من ستدعم «النهضة» وبأية شروط.
اسم الباجي قائد السبسي مطروح في حال قررتم دعم مرشح من خارج الحركة؟
لم نبحث بعد في الأسماء. مازلنا نبحث في الأفكار ولن يكون قرارنا جاهزا قبل تحديد موعد الانتخابات. نحن نتفاعل مع الواقع ولنا مؤسسات سيادية داخل الحركة تمارس الشورى وتقرر بشكل ديمقراطي وندير الحوار داخلنا حول هذا الموضوع ولا أخفيك إننا ندير حوارا عميقا وواسعا وسنقرر ولن يتأخر ذلك كثيرا .
ما الجديد في استقالة الجبالي بعيدا عن الاجابات الفضفاضة؟
فعلا، لا جديد يذكر. حمادي الجبالي قدم استقالته وأصر عليها ونحن لم نقبل بعد هذه الاستقالة ومازال الأمر على حاله.
هل سيكون مرشحكم للرئاسية؟
(يضحك... ) لم نتداول بعد الأسماء.
كيف تقيّمون تجربة الحكم («النهضة») بين من يعتبرها مقبولة في العموم وبين من ينقدها بشدة؟
تناقشنا أحيانا حول تجربتنا ولكننا لم ننجز بعد تقييما عميقا واسعا لهذه التجربة. وقد يكون حرصنا وانشغالنا أكثر باستكمال بقية محطات المرحلة الانتقالية هو الذي منعنا نوعا ما من تقييم هذه التجربة. هناك بعض الملاحظات الشخصية والنقدية حول تجربتنا في الحكم من بينها ان تجربتنا لم تحدث التغييرات الكافية في عملية صقل المنظومات المختلفة (القضاء الاعلام والامن...الخ) وحرصنا على ان يكون الحكم ائتلافيا لكن ربما كان مطلوبا منا ان نحرص أكثر ونصرّ على ان يشمل أحزابا اخرى داخل حكومة وحدة وطنية التي كانت أهم فكرة في برنامجنا الانتخابي وبعد اعلان النتائج مباشرة لم نتردد في تجديد الحاحنا على ذلك ولكن ربما لم نصرّ بما فيه الكفاية ورفض بعض الاحزاب لهذه الفكرة لم يؤد الى ميلاد حكومة وحدة وطنية.
لكن لدي ثلاثة مكاسب تحققت في هذه التجربة لا تخطئها العين المجرّدة . المكسب الاول هو مشاركتنا في الحكم وقيادتنا للحكومة ساهمتا مساهمة رئيسية في منع تونس من أن تلقى مصير الانقلاب كما حصل في بلدان شقيقة أو مصير الانفلات كما تعيشه بلدان اخرى. فقد أحدثنا عددا من الإصلاحات في البلاد منعت العودة الى أي منطق للانقلاب وأيضا دافعنا عن الدولة وعلى احترام القانون بما منع خطر الانفلات، ولا شك ان مساهمة قوات الجيش والامن في ذلك كانت كبيرة .
المكسب الثاني، نحن حركة «النهضة» دخلنا الحياة السياسية من باب الدفاع عن الحريات وفي مرحلة التأسيس كنا نركز اكثر على الحريات العامة وكان ذلك خطاب ذلك الجيل ( السبعينات والثمانينات) ثم مثل غيرنا من الأحزاب بدأنا نركز أكثر على الحريات الفردية واستمر البعض من المناوئين ل «النهضة» الذين يشككون في مبدئية الحركة في الدفاع عن الحريات وبعضهم يرى ان «النهضة» تدافع عن الحريات من باب انها المستفيدة منها حتى اذا وصلت الى السلطة ألغتها لكن من اهم مكتسبات تجربة «النهضة» في الحكم هو تحويل الحرية التي حققتها الثورة الى قوانين وممارسة. مهما قيل لا احد يستطيع ان يشكك في دفاع «النهضة» خلال تجربتها في الحكم عن كل الحريات (حرية المبدعين، حرية الإعلام ، حرية التنقل، حرية الأحزاب والجمعيات ....) كل الحريات العامة والفردية، لم تتدخل الحكومة التي ترأستها «النهضة» في حياة الناس الشخصية لا من قريب ولا من بعيد لأننا نعتبر طريقة اللباس حرية شخصية لا تتدخل فيها الدولة ولا الأحزاب.
المكسب الثالث هو كتابة الدستور، صحيح انه ساهمت في كتابة هذا الدستور كل الكتل ولكنه كان لكتلة الأغلبية («النهضة») دور رئيسي في كتابة سطوره والمصادقة عليه. هذا المكسب مهما قيل وسيقال وبعد ان نخرج من حالة التجاذب والمزايدات تصل حد العدمية، سيبقى شيئا واحدا سيقال بان حركة اسلامية معتدلة ساهمت مساهمة رئيسية في كتابة دستور للجمهورية يليق بالشعب الذي صنع الثورة وبدأ الربيع العربي.
البعض يقول ان تجربة الحكم ساهمت في حدوث شرخ داخل الحركة بخروج بعض كوادرها خاصة رياض الشعيبي الذي أسس حزبا جديدا؟
نحن لسنا حزبا حديديا حتى نمنع على من يدخل الى هذه الحركة حق الخروج أو حق تأسيس حزب او جمعية أخرى. في الوقت الذي اضطرت فيه بعض الاحزاب الى نشر غسيلها على صفحات الاعلام نحن لم نضطر الى ذلك وليس معنى ذلك انه ليست لنا خلافات ولكن لدينا ما يكفي من الهواء النقي داخل مؤسساتنا بما يوفر علينا الاضطرار الى نشر غسيلنا.
هل تعتقدون في ضرورة اعادة صياغة استراتيجيتكم الخارجية بعد حصول وقائع على الأرض كانتخاب السيسي في مصر والأسد في سوريا مع الغموض الذي تعيشه ليبيا؟
حركة «النهضة» تتميز بالمرونة وبالحرص والقدرة على التفاعل مع المستجدات الحاصلة في المنطقة مع الالتزام بالثوابت ومن بينها دعم الديمقراطية وحق الشعوب.
ما هو موقفكم من فوز السيسي في الانتخابات المصرية؟
ما حصل في مصر هو بطبيعة الحال انقلاب على ثورة 25 جانفي 2011 وانجر عنه عنف شديد أودى بحياة الآلاف من المتظاهرين ولا يمكن لأي صاحب فكر سياسي سوي وسليم ان يقبل بالانقلاب على العملية الديمقراطية.
لن يتغير هذا الموقف في المراحل القادمة؟
موقفنا واضح وهو دعم حق المصريين في بناء الديمقراطية. وموقفنا من الديمقراطية موقف ثابت منذ نشأتنا وسيظل. صندوق الاقتراع مصدر الشرعية ومهما طال الزمن لابد ان تعود السيادة الى الشعب.
كيف ترى تونس بعد ثلاث سنوات من الثورة وهل انت متفائل بتونس جديدة ممكنة لكل أبنائها رغم الأزمات المتتالية؟
عشت 20 سنة خارج تونس وكنت أتشوق الى بلادي وأهلي وأرضي ولما عدت وجدت تونس بلدا جميلا وأهلها طيبون وتبين لي بعد ذلك ان نسبة الجمال في البلد زادت بعد الثورة في الداخل وفي الخارج وهذا كلام شاعري من القلب حول بلادي ونحتاج اليه . في اعتقادي، أهم شيء هو مدى قدرتنا على العيش المشترك أو ما أسميه فن العيش المشترك الذي يقوم على الاحترام المتبادل الذي لا يلغي الاختلاف ولا يؤدي الى التطاحن وإنما يؤدي الى التنافس.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.