من باب ان الاعتراف بالحق فضيلة.. فإن ضيفتنا المربية الفاضلة زهرة السالمي لم تتأخر في الافصاح عن هويتها باعتبارها ولدت وعاشت طفولتها في قرية ريفية تصعب فيها الحياة.. «نعم.. أذكر هذا جيدا ولن أنساه ابدا.. انا مدينة الى ابي من وهبي بنصائحه القوة والعزيمة لانجح في قرية جل بناتها لا يكملن دراستهن.. وهذا كله تضحية ومثابرة وعمل». صمتت ضيفتي وكأنها تسترجع صور الماضي في شوق وحنين.. «قريتنا كان العيش فيها صعبا.. حتى في العطل المدرسية كنت اتخلى عن جلباب التلميذة لأدخل معترك الحياة في ريف يجبرك على بذل الجهد لتوفر كل ما تحتاجه.. وكانت الطبيعة الخلابة لمنطقتنا هي ملاذنا لنعانق الفرح والسعادة». ضيفتنا زهرة السالمي تلقت دراستها الابتدائية بمدرسة «الراقوبة الحمراء» ثم انتقلت الى المعهد الثانوي بنصر الله حيث تحصلت على شهادة الباكالوريا شعبة الآداب دورة 1990 وبعدها مباشرة كان المنعرج الحاسم في مسيرتها الدراسية.. «تمنيت ان اواصل دراستي العليا في شعبة طويلة ولكني دفعت ضريبة البنت الكبرى، فاخترت بطلب من والدي التوجه الى المعهد الاعلى لتكوين المعلمين بالقيروان.. «وعسى ان تكرهوا شيئا .. وهو خير لكم». كان على ضيفتنا ان تختار اختصاصا يؤهلها الى سوق الشغل مباشرة حتى تساعد اسرتها خاصة ان اخوتها جميعهم اقتفوا اثرها لانها قدوتهم فنجحوا وتخرجوا ولكنهم مازالوا يعانون من البطالة. «ولعب الحظ دوره من جديد حيث عُيّنت عند تخرجي بنفس المدرسة التي احتضنتني وانا طفلة صغيرة قرب الاهل والخلان.. بعدها حتمت علي ظروفي العائلية ان انتقل بين مدارس «منزل المهيري»و «الوسلاتية» و«العلا» قبل ان احط رحالي الى حد هذا اليوم بمدرسة ابن الجزار بالقيروان». المربية زهرة السالمي سردت لنا مدى تعلقها بالكتاب منذ صغرها مؤكدة انها كانت تلتهم العناوين التهاما عكس اطفال اليوم من اهملوا الكتاب وتعلقوا بالفايسبوك.. «وانا تلميذة في التعليم الثانوي تعلقت بالمطالعة والكتابة السردية ومازالت هذه الهواية تلازمني حيث اني انشط اليوم في النوادي والصالونات الأدبية.. مازلت اعترف بفضل تكويني الى اساتذتي الاجلاء.. كل من السيدين «العلاني» و«الصدام» و«عبد الفتاح جغام» و«يوسف البحري» و«شكري مبخوت».. تعبت وثابرت والحمد لله اني اليوم في موقع المربية التي تعلم الناشئة محاولة اداء الرسالة كأحسن ما يكون رغم عسرها مع مسؤولية المنزل والاسرة.. انا احب تلاميذي ولأجلهم اعشق عملي».