كأس العالم للأندية: سالزبورغ يتصدر محموعته بفوز صعب على باتشوكا    تشكيلة العين الإماراتي ضد يوفنتوس الإيطالي    الخارجية الإيرانية.. قادرون على مواجهة العدوان الإسرائيلي المدعوم أميركيا    بعد تعرضها للهجوم .. نجوم الفن المصري يدعمون هند صبري بأزمة "قافلة الصمود"    مصر.. الشرطة تحبط مخططا واسعا لتهريب أسلحة نارية إلى البلاد    بدء الموجة 13 من عمليات "الوعد الصادق 3".. إطلاق صواريخ ثقيلة    لجنة الاشراف على الجلسات العامة والمنخرطين بالنادي الافريقي - قبول القائمة الوحيدة المترشحة برئاسة محسن الطرابلسي    ترامب.. لم أتخذ بعد قرارا نهائيا بشأن إيران    تونس – مصر : نحو شراكة معززة في قطاع الصحة    نابل...وفاة طفلة غرقا    وزارة التعليم العالي تفتح مناظرة لانتداب 225 عاملا..التفاصيل..    اليوم انطلاق مناظرة ''النوفيام''    صندوق الضمان الاجتماعي ينفي    التعادل الإيجابي يحسم مواجهة الهلال السعودي و ريال مدريد    فرْصَةٌ ثَانِيَةٌ    الإعلاء    سأغفو قليلا...    محمد بوحوش يكتب: عزلة الكاتب/ كتابة العزلة    الإعلان عن المتوجين بالجائزة العربية مصطفى عزوز لأدب الطفل    معهد باستور: تراجع مبيعات لقاح السل وتوقف بيع الأمصال ضد لسعات العقارب ولدغات الأفاعي وداء الكلب    البطل ياسين الغربي يتألق ويهدي تونس ذهبية 400 متر في صنف T54    لقاء بوزارة الصناعة حول تعزيز التكامل الصناعي التونسي العماني    شركة "إيني" الإيطالية تعزز استثماراتها في قطاع المحروقات بتونس    بطولة العالم لكرة اليد تحت 21 عاما - المنتخب التونسي ينهزم امام نظيره السويسري 31-41    من جوان وحتّى سبتمبر 2025: الشركة التونسيّة للملاحة تبرمج 149 رحلة بحرية    الليلة: أمطار متفرقة محليا غزيرة بالشمال الشرقي والحرارة تتراوح بين 20 و29 درجة    مدير عام الامتحانات: استكمال إصلاح اختبارات البكالوريا    وزارة الفلاحة تدعو كافّة شركات تجميع الحبوب إلى أخذ كلّ الإحتياطات اللاّزمة والإستعداد الأمثل للتّعامل مع التقلبات الجوية المرتقبة    بنزرت: العثور على جثة طفل ملقاة على الطريق    مشاركة اكثر من 500 عارض في النسخة الاولى لمهرجان تونس للرياضة    نابل: مخاوف من تفشي مرض الجلد العقدي ببوعرقوب وإدارة الإنتاج الحيواني تؤكد تلقيح كافة القطيع مع الاستجابة المستمرة للتدخل في حالات الاشتباه    وزارة الداخلية: تنفيذ 98 قرارا في مجال تراتيب البناء ببلدية تونس    بطولة برلين : أنس جابر تزيح جاسمين باوليني وتتأهل الى الدور ربع النهائي    الكاف: اليوم انطلاق توزيع مادتي القمح الصلب والقمح اللين المجمّعة على المطاحن (المدير الجهوي لديوان الحبوب)    الموسيقى لغة العالم ، شعار الاحتفال بعيد الموسيقى    عاجل/ تهديد جديد من المرشد الأعلى الإيراني..    18 اعتداء ضد الصحفيين خلال شهر ماي..    عاجل/ تطورات جديدة في قضية مقتل المحامية منجية المناعي..    عجز ميزان الطاقة الاولية لتونس يرتفع بنسبة 10 بالمائة مع موفى أفريل 2025    عرفها التونسيون في قناة نسمة: كوثر بودرّاجة حيّة تُرزق    عاجل - يهم التونسيين المقبلين على الزواج : وزارة الصحة تصدر بلاغا هاما    المنستير تتقدم: زيادة في الإقبال السياحي وتطوير مستمر للخدمات    تونس تُصدر زيت الزيتون إلى أكثر من 60 دولة    الحماية المدنية تتدخل لإخماد 198 حريقاً خلال 24 ساعة فقط    بعد تعرضها للهجوم .. نجوم الفن المصري يدعمون هند صبري بأزمة "قافلة الصمود"    علاء بن عمارة يصل إلى تونس    هام/ هذه أسعار السيارات الشعبية في تونس لسنة 2025..    عاجل/ آخر مستجدات أخبار قافلة الصمود..    خامنئي يعلن بداية المعركة.. ويدعو للرد بقوة على إسرائيل    تونس تتسلم دفعة تضم 111 حافلة جديدة مصنعة في الصين    3'' حاجات'' لا تخرج من المنزل بدونها فى الطقس الحار    عاجل/ اضراب بيوم في "الستاغ"..    انخفاض في درجات الحرارة... وهذه المناطق مهددة بالأمطار    كأس العالم للأندية 2025 : فوز ريفر بلايت الأرجنتيني على أوراوا ريدز الياباني 3-1    واشنطن قد تدخل الحرب وطهران تتوعد    نسبة امتلاء السدود بلغت حاليا 55 بالمائة    عاجل : عطلة رأس السنة الهجرية 2025 رسميًا للتونسيين (الموعد والتفاصيل)    طواف الوداع: وداعٌ مهيب للحجيج في ختام مناسك الحج    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



«زطّالة» بعقول «انتحارية» شعارهم:Don't worry,don't cry...Smoke «زطلة» and fly
نشر في التونسية يوم 03 - 08 - 2014


تحقيق:فؤاد مبارك
يقول فيها مجنونها الأول «بوب مارلي» الذي ارتبطت باسمه:« لا املك نقودا لأتجول في العالم لكنها تجعلني أسافر بعيدا..بعيدا»...هكذا وصف مغني «الريغي» الاسطورة الجماييكي «بوب مارلي» ملهمته التي عبرت القارات والمحيطات والبحار والجبال والصحاري..جابت الشوارع والمسالك الريفية والقرى و«الدشر» والأحياء الجامعية وتوغلت في الأزقة التونسية حيث أبناء الفقراء، ضحايا التهميش والبطالة، والانقطاع المبكر عن الدراسة ، واليتم، والطلاق...استقبلها «عشّاقها» بأشعار الغزل والحب والأغاني ، وأقاموا لها الأفراح والليالي... يحلو لمدمنيها تسميتها ب «الكيف» أو «الحشيش» أو «اللّعبة» أو «مادام كوراج» أو «الشيخة» أو «السلعة»..لكن من دون الجهر باسمها الحقيقي «الزطلة» أو «القنب الهندي» الذي قد يسترعي اهتمام غول «العام وفسبة»الذي التهم عشرات الآلاف من حامليها وجالسيها ومستهلكيها ومروجيها...و مازال.
قد تختلف الأسماء ولكن المسمى يبقى واحدا تضاف له بوابات غير محدودة لإقتحام اللاوعي وتغييب الذات الشاعرة، ولكن في جلسة من جلسات «تدوير قارو» قد تتسبّب جرعة زائدة من مسكنات الفقر والفشل في تشابك خيوط المأساة لتزيد الحكاية تعقيدا على تعقيد... فعلى الرغم من صرامة القانون 52 الصادر سنة 1992 المجرم لاستهلاك «الزطلة» والذي ينص على معاقبة « كل من استهلك أو مسك لغاية الاستهلاك الشخصي، نباتا أو مادة مخدرة في غير الأحوال المسموح بها قانونا» بالسجن من عام إلى خمسة أعوام، وبغرامة مالية من ألف الى ثلاثة آلاف دينار..و على الرغم من التنسيق الأمني الكبير بين كل من تونس وبلدان الجوار في مجال مكافحة الاتجار بالمخدرات يمكن القول إن «السارق غلب اللي يحاحي» خاصة أن تدخين «الزطلة» انتشر في السنوات الأخيرة في أوساط العديد من المواطنين بمختلف شرائحهم الاجتماعية الفقيرة والغنية، العاطلة عن العمل والمتعلمة، وارتفاع نسبة المدمنين بعد الثورة في ظل تذبذب الوضع السياسي الجديد الذي لم يقدم حلولا لمشاكل البطالة وآفاق التعليم والحياة.
53 ٪ من نزلاء السجون «كيّافة»
وحسب تقرير حديث نشره مكتب المفوضية الأممية السامية لحقوق الإنسان بتونس ،فإن عدد مستهلكي «الزطلة» يعادل نحو ثلث نزلاء السجون التونسية ، ليضيف مازن شقورة ممثل المفوضية السامية لحقوق الانسان بتونس أن «أكثر من 53 بالمائة من نزلاء السجون في تونس حوكموا في قضايا تتعلق باستهلاك مواد مخدرة».
وأظهرت إحصائيات حديثة أجرتها وزارة الصحة في المعاهد أن 12 من بين 30 تلميذا يتعاطون المخدرات، وهو مؤشر مفزع أثار هلعا داخل العائلات التونسية.. كما بينت دراسة أصدرتها خلية علوم الإجرام بمركز الدراسات التشريعية والقضائية أن «نسبة المتعاطين للمخدرات بمختلف أنواعها لدى المراهقين والشباب قدرت ب57 بالمائة من بين الفئات العمرية بين 13 و18 سنة. بينما تقل نسبة التعاطي تدريجيا بين الفئات الأكبر سنا حيث تعد 36,2 بالمائة بين 18 و25 سنة لتنخفض إلى 4,7 بالمائة بين الفئة ما بين سن 25 و35 سنة، في حين لا تتجاوز نسبة المتعاطين بين الفئة المتراوحة بين 35 و50 سنة نسبة 2 بالمائة.
وقد أشارت الدراسات إلى أن «الحشيش» المخدر والذي يسمّى في تونس «الزطلة» هو أكثر المواد المخدرة إستهلاكا في تونس بنسبة 92 بالمائة ، يليه الكوكايين، ثم الهيروين فالبنزين واللصق في المراتب الأخيرة.
كما أظهرت المؤشرات الإحصائية لدى مراكز معالجة المدمنين أن تعاطي المخدرات في تونس استفحل بشكل كبير خلال الأشهر الأخيرة في الأحياء الشعبية مثل «حي التضامن» و«حي الزهور» و«الملاسين» وكذلك في الأحياء الراقية مثل «حي النصر» و«المنزه»...
و أمام استفحال ظاهرة تدخين «الزطلة» وعدم فاعلية القانون الخاص بها في الحد من نسبة انتشارها تعالت مؤخرًا أصوات في تونس داعية إلى التخلّي عن «القانون 52» الذي شددت على «فشله وعدم نجاحه في الردع » ، بل وذهبت الى اكثر من ذلك حد اعتباره 'تحطيما لمستقبل شباب تونس ،خاصّة مع غياب الجانب العلاجي والإقتصار على العقوبة السّالبة للحريّة مع غرامة ماليّة»-على حد تعبير أغلب أصحاب هذه الأصوات الذين أكدوا أن «الأحكام الصادرة في حق مستهلكي هذه المادة مبالغ فيها وتتسبّب في اكتظاظ السجون بالإضافة إلى «تدمير» الحياة المهنية والدراسية لشباب وجدوا أنفسهم وراء القضبان بسبب سيجارة لا غير».
المرتبة الثانية بعد السرقة
و في سياق متصل بالدعوة الى ضرورة النظر في احكام القانون المتعلق باستهلاك « الزطلة» والذي وصفه بعضهم ب«الجائر» ، قال المحامي غازي المرابط رئيس جمعية السجين 52 المدافعة عن ضرورة إعادة ، النظر في القانون 52 إنّ عدد الموقوفين من اجل استهلاك مادة مخدرة يقدر ب8000 موقوف من بين 25 الفا من الموقوفين والمحكومين في السجون التونسية في قضايا مختلفة . واكد المرابط ان قضايا استهلاك المخدرات تأتي في المرتبة الثانية بعد قضايا السرقة من حيث عدد الموقوفين الأمر الذي وصفه بالخطير .
«قمعي أكثر منه نفعي»
من جانبه ،أوضح أستاذ القانون الدستوري قيس سعيد، انه بالإمكان سنّ نصّ جديد يقوم على قاعدة التدرجّ في الأحكام انطلاقا من التغريم المادي في المرّة الأولى وصولا إلى الردع بالعقوبات السالبة للحرية عند العود دون إلغائها تماما.
وشدّد سعيد على ضرورة مراجعة القانون عدد 52 لسنة 1992 الذي أثبت فشله وقصوره في الحدّ من ظاهرة الادمان على المخدرات لاسيما لدى الشباب . وأشار إلى أنّ العقاب السالب للحرية بالنسبة للمستهلك لأوّل مرّة لن يكون بالمحصلة أداة للردع أو للإصلاح بقدر ما سيفضي إلى مزيد تفشي ظاهرة الإدمان على المخدرات وأحيانا إلى التسبّب في انحراف المحكوم عليه بالسجن بصفة نهائية لاسيما أنّه سيصبح مقصيا من المجتمع ومحروما من حقوقه المدنية والسياسية.
«اسمعوا منا ولا تسمعوا عنا»
وللنزول إلى دهاليز هذا العالم وأجوائه كان ل« التونسية» لقاءات مع شبان وكهول قادتهم الظروف إلى مستنقع المخدرات وعلى رأسه « الزطلة» . هم «زطالة بعقول انتحارية» كما يقول عنهم البعض شعارهم : « لا تقلق ولاتحير ... دخن الزطلة وطير» «don' t worry ... don' t cry ... smoke ZATLA and fly».
لعم حسن حكاية «عشرة» طويلة مع «الزطلة»،قال انه بدأ في استهلاكها منذ اكثر من 30 عاما ولا يفكر في الانقطاع عنها،انها «سبب شيخته وتعميرة راسه»على حد قوله.
ويضيف عم حسن قائلا:«لا ادري لماذا يحاول البعض تهويل الأمور خاصة في ما يتعلق بالزطلة وكأنها مادة غريبة يتم اكتشافها للمرة الاولى او كائن غريب وافد علينا من كوكب اخر؟؟..«الزطلة» اصلها عربي وهي منتشرة عندنا منذ زمن بعيد وكنا نتعاطاها بصفة عادية ولم تكن نسبة الاقبال لتكون «جنونية» كما هي عليه اليوم لولا الظروف المعيشية القاهرة ...
و عن تأثيرات «الزطلة» على صحته بعد اكثر من ثلاثين سنة،يقول عم حسن:«ما يدعيه بعض الاطباء والخبراء كذب في كذب،فكما ترى صحتي عال العال،بل اكثر من ذلك بفضل «الزطلة» صرت رفيق الشباب وصاحب نكتة وجعلتني اتّقد نشاطا وحيوية حتى ان الكثيرين لا يصدق سني الحقيقي حيث جعلني استهلاكي لهذه المادة أبدو أصغر بكثير ممن هم في سني الآن».
من جانبه يقول «سامح» «23 سنة» ان الفضول كان وراء ادمانه على هذه المادة المخدرة،مؤكدا انه لولاها لما كان ليواصل تعليمه خاصة انه كان ينوي الانقطاع عن الدراسة حينما رسب في « الباك» ،مضيفا :« بدأت التدخين وأنا في سن السادسة عشرة وتعرفت على شاب يفوقني بعامين وكان هو يدخن «المعشوقة» أمامي باستمرار ويدعوني إلى ذلك ولكني كنت أمانع إلى أن بلغت الثامنة عشرة ليبدأ الفضول يأخذ شكلا اخر،حيث تناولت أول سيجارة حشيش على يد هذا الشاب بعد إخفاقي في نيل شهادة الباكالوريا...و بعد الله يعود الفضل في نجاحي وابتعادي عن العالم الخارجي بما فيه من تشوهات اجتماعية والتركيز في الدراسة حد الإبداع الى «الزطلة» دون سواها..و لذلك لا يمكن لأحد ان يحرمني من وسيلتي الوحيدة للترفيه والابداع وصناعة النجاح في مجتمع فاشل».
اما فتحي العاطل عن العمل وصاحب تجارب مع السجون من اجل تعاطي «الزطلة»،فقد ركز اهتمامه على مساوئ القانون 52،واصفا اياه بالقانون الطبقي الذي لا يستهدف غير الطبقة الكادحة والفئات المهمشة ،مضيفا:«الوجوه الفقيرة هي التي تراها في كل مرة في السجون من اجل تعاطي هذه المادة التي قد تساعدهم على النسيان وتجاوز حالة النقمة والانفجار اللذين قد يتسبب فيهما هذا الوضع العام المزري الذي تمر به البلاد..فلا شغل ولا اصلاحات اقتصادية ولا اهتمام بسكان المناطق المفقرة ولا «زطلة»؟؟ فأين هما الحرية والديمقراطية المزعومتان؟».
تلاميذ يغتصبون من أجل سيجارة؟؟
و يتابع فتحي:«شخصيا نلت أحكاما بالسجن في أكثر من مناسبة من أجل استهلاك «الزطلة»..و ما يحزّ في نفسي ان من يسرق ويخطف ويقتل ينال احكاما اقل من التي ننالها نحن الذين لا نريد ان نضر غيرنا وان اضطررنا الى الاضرار بأنفسنا..هذا القانون يستهدف ابناء المناطق المفقرة الذين ينوون الثورة على الاوضاع المتردية من جديد ولذلك هم يحاولون اخراسهم والزج بهم في غياهب السجون بلعب ورقة «الزطلة»..لقد رايت في السجن عددا كبيرا من التلاميذ الذين يتم اغتصابهم في السجون من قبل المجرمين الذين يوضعون معهم في ذات الزنزانات..فهل يعقل ان تضع تلميذا «نظيفا» دخل لاجل سيجارة مع مجرمين وقتلة دخلوا السجن من اجل الاعتداء بالفاحشة او قتل نفس بغير ذي حق ..هل يعقل؟؟فعن أي دولة وأي قانون ومساواة وعدالة تتحدثون؟؟».
اما عن بداياته مع الزطلة،فيقول فتحي ان اغلب ابناء الاحياء الشعبية يدخنونها كما يدخنون السجائر العادية ،مردفا:« لم يكن ليتم ايقافي من اجل تعاطي هذه المادة خاصة انني كنت موظفا ناجحا في مسيرتي المهنية بفضلها ..و لكن عادة الوشاية التي تميز احد جيراني وحسده للناجحين في حياتهم دفعا به الى التبليغ عني وكان ما كان لاجد نفسي بلا عمل وصاحب سوابق مطالبا بدفع خطية مالية لا طاقة لي بها».
«تحب تفهم ادّوخ ..و كي تجي ادوخ ما يخلّوكش»
«وليد» هو الآخر نال عقوبة بالسجن من اجل استهلاك «الزطلة»،يعرف اسعارها واسماءها ويعتبرها «مهدئا لا اكثر ولا اقل» يقول :«استهلاك « الزطلة» يساعدك على المرور من حالتك العادية الى الحالة الثانية المنشودة بعيدا عن الاعراض والممارسات والسلوكات السيئة التي قد تسببها أية مواد مخدرة أخرى مثل «الحرابش» والحكول ...من ناحية اخرى يمكن ان نعتبر تدخينها عادة وليس ادمانا حيث يمكن البقاء لوقت طويل يبلغ اشهر من دون تدخينها ومن دون ان يحدث ذلك أي تاثير سلبي...بصراحة حينما أدخنّها اصبح مسالما واعدل عن كل المشاريع الاجرامية التي يمكن ان تخامر أي انسان يمر بالوضع الذي نمر به نحن العاطلون عن العمل وابناء المناطق المفقرة والمهمشة».
« العربية» و« دوبل زيرو» و«001» و«لاكوست» و«الشيرة» ،و «المارساداس» و«الترافل»،و«المزيتة اللعواكة»...كانت هذه أسماء بعض أنواع «الزطلة» من قائمة طويلة رددها وليد على مسامعنا،أما عن اسعارها فيقول وليد انها موحدة تقريبا ،مشيرا الى ان «الشيرة» تعتبر النوعية الاكثر رواجا في تونس والأكثر اقبالا عليها من طرف الشباب،موضحا ان المادة التي تروج في تونس لا تصل الى الاسواق «خاما» وأنه يتم خلطها من قبل المزوّدين بمواد اخرى اقل قيمة حتى تزيد الكمية التي يتم بيعها وتزيد بذلك قيمة أرباح مروّجيها.
و بعد التعبير عن جام غضبه مما تمر به البلاد ككل من اوضاع اقتصادية وسياسية حرجة، سكت وليد قليلا قبل ان يضيف:« شي يبهت...تحب تفهم ادوخ وكيف تحب ادوخ ما يخلوكش...كرهناهم كرهنا سياساتهم..ها نحن بعيدون عنهم فلم يغالطون الراي العام ويوجهونه الى قضية يقولون انها سبب دمار الشباب والحال انهم هم سبب دمار البلاد ككل..ارجو من الساسة كل من ملأ رأسه بالكلام الفارغ عن الزطلة وعن مضارها التي لا أساس لها من الصحة أن يسمع منّا لا أن يسمع عنا».
و في سياق متصل يقول «سهيل بيوض» رئيس جمعية «فورزا تونس» المدافعة عن السماح باستهلاك هذه المادة» :«يعد الحشيش من العقاقير المهدئة والمثبطة والمنومة وتستثير حالات الوجدان الإيجابي والشعور بالزهو والفرفشة والاسترخاء والدخول إلى عالم من الأحلام المرغوبة ، لذا فهو يساعد المتعاطي على الانتقال من مستوى الواقع المعاصر بمنغصاته ومزعجاته إلى عالم هلوسة وكأنه ضرب من التفعيل الذهني لخلط عناصر البناء النفسي والتغلب على الآلام النفسية والوجدان السلبي وبالتالي يساعد على تغريب الذات عن الوعي والاكتئاب وانشقاق الذات على نفسها، حيث يعمل عمل الرادار المشوش على العناصر المنشقة ويخلق حالة من الإيحاء العام بالمكونات الوجدانية السارة التي تساعد على تماسك وانسجام الذات .
و حيث ان«الكيف» لا يميز بين الجنسين،فقد حدثتنا «حنان» ،عن تجربتها مع «الزطلة» قائلة:« لقد كنت ادخن السجائر في المقاهي بعيدا عن اعين العائلة رفقة بعض صديقاتي من اللاتي كنّ يدخنّها، وبعد تردد طال لزمن قررت مشاركتهن اجواء الفرح والنشوة التي كنت الحظها عليهن حين كنّ يدخن الزطلة».
و تضيف «حنان» «بحكم تجربتي اكتشفت ان الزّطلة لا تضرّ بقدر ما تنفع،زد على ذلك ان التجارب العلمية اثبتت نجاعتها في علاج عدد من الامراض الخبيثة وخاصة سرطان الثّدي عند المرأة ..وهي منتشرة في عديد البلدان الأوروبية ومسموح بترويجها وإستهلاكها قانونيا في البعض منها ...أنا شخصيا مع السّماح بترويجها في بلادنا وتعميمها على الجميع».
أسباب «الاستهلاك» ونتائجه
و لعل اهم اسباب تعاطي مادة «الزطلة» وزيادة الاقبال عليها –حسب اغلب المختصين الذين تحدثت اليهم «التونسية» نفسية بالاساس،مؤكدين ان كل الدراسات والملاحظات الإكلينيكية تشير الى ان المدمن يستخدم هذه المادة كوسيلة لتطبيب الذات والهروب من الواقع المعاش ،و شدد المختصون في حديثهم على أن مضار استهلاك «الزطلة لا حصر لها ولا اخر –على حد تعبيرهم-،مجمعين على ان استهلاك هذه المادة يؤدي الى اضطرابات ذهنية وضعف جنسي ومشاكل أسرية (طلاق – إهمال عيال،ضائقة مادية..) ومشاكل نفسية من قبيل التهور والاندفاع والتفكير في الانتحار وإتيان سلوكات غريبة يعكسها اختلال التوازن الحركي والقلق وتلبد الإحساس مع الوقت وعدم القدرة على التحكم والانسحاب الاجتماعي.
عوارضها
و عن المؤشرات التي يمكن التعرف من خلالها على «الزطال» ،فقد اشار المختصون الذين تحدثنا اليهم إلى أن أهم العوارض البادية على مستهلك «الزطلة» هي اصابته باحتقان العينين وزيادة الشهية للطعام وجفاف الحلق وسرعة ضربات القلب وزيادة الرعشة في الأطراف .
و في اجابة عن سؤالنا عمّا إذا كان تعاطي هذه المادة عادة أم ادمانا، اشار المختصون الى ان انقطاع المستهلك عن تعاطي «الزطلة» لا يسبب عادة أعراض الانقطاع الفيزيائية التي يتسبب فيها الانقطاع عن استهلاك بعض المواد المخدرة الاخرى كالهيروين والكوكايين..مضيفين انه لهذا السبب يسود الاعتقاد إلى اعتبار تعاطي الزطلة اعتياداً وليس إدماناً .


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.