أمين عام الأمم المتحدة.. العالم يجب ألاّ يخشى ردود أفعال إسرائيل    صفاقس شاطئ الشفار بالمحرس..موسم صيفي ناجح بين التنظيم والخدمات والأمان!    أخبار مستقبل قابس...عزم على ايقاف نزيف النقاط    نفذته عصابة في ولاية اريانة ... هجوم بأسلحة بيضاء على مكتب لصرف العملة    استراحة «الويكاند»    مع الشروق : العربدة الصهيونية تحت جناح الحماية الأمريكية    28 ألف طالب يستفيدوا من وجبات، منح وسكن: شوف كل ما يوفره ديوان الشمال!    ميناء جرجيس يختتم موسمه الصيفي بآخر رحلة نحو مرسيليا... التفاصيل    محرز الغنوشي:''الليلة القادمة عنوانها النسمات الشرقية المنعشة''    توقّف مؤقت للخدمات    عاجل/ المغرب تفرض التأشيرة على التونسيين.. وتكشف السبب    رئيس "الفيفا" يستقبل وفدا من الجامعة التونسية لكرة القدم    عاجل/ عقوبة ثقيلة ضد ماهر الكنزاري    هذا ما قرره القضاء في حق رجل الأعمال رضا شرف الدين    الاتحاد الدولي للنقل الجوي يؤكد استعداده لدعم تونس في تنفيذ مشاريعها ذات الصلة    بنزرت: مداهمة ورشة عشوائية لصنع "السلامي" وحجز كميات من اللحوم    عفاف الهمامي: أكثر من 100 ألف شخص يعانون من الزهايمر بشكل مباشر في تونس    رابطة أبطال إفريقيا: الترجي يتجه إلى النيجر لمواجهة القوات المسلحة بغياب البلايلي    الترجي الجرجيسي ينتدب الظهير الأيمن جاسر العيفي والمدافع المحوري محمد سيسوكو    عاجل/ غزّة: جيش الاحتلال يهدّد باستخدام "قوة غير مسبوقة" ويدعو إلى إخلاء المدينة    دعوة للترشح لصالون "سي فود إكسبو 2026" المبرمج من 21 إلى 23 أفريل 2026 ببرشلونة    قريبا: الأوكسجين المضغوط في سوسة ومدنين... كيف يساعد في حالات الاختناق والغوص والسكري؟ إليك ما يجب معرفته    البنك التونسي للتضامن يقر اجراءات جديدة لفائدة صغار مزارعي الحبوب    أريانة: عملية سطو مسلح على مكتب لصرف العملة ببرج الوزير    سطو على فرع بنكي ببرج الوزير اريانة    أكثر من 400 فنان عالمي يطالبون بإزالة أغانيهم من المنصات في إسرائيل    عائدات زيت الزيتون المصدّر تتراجع ب29،5 بالمائة إلى موفى أوت 2025    عاجل: تونس تنجو من كارثة جراد كادت تلتهم 20 ألف هكتار!    بعد 20 عاماً.. رجل يستعيد بصره بعملية "زرع سن في العين"    توزر: حملة جهوية للتحسيس وتقصي سرطان القولون في عدد من المؤسسات الصحية    10 أسرار غريبة على ''العطسة'' ما كنتش تعرفهم!    عاجل- قريبا : تركيز اختصاص العلاج بالأوكسيجين المضغوط بولايتي مدنين وسوسة    عاجل/ مقتل أكثر من 75 مدنيا في قصف لمسجد بهذه المنطقة..    مهذّب الرميلي يشارك في السباق الرمضاني من خلال هذا العمل..    قريبا القمح والشعير يركبوا في ''train''؟ تعرف على خطة النقل الجديدة    مجلس الأمن يصوّت اليوم على احتمال إعادة فرض العقوبات على إيران    شنية حكاية النظارات الذكية الجديدة الى تعمل بالذكاء الاصطناعي...؟    بلاغ مهم لمستعملي طريق المدخل الجنوبي للعاصمة – قسط 03    نقابة الصيدليات الخاصة تدعو الحكومة إلى تدخل عاجل لإنقاذ المنظومة    أغنية محمد الجبالي "إلا وأنا معاكو" تثير عاصفة من ردود الأفعال بين التنويه والسخرية    حملة تلقيح مجانية للقطط والكلاب يوم الاحد المقبل بحديقة النافورة ببلدية الزهراء    ما تفوتهاش: فضائل قراءة سورة الكهف يوم الجمعة!    البطولة العربية لكرة الطاولة - تونس تنهي مشاركتها بحصيلة 6 ميداليات منها ذهبيتان    عاجل : شيرين عبد الوهاب تواجه أزمة جديدة    المعهد الوطني للتراث يصدر العدد 28 من المجلة العلمية "افريقية"    افتتاح شهر السينما الوثائقية بالعرض ما قبل الأول لفيلم "خرافة / تصويرة"    جريمة مروعة/ رجل يقتل أطفاله الثلاثة ويطعن زوجته..ثم ينتحر..!    محرز الغنوشي يزّف بشرى للتوانسة: ''بعض الامطار المتفرقة من حين لاخر بهذه المناطق''    شهداء وجرحى بينهم أطفال في قصف الاحتلال عدة مناطق في قطاع غزة..# خبر_عاجل    بطولة العالم للكرة الطائرة رجال الفلبين: تونس تواجه منتخب التشيك في هذا الموعد    هذه الشركة تفتح مناظرة هامة لانتداب 60 عونا..#خبر_عاجل    في أحدث ظهور له: هكذا بدا الزعيم عادل إمام    تصدرت محركات البحث : من هي المخرجة العربية المعروفة التي ستحتفل بزفافها في السبعين؟    التوقعات الجوية لهذا اليوم..    سعيد: "لم يعد مقبولا إدارة شؤون الدولة بردود الفعل وانتظار الأزمات للتحرّك"    خطبة الجمعة .. أخطار النميمة    وخالق الناس بخلق حسن    يا توانسة: آخر أيام الصيف قُربت.. تعرف على الموعد بالضبط!    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



«زطّالة» بعقول «انتحارية» شعارهم:Don't worry,don't cry...Smoke «زطلة» and fly
نشر في التونسية يوم 03 - 08 - 2014


تحقيق:فؤاد مبارك
يقول فيها مجنونها الأول «بوب مارلي» الذي ارتبطت باسمه:« لا املك نقودا لأتجول في العالم لكنها تجعلني أسافر بعيدا..بعيدا»...هكذا وصف مغني «الريغي» الاسطورة الجماييكي «بوب مارلي» ملهمته التي عبرت القارات والمحيطات والبحار والجبال والصحاري..جابت الشوارع والمسالك الريفية والقرى و«الدشر» والأحياء الجامعية وتوغلت في الأزقة التونسية حيث أبناء الفقراء، ضحايا التهميش والبطالة، والانقطاع المبكر عن الدراسة ، واليتم، والطلاق...استقبلها «عشّاقها» بأشعار الغزل والحب والأغاني ، وأقاموا لها الأفراح والليالي... يحلو لمدمنيها تسميتها ب «الكيف» أو «الحشيش» أو «اللّعبة» أو «مادام كوراج» أو «الشيخة» أو «السلعة»..لكن من دون الجهر باسمها الحقيقي «الزطلة» أو «القنب الهندي» الذي قد يسترعي اهتمام غول «العام وفسبة»الذي التهم عشرات الآلاف من حامليها وجالسيها ومستهلكيها ومروجيها...و مازال.
قد تختلف الأسماء ولكن المسمى يبقى واحدا تضاف له بوابات غير محدودة لإقتحام اللاوعي وتغييب الذات الشاعرة، ولكن في جلسة من جلسات «تدوير قارو» قد تتسبّب جرعة زائدة من مسكنات الفقر والفشل في تشابك خيوط المأساة لتزيد الحكاية تعقيدا على تعقيد... فعلى الرغم من صرامة القانون 52 الصادر سنة 1992 المجرم لاستهلاك «الزطلة» والذي ينص على معاقبة « كل من استهلك أو مسك لغاية الاستهلاك الشخصي، نباتا أو مادة مخدرة في غير الأحوال المسموح بها قانونا» بالسجن من عام إلى خمسة أعوام، وبغرامة مالية من ألف الى ثلاثة آلاف دينار..و على الرغم من التنسيق الأمني الكبير بين كل من تونس وبلدان الجوار في مجال مكافحة الاتجار بالمخدرات يمكن القول إن «السارق غلب اللي يحاحي» خاصة أن تدخين «الزطلة» انتشر في السنوات الأخيرة في أوساط العديد من المواطنين بمختلف شرائحهم الاجتماعية الفقيرة والغنية، العاطلة عن العمل والمتعلمة، وارتفاع نسبة المدمنين بعد الثورة في ظل تذبذب الوضع السياسي الجديد الذي لم يقدم حلولا لمشاكل البطالة وآفاق التعليم والحياة.
53 ٪ من نزلاء السجون «كيّافة»
وحسب تقرير حديث نشره مكتب المفوضية الأممية السامية لحقوق الإنسان بتونس ،فإن عدد مستهلكي «الزطلة» يعادل نحو ثلث نزلاء السجون التونسية ، ليضيف مازن شقورة ممثل المفوضية السامية لحقوق الانسان بتونس أن «أكثر من 53 بالمائة من نزلاء السجون في تونس حوكموا في قضايا تتعلق باستهلاك مواد مخدرة».
وأظهرت إحصائيات حديثة أجرتها وزارة الصحة في المعاهد أن 12 من بين 30 تلميذا يتعاطون المخدرات، وهو مؤشر مفزع أثار هلعا داخل العائلات التونسية.. كما بينت دراسة أصدرتها خلية علوم الإجرام بمركز الدراسات التشريعية والقضائية أن «نسبة المتعاطين للمخدرات بمختلف أنواعها لدى المراهقين والشباب قدرت ب57 بالمائة من بين الفئات العمرية بين 13 و18 سنة. بينما تقل نسبة التعاطي تدريجيا بين الفئات الأكبر سنا حيث تعد 36,2 بالمائة بين 18 و25 سنة لتنخفض إلى 4,7 بالمائة بين الفئة ما بين سن 25 و35 سنة، في حين لا تتجاوز نسبة المتعاطين بين الفئة المتراوحة بين 35 و50 سنة نسبة 2 بالمائة.
وقد أشارت الدراسات إلى أن «الحشيش» المخدر والذي يسمّى في تونس «الزطلة» هو أكثر المواد المخدرة إستهلاكا في تونس بنسبة 92 بالمائة ، يليه الكوكايين، ثم الهيروين فالبنزين واللصق في المراتب الأخيرة.
كما أظهرت المؤشرات الإحصائية لدى مراكز معالجة المدمنين أن تعاطي المخدرات في تونس استفحل بشكل كبير خلال الأشهر الأخيرة في الأحياء الشعبية مثل «حي التضامن» و«حي الزهور» و«الملاسين» وكذلك في الأحياء الراقية مثل «حي النصر» و«المنزه»...
و أمام استفحال ظاهرة تدخين «الزطلة» وعدم فاعلية القانون الخاص بها في الحد من نسبة انتشارها تعالت مؤخرًا أصوات في تونس داعية إلى التخلّي عن «القانون 52» الذي شددت على «فشله وعدم نجاحه في الردع » ، بل وذهبت الى اكثر من ذلك حد اعتباره 'تحطيما لمستقبل شباب تونس ،خاصّة مع غياب الجانب العلاجي والإقتصار على العقوبة السّالبة للحريّة مع غرامة ماليّة»-على حد تعبير أغلب أصحاب هذه الأصوات الذين أكدوا أن «الأحكام الصادرة في حق مستهلكي هذه المادة مبالغ فيها وتتسبّب في اكتظاظ السجون بالإضافة إلى «تدمير» الحياة المهنية والدراسية لشباب وجدوا أنفسهم وراء القضبان بسبب سيجارة لا غير».
المرتبة الثانية بعد السرقة
و في سياق متصل بالدعوة الى ضرورة النظر في احكام القانون المتعلق باستهلاك « الزطلة» والذي وصفه بعضهم ب«الجائر» ، قال المحامي غازي المرابط رئيس جمعية السجين 52 المدافعة عن ضرورة إعادة ، النظر في القانون 52 إنّ عدد الموقوفين من اجل استهلاك مادة مخدرة يقدر ب8000 موقوف من بين 25 الفا من الموقوفين والمحكومين في السجون التونسية في قضايا مختلفة . واكد المرابط ان قضايا استهلاك المخدرات تأتي في المرتبة الثانية بعد قضايا السرقة من حيث عدد الموقوفين الأمر الذي وصفه بالخطير .
«قمعي أكثر منه نفعي»
من جانبه ،أوضح أستاذ القانون الدستوري قيس سعيد، انه بالإمكان سنّ نصّ جديد يقوم على قاعدة التدرجّ في الأحكام انطلاقا من التغريم المادي في المرّة الأولى وصولا إلى الردع بالعقوبات السالبة للحرية عند العود دون إلغائها تماما.
وشدّد سعيد على ضرورة مراجعة القانون عدد 52 لسنة 1992 الذي أثبت فشله وقصوره في الحدّ من ظاهرة الادمان على المخدرات لاسيما لدى الشباب . وأشار إلى أنّ العقاب السالب للحرية بالنسبة للمستهلك لأوّل مرّة لن يكون بالمحصلة أداة للردع أو للإصلاح بقدر ما سيفضي إلى مزيد تفشي ظاهرة الإدمان على المخدرات وأحيانا إلى التسبّب في انحراف المحكوم عليه بالسجن بصفة نهائية لاسيما أنّه سيصبح مقصيا من المجتمع ومحروما من حقوقه المدنية والسياسية.
«اسمعوا منا ولا تسمعوا عنا»
وللنزول إلى دهاليز هذا العالم وأجوائه كان ل« التونسية» لقاءات مع شبان وكهول قادتهم الظروف إلى مستنقع المخدرات وعلى رأسه « الزطلة» . هم «زطالة بعقول انتحارية» كما يقول عنهم البعض شعارهم : « لا تقلق ولاتحير ... دخن الزطلة وطير» «don' t worry ... don' t cry ... smoke ZATLA and fly».
لعم حسن حكاية «عشرة» طويلة مع «الزطلة»،قال انه بدأ في استهلاكها منذ اكثر من 30 عاما ولا يفكر في الانقطاع عنها،انها «سبب شيخته وتعميرة راسه»على حد قوله.
ويضيف عم حسن قائلا:«لا ادري لماذا يحاول البعض تهويل الأمور خاصة في ما يتعلق بالزطلة وكأنها مادة غريبة يتم اكتشافها للمرة الاولى او كائن غريب وافد علينا من كوكب اخر؟؟..«الزطلة» اصلها عربي وهي منتشرة عندنا منذ زمن بعيد وكنا نتعاطاها بصفة عادية ولم تكن نسبة الاقبال لتكون «جنونية» كما هي عليه اليوم لولا الظروف المعيشية القاهرة ...
و عن تأثيرات «الزطلة» على صحته بعد اكثر من ثلاثين سنة،يقول عم حسن:«ما يدعيه بعض الاطباء والخبراء كذب في كذب،فكما ترى صحتي عال العال،بل اكثر من ذلك بفضل «الزطلة» صرت رفيق الشباب وصاحب نكتة وجعلتني اتّقد نشاطا وحيوية حتى ان الكثيرين لا يصدق سني الحقيقي حيث جعلني استهلاكي لهذه المادة أبدو أصغر بكثير ممن هم في سني الآن».
من جانبه يقول «سامح» «23 سنة» ان الفضول كان وراء ادمانه على هذه المادة المخدرة،مؤكدا انه لولاها لما كان ليواصل تعليمه خاصة انه كان ينوي الانقطاع عن الدراسة حينما رسب في « الباك» ،مضيفا :« بدأت التدخين وأنا في سن السادسة عشرة وتعرفت على شاب يفوقني بعامين وكان هو يدخن «المعشوقة» أمامي باستمرار ويدعوني إلى ذلك ولكني كنت أمانع إلى أن بلغت الثامنة عشرة ليبدأ الفضول يأخذ شكلا اخر،حيث تناولت أول سيجارة حشيش على يد هذا الشاب بعد إخفاقي في نيل شهادة الباكالوريا...و بعد الله يعود الفضل في نجاحي وابتعادي عن العالم الخارجي بما فيه من تشوهات اجتماعية والتركيز في الدراسة حد الإبداع الى «الزطلة» دون سواها..و لذلك لا يمكن لأحد ان يحرمني من وسيلتي الوحيدة للترفيه والابداع وصناعة النجاح في مجتمع فاشل».
اما فتحي العاطل عن العمل وصاحب تجارب مع السجون من اجل تعاطي «الزطلة»،فقد ركز اهتمامه على مساوئ القانون 52،واصفا اياه بالقانون الطبقي الذي لا يستهدف غير الطبقة الكادحة والفئات المهمشة ،مضيفا:«الوجوه الفقيرة هي التي تراها في كل مرة في السجون من اجل تعاطي هذه المادة التي قد تساعدهم على النسيان وتجاوز حالة النقمة والانفجار اللذين قد يتسبب فيهما هذا الوضع العام المزري الذي تمر به البلاد..فلا شغل ولا اصلاحات اقتصادية ولا اهتمام بسكان المناطق المفقرة ولا «زطلة»؟؟ فأين هما الحرية والديمقراطية المزعومتان؟».
تلاميذ يغتصبون من أجل سيجارة؟؟
و يتابع فتحي:«شخصيا نلت أحكاما بالسجن في أكثر من مناسبة من أجل استهلاك «الزطلة»..و ما يحزّ في نفسي ان من يسرق ويخطف ويقتل ينال احكاما اقل من التي ننالها نحن الذين لا نريد ان نضر غيرنا وان اضطررنا الى الاضرار بأنفسنا..هذا القانون يستهدف ابناء المناطق المفقرة الذين ينوون الثورة على الاوضاع المتردية من جديد ولذلك هم يحاولون اخراسهم والزج بهم في غياهب السجون بلعب ورقة «الزطلة»..لقد رايت في السجن عددا كبيرا من التلاميذ الذين يتم اغتصابهم في السجون من قبل المجرمين الذين يوضعون معهم في ذات الزنزانات..فهل يعقل ان تضع تلميذا «نظيفا» دخل لاجل سيجارة مع مجرمين وقتلة دخلوا السجن من اجل الاعتداء بالفاحشة او قتل نفس بغير ذي حق ..هل يعقل؟؟فعن أي دولة وأي قانون ومساواة وعدالة تتحدثون؟؟».
اما عن بداياته مع الزطلة،فيقول فتحي ان اغلب ابناء الاحياء الشعبية يدخنونها كما يدخنون السجائر العادية ،مردفا:« لم يكن ليتم ايقافي من اجل تعاطي هذه المادة خاصة انني كنت موظفا ناجحا في مسيرتي المهنية بفضلها ..و لكن عادة الوشاية التي تميز احد جيراني وحسده للناجحين في حياتهم دفعا به الى التبليغ عني وكان ما كان لاجد نفسي بلا عمل وصاحب سوابق مطالبا بدفع خطية مالية لا طاقة لي بها».
«تحب تفهم ادّوخ ..و كي تجي ادوخ ما يخلّوكش»
«وليد» هو الآخر نال عقوبة بالسجن من اجل استهلاك «الزطلة»،يعرف اسعارها واسماءها ويعتبرها «مهدئا لا اكثر ولا اقل» يقول :«استهلاك « الزطلة» يساعدك على المرور من حالتك العادية الى الحالة الثانية المنشودة بعيدا عن الاعراض والممارسات والسلوكات السيئة التي قد تسببها أية مواد مخدرة أخرى مثل «الحرابش» والحكول ...من ناحية اخرى يمكن ان نعتبر تدخينها عادة وليس ادمانا حيث يمكن البقاء لوقت طويل يبلغ اشهر من دون تدخينها ومن دون ان يحدث ذلك أي تاثير سلبي...بصراحة حينما أدخنّها اصبح مسالما واعدل عن كل المشاريع الاجرامية التي يمكن ان تخامر أي انسان يمر بالوضع الذي نمر به نحن العاطلون عن العمل وابناء المناطق المفقرة والمهمشة».
« العربية» و« دوبل زيرو» و«001» و«لاكوست» و«الشيرة» ،و «المارساداس» و«الترافل»،و«المزيتة اللعواكة»...كانت هذه أسماء بعض أنواع «الزطلة» من قائمة طويلة رددها وليد على مسامعنا،أما عن اسعارها فيقول وليد انها موحدة تقريبا ،مشيرا الى ان «الشيرة» تعتبر النوعية الاكثر رواجا في تونس والأكثر اقبالا عليها من طرف الشباب،موضحا ان المادة التي تروج في تونس لا تصل الى الاسواق «خاما» وأنه يتم خلطها من قبل المزوّدين بمواد اخرى اقل قيمة حتى تزيد الكمية التي يتم بيعها وتزيد بذلك قيمة أرباح مروّجيها.
و بعد التعبير عن جام غضبه مما تمر به البلاد ككل من اوضاع اقتصادية وسياسية حرجة، سكت وليد قليلا قبل ان يضيف:« شي يبهت...تحب تفهم ادوخ وكيف تحب ادوخ ما يخلوكش...كرهناهم كرهنا سياساتهم..ها نحن بعيدون عنهم فلم يغالطون الراي العام ويوجهونه الى قضية يقولون انها سبب دمار الشباب والحال انهم هم سبب دمار البلاد ككل..ارجو من الساسة كل من ملأ رأسه بالكلام الفارغ عن الزطلة وعن مضارها التي لا أساس لها من الصحة أن يسمع منّا لا أن يسمع عنا».
و في سياق متصل يقول «سهيل بيوض» رئيس جمعية «فورزا تونس» المدافعة عن السماح باستهلاك هذه المادة» :«يعد الحشيش من العقاقير المهدئة والمثبطة والمنومة وتستثير حالات الوجدان الإيجابي والشعور بالزهو والفرفشة والاسترخاء والدخول إلى عالم من الأحلام المرغوبة ، لذا فهو يساعد المتعاطي على الانتقال من مستوى الواقع المعاصر بمنغصاته ومزعجاته إلى عالم هلوسة وكأنه ضرب من التفعيل الذهني لخلط عناصر البناء النفسي والتغلب على الآلام النفسية والوجدان السلبي وبالتالي يساعد على تغريب الذات عن الوعي والاكتئاب وانشقاق الذات على نفسها، حيث يعمل عمل الرادار المشوش على العناصر المنشقة ويخلق حالة من الإيحاء العام بالمكونات الوجدانية السارة التي تساعد على تماسك وانسجام الذات .
و حيث ان«الكيف» لا يميز بين الجنسين،فقد حدثتنا «حنان» ،عن تجربتها مع «الزطلة» قائلة:« لقد كنت ادخن السجائر في المقاهي بعيدا عن اعين العائلة رفقة بعض صديقاتي من اللاتي كنّ يدخنّها، وبعد تردد طال لزمن قررت مشاركتهن اجواء الفرح والنشوة التي كنت الحظها عليهن حين كنّ يدخن الزطلة».
و تضيف «حنان» «بحكم تجربتي اكتشفت ان الزّطلة لا تضرّ بقدر ما تنفع،زد على ذلك ان التجارب العلمية اثبتت نجاعتها في علاج عدد من الامراض الخبيثة وخاصة سرطان الثّدي عند المرأة ..وهي منتشرة في عديد البلدان الأوروبية ومسموح بترويجها وإستهلاكها قانونيا في البعض منها ...أنا شخصيا مع السّماح بترويجها في بلادنا وتعميمها على الجميع».
أسباب «الاستهلاك» ونتائجه
و لعل اهم اسباب تعاطي مادة «الزطلة» وزيادة الاقبال عليها –حسب اغلب المختصين الذين تحدثت اليهم «التونسية» نفسية بالاساس،مؤكدين ان كل الدراسات والملاحظات الإكلينيكية تشير الى ان المدمن يستخدم هذه المادة كوسيلة لتطبيب الذات والهروب من الواقع المعاش ،و شدد المختصون في حديثهم على أن مضار استهلاك «الزطلة لا حصر لها ولا اخر –على حد تعبيرهم-،مجمعين على ان استهلاك هذه المادة يؤدي الى اضطرابات ذهنية وضعف جنسي ومشاكل أسرية (طلاق – إهمال عيال،ضائقة مادية..) ومشاكل نفسية من قبيل التهور والاندفاع والتفكير في الانتحار وإتيان سلوكات غريبة يعكسها اختلال التوازن الحركي والقلق وتلبد الإحساس مع الوقت وعدم القدرة على التحكم والانسحاب الاجتماعي.
عوارضها
و عن المؤشرات التي يمكن التعرف من خلالها على «الزطال» ،فقد اشار المختصون الذين تحدثنا اليهم إلى أن أهم العوارض البادية على مستهلك «الزطلة» هي اصابته باحتقان العينين وزيادة الشهية للطعام وجفاف الحلق وسرعة ضربات القلب وزيادة الرعشة في الأطراف .
و في اجابة عن سؤالنا عمّا إذا كان تعاطي هذه المادة عادة أم ادمانا، اشار المختصون الى ان انقطاع المستهلك عن تعاطي «الزطلة» لا يسبب عادة أعراض الانقطاع الفيزيائية التي يتسبب فيها الانقطاع عن استهلاك بعض المواد المخدرة الاخرى كالهيروين والكوكايين..مضيفين انه لهذا السبب يسود الاعتقاد إلى اعتبار تعاطي الزطلة اعتياداً وليس إدماناً .


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.